الحلقة ـ 55 ـ |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت أبي سفيان يقول): |
أبو سفيان: كيف وجدت صفوان يا ثيو؟.. |
ثيو: إنه تاجر ماهر عالم بأسرار صنعته.. |
صفوان: هذا إطراء لا أستحقه يا ثيو.. شكراً لك.. |
أبو سفيان: إن صفوان يا ثيو المرجع الذي يحتكم إليه تجارنا لفض منازعاتهم وخلافاتهم والناصح الأمين لكل من استشاره منهم.. |
ثيو: سيماهم في وجوههم يا أبا سفيان.. |
صفوان: أخجلتموني يا قوم بهذا المديح هلا طرقتم باباً غيره.. قولوا مثلاً متى تنوون العودة فقد أثقلنا على مضيفنا وأشغلناه عن أعماله.. |
ثيو: استغفر الله يا صفوان.. لقد حللتم أهلاً ونزلتم سهلاً. ثم أليس ما جئتم به هو من صلب عملي وشغلي.. |
أبو سفيان: لقد غمرتنا بلطفك وكرمك يا ثيو وهو جميل عسى أن تسعدنا الأيام بوفائه. |
صفوان: والآن متى ترون أن نعود إلى مكة.. |
أبو سفيان: ألا ننتظر سهيل بن عمرو يا صفوان ليشترك معنا في الرأي. |
صفوان: بلى.. بلى.. |
ثيو: هاهو قادم إلينا ومعه ماريا وتوما الذي أرجو أن يكون اهتدى.. |
أبو سفيان: إن يرد الله به خيراً يشرح صدره للإسلام.. |
(موسيقى خفيفة تصاحب دخول سهيل بن عمرو وتوما وماريا).. |
توما: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. |
أبو سفيان: السلام على من اتبع الهدى.. |
صفوان: لقد نطق بتحية الإسلام يا أبا سفيان.. |
أبو سفيان: ولكنه لم يتشهد بعد يا صفوان.. |
ثيو: قل يا صهري بملء حريتك فلا عليك مني أو من أختك ماريا.. |
توما: يا صهري العزيز وأنت يا أختي العزيزة لقد منحتماني حرية الاختيار وقد اخترت.. |
ماريا: اخترت ماذا؟ قل ولا تخف.. |
توما: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله.. |
ثيو: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله.. |
ماريا: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله.. |
توما: (مندهشاً) أأسلمتما مثلي.. الحمد لله.. الحمد لله.. |
ثيو: لقد سبقناك إلى هذا المورد العذب من قبل يا توما وإننا لنحمد الله سبحانه وتعالى أن شرح صدرك بالإسلام.. |
أبو سفيان: سنحتفل الليلة بإسلام توما الصالح.. |
الجميع: فليكن اسمه (صالح).. |
توما: نعم الاسم ونعم الاختيار.. |
أبو سفيان: وستكون هذه الحفلة على حسابي فأنا أكبركم سناً.. |
الجميع: وأكبرنا قدراً يا أبا سفيان.. |
أبو سفيان: وغداً إن شاء الله نتجهز للعودة إلى مكة.. فقد حنت الإبل إلى أظعانها. |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت توما يقول): |
توما: لا أدري ماذا سيكون وقع المفاجأة على والدينا يا ماريا.. |
ماريا: سيكون ولا شك شديداً ولا سيما على والدتي المتعصبة لدينها.. |
توما: يقيني لو شاهد والدي هؤلاء المسلمين وهم ينتظمون صلاتهم وهم في علاقاتهم بعضهم ببعض. وهم في علاقاتهم مع الناس. لدخلا في الإسلام كما دخلنا فيه. |
ماريا: ليت هؤلاء المسلمين يكونون هنا عندما يأتي والدانا لزيارتنا.. |
توما: يا ليت.. يا ليت.. ولكن هل تنفع يا ليت.. |
ماريا: إن (ثيو) له سلطان كبير على والدينا ولعلّه يستطيع أن يمهد الطريق لهذه المفاجأة. |
(موسيقى سريعة يدخل بعدها ثيو وهو يقول): |
ثيو: السلام عليكما.. |
توما وماريا: وعليك السلام.. |
توما: أين الأخوة المسلمون يا ثيو؟.. |
ثيو: رحلوا إلى بلادهم وكنت في وداعهم وإني أشعر بوحشة لفراقهم فقد أصبحوا منا. |
ماريا: إنهم نعم الناس. إذا قدر للمسلمين أن يحكموا هذا القسم من العالم فسيكون حكماً ما سجل التاريخ له مثيلاً في عدله ونزاهته وعظمته ومعطياته للإنسانية جمعاء.. |
ثيو: صدقت يا ماريا فقد عشنا مع هذا النفر الشاهق من رجال المسلمين الأبرار فرأينا السمات الباهرة لأصالتهم المتفوقة وعظمتهم الساحقة ورأينا الصفات العظيمة لبني الإنسان تتألق من خلال حياتهم وسلوكهم. |
توما: أجل يا ثيو بهذه الأخلاق الفاضلة والمثل الإنسانية الخالدة سيسود المسلمون هذا العالم فعلى إمبراطوريتنا الذي نخر سوس الخلف والضعف عظامها السلام. |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى القافلة نسمع بعدها صوت ابي سفيان يقول): |
أبو سفيان: كانت رحلة حافلة بالمفاجآت.. |
سهيل:المفاجآت السارة لله الحمد.. |
صفوان: كان مضيفنا كريماً إلى حد الإسراف. فقد غمرنا بلطفه وإنسانيته.. |
أبو سفيان: لقد قدمت إلى الشام عدة مرات فما رأيت في حسن لقاء هذا الرجل وكرمه ولطفه.. |
سهيل:ولعلّ أعظم ما في هذه الرحلة هو دخول هذه العائلة المسيحية في الإسلام.. |
صفوان: لا شك أن هذه هي المفاجأة السارة في هذه الرحلة.. |
أبو سفيان: ما هذا الغبار الذي يكاد يسد الأفق ويحجب الرؤية.. |
سهيل:لعلّه نذير بعاصفة رملية يا أبا سفيان.. |
أبو سفيان: لا يستبعد فنحن الآن ندخل حدود بلادنا وما أكثر رمالها وصحاريها. |
صفوان: ألا نأوي إلى مكان أمين حتى تمر هذه العاصفة.. |
أبو سفيان: لعلّنا نجد في أطلال القدمين التي تتراقص ظلالها أمامنا مكاناً نقئي إليه.. |
سهيل:إذن فلنسرع قبل أن تداهمنا العاصفة.. فإني أراها تقترب منا.. |
(موسيقى سريعة تختلط بزئير العاصفة ورمالها السافية نسمع بعدها صوت أبي سفيان ويقول): |
أبو سفيان: إنها عاصفة هوجاء ما تعرضت لمثلها في هذه الطريق.. |
سهيل:إننا نودع الخريف ونستقبل الشتاء والعواصف تباشيره.. |
صفوان: وهذه مفاجأة يا قوم.. |
سهيل:ولكنها مفاجأة غير سارة.. لو لم يقيض لنا الله هذه الأطلال في هذه الصحراء لدفنتنا الرمال.. |
أبو سفيان: إن هذه الأطلال بقايا قوم ثمود.. ربما كانت مخافر حدود إذ لا ينتظر أن تكون بقايا قصور لقوم ثمود في هذه الصحراء الموحشة.. |
صفوان: أجل يا أبا سفيان.. ولماذا لا تقول إنها أطلال من بقايا السبأيين الذين امتد ملكهم من الجنوب إلى الشمال. |
سهيل:وكانوا يحتكرون طرق القوافل التجارية فينقلون توابل الهند وعطورها وديباجها وحريرها وصموغ اليمن ومرها وبخورها ولبانها.. |
أبو سفيان: لقد مرت العاصفة فسكن الريح وصفا الجو فهلاّ واصلنا سرانا.. |
سهيل:أرى أن نهجع حتى الصباح وعند الصباح يحمد القوم السرى.. |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت ماريا تقول): |
ماريا: الصراع بين النساطرة واليعاقبة يتفاقم يا ثيو.. والأحداث الجارية تنذر بشر مستطير يهدد سلامة الأمبراطورية.. |
ثيو: وهل أصبحت الإمبراطورية الرومية يهمك شأنها بعد أن دخلت في الإسلام.. |
ماريا: ولكن يهمني كإنسانة أن لا تهرق دماء بريئة في سبيل أمور تافهة إنني وقد أصبحت مسلمة والحمد لله أتطلع إلى إمبراطورية مسلمة تخفق في ربوعها راية الإسلام.. |
ثيو: وهذا ما تعجل بتحقيقه أحداث الانقسامات والخلافات العقائدية الجارية في هذه البلاد.. |
ماريا: أترى المسلمين يغزون هذه البلاد في حياة النبي محمد صلَّى الله عليه وسلم.. |
ثيو: إذا استطاع رسول الله صلَّى الله عليه وسلم توحيد الجزيرة العربية توحيداً تاماً وأمد الله في عمر نبيه فإنه من غير شك سيغزو هذه البلاد للدعوة إلى دين الإسلام.. لأن رسالة الإسلام ليست مقصورة على العرب وحدهم بل هي للعالمين أجمعين. |
ماريا: عندما وصل النبي صلَّى الله عليه وسلم إلى تبوك ودقت جيوشه حدود بلادنا الجنوبية كان الناس هنا ينتظرون غزو الجيش المحمدي لهم.. |
ثيو: هذا صحيح وهذا ما كان يدور على ألسنة الناس في هذه البلاد ولكن الله سبحانه وتعالى على ما سمعت لم يأذن لنبيه بالاجتياز إلى هذه البلاد.. |
ماريا: أترانا نعيش حتى نشهد دخول الجيوش الإسلامية إلأى هذه البلاد؟.. |
ثيو: الأعمار بيد الله يا ماريا.. ومجريات الأمور في هذه البلاد تدل على أن غزو جيوش المسلمين لها لن يتأخر كثيراً.. |
ماريا: أخشى أن ينفض الفرس عنهم غبار الهزيمة فيقوموا بغزو مفاجىء لهذه البلاد قبل المسلمين. |
ثيو: حال الفرس الداخلية أكثر سوء من حالتنا فالوهن والضعف والانقسام بين الأمراء هنالك على أشده.. |
(موسيقى صاخبة تختلط بجلبة وهرج ومرج نسمع بعده أصواتاً تقول): |
الأصوات: فليسقط النساطرة.. |
أصوات: فليسقط اليعاقبة.. |
أصوات: الموت للنساطرة.. |
أصوات: الموت لليعاقبة.. |
(موسيقى تختلط بصراخ الجماهير وضرب الهراوات وقعقعة السلاح نسمع بعدها صوت ماريا).. |
ماريا: ما هذه الجلبة يا ثيو؟.. ما هذا الضجيج والهرج والمرج؟.. |
ثيو: إنها تظاهرات النساطرة واليعاقبة الواحد منهم ضد الآخر.. |
ماريا: ولكني أسمع صراخاً طويلاً.. |
ثيو: إنه صراخ ضحايا الجانبين وعويل أهليهم عليهم.. |
ماريا: إلهي إلى متى تدوم هذه الحال من الفوضى والخلف والانقسام.. |
ثيو: إلى أن ترفرف أعلام المسلمين على هذه البلاد فتملأها عدلاً ونوراً كما ملئت ظلماً وجوراً.. |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى القافلة نسمع بعدها صوت ابي سفيان يقول): |
أبو سفيان: هاهي نسائم البلد والأهل والولد.. |
صفوان: وهل هنالك أندى وأجمل من هذه النسائم.. |
أبو سفيان: كلا وربي كلا.. |
سهيل:حتى رواحلنا استروحت من بعد طول عناء ونصب وشقاء.. |
أبو سفيان: ما أحلى هذا الدفء بعد القر والحر.. |
سهيل:ولكن هواء تلك البلاد يلائم صحتي يا قوم.. أحس فيه بالنشاط أحس بشبابي يعود إليّ.. |
صفوان: أما أنا يا سهيل فمن عشاق الدفأ والحرارة. إلا حرارة جهنم. |
أبو سفيان: صفوان يؤذيه البرد وكنت أحسه في وجهه ونحن بالشام غير أنه كان يغالب ولا يريد أن يكدر صفو رحلتنا.. |
صفوان: صدقت يا أبا سفيان.. لقد كنت أستعمل بعض العقاقير المضادة للبرد وما أظنني أستطيع سكنى الشام لو قدر لها أن تستظل بظل الإسلام.. |
سهيل:أما فأراني سأسكن الشام عندما يرفرف عليها لواء الإسلام.. |
أبو سفيان: إذن فمقامك بيننا سيكون قليلاً يا أبا يزيد.. |
صفوان: إن الحال الذي تتردى فيه البلاد الشامية لا علاج له إلا بالإسلام.. |
سهيل:ولكن الإمبراطورية الرومية ما تزال قوية يا قوم وما أظن رسول الله صلَّى الله عليه وسلم يفكر في غزو الشام في المستقبل القريب. |
أبو سفيان: ولكن الإمبراطورية الرومية وهنت وشاخت يا أبا يزيد وقد استنزف حربها مع الفرس جميع مواردها ومدخراتها.. |
صفوان: ولا تنسى أن حرب الروم مع الفرس قد جدد الأمل عند المناذرة والغساسنة في التحرر من نير الفرس والروم.. |
سهيل:ولكن المناذرة أو الغساسنة أعجز من أن يفكروا في الاستقلال فقد دبّ الخلاف في صفوفهم وإصابتهم عدوى الروم.. |
أبو سفيان: إن ضعف الروم والفرس فرصة لا تعوّض لو أحسن المناذرة أو الغساسنة استغلالها.. |
سهيل:لا شك في أنها فرصة ذهبية لو لاحت وكان الحارث الأكبر على رأس الغساسنة والمنذر بن ماء السماء على رأس المناذرة.. |
صفوان: هذه مكة برزت معالمها.. |
أبو سفيان: وهذا جبل أبي قبيس.. |
سهيل:وهاتيك الكعبة المشرفة.. |
صفوان: الحمد لله على السلامة.. الحمد لله على السلامة |
|