شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الحلقة ـ 31 ـ
(أصوات مدوية وصرخات مرعبة وسقوط قتلى وأنات جرحى نسمع بعدها صوت مزيني يقول):
مزيني: هجوم قوي ومقاومة ضاربة غير منتظرة سيدي القائد..
إيليوس: إنها حرب العصابات.. أرسل سرية لتكتشف هل للعدو قوات خلفية حتى نحسب حسابها..
مزيني: أمرك سيدي القائد..
أبو داس: لا أظن أن للعرب قوات خلفية وأن هذه العصابات مقدمة لاستدراج القوات الرومانية المظفرة إلى المصيدة..
إيليوس: الحذر والحيطة ضرورة لازمة ولا سيما وقد عودنا العرب في حربهم على المفاجآت..
سيلاوس: سيدي القائد يقول الحق يا أبا داس فقد بلونا من العرب مفاجآت غير سارة من قبل..
مزيني: العصابات العربية تحارب بعنف وقسوة غير مبالية بالضحايا..
إيليوس: ونسبة ضحايانا هل هي في ارتفاع؟..
مزيني: بلى سيدي القائد بلى..
إيليوس: سأذهب بنفسي إلى حيث تهاجم هذه العصابات..
أبو داس: لا لزوم لتعريض حياة سيدي القائد للخطر..
إيليوس: لقد قلت لمزيني بأني سأقود المعركة بنفسي..
سيلاوس: حسناً سيدي القائد حسناً..
(أصوات مدوية وصرخات مرعبة وسقوط قتلى وأنات جرحى نسمع بعدها صوت مزيني يقول):
مزيني: إن قائد هذه العصابات مغامر جريء..
إيليوس: لو نستطيع قتله أو أسره نقضي على هذه العصابات جميعها.. إنها ستفر لا تلوي على شيء..
مزيني: صارخاً.. سيدي القائد..
إيليوس: ما وراءك يا مزيني؟..
مزيني: إن قائد هذه العصابات هو القائد الحميري الذي بارز انطونيوس وقتله..
إيليوس: ركز قوة من الرماة والفرسان لتأسر هذا القائد أو تقتله. إنه قائد مغامر وستقتله مغامراته..
مزيني: لقد ركّزت القوة اللازمة..
(أصوات مدوية وصرخات مرعبة نسمع بعدها صوت إيليوس يقول):
إيليوس: لقد خر قائد العصابات العربية صريعاً.. وها هي عصاباته تفر من الميدان لا تلوي على شيء..
مزيني: يا لثارات انطونيوس سيدي القائد..
إيليوس: أجل لقد انتقمنا لأنطونيوس وأخذنا بثأره كما يقول العرب. ولكن هذا القائد الشجاع لم يقتل إلا بعد أن دفعنا ثمناً باهظاً للتخلص منه..
مزيني: رأى سيدي القائد صائب.. لقد فرت العصابات بعد القضاء على رئيسها..
إيليوس: وها هي الطريق إلى مدينة: نجرانا، تفتح أبوابها..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت أبي داس يقول):
أبو داس: وانهزمنا بهذه السرعة المذهلة نتيجة فرقتنا وانقسامنا يا لشماتتك فينا يا إيليوس.. لقد أشبعت غرورك بهذا الانتصار الهين اللين..
سيلاوس: انظر إلى إيليوس إنه يكاد يطير فرحاً.. إنه أول انتصار يحققه منذ وطئت أقدامه النجسة أرض بلادنا.
أبو داس: ولكني أعجب من انهزام العصابات العربية إثر مقتل قائدها وبهذه السرعة ألم يكن هنالك قائد يخلف القائد المقتول..
سيلاوس: في الحقيقة شيء غريب هذا الانهزام السريع. لعلّ هنالك مفاجآت للقوات الرومانية تبينها العصابات المنهزمة..
أبو داس: تقصد مقاومة على أبواب مدينة: نجرانا، مثلاً..
سيلاوس: بلى يا أبا داس بلى.. إذ ليس من المعقول أن يتم هذا الانهزام بهذا الشكل المخزي..
أبو داس: عسى أن تكون هنالك مقاومة على أبواب مدينة: نجرانا، تعيد إلينا شيئاً من كرامتنا التي مرغها هذا الانهزام في التراب..
سيلاوس: قلبي يحدثني أن هذه العصابات ما انهزمت بهذه السرعة الهائلة إلا وهي تفكر في مقاومة جديدة.
أبو داس: ليت إيليوس يا أبا داس يظل على غروره بأن مقاومة العرب قد تحطمت حتى لا يحتاط لأية مفاجآت منهم..
سيلاوس: يا ليت.. يا ليت..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت حزقيال يقول):
حزقيال: وأخيراً انهزمت العصابات العربية وقتل القائد الحميري كشاجم..
عزرا: لقد سرني قتل هذا القائد لأنه عدو لدود لليهود، كم اضطهدنا وشردنا وصادر أموالنا بدون حق..
حزقيال: والآن ينظم خلفه القائد صرواح مقاومة فظيعة لصد جيوش الرومان الزاحفة صوب مدينة، نجرانا..
عزرا: هل نتركه هكذا يفتك بالقوات الرومانية المطمئنة إلى عدم وجود قوات حميرية مقاومة أمامها..
حزقيال: لا يجب إعلام القوات الرومانية بهذه المقاومة التي تترصدهم على أبواب مدينة: نجرانا.
عزرا: كيف يا حزقيال.. كيف..
حزقيال: تقصد كيف توصل الأخبار إلى القوات الرومانية؟..
عزرا: أجل يا حزقيال.. أجل..
حزقيال: سأذهب بنفسي..
عزرا: (صارخاً) لا يا حزقيال لا.. إنك تعرض حياتك للخطر فالطريق مليئة بالعيون والأرصاد من أفراد العصابات الحميرية..
حزقيال: ولكن يجب أن تعرف القوات الرومانية بأمر هذه المقاومة..
عزرا: هذا صحيح وليكن الضحية غيرك يا حزقيال فأنت زعيمنا ومرشدنا وقائدنا..
حزقيال: هل نرسل عربياً؟ إنه سيسلمنا باليد إلى قائد المقاومة الحميري ليقتلنا صبراً..
عزرا: إذا كان لا بد من إرسال يهودي إليه فأنا أقبل بهذه المخاطرة في سبيل شعب يهودا.
حزقيال: تضحية ترفعك إلى مصاف الأبطال يا عزرا.. سر ورب موسى معك..
(تحركات الجيش الروماني ومركباته وخيله ورجاله نسمع بعدها صوت مزيني يقول):
مزيني: سيدي القائد.. سيدي القائد..
إيليوس: ما وراءك يا مزيني؟
مزيني: مقاومة أمام أبواب: نجرانا، من قوات حميرية..
إيليوس: حطمها وأقضي عليها بدون شفقة أو رحمة..
(أصوات مدوية وصرخات مرعبة وكر وفر للخيل وسقوط قتلى وأنين جرحى):
أصوات: ريدان.. ريدان.. الموت للرومان.. الموت للرومان..
مزيني: المقاومة شديدة والضحايا من الطرفين كبيرة سيدي القائد.. يظهر أن اليهود كانوا غير صادقين في أخبارهم..
إيليوس: إنها مقاومة يجب أن تسحق بدون التفات للضحايا في سبيل احتلال مدينة: نجرانا.
سيلاوس: إنها مقاومة ضاربة يا أبا داس..
أبو داس: كلما كانت المقاومة شديدة شعرنا بأننا بدأنا نسترد كرامتنا المهدورة يا سيلاوس..
سيلاوس: أرجو أن تستمر على هذا العنف..
أبو داس: إن وجه (إيليوس) خير معبر عن هذه المقاومة العنيفة..
سيلاوس: إن وجه (إيليوس) يتلّون كل دقيقة بلون وهو يشهد اشتداد المعركة..
مزيني: سيدي القائد: أرى رجلاً من جانب أعدائنا يحمل راية بيضاء وخلفه حمار على ظهره شيء مغطى..
إيليوس: لعلّها طريقة جديدة في رفع راية التسليم يا مزيني..
مزيني: ربما سيدي القائد..
إيليوس: أؤتوني بالرجل وحماره..
مزيني: أمرك سيدي القائد..
(دخول الرجل وحماره نسمع بعدها صوت إيليوس يقول):
إيليوس: أيحمل الرجل رسالة يا مزيني..
مزيني: بلى سيدي القائد بلى.. وشيئاً ملفوفاً على ظهر الحمار..
إيليوس: أبو داس! أبو داس..
أبو داس: سيدي القائد..
إيليوس: اقرأ الرسالة.. وأمر يا مزيني أحد الجنود يكشف عن الشيء المغطى على ظهر الحمار..
مزيني: أمرك سيدي القائد..
أبو داس: (يقرأ) من صرواح قائد القوات الحميرية إلى قائد القوات الرومانية هذه جثة اليهودي عزرا الذي قبضنا عليه وهو في طريقه إليكم وبعد استجوابه أقر بأنه مرسل من زعيم اليهود في مدينة: نجرانا، ليخبركم عنا وقد لقي جزاءه وهو جزاء الخائنين ومصيركم أنتم أيها المعتدون..
إيليوس: قبح من قائد سفيه الويل له.. مزيني..
مزيني: سيدي القائد..
إيليوس: هاجم القوات الحميرية وأبدها ولا تأبه بالضحايا فمدينة: نجرانا، عروس تحلو في سبيلها التضحيات..
(أصوات مدوية وصرخات مرعبة وسقوط قتلى وأنين جرحى.. نسمع بعدها صوت سيلاوس يقول):
سيلاوس: جنود الرومان يهجمون بشدة وضراوة ويقومون بمناورات بارعة لتطويق قوات المقاومة العربية..
أبو داس: إنهم ينفذون أوامر القائد إيليوس المغرور..
سيلاوس: أخشى إذا ما استمر الهجوم الروماني على هذا النحو أن تتحطم المقاومة العربية..
أبو داس: وهل عندك شك في أن القوات الحميرية المقاومة سوف لا تصمد طويلاً أمام هذا المد الروماني المدرب على فنون الحرب والقتال..
سيلاوس: هذا شيء منتظر ولكني أطمع في أن يدفع الرومان ثمن نصرهم غالياً..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت مزيني يقول):
مزيني: سيدي القائد..
إيليوس: ما وراءك يا مزيني؟..
مزيني: جيشكم الباسل حطم القوات الحميرية وشق طريقه إلى مدينة (نجرانا) التي بدأ سورها يظهر ومبانيها الجميلة تلتمع من شدة بياضها..
إيليوس: شدد هجومك يا مزيني لعلّنا ندخل: نجرانا، قبل حلول المساء..
مزيني: أمرك سيدي القائد..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت شمس تقول):
شمس: ما الأخبار عن والدنا وزوجي يا مزاحم..
مزاحم: لقد عميت الأخبار بالنظر لانقطاع القوافل التجارية البرية من اليمن..
شمس: والقوافل التجارية من مكة.. ألم يأت شيء منها..؟
مزاحم: لا يا أختاه.. إن المكيين يحاربون مع الحميرين جنباً إلى جنب للدفاع عن مدينة: نجرانا، ولكن.
شمس: ولكن ماذا يا مزاحم؟..
مزاحم: انطلقت شائعة اليوم في المدينة تقول..
شمس: تقول ماذا؟..
مزاحم: تقول إن القوات المكية عادت إلى مكة لتحميها من هجوم روماني طارىء..
شمس: إنها شائعة لا تسر.. عسى أنها تكون غير صحيحة..
مزاحم: وفي نفس الوقت انطلقت شائعة أخرى تقول.. إن القوات الرومانية الزاحفة على: نجرانا، ردت على أعقابها بعد أن قتل قائدها..
شمس: شائعتان متناقضتان تاه بينهما الخبر الصحيح..
مزاحم: ولكن انطلاق شائعتين متناقضتين في آن واحد يدل على أن في الجو غيماً..
شمس: أرجو أن لا يكون غيم هم وكدر.. فأعصابنا لا تتحمل هزات عنيفة..
مزاحم: قلبي يحدثني بأن انقساماً حدث في صفوف قوات التجمع العربي..
شمس: هذا منطق شائعة واحدة ينقضه منطق الشائعة الثانية..
مزاحم: إذن ما العمل؟..
شمس: هل هنالك مجال للعمل والمسافة بيننا وبين ميدان المعركة يحتاج قطعها أياماً وليالي مضنية..
مزاحم: إذن فالصبر أولى بنا وأجمل وكل آت قريب..
(أصوات مدوية وصرخات مرعبة نسمع بعدها صوت مزيني يقول):
إيليوس: بورك فيك يا مزيني.. بورك فيك.. أين أبو داس..؟
مزيني: في الصفوف الأمامية هو وسيلاوس.. يدلان قائد الميدان على الطريق إلى مدينة، نجرانا.
إيليوس: أدعهما إلي حالاً..
مزيني: أمرك سيدي القائد..
(زحف القوات الرومانية إلى نجرانا التي بدأت معالمها تظهر للعيان نسمع بعدها صوت أبي داس يقول):
أبو داس: ما أصعب ما نحن فيه يا سيلاوس؟
سيلاوس: لقد ذكرني هذا الموقف بكلام ابنتك شمس..
أبو داس: ما هو يا سيلاوس؟..
سيلاوس: ستمشون مع الرومان على أشلاء أهلكم وذويكم..
أبو داس: لقد صدقت شمس يا سيلاوس. إنني أمشي الآن مع الرومان على أشلاء أهلنا وذوينا..
سيلاوس: صه يا أبا داس فحاجب إيليوس في طريقه إلينا..
(يسير الحاجب الذي يقول عند وصوله):
الحاجب: سيدي القائد يدعوكما إليه..
أبو داس: هيا بنا يا سيلاوس.. هيا..
 
طباعة

تعليق

 القراءات :646  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 31 من 56
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ محمد عبد الرزاق القشعمي

الكاتب والمحقق والباحث والصحافي المعروف.