الاثنينية ::المكتبة

مكتبة الاثنينية

الحلقة ـ 47 ـ

(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى سريعة يعقبها سكون مطبق نسمع بعده صوت حذيفة يقول):

حذيفة: وهذه مكيدة أخرى يدبرها المنافقون بعد أن أحبط الله مكيدتهم الأولى عند عقبة تبوك..

عمار: ما هي يا حذيفة؟..

حذيفة: أنظر ها هم المنافقون يجيئون إلى رسول الله صلَّى الله عليه وسلم ولم يدخل المدينة من عودته من تبوك..

عمار: جاؤوا لماذا؟..

حذيفة: جاؤوا يسألون أن يأتي مسجدهم الذي أسسوه ويصلي فيه..

عمار: وماذا قال لهم رسول الله صلَّى الله عليه وسلم..

حذيفة: وعدهم بالصلاة فيه ثم دعا بقميصه ليلبسه ويأتيهم..

عمار: إذن فقد استجاب صلَّى الله عليه وسلم لطلبهم.. يا إلهي إني أخشى غدرهم به بينما هو يصلي ما رأيك؟

حذيفة: أرى يا عمار أن نقف بجانبه صلَّى الله عليه وسلم عن يمينه وشماله ونطلب إلى عباد بن بشر قائد حرسه بأن يضع حراسة قوية حول رسول الله صلَّى الله عليه وسلم..

عمار: إن عباد بن بشر قريب من المكان الذي يجلس به رسول الله صلَّى الله عليه وسلم..

حذيفة: ومحمد بن مسلمة.. إني لا أراه يا عمار.. لعلّه انطلق في أثر المنافقين يتعقبهم عن بعد ليقف على نواياهم من وراء دعوة رسول الله للصلاة بمسجدهم..

عمار: انظر يا عمار.. ها هو صلَّى الله عليه وسلم يدعو مالك بن الدخش ومعن بن السكن وآخرين.. إني لا أسمع يا حذيفة ماذا أمرهم به.. هل سمعت أنت يا حذيفة..

حذيفة: إنه صلَّى الله عليه وسلم قال لهم ما معناه: أنطلقوا إلى هذا المسجد الظالم أهله فأهدموه وأحرقوه..

عمار: لا شك أن الله تعالى أوحى إلى نبيه بذلك.. الحمد لله..

صوت صادر من مكان بعيد: وَالَّذِينَ اتَّخَذُواْ مَسْجِداً ضِرَاراً وَكُفْراً وَتَفْرِيقاً بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَاداً لِّمَنْ حَارَبَ اللّهَ وَرَسُولَهُ مِن قَبْلُ وَلَيَحْلِفَنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ الْحُسْنَى وَاللّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ. لاَ تَقُمْ فِيهِ أَبَداً لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ. أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَم مَّنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىَ شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ. لاَ يَزَالُ بُنْيَانُهُمُ الَّذِي بَنَوْاْ رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ إِلاَّ أَن تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ. صدق الله العظيم (سورة التوبة: 107 - 110)..

(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى سريعة نسمع بعدها صوت عمار يقول):

عمار: هلمّ بنا يا حذيفة نشهد حريق مسجد المنافقين الذي أسماه الله تعالى(المسجد الضار)..

حذيفة: لقد بناه المنافقون لا لجمع كلمة المسلمين بل لتفريق كلمتهم والإضرار بهم (ضجيج وحركة تختلط بموسيقى سريعة يعقبها صوت عمار وهو يقول):

عمار: هاهو مالك بن الدحش يطلب من جماعته بني سالم بن عوف أن يأتوه بنار.

حذيفة: إني أرى مالكاً يدخل إلى داره لماذا يا عمار؟..

عمار: سنرى لماذا دخل؟

حذيفة: أنظر ها هو مالك يخرج من عند أهله وهو يحمل حزمة كبيرة من سعف النخل ويشتد مسرعاً إلى المسجد وقومه بنو مالك يتبعونه والنار في أيديهم..

عمار: لقد دخل مالك المسجد.. إنه يشعل النار على من فيه أسمع أنهم يصرخون ويصيحون.

(نسمع صراخهم وصياحهم وركضهم وجريهم مصحوباً بموسيقى صاخبة سريعة نسمع بعدها صوت حذيفة يقول):

حذيفة: لقد أحرقوه وهدموا ما لم يقو الحريق على إزالته..

عمار: علمت أن رسول الله صلَّى الله عليه وسلم أمر بأن يتخذ موضع مسجد الضرار محل كناسة تلقى فيه الجيف والقمامات..

(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت عباد بن بشر يقول):

عباد: تمنيت أن تكون معنا يا مسلمة في غزوة تبوك فبالرغم من قسوة الجو والأحوال التي جابهتها هذه الغزوة فقد كانت من أنجح الغزوات التي قام بها النبي صلَّى الله عليه وسلم.ز

مسلمة: كنت أتمنى يعلم الله أن أكون معكم لولا استخلاف رسول الله صلَّى الله وسلم لي..

عباد: لقد تركنا عندك رأس الفتنة عبد الله بن أبي بن سلول ولا شك أنه كان تحت رقابتك الشديدة هو والثمانين متخلف من المنافقين..

مسلمة: كانت مهمتي شاقة يا عباد بالرغم من وجود علي بن أبي طالب واستئناسي برأيه ولكن المنافقين انتهزوا غياب رسول الله صلَّى الله عليه وسلم في غزواته فراحوا ينثرون الشائعات والأراجيف عنها…

عباد: هرم الزمان يا عباد ولما يهرم ابن أُبي.. إن هذا العجوز له ذكاء حاد ومقدرة فائقة على حبك المؤامرات وخلق المنغصات إنه كتلة من النشاط الذي يحلم به قليل من الشباب..

مسلمة: إن مؤامرة المنافقين على مزاحمة النبي صلَّى الله عليه وسلم حين مروره بالعقبة ليطرحوه في بطن الوادي هي في رأيي من صنع ابن أُبي.. إن هذا التفكير الإجرامي لا يدركه إلا مجرم حقير وشيطان مريد كعبد الله بن أبي بن سلول..

عباد: لعمري كانت مؤامرة محكمة التخطيط لو لم يطلع الله نبيه عليها لبلغ المنافقون من رسول الله صلَّى الله عليه وسلم ما يأملون.. ولكن الله تعالى أحبط أعمالهم..

مسلمة: انظر يا عباد؟..

عباد: أنظر ماذا يا مسلمة؟..

مسلمة: وفد من ثقيف أرى فيهم كنانة بن عبد يا ليل بن عمرو..

عباد: إنه وفد ضخم.. عد معي يا مسلمة.. واحد.. اثنين..

مسلمة: إنهم تسعة عشر رجلاً.. لا أدري كيف جاؤوا وبأي وجه وعذر.. يقابلون رسول الله صلَّى الله عليه وسلم بعدما قتلوا عروة بن مسعود الثقفي..

عباد: يا للفظاعة.. لعلّهم جاؤوا لنا مسلمين..

مسلمة: لكأني أنظر إلى عروة بن مسعود الثقفي ذلك الشيخ الوقور وقد دخل على رسول الله صلَّى الله عليه وسلم قبل أشهر وهو يقول):

عباد: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أنك عبده ورسوله..

أصوات: الله أكبر.. الله أكبر.. الله أكبر..

عباد بن بشر: لقد كبر المسلمون حين أسلم عروة بن مسعود الثقفي.. إنه زعيم ثقيف المطاع.. وإسلامه لا شك سيأتي بثقيف جميعها مسلمين..

مسلمة: ثقيف يا عباد قوم جفاة قساة غلاظ الأكباد لهم عقول صلبة كالصخر لا تتزحزح عما هي عاكفة عليه من عبادة الأوثان والأصنام..

عروة: يا رسول الله أريد أن أبلع رسالة وأنشرها بين قومي فعسى أن يهديهم الله على يدي..

عباد: وها هو النبي صلَّى الله عليه وسلم يقول له بما معناه: إنهم قاتلوك يا عروة..

عروة: يا رسول الله إني أحب إلى ثقيف من أولادهم فأذن لي أن أدعوهم للإسلام..

مسلمة: إن عروة يلح في طلبه ورسول الله صلَّى الله عليه وسلم خائف عليه من قومه أن يقتلوه.. فيصمت لعلّه يعدل عن طلبه..

عباد: ولكنه يلح وتجاه إلحاحه وإصراره يستجيب وهو مشفق عليه..

(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى سريعة نسمع بعدها صوت سهيل بن عمرو يقول):

سهيل:وعاد رسول الله صلَّى الله عليه وسلم من غزوة تبوك مظفراً منصوراً..

صفوان: لا شك أن الغزوة حققت أغراضها التي سنتسلمها في الأيام القادمة..

أبو سفيان: يقولون إنها غزوة حفلت بالمعجزات أكثر من أية غزوة سبقتها..

هند: وما هي أخبار تجمعات الروم؟..

صفوان: لقد أزعجتهم أخبار الجيش الإسلامي فحشدوا قوة كبيرة لها وقاموا بحركة اعتقالات واسعة.

هند: اعتقالات واسعة.. لا شك أن ضحاياها هم من العرب..

سهيل:ومن غير العرب يخشون في بلاد الشام..

صفوان: ولكن الركبان يتحدثون..

هند: يتحدثون عماذا يا صفوان..

صفوان: يتحدثون أن العرب المعتقلين استطاعوا الفرار من السجن على يد راقصة لعبت بعقل قائد الروم..

هند: يا لها من راقصة داهية..

سهيل:وبعد يا أبا وهل؟..

صفوان: وبعد ذلك قتلته بمساعدة أحد خدمه العرب..

هند: وأين هي الآن هذه الراقصة وصحبها الفارون من الروم؟..

صفوان: يقولون إنهم فروا إلى مدينة النبي صلَّى الله عليه وسلم..

سهيل:إن هذه القصة إذا صدق رواتها قد زادت في مخاوف الروم من العرب ولا ريب عندي أنهم لو قدروا لقتلوا جميع العرب في تلك البلاد..

أبو سفيان: إن ظل حكيم القياصرة في بلاد الشام يتقلص بسرعة فقد لمست ذلك ورأيته رؤيا العين في رحلتي الأخيرة إلى تلك البلاد..

سهيل:لقد خرج الروم من حربهم مع الفرس مثقلين بخسائر مادية جسيمة في الرجال والعتاد وخراب ودمار كبير في المدن الواقعة على الحدود بين الطرفين المتنازعين..

أبو سفيان: كذلك يتحدث الناس في بلاد الشام عن الخلافات المستحكمة بين القيصر هرقل وبعض أمراء الروم وبطاركتهم..

سهيل:ولا شك أن هذا الخلاف قد قوى حركة التحرير بين العرب هناك وشجعهم على الجهر بها والدعوة إليها.. وفي رأيي أن الاعتقالات التي تحدث عنها صفوان تعكس أبعاد هذه الحركة..

(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى سريعة نسمع بعدها صوت عروة بن مسعود الثقفي وهو يقول):

عروة: يا معشر ثقيف جئتكم من عند خير الناس وأبر الناس وأوصل الناس.. جئتكم من عند رسول الله صلَّى الله عليه وسلم..

أصوات: أصوات يا عروة؟..

عروة: بل قولوا: أأسلمت يا عروة وإني أجيبكم قائلاً: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله..