الحلقة ـ 3 ـ |
سهيل:أجل يا مكرز أجل.. جنينا هذا نتيجة حقد عمرو بن هشام على محمد وتهويش القائد الجبان أبي سفيان.. |
مكرز: لقد نجا أبو سفيان فماذا كان يضيره لو حمد الله على السلامة.. ولكن قيادته الهزيلة شاءت لنا هذه الهزيمة.. |
سهيل:كان عليه وقد سلمت العير أن يمنع الناس من الخروج ولكنه لم يفعل بل ترك الناس على حماسهم وقبع في داره كالنساء وكأنه واحد منهن.. |
(نقلة صوتية موسيقية مسبوقة بموسيقى حزينة نسمع بعدها صوت هند بنت عتبة تقول): |
هند: ما أصابنا في بدر جلل يا أبا سفيان. لم يبق بيت في مكة إلا أقيم فيه مأتم. |
أبو سفيان: لقد أصدر قادة مكة الأوامر بأن لا ينوح أحد على قتيل من قتلى معركة بدر البتة، وأن يلتزم الناس السكوت تجلداً ولئلاَّ يشمت محمد وأصحابه بنا.. |
هند: هذا والله ظلم يا أبا سفيان أتمنعون الناس من أن يبكوا على قتلاهم ويسكبوا عبرات يخففون بها لواعجهم وأحزانهم.. |
أبو سفيان: عهدتك يا هند صلبة العود جلدة، تصبرين على أقسى الآلام وأمرها.. |
هند: وكيف أحبس أدمعي على والدي وعمي وأخي.. لم ينكب أحد من القرشيين بمثل ما نكبت يا أبا سفيان (تبكي). |
أبو سفيان: لم ينج بيت في مكة من ويلات هذه المعركة.. |
هند: كنت يا أبا سفيان سبباً في هذه الهزيمة التي وصمت قريشاً بالخزي والعار إلى الأبد.. |
أبو سفيان: أيتحدث الناس أني كنت سبب الهزيمة يا هند..؟ |
هند: هكذا يتحدث أهل مكة يا أبا سفيان..؟ |
أبو سفيان: كيف يا هند كيف.. أفصحي.. |
هند: يقولون.. |
أبو سفيان: يقولون ماذا؟.. |
هند: كان من الحكمة وقد استطعت بمهارتك النجاة بالصبر وعدم الوقوع في قبضة المسلمين أن ترجع إلى حيث خرجت قريش وتمنعهم من قتال محمد ولكنك لم تفعل فكانت الهزيمة التي جللتنا بالخزي والعار.. |
أبو سفيان: من قال لك إني لم أحاول منع القرشيين من الدخول في معركة مع المسلمين. لقد حاولت ولكن عمرو بن هشام المخزومي من أمر إلاَّ أن يذهب لقتال محمد. |
هند: هذا ما يدور على ألسنة الناس وإنهم ليتهمونك بالجبن وإنك قبعت في دارك مع النساء وكأنك إحداهن. |
أبو سفيان: سامحهم الله.. لقد كنت مكدوداً منهوك القوى.. غيّرت مسيرة العير يا هند فقطعت ودياناً ومفاوز وعرة لكي أفلت من قبضة المسلمين فما وصلت مكة إلا وأنا أكاد ألفظ آخر أنفاسي.. وأنت خير شاهد على ذلك.. |
هند: هذا صحيح.. ولكن ألسنة الناس لا ترحم ولا تقدر يا أبا سفيان.. |
أبو سفيان: أقسم لك يا هند بأني سأغسل عار هذه الهزيمة في المعركة القادمة مع محمد تلك المعركة التي تتهيأ من أجل خوضها منذ الآن.. |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى خفيفة تختلط بأصوات تعلو وتنخفض مما يدل على اجتماع هام نسمع بعده صوت شاس بن قيس يقول): |
شاس: لقد جئتك يا بن أُبي بخبر تسر له جداً.. جداً.. |
عبد الله
بن أبي: ما هو يا شاس.. قله بربك.. |
شاس: كعب بن الأشرف النبهاني.. |
ابن أبي: ماذا جرى له.. هل عاد سالماً أو ألمت به نازلة..؟؟ |
شاس: عاد سالماً غانماً موفقاً يا ابن أُبي.. |
ابن أبي: يا لها من بشرى.. زدني من أخبار كعب بن الأشرف.. |
شاس: قوبل من زعماء مكة مقابلة هائلة.. طاف كعب بهم جميعاً يحرضهم بنثره وشعره فلم يبق بيت بمكة إلاَّ وسمع بأشعار كعب.. |
ابن أبي: وماذا كان رد الفعل لدى زعماء قريش..؟ |
شاس: أعلنوا التعبئة العامة واستنفروا القبائل المجاورة لمكة كما استنفروا حلفاءهم من الأحابيش.. |
ابن أبي: يا لها من أخبار سارة.. بورك فيك يا شاس.. وبورك لليهود في كعب بن الأشرف.. |
شاس: إنه يستحق زعامة اليهود.. أليس كذلك يا بن أُبي.. |
ابن أبي: صدقت يا شاس.. إنه أهل لها وعن جدارة.. |
شاس: وقد علمت أن كعب بن الأشرف سيقابلك بعيداً عن الرقباء ليطلعك على ما لم يطلع عليه أحداً.. إن كعب بن الأشرف يرى فيك الزعيم الأوحد ليثرب.. |
ابن أبي: بلغ كعب بن الأشرف زعيم يهود يثرب شكري على ثقته وتقديره وقل له إني أنتظر لقاءه بفارغ الصبر.. |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى سريعة.. نسمع بعدها صوت سهيل بن عمرو يقول): |
سهيل:أرى أبا سفيان يتهيأ لمعركة جديدة مع محمد يا مكرز.. لم يكتف بهزيمتنا في بدر التي ما زالت جراحها تنزف.. |
مكرز: ذلك واقع بالفعل يا سهيل ولا شك أنك كنت من الموافقين على هذه المعركة في اجتماعكم الأخير بالندوة.. |
سهيل:لم أكن متحمساً يا مكرز.. ولكن اضطررت إزاء حماس الآخرين أن أوافق وأساهم في أعباء هذه الحملة.. |
مكرز: كنت أحسبك في طليعة المتحمسين لهذه المعركة المرتقبة لعلّنا نغسل بها عار الهزيمة الشنعاء في بدر.. |
سهيل:ولكن ليس بهذه السرعة يا مكرز.. |
مكرز: لست معك يا أبا جندل.. إن تهيئة القرشيين لمعركة انتقامية وجراحهم ما تزال تنزف هي فرصة أبي سفيان الثمينة لحمل القرشيين عليها.. |
سهيل:أنا أخشى النكسة يا مكرز إذا أسرعنا في الدخول في معركة جديدة قد دوّن استعداد كامل لها. |
مكرز: هذا صحيح يا أبا جندل ولكن العار الذي لحق بقريش وزعامتها يحفزها على الإسراع في كسب نصر جديد يعيد لقريش هيبتها ومكانتها بين القبائل.. |
سهيل:إنني معك يا مكرز فقريش تنظر إليها القبائل العربية كحامية لمعتقداتها بصفتها سادنة للكعبة وبحكم وجودها في منطقة تعظمها وتحج إليها هذه القبائل.. |
مكرز: وفوق هذا يا أبا جندل ترى هذه القبائل أن قريشاً هي القوة الوحيدة التي تستطيع الوقوف في وجه الدين المحمدي.. |
سهيل:صدقت يا مكرز صدقت.. كم ستدفع قريش من أفلاذ أكبادها وأموالها في سبيل صد الزحف الإسلامي.. ثم.. |
مكرز: ثم ماذا يا سهيل.. |
سهيل:ثم أتستطيع قريش الصمود أمام المد المحمدي وأرى ما جاء به محمد شيء يدك الجبال.. فكيف الرجال؟ |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى سريعة نسمع بعدها صوت أبي سفيان يقول): |
أبو سفيان: مكة كلها تغلي كالمرجل يا هند.. تتوعد وتتهدد وتنذر بالثأر لقتلاها في بدر.. |
هند: مكة وأهلها وحدهم لا يقدرون على حمل العبء يا أبا سفيان.. |
أبو سفيان: والأحابيش نسيت أن أذكرهم لك والقبائل المجاورة لمكة.. |
هند: وقبائل هذيل وثقيف هل سيشتركون معنا؟ |
أبو سفيان: لا يا هند.. إنهم كما تعرفين ينافسوننا زعامة القبائل ولذلك فهم سيقفون من الجانبين موقف المتفرج.. |
هند: ولكنهم سيؤكلون إن أكلنا محمد.. |
أبو سفيان: إن ضحك الزمان لمحمد في بدر فسيبكيه واللات والعزى في المعركة القادمة التي حشدنا لها كل ما لدينا من رجال وموارد.. |
هند: ولم تقصرون شرف القتال في هذه المعركة عليكم أنتم الرجال.. |
أبو سفيان: أتريدين أن تشترك المرأة فيها.. |
هند: ولم لا يا أبا سفيان.. إنها معركة مصيرية ومصيرنا نحن النساء مرتبط بمصيركم فلم لا نسهم فيها كما تسهمون.. |
أبو سفيان: رأي سديد ومنطق سليم يا بنت عتبة وستكونين أنت في الطليعة.. |
هند: بلى يا أبا سفيان بلى.. وسنبرهن لكم إن المرأة لا تقل عن الرجال بأساً وشدة إذا ما جمعت وطيس الحرب ودارت رحاها.. |
أبو سفيان: سأستشير زعماء قريش في الأمر.. |
هند: وسيثبطون عزمك وعلى رأسهم سهيل بن عمر الذي سيقول لك: الرجال وأفناهم محمد في بدر.. أتريد أن تفضحنا في نسائنا.. ومن هذا الكلام الذي لا طائل تحته.. |
أبو سفيان: ولكن لسهيل بن عمرو رأي واحد وما أظن الآخرين سيجارونه على رأيه.. |
هند: إن سهيل بن عمرو يقف دائماً ضد أي أمر إني داخلة فيه.. |
أبو سفيان: (ضاحكاً).. أليس من حقه أن يفعل يا هند؟ |
هند: ألأني لم ارتضه بعلاً لي وآثرتك عليه يحقد علي كل هذا الحقد.. |
أبو سفيان: ألعلّه ما يزال يرزح تحت الصدمة التي نالته منك يا هند. لا شك أن حبه لك كان عميقاً حتى أنقلب بعد فشله إلى عداء أعمق وأبعد غوراً.. |
هند: وأنت يا أبا سفيان.. أتقف موقف المتفرج من شخص فضلتك عليه.. |
أبو سفيان: لا والله يا هند.. ولكن لسهيل بن عمرو لساناً وبياناً يسحر العقول والألباب.. |
هند: ولكن حبك لي سيقطع لسانه ويمسخ بيانه.. أليس كذلك يا أبا سفيان أم لعلي مخطئة في تصوري.. |
أبو سفيان: أنت والله عند حسن ظنك بي وسترين كيف أني سأنفذ رأيك وستشهد معركتنا القادمة هند بنت عتبة تقود نساء قريش إلى ساحة الشرف والكرامة. |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى حزينة نسمع بعدها صوت شاس بن قيس يقول): |
شاس: واستسلم أشجع قبائل اليهود بنو قينقاع بعد أيام معدودات من حصار محمد لهم.. |
ابن أبي: بالرغم من أني وعدتهم بالمساعدة يا شاس وفعلاً هيأت رجالي وأعددتهم لهذه المهمة فإذا بي أفاجأ باستسلامهم الذريع.. |
شاس: لا أدري يا بن أبي ماذا حدث لبني قينقاع لو أطالوا المقاومة أو خرجوا من حصونهم وهاجموا محمداً هجمة رجل واحد ربما كانوا هزموه.. |
ابن أبي: لكنهم آثروا الخزي والعار والذل والهوان وضياع الأرض والمال والمهاجرة إلى بلاد الشام بعد أن كانوا سادة في هذه الديار.. |
شاس: إن استخذاء بني قينقاع واستسلامهم بهذه السرعة المذهلة سيزيد من أطماع محمد وجرأته على اليهود.. |
ابن أبي: بل قل وغير اليهود.. وسيكون وصمة في تاريخ اليهود في هذه المنطقة.. |
شاس: أكاد أجن يا بن أُبي كلما ذكرت استسلام بني قينقاع لا سيما وهم يعلمون علم اليقين أن قريشاً تحشد قواها لغزو يثرب.. |
ابن أبي: لا شك أن عند محمد قوة سحرية هائلة استطاع بها تحطيم أعصاب بني قينقاع وبالتالي مقاومتهم.. |
شاس: أية قوة سحرية يا بن أٌبي.. قل إنها قوة إلهية قل إنها عزمات الأنبياء.. |
ابن أبي: أسحرك محمد أنت أيضاً يا شاس وأنت ألد أعدائه.. |
شاس: لا يا ابن أُبي ولكنها الحقيقة الواضحة وضوح الشمس في رابعة النهار.. |
|