شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الحلقة ـ 56 ـ
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت هند بنت عتبة تقول):
هند: حقاً رحلتكم كانت حافلة بالمفاجآت السارة..
أبو سفيان: لعلّها أجمل رحلة قمت بها يا هند حتى الآن..
هند: كيف لا تكون رحلة ممتعة وقد جمعت المصطفين من أصحابك الذين تألفهم وتأنس إليهم..
أبو سفيان: وأنت يا هند لقد كان فكري دائماً عندك لا تغيبين عن خيالي. فهل جد شيء في غيابي..
هند: لا شيء سوى تقاطر وفود القبائل على المدينة للدخول في الإسلام..
أبو سفيان: عسى أن يكون دخول هذه القبائل في دين الله عن عقيدة وإيمان لا إذعاناً لمقتضيات الظروف.
هند: لنا الظاهر يا أبا سفيان والله يتولى السرائر..
أبو سفيان: ولكن هؤلاء الأعراب لا يخضعون إلا لسلطان القوة..
هند: وهل هنالك سلطان أقوى من سلطان العقيدة..
أبو سفيان: لا.. ولكني لا أطمئن إلى إيمان الأعراب كأطمئناني مثلاً إلى إيمان القرشيين أو سكان المدن على وجه العموم..
هند: كلامك هذا قد يصدق على قسم من الأعراب..
أبو سفيان: بل جلّهم يا هند إلا من رحم ربي..
هند: ليتني ما أثرت هذا الموضوع فسوف لا نخلص منه بنتيجة ولعلّي نسيت في غيبتك هذه ما عرفت به من حب الجدل والنقاش.
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها قرعاً على الباب ثم صوت أبي سفيان يقول):
أبو سفيان: لقد أراحك الله من نقاشي وجدلي. لعلّ الطارق أحد السمار..
ـ ثم يصرخ.. من الطارق..
صفوان: صفوان وسهيل يا أبا سفيان..
أبو سفيان: أدخلا يا مرحبا.. يا مرحبا..
هند: بخير قادمين..
أبو سفيان: لن تستريحي من الجدل هذه الأمسية يا هند فسهيل له لسان عشرة وصفوان.
هند: صفوان سيكون معي في أي نقاش أدخل فيه لقد خبرته في عدة مناسبات.
(موسيقى يدخل صفوان وسهيل وهما يقولان):
صفوان وسهيل:السلام عليكما..
أبو سفيان: وعليكما السلام.. يا مرحبا.. يا مرحبا..
سهيل:وهند ألا ترحبين بنا.. يا هند.
أبو سفيان: دعها يا سهيل فإنها متعبةٌ من النقاش الذي كنا فيه..
هند: أتريد أن نثير الموضوع ثانية بحضور أبي يزيد.. من يستطيع أن يقارع أبا يزيد الحجة..
صفوان: أنا له.. يا هند.. أنا له..
هند: أما قلت لك يا أبا سفيان إن صفوان يقف دائماً بجانبي..
صفون: على الخير إن شاء الله يا بنت عتبة..
أبو سفيان: موضوع وفود الأعراب على رسول الله صلَّى الله عليه وسلم للدخول وعدم اطمئناني إلى إسلامهم وعدم اطمئناني إلى إسلامهم..
سهيل:إنك على حق يا أبا سفيان فالقرآن الكريم يقول.. الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (سورة التوبة: 97)..
صفوان: إنك بئس الحكم يا سهيل.. تصدر حكمك قبل أن تسمع أقوال الطرف الآخر..
سهيل:وهل بعد حكم القرآن الكريم مجال لحكم حاكم أو استماع إلى أقوال طرف آخر..
هند: بالله عليكما أغلقا هذا الباب وافتحا لنا باباً آخر.. مثلاً بعض الطرف عن رحلتكم الأخيرة للشام.. مثلاً بعض المواقف الحرجة التي صادفتكم.. ومن هذا القبيل..
سهيل:فليكن ما تريدين يا بنت عتبة..
هند: شكراً يا أبا يزيد شكراً.. هات الآن من طرفك الممتعة..
سهيل:لعلّ عند أبي وهب من هذه الطرف الشيء الكثير فإنه لأول مرة يسافر إلى الشام..
صفوان: لعلّ القصة التي سأرويها لكم تدل على مبلغ تعقب الناس بهذه البلاد لأخبار النبي صلَّى الله عليه وسلم والوقوف الدقيق على ما يقع في مجلسه الكريم من أمور..
هند: هات يا صفوان فالبداية مشوقة للنهاية..
صفوان: هجعنا ببصرى قبل دخولنا (جلق) وفي الليل خرجت مع عمير نتعرف على البلدة ونقف على معالمها وسرنا ولا ندري إلى أين نحن نسير وإذا بنا أمام قصر منيف له ساحة فسيحة صفت الأرائك الجميلة على مدارها وجوانبها وحشد من الناس جلوس عليها وفي وسط الساحة منصة عالية مفروشة بأغلى الطنافس وقد توسطها رجل وقور كان يحدث الحاضرين بحديث لم نتبينه في بادىء الأمر فلما رآنا صرخ:
(نقلة صوتية وزمنية مصحوبة بموسيقى مناسبة نسمع بعدها الرجل وهو يصرخ):
الرجل: يا قوم.. أنظروا هناك.. تطلعوا..رجلان.. إنهما من الحجاز من قوم محمد نبي المسلمين الذي كنت أحدثكم عنه..
صفوان: ورمقتنا عيون الحاضرين وتسمرت فينا وإذا بالرجل يقول..
الرجل: أدعوهم إلينا.. رحبوا بهم.. أكرموا وفادتهم..
صفوان: وما شعرنا إلا بنفر من الحاضرين يحاصروننا هاشين باشين مرحبين ثم أخذوا بأيدينا وأجلسونا في صدر المكان وحيانا الرجل الجالس على المنصة بكلمات رقيقة شكرناه عليها ثم أردف قائلاً.
الرجل: ممن القوم؟
صفوان: من مكة..
الرجل: (صارخاً) من مكة.. بلد البيت العتيق.. مقر قبلة المسلمين.. يا مرحبا يا مرحبا نزلتم أهلاً وحللتم سهلاً..
صفوان: شكراً لك أيها الرجل الشهم الكريم..
الرجل: أتعرفان رجلاً من أهل أصبهان..
صفوان: تعني سلمان الفارسي..
الرجل: أتدعونه بهذا الاسم واللقب..
صفوان: بلى لأنه قدم من بلاد فارس..
الرجل: كنت أظن أنه غيّر اسمه..
صفوان: لم يكن هنالك موجب لذلك على ما أعرف..
الرجل: إنه من قرية في أصبهان بفارس كان أبوه دهقانها فاعتنق النصرانية وهاجر مع أحد الرهبان إلى بلاد الشام..
صفوان: كيف عرفته أيها الرجل الفاضل..
الرجل: كنت معه في دير واحد بجهات بلدة حمص..
صفوان: ولكن كيف جاء إلى المدينة أتعرف..
الرجل: لا أعرف كيف وصل إلى هناك؟ ولكني..
صفوان: ولكن ماذا؟
الرجل: ولكني أعرف أنه كان ينوي السفر إلى بلاد الحجاز بناء على توصية أحد الرهبان له..
صفوان: توصية أحد الرهبان..
الرجل: بلى.. بلى..
صفوان: ما هي هذه التوصية..
الرجل: كان سلمان يسعى وراء الدين الصحيح.. بالرغم من اعتناقه النصرانية وذات يوم قال له الراهب الذي كان ملازماً له..
صفوان: قال له ماذا؟..
الرجل: عندما كان الراهب يحتضر وكنا بجانبه.. التفت إلى سلمان وهو في النزع الأخير وقال:
صفوان: قال ماذا.؟؟
الرجل: قال له الراهب.. أنا أعلم يا سلمان أنك تبحث عن الحقيقة وقد أظلك زمان نبي يبعث بدين إبراهيم حنيفاً يهاجر إلى أرض ذات نخل بين حرتين..
صفوان: وبعد أيها الرجل الكريم..
الرجل: تغيّب سلمان فجأة فسألت عنه وتقصيت أخباره فعلمت أنه سافر إلى الحجاز وأنه سرق من قبل اللصوص في الطريق وبيع إلى رجل من يهود بني قريظه..
صفوان: وقد جمع المسلمون في المدينة له مالاً اشترى به نفسه من اليهودي..
الرجل: وأنتما هل دخلتما الإسلام..
صفوان: اشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله الحمد لله على نعمة الإسلام - الحمد لله..
الرجل: وأين الآن سلمان يا صفوان..
صفوان: إنه يسكن المدينة حيث يقيم النبي صلَّى الله عليه وسلم..
الرجل: لا تنسى إن زرت المدينة أن تذكرني إليه..
صفوان: ولكني لم أعرف اسمك بعد..
الرجل: النعمان بن الهيثم..
صفوان: سأفعل إن شاء الله.. إن شاء الله..
النعمان: إننا نعقد في نهاية كل أسبوع حلقة كالتي تشاهدها الليلة نتدارس فيها أحوال إخواننا العرب في كل مكان. وحديث الساعة هو محمد نبي المسلمين الذي كنت أروي للحاضرين آخر ما سمعت عنه..
صفوان: وما هو آخر ما سمعت من أخبار النبي محمد صلَّى الله عليه وسلم..
النعمان: أقبل وفد من اليمن يقصدون نبي المسلمين في يثرب فضلوا الطريق ووقعوا على غيرها ومكثوا ثلاثاً لا يقدرون على الماء..
صفوان: لا حول ولا قوة إلا بالله وبعد..
النعمان: فجعل الرجل منهم يستذري بفيء السُّمُر والطَّلْحِ يائساً من الحياة إذ أقبل راكب على بعير له فسلم على القوم وجعلوا يتناشدون الشعر قطعاً للوقت وانتظاراً للموت ومن جملة ما أنشدوه هذين البيتين.
صفوان: ما هما هذان البيتان..
النعمان:
ولما رأت الشَّريعة همها
وأن بياضاً من فرائصها دامى
تيممت العين التي عند ضارح
يفيء عليها الظل عَرْمَضُها طامي
صفوان: بيتان لا جديد فيهما.
النعمان: كيف يا صفوان.. أسمع ما تلا ذلك: قال الراكب؟ من يقول هذا الشعر؟ قالوا امرؤ القيس : قال والله ما كذب.. هذا ضارح عندكم وأشار لهم إليه فحبوا على الركب فإذا ماء عذب.. وإذا عليه العَرمضُ والظل يفئي عليه فشربوا منه ريهم وحملوا ما اكتفوا به حتى بلغوا الماء..
صفوان: الله أكبر.. الله أكبر..
الجميع: وبعد يا نعمان.. وبعد..
النعمان: ولما وصل وفد اليمن إلى نبي المسلمين أخبروه بأن الله أحياهم ببيتين من شعر امريء وأنشدوه الشعر..
صفوان: وماذا قال لهم رسول الله صلَّى الله عليه وسلم.
النعمان: يقال والعهدة على الراوي أن نبي المسلمين أجابهم بما معناه.. إن امريء القيس رجل مذكور في دنياه.. شريف فيها منسي في الآخرة خامل فيها.
الجميع: بخ.. بخ.. ما أروعها قصة..
صفوان: شكراً لك أيها الرجل الكريم.. هلا سمحت لنا..
النعمان: لا.. ستمرحون عندي الليلة وفي الصباح يحمد القوم السرى..
 
طباعة

تعليق

 القراءات :708  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 56 من 58
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

عبدالعزيز الرفاعي - صور ومواقف

[الجزء الأول: من المهد إلى اللحد: 1996]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج