شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
فرد الأستاذ محمد العلي قائلاً:
يُظْهِرُ الشيءَ ضِدُه وتجـارى
بِسِـَواها مَحـاسِنُ وَعُـُيوبُ
وكذاك المرعى الخصيب يُحَلِّيهِ
إلى الناظرين مـرعىً جـديبُ
 
- من قوانين أرسطو.. القوانين الثلاثة الفكرية التي يقوم عليها أساس المنطق، هو أن النقيضين لا يجتمعان ولا يرتفعان، نبع السعادة والشقاء إذا جردنا هذا المفهوم من اللحظات الرومانسية أو المفاهيم الرومانسية أو الآفاق الرومانسية التي استخدمها الشعراء مثل كن جميلاً ترى الوجود جميلاً.. وما أشبه ذلك من هذا الكلام الرومانسي، إذا جردناه وأصبح كمفهوم فلسفي.. السعادة والشقاء نبعهما الإِنسان نفسه، هناك من الناس من يحيل كل الظروف بالشقاء إلى ناحية عملية، ناحية صراع يصارع ويجد في الصراع لذة. عندما نقرأ الشيخ والبحر نجد الصراع الإِنساني، صراع الإِنسان لأجل أن ينتصر. مر الشيخ بألوان من الشقاء، إلى أن اصطاد سمكة وأتى بها للشاطئ.. هذا لا نسميه شقاء نسميه مغالبة. الشقاء.. الانتصار على الشقاء.. الإِنسان هو منبع هو مصدر السعادة وهو مصدر الشقاء، بالنسبة إلى الجبر والاختيار تكلمنا عنها كمسألة فكرية طرحت في أواخر القرن الأول الهجري .
- لم أتعرض البارحة للجبر النفسي لأنه يثير مشاكل أنا كنت غنيا عنها، لأن الجمهور كان مختلفاً في مستواه.. وفلسفة برجسون أقل ما توصم به أنها فلسفة إنسان غربي، فكيف تريد أن تتكلم بها أنت أيها العربي المسلم قرب مكة؟ هذا أول شيء يمكن أن يقال. تركت الحديث عن برجسون وعن فلسفته في الجبر، وتعرضت إلى آراء علماء المسلمين بالنسبة للجبر والاختيار، وأحلت، على كتاب مذاهب الإِسلاميين لعبد الرحمن بدوي الذي يستشهد بست عشرة آية تفيد الجبر وبست عشرة آية مفادها الاختيار .
- لم أتطرق أيضاً البارحة إلى شيء طرحه الغربيون المستشرقون، وهو أن الآيات المكية يغلب عليها الجبر، أما الآيات المدنية فيغلب عليها الاختيار.. لم أتعرض لهذا كله، وأنتم الآن تعيدونني لجو البارحة، هذا الجو الذي هربت منه. مسألة الجبر والاختيار يا سيدي مسألة قديمة، أعادها مثل ما قلت أمس الأستاذ العقاد إلى الياذة هوميروس، ونحن كنا نعرف أن إلياذة هوميروس ما هي إلا تراث.. تراث لما قبله، فمعناه أن المسألة قبل هوميروس، وكانت ما يسمى بالإِلهة إيزيس، كانت فظة الطباع، ترغم من تستطيع أن ترغمه على ما تريده هي لا ما يريده هو .
- طبعاً المعتزلة هم الذين تبنوا مسألة الاختيار.. على أساس أن الله عادل.. العدل المطلق لله، هو الذي يجعل الإِنسان مخيراً في أفعاله.. لماذا؟ لأنه لو أن الله تعالى أمر العبد بأن يزني مثلاً وزنى بدون اختيار.. فكيف يعذبه؟ هذا مناف للعدل، وما ربك بظلاَّم للعبيد. وإذن فلا يمكن أن يكون العبد إلا مخيراً .
- قال الشاعر:
ألقـاه فـي اليـم مكتـوفاً وقـال لـه
إيـاك إياك أن تـبتل بالمـاء
- فكيف يتم ذلك؟ ما دمت كتفته وألقيته في النهر.. كيف لا يبتل؟ هذا شيء مناف لعدل الله، هذا ما طرحه المعتزلة، وهذا أساس الجبر والاختيار في الفكر الإِسلامي، إنما الفكر الفلسفي وخاصةً الذي طرحه برجسون يتعدى هذه الناحية، يتعدى الأفعال المحسوسة.. إلى القرار الكائن كينونة البشرية نفسها، كمثل ما عبر عنه أبو العلاء.. هل ولدت كما تريد؟ خلقت مبرءاً:
خلقت مبرءاً من كل عـيب
كأنك قد خلقت كما تشاء
- وهذا نعتبره مبالغة من أبي العلاء، ليس هناك إنسان ولد كما يشتهي أو كما يريد، وإذن فأنت مجبر على ولادتك، أنت مجبر أنك ولدت في هذه الأرض غير تلك، في هذا الزمن بالذات، في الساعة الفلانية.. ليست تلك، في الليل لا في النهار.. إلى آخره...
- هذه كلها تشكل قنوات للجبر النفسي، ليس بالجبر أن أشرب الماء أو لا أشرب، برجسون طرحها بصورة كونية، هذه لم تكن تدور في خلد المسلمين الأوائل وخاصةً المعتزلة.. لم يكن عندهم هذا النوع من الطرح لأنه طرح فلسفي متأخر كثيراً.. هذا ما يمكن قوله في هذه العجالة، وحياكم الله.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :655  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 79 من 187
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

عبدالله بلخير

[شاعر الأصالة.. والملاحم العربية والإسلامية: 1995]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج