الحلقة ـ 19 ـ |
مضاض: إن حملة الرومان تقترب الآن من سواحلنا الشمالية وقد تكون أنزلت قواتها إلى برنا.. |
شداد: ولكن القبائل العربية المنتشرة على امتداد هذه السواحل تعرف واجبها أيها الأمير.. |
مضاض: وأسطول الحميريين أخشى أن يتعجل دخول المعركة يا شداد.. |
شداد: إن الخطة المتفق عليها كما تعلمون تقضي بسحب أسطول الرومان إلى أبعد نقطة في الجنوب حتى ينقطع معين تموينه وعندها يصطدم به الأسطول الحميري.. أما الآن.. |
مضاض: أما الآن ماذا يا شداد...؟ |
شداد: أما الآن فجيوش الحميريين البرية ستساعد القبائل العربية التي سستحمل ضربات الجيش الروماني الأولى من مدن وقبائل فأرجو أن تصدروا أمركم بالنزول... |
ايليوس: حسناً... حسناً... ماركوس.. |
ماركوس: نعم سيدي القائد... |
ايليوس: أصدر الأوامر لقواتنا بالنزول إلى البر واجعل سيلاوس وأبا داس في طليعة الجيش وأنا وأنت في القلب وليواكب أسطولنا البحري قواتنا البرية.. |
ماركوس: بالأمر سيدي القائد... |
(نسمع أصوات الأبواق وبضرب المجاديف والأمواج وأصوات نزول الجنود نسمع بعدها صوت عمرو يقول): |
عمرو: يا قوم شرعت قوات عدوكم في النزول إلى بلادكم التي لم تطأها أقدام فاتحين من قبل فدافعوا عن بلادكم وأعراضكم وأهلكم... |
أصوات: سندافع عن كل شبر من أرضنا.. الويل للغزاة.. الويل للرومان.. |
عمرو: بورك فيكم.. بورك فيكم.. خطتنا كما رسمناها مع القواد الحميريين لم تتغير.. سنقاتل الرومان بالليل أما في النهار فستتكفل بقتالهم الرمال السانية والشمس المحرقة.. |
أصوات: ستكون الرمال مقابر للرومان.. مقابر للرومان. |
عمرو: يجب أن لا نترك للرومان فرصة للراحة طوال الليل مهما يكلفنا ذلك من تضحيات.. وليكن شعارنا الموت الموت... |
أصوات: الموت.. الموت للرومان... الموت.. |
(زئير الرياح الصافية نسمع بعدها صوت ايليوس): |
ايليوس: ما هذه السمائم اللافحة يا سيلاوس تكاد حرارتها تحرق وجوهنا.. |
سيلاوس: إنها رياح الصحراء سيدي القائد وستتعودون عليها مع امتداد الوقت.. |
ايليوس: وهذا الغبار المتصاعد الذي يغلف جيوشنا فيحجب رؤيتها بعضها بعضاً كما أنه يملأ أنوفنا ويخنق أنفاسنا.. |
سيلاوس: ستخف حدة هذه الرمال كلما أوغلنا جنوباً.. |
ايليوس: ولكني لا أرى أثراً لإنسان أو طير وحيوان بهذه الصحارى الموحشة... |
سيلاوس: حرارة الشمس المحرقة هي السبب بالنسبة للطير والحيوان أما الناس فقد هربوا إلى الداخل خشية لقاء قواتنا الهائلة... |
ايليوس: أرى أن نهجع بالنهار ونمشي بالليل ولن نتوه وأنت وأبو داس اولاؤنا.. |
سيلاوس: ولكن الليل غدار أيها القائد المظفر.. |
ايليوس: ماذا تعني بالليل غدار؟.. |
سيلاوس: أخشى أن تتعرض قواتنا لهجوم القبائل العربية التي تساندها ولا شك قوات الحميريين المدربة على فنون الحرب والقتال... |
ايليوس: ولكني أفضل الموت بسيوف العرب على الموت من الرمال والشمس المحرقة... |
سيلاوس: الرأي لسيدي القائد أولاً وأخراً... |
ايليوس: ماركوس/.. ماركوس.../ |
ماركوس: سيدي القائد... |
ايليوس: قررت أن نسير بالليل ونهجع بالنهار |
ماركوس: قرار حكيم يا سيدي القائد فالشمس المحرقة تلسع الرمال بسياط من نار راح ضحيتها عدد من جنودنا قبل لقاء العدو.. |
ايليوس: إذن فاصدر أوامرك إلى القطاعات العسكرية جميعها للعمل بموجب أمرنا هذا... |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت عمرو يقول)... |
عمرو: يا قوم عدوكم عدل خطته فقر الهجوع بالنهار والسير بالليل وإنها فرصتكم للفتك بأكبر عدد من رجاله... |
أصوات: الموت للرومان... الموت للرومان... |
عمرو: يجب تدمير الأبار التي ينتظر أن ينزل العدو بجانبها ووضع الصخور والجنادل في الممرات التي ستسلكها عرباته... |
أصوات: سنفعل... سنفعل... الويل للرومان... |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت ايليوس يقول وهو محتد): |
ايليوس: سيلاوس... سيلاوس... |
سيلاوس: نعم سيدي القائد.... |
ايليوس: العرب يدفنون الآبار ويلوثون المياه وجنودي يشكون من العطش بالإضافة إلى شكواهم من الرمال والشمس المحرقة ألا تعرف طريقاً مليئاً بالمياه غير هذه الطريق..؟ |
سيلاوس: إن بلاد العرب قليلة المياه فلا أنهار ولا وديان ولا ينابيع ولا جداول... |
ايليوس: أف ما اقبحها من بلاد.. لا أدري كيف يستطيع أهلها العيش والسكن بها.. |
سيلاوس: أرى والرأي الصائب لسيدي القائد أن تأمروا قيادة الجيش بإرسال طلائع من قواتها للاستيلاء على الآبار قبل أن يدمرها العرب وعلى غدران المياه قبل أن يلوثوها... |
ايليوس: رأي سديد يا سيلاوس سآمر ماركوس بتنفيذه في الحال... في الحال... |
(صوت ألويات ووقع حوافر الخيل وقعقعة السلاح وعواء الذئاب نسمع بعدها صوت عمرو يقول): |
عمرو: يا قوم عدوكم يقترب من الأماكن التي قررنا أن نبدأ هجومنا منها فهل أنتم مستعدون؟ |
أصوات: بأتم الاستعداد يا عمرو... |
عمرو: ستكون أول معركة للرومان مع العرب فأثبتوا ولقنوا عدوكم درساً لن ينساه... |
أصوات: الموت للرومان... الموت للرومان... |
عمرو: عندما تسمعونني أقول.. الموت للرومان.. الموت للرومان ابدؤا الهجوم وفق الخطة التي رسمناها. |
(أصوات مركبات الجيش الروماني الزاحف ووقع حوافز الخيل - وقعقعة السلاح وعواء الذئاب نسمع صوت ايليوس يقول): |
ايليوس: ما أروع الصحراء بالليل ياسيلاوس.. سماء صافية ونجوم متألقة. ونسيم عليل... |
سيلاوس: أجل سيدي القائد أجل. وسترى الصحراء أجمل في الليالي المقمرة... |
سيلاوس: أرجو ألا يعكر صفو هذا الجو الساحر هجوم مفاجئ من العرب فنحن لم نلتق بهم بعد... |
سيلاوس: سيكون جيشكم سيدي القائد بالمرصاد لأي هجوم عربي مفاجئ. |
ايليوس: ولكن... |
سيلاوس: ولكن ماذا سيدي القائد؟.. |
ايليوس: أخشى أن يضيع بعض جنودنا في غياهب الليل وهم يطاردون عدوهم المهاجم... |
سيلاوس: لا يستبعد ذلك وما على سيدي القائد إلا أن يأمر جنوده بعدم تعقب مهاجمي العرب... |
ايليوس: سأوعز لماركوس بذلك... |
(عواء الذئاب نسمع بعدها صوت عمرو يصرخ قائلاً): |
ايليوس: هذا ما خشينا أن يعكر صفو أمسيتنا هذه يا سيلاوس. |
(الهجوم الذي تدل عليه أصوات سقوط القتلى وأنات الجرحى نسمع صوت ماركوس يقول): |
ماركوس: إن العرب يهاجمون ساقة جيشنا بضراوة ثم يهربون محاولين إجبارنا على مطاردتهم... |
ايليوس: تقيدوا بالأوامر ولا تطاردهم... |
ماركوس: وما أن ينتهي هجومهم على ساقة الجيش حتى نراهم يهاجمون مقدمة الجيش وأطرافه وهكذا دواليك.. |
ايليوس: إنها حرب العصابات يا ماركوس التي تقتضيها طبيعة بلاد العرب وعدم وجود امكانات المجابهة عندهم لقواتنا... |
ماركوس: ولكن دواب الميرة والعتاد والذخيرة وقعت فيها خسائر قد تأخذ بعض الوقت لتعويضها ولاسيما وأسطولنا البحري قد بعد عن السواحل التي نحن فيها لضحل مياهها... |
(سقوط القتلى وأنين الجرحى نسمع بعدها صوت عمرو يقول): |
عمرو: بورك فيكم... بورك فيكم لقد أبليتم بلاء حسناً وضحايا العدو غير قليلة... |
أصوات: الموت للرومان... الموت للرومان... |
عمرو: يا قوم توقفوا حالاً عن الهجوم فقد دافعتم عن أراضيكم بكل بسالة فالآن جاء دور الأراضي التي بها قبائل الشيخ عقاب... |
أصوات: الموت للرومان... الموت للرومان... |
|