الحلقة ـ 45 ـ |
(يسمعون قرعاً على الباب فيقول صمصام): |
صمصام: إنه قرع أحد أصحابنا لا تخافوا.. |
حارث: إننا غير خائفين ولكننا لا نريد أن يقبض علينا ونحن أحياء.. |
نسرين: خذ سلاحك معك يا صمصام ونحن من ورائك معنا أسلحتنا.. |
(موسيقى خفيفة تختلط باقدام الداخلين نسمع بعدها صوت صمصام يقول): |
صمصام: إنه جروان يا صحبي.. يا مرحبا.. |
نسرين: يا مرحبا بجروان.. |
حارث: حياك الله يا جروان.. من أين أتيت؟ |
جروان: من عند الأمير الغساني.. |
صمصام: هات ما عندك من أخبار.. |
جروان: أصحابنا مسرورون من حارث قتل جورجيوس.. والفرحة عامة بين الناس حتى الذين ليسوا أعضاء في حركتنا.. |
حارث: وما هي أخبار رفاقنا الذين هم في ضيافة الأمير الغساني.. |
جروان: التحقوا بجيش محمد بناء على توصية الأمير الغساني.. |
صمصام: إذن فجيش المسلمين سيعود إلى المدينة ولن يغزو الشام.. |
جروان: بلى يا صمصام.. هذا ما أمرني الأمير أن أبلغكم إياه.. |
حارث: ونحن يا جروان سنسير إلى المدينة.. إلى بلد نبي المسلمين.. |
جروان: ألم تدخلوا بعد في الإسلام؟.. |
صمصام: لا يا جروان.. هل دخلت أنت فيه؟.. |
جروان: بلى والحمد لله.. |
حارث: متى يا جروان.. |
جروان: أسلمت حين أسلم الأمير الغساني على يد أحد تجار المسلمين.. أتودون الدخول في الإسلام كما دخلت.. |
نسرين: بلى يا جروان بلى.. ولكن ألا يحتاج ذلك إلى طقوس ومراسيم.. |
جروان: (ضاحكاً) الإسلام أغنى عقيدة وأبسط عقيدة وأسهل دين.. |
نسرين: أتدخل معي يا صمصام أنت والحارث في دين الإسلام؟ |
صمصام: إنني معك يا نسرين على السراء والضراء.. |
نسرين: وأنت يا حارث؟.. |
حارث: نحن مسلمون يا نسرين حين نذرنا أنفسنا لمحاربة أعداء الإسلام.. نحن معك يا نسرين.. على الخير.. |
نسرين: قل يا جروان كيف نسلم؟.. |
جروان: قولوا عبارة بسيطة في مبناها غنية وكبيرة في معناها وأهدافها ومراميها.. |
صمصام: ما هي؟ |
جروان: قولوا: أشهد أن لا إله إلا الله واشهد أن محمد رسول الله.. |
الجميع: اشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله .. |
جروان: الحمد لله.. الحمد لله.. |
نسرين: والآن هيا بنا إلى المدينة إلى رسول الله صلَّى الله عليه وسلم.. |
(تصدح موسيقى القافلة.. وتسير هذه الجماعة في طريقها إلى المدينة نسمع بعدها صوت كلوديوس يقول): |
كلوديوس: فتشوا عليهم في كل مكان.. وسأجزل المكافأة لكل من يأتيني بهم ومعهم الراقصة المجرمة نسرين.. |
ماركوس: كأن الأرض ابتلعتهم يا كلوديوس.. |
كلوديوس: لا يا ماركوس.. بل قل ابتلعتهم بيوت ومخابىء إخوانهم العرب هنا.. إن كل عربي في هذه المنطقة هو ضد الإمبراطور.. |
ماركوس: وقد طلبنا مساعدة الأمير الغساني للتفتيش عليهم بين القبائل النازلة على حدودنا الجنوبية.. وفي الأماكن التي يرتادها السفاحون والمجرمون واللصوص الفاتكون.. |
كلوديوس: (ضاحكاً بسخرية): أتريد من الأمير الغساني أن يساعدك على قومه فيأتيك بهم لتعلقهم على أعواد المشانق.. إنك طيب القلب يا ماركوس إلى حد التغفيل.. |
ماركوس: إذا لم يتعاون معنا الأمير الغساني فيجب أن نكتب إلى القيصر عنه لعلّه يخلعه أو يعزله ويولي أميراً نكون آمنين من تعاونه معنا.. |
كلوديوس: القيصر لا يرغب في عمل أي شيء ضد الغساسنة.. إنه يقدر مساندتهم له في حربه مع الفرس ولذلك فهو يتسامح عن كثير مما يبلغه في أعمالهم.. |
ماركوس: ولكن هذه الأعمال هي ضد سلامة الإمبراطورية فكيف يتسامح عنها.. |
كلوديوس: إنه سيلقي اللوم علينا نحن عما له بهذه المنطقة.. |
ماركوس: إذن ما العمل يا كلوديوس.. لقد مشطنا المنطقة وقلبنا عاليها سافلها وعذبنا كثيرين لكي نحصل على إقرار منهم بمكان الهاربين ولكنهم أبوا وأصروا على إبائهم بالرغم من فظاعة التعذيب.. |
كلوديوس: يجب أن نعالج الأمر نحن بأنفسنا من دون أن نزج بالإمبراطور في الوسط وعلينا أن نصطنع من الغساسنة ومن أهل هذه المنطقة أصدقاء ليكونوا عيوناً لنا على قومهم.. |
ماركوس: جربنا كثيراً وفشلنا.. |
كلوديوس: لعلّ طريقتنا كانت هي سبب الفشل فلنجرب طرقاً أخرى ووسائل جديدة توصلنا إلى أهدافنا.. |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها أصوات التهليل والتكبير وأخيراً نسمع بعدها صوت داعس يقول): |
داعس: ها هو محمد في طريق عودته إلى يثرب ونحن لم ننفذ المهمة التي أنيطت بنا.. |
سويد: لقد رأيت يا داعس كيف أن أصحاب محمد يحيطون به إحاطة السوار بالمعصم.. |
داعس: ولكن عبد الله بن أبي بن سلول الحفيد حملنا هذه المسؤولية فيجب أن نكون حسن ظنه بنا يا سويد .. |
سويد: هل قصرنا نحن أو توانينا؟ إننا نترصد حركات كما يرصد الصياد صيده.. |
داعس: يجب أن نقوم بأي عمل حتى لو كان الفشل نصيبنا فيه.. |
سويد: رأي خاطىء يا سويد.. إن أي فشل يقضي علينا جميعنا بما فينا زعيمنا عبد الله بن أبي بن سلول.. |
داعس: هل من المفروض أن يصاحب التوفيق كل مؤامرة يخططها أحد؟ |
سويد: لا.. ولكن.. |
داعس: ولكن ماذا يا سويد؟.. |
سويد: مؤامرتنا يجب أن نقوم بها بعد أن نستكمل لها عناصر النجاح.. والبرنامج الذي يسير عليه محمد يجعل من المستحيل نجاح هذه المؤامرة.. |
داعس: لو سلمنا بما تقول.. هل علينا أن نعدّل عن تنفيذ هذه المؤامرة لأن البرنامج الذي يسير عليه محمد يفسدها.. |
سويد: لا يا داعس ولكني لا أرى بوادر نجاح لمخططنا ومحمد في وضعه هذا.. |
داعس: إذن يجب تغيير مخططنا أو بالأحرى خطتنا بحيث نستطيع أن نحكم الستار الحديدي الذي ضربه أصحاب محمد حوله.. |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى القافلة نسمع بعدها صوت جروان يقول): |
جروان: نحن مقدمون على مواقع على حدودنا الجنوبية فيها كثير من جنود الروم.. |
نسرين: وكيف جاؤوا إلى هذه الأماكن المفروض أن تكون حراستها منوطة بجيش الغساسنة.. |
جروان: عندما علم الروم بمجيء جيش النبي محمد صلَّى الله عليه وسلم إلى حدودنا الجنوبية خافوا من مناصرة الغساسنة العرب له فأستبدلوا ما في هذه المواقع الأمامية من عرب بجنود من الروم.. |
صمصام: لعلّ الروم نسوا أن الألوف التي خلف هذه المواقع هي مع المسلمين ونبي المسلمين.. |
حارث: لا يا صمصام لم ينس الروم أن كل عربي في هذه المنطقة سواء كان على دين محمد أم لم يكن هو روحاً ودماً مع جيش المسلمين لأنه يعتقد أنه جيش خلاصه من نير العبودية.. |
نسرين: أجل.. أجل.. ولذلك عندما بلغتنا أخبار المسلمين عمت بلادنا موجة طاغية من الفرح والسرور لاحظها الروم فاغتاظوا وشرعوا في اعتقالاتهم الواسعة للعرب.. |
جروان: والآن ما الرأي.. وعددنا غير قليل وطريقنا محفوف بالمخاطر.. |
نسرين: إن الله الذي نجانا من الروم طوال هذه المدة سينجينا منهم حتى نصل إلى نبيه محمد صلَّى الله عليه وسلم.. |
حارث: صدقت يا نسرين صدقت.. اسمعوا يا قوم.. |
أصوات: قل يا حارث قل.. |
حارث: عندما نقترب من الموقع الذي سنجتاز منه نرسل أحدنا ليسبر المكان وعدد الجنود فيه والروم منهم والعرب منهم والطرق التي يمكن أن نتسلل منها.. |
أصوات: وبعد.. |
حارث: فإذا كان التسلل مأموناً فعلناه وإلا هاجمنا الموقع وأنا أعتقد أن عدونا يستطيع التغلب على الموقع بإذن الله ولا سيما قد زودنا أمير البلقاء الغساني بالسلاح الكافي - وأرى أن نعهد إلى جروان بهذه المهمة فهو خبير بحدودنا الجنوبية.. |
أصوات: رأي سديد.. رأي سديد.. نوافق عليه.. نوافق عليه.. |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها اصوات التهليل والتكبير يعقبها سكون مطبق يخترقه صوت سويد وهو يقول): |
سويد: داعس.. إليّ.. يا داعس.. |
داعس: ما وراءك يا سويد؟.. |
سويد: جاءتنا فرصة العمر لتنفيذ مهمتنا.. |
داعس: كيف.. قل.. وافصح.. |
سويد: علمت أن محمداً سيسلك العقبة الواقعة في الطريق بين تبوك والمدينة وحده وسيسلك الجيش طريق الوادي.. |
داعس: إذا كان ما تقوله حقاً فإنها فرصة العمر يا سويد.. |
سويد: إني بانتظار سماع صوت المنادي حتى أتأكد من صدق ما بلغني.. |
داعس: يا إلهي متى نسمع صوت المنادي.. |
المنادي: يا معشر المسلمين.. يا معشر المسلمين رسول الله صلَّى الله عليه وسلم يريد أن يسلك العقبة فلا يسلكها أحد واسلكوا بطن الوادي فإنه أسهل لكم.. |
سويد: أسمعت صوت المنادي يا داعس.. |
داعس: بلى يا سويد ورنين ندائه في أذني أحلى من مزامير داود.. |
سويد: هيا إلى العمل.. |
داعس: يجب تغيير الخطة.. |
سويد: بلى.. ولكن.. كيف؟ |
داعس: العقبة طريقها ضيق في أعلاها لا يستطيع المرور منها إلا كل واحد بمفرده والأودية السحيقة تحف بهذه الطريق من جانبها.. |
سويد: بلى يا داعس بلى.. |
داعس: فإذا وصل محمد إلى أعلى القمة زاحمناه ودفعناه عن راحلته إلى الوادي.. |
سويد: يا لها من خطة جهنمية هائلة ولكن.. |
داعس: ولكن ماذا؟.. |
سويد: ولكن حراس محمد من أمامه ومن خلفه كيف نصنع بهم.. |
داعس: نقتلهم إذا لزم الأمر.. |
سويد: وعدد المشتركين منا كم سيكون؟.. |
داعس: لا يقل عن خمسة عشر رجلاً على أي حال فربما كان حراس محمد كثيرين.. |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت صمصام يقول): |
صمصام: ما وراءك يا جروان؟.. |
جروان: الخير كله يا قوم.. |
نسرين: كيف.. قل لنا.. |
جروان: وجدت عدد الروم بهذا المخفر ضعف عدد العرب الغساسنة.. |
حارث: خبر غريب يا جروان؟.. |
جروان: ما وجه الغرابة فيه يا حارث؟ |
حارث: أن يكون هذا العدد من العرب فيه.. كنت أظن أن يكونوا واحداً أو اثنين يستعملها الروم للخدمة كأدلاء.. |
نسرين: صدقت يا حارث.. لعلّه من حسن الاتفاق وجود هذا العدد الكبير في هذا الموقع.. |
جروان: وقد اتصلت بهؤلاء العرب عن طريق أحد أقاربي منهم فوعدوني بتسهيل مرورنا من دون أن يشعر بنا أحد من الروم.. |
نسرين: ولو فرضنا وشعر الروم بتسللنا ما العمل؟.. |
جروان: سنقاتل الروم وسيقاتل العرب الغساسنة معنا.. |
|