شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الحلقة ـ 100 ـ
المنادي: يا معشر المسلمين.. يا معشر المسلمين.. يا معشر المسلمين.. عليكم بمشاة الروم.. شدوا عليهم.. عدوكم بدأ الفرار.. هاجموهم اقتلوهم.. اجعلوا الخندق قبرا لهم.. هيا أثابكم الله.
(نسمع أصوات التهليل والتكبير والكر والفر وسقوط القتلى وأنات الجرحى ثم صوت أرطبون يقول):
أرطبون: يا جنود الروم.. اثبتوا في أماكنكم دافعوا عن امبراطوريتكم.. أمداد كبيرة من الجنود في طريقها إليكم.. ماركوبوليس.. ماركوبوليس.
ماركوبوليس: أمرك سيدي القائد..
أرطبون: إن القتل يستمر بين رجالنا بعد أن فر فرساننا من أقوى المعركة إنهم يدفعون بجنودنا إلى الخندق الذي امتلأ باجسادهم.
ماكوبوليس: لقد ماتوا في سبيل الدفاع عن إمبراطوريتهم.. سيدي القائد انتبه.. انتبه.. إن فرسان المسلمين يكادون يحدقون بنا.. انج بنفسك وسأكون فداء لك وللامبراطورية..
(نسمع صوته وهو يسقط ويقول):
آه... آه...
أرطبون: رحماك يا ماركوبوليس لقد كنت قائداً شجاعاً..
الفيقار: انظر سيدي القائد ما رأت عيني مثل شجاعة المسلمين واستبسالهم في القتال، إنهم يركبون الأسنة غير مبالين بالموت..
أرطبون: إن المسلمين يخوضون هذه المعمعة وهم متأثرون بأمرين: الأمر الأول ثقتهم بأن العاقبة لهم لأن نبيهم بشرهم بهذه الفتوحات..
الفيقار: غريب والأمر الثاني ما هو سيدي القائد؟
أرطبون: إن من يقتل منهم يعتبر شهيدا والشهيد عاقبته الجنة عندهم..
الفيقار: أرى سيدي القائد ملماً بدين المسلمين..
أرطبون: لقد عرفت ذلك من المسلمين الذين كانوا يفدون إلى الشام بقصد التجارة.
الفيقار: وليسمح لي سيدي القائد أن أضيف إلى ما قاله أمرا ثالثا...
أرطبون: ما هو.. قل.. بسرعة فإن فرسان المسلمين قد اقتربوا منا وجنودنا يقتلون أو يفرون..
الفيقار: براعة قوادهم.. إن التعبئة التي خرج بها المسلمون اليوم تدل على عظمة قوادهم وحذقهم لفنون الحرب وصناعتها..
أرطبون: إن خالد بن الوليد قائدهم اليوم قد انتصر على الفرس بالأمس وها هو يحاول أن ينتصر علينا اليوم.. مع الأسف الشديد.. لقد نسف خطتنا من أساسها.. وقضى على فرساننا في أول يوم من بدء المعركة..
الفيقار: سيدي القائد أرى اليأس يخيم عليك ونحن ما زلنا في عنفوان المعركة... إن جنودنا يستبسلون في الدفاع.. لقد اقترنوا بالسلاسل حتى لا يفروا..
أرطبون: إن لم يأتنا مدد من الامبراطور فمصيرنا الهلاك لا محالة.
(نسمع أصوات التهليل والتكبير وسقوط قتلى وأنين جرحى ثم صوت علقمة يقول):
علقمة: الله أكبر.. الله اكبر.. سقط عكرمة بن أبي جهل وابنه عمرو أمام فسطاط خالد مثخنين بجراحهما..
زيد: وسقط عمه الحارث بن هشام في جمع كبير من فرسان المسلمين شهداء في هذه المعركة..
علقمة: في جنان الخلد أيها الشهداء.. أنتم السابقون ونحن اللاحقون..
زيد: ها هو الليل يسربلنا والمعركة ما تزال محتدمة.
علقمة: ولكن تباشير النصر قد لاحت وها هي سيوفنا تحصد الروم من كل جانب حتى امتلأ الخندق والوادي بجيشهم.
(نسمع سقوط القتلى وأناث الجرحى وأصوات التهليل والتكبير ثم نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى حزينة وأخيراً تسمع أصواتاً حزينة تقول):
أصوات: مات... أنا لله وأنا إليه راجعون..
صوت: مات خليفة رسول الله...
صوت: يرحمك الله يا أبا بكر ويغفرلك..
صوت: لولا أن قيض الله للإسلام أبا بكر لما عُبِدَ الله..
(همهمة وغمغمة وهرج ومرج وأصوات حزينة تعلو وتنخفض وأخيراً نسمع صوت أم ياسر تقول):
أم ياسر: إن موت أبي بكر خسارة لا تعوض يا أم سالم.
أم سالم: مات في وقت نحن بأشد الحاجة إليه يا أم ياسر..
أم ياسر: لقد أصيب بالحمى أثر طعام أكله واستمر محموماً حتى قبضه الله إليه.
أم سالم: قيل أن الطعام كان مسموماً..
أم ياسر: من يتجاسر على سم أبي بكر..
أم سالم: علمت أن يهوديتين تترددان على دار أبي بكر ولا يستبعد أن تكونان قد دسا له سما في الطعام ولا سيما وأن أحداهما كما بلغني طاهية ماهرة.
أم ياسر: إنه القضاء والقدر.. تعددت الأسباب والموت واحد.. ولكن قولي لي... هل اليهوديتان على قيد الحياة؟
أم سالم: لقد انتقم الله منها..
أم ياسر: كيف يا أختاه.. افصحي..
أم سالم: وقعتا في بئر مفتوحة فاندقت عنقهما وماتتا على الفور..
أم ياسر: إلى جهنم وبئس المصير..
أم سالم: إلى متى يظل اليهود بيننا بعد أن تكشفت نواياهم الخبيثة..
أم ياسر: إنهم على الرغم من حسن المعاملة التي يلقونها من المسلمين ما تزال كراهيتهم للاسلام شديدة
أم سالم: إن هذه الكراهية تجري في دمائهم وما يجري في الدم لا يمكن إزالته إلا بتصفية الدم
أم ياسر: عسى أن الخليفة عمر بن الخطاب وهو المعروف بحزمه وشدة بأسه يريحنا من اليهود ومن شرورهم..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى حربية ثم بعدها صوت علقمة يقول):
علقمة: لقد أنساني وطيس المعركة أن أقول لك شيئا يا زيد..
زيد: ما هو قله بربك..
علقمة: وصل بريد من المدينة والمعركة مشتد سعيرها وأوارها وسلم الساعي كتاباً إلى خالد بن الوليد ما أن فضه وقرأه حتى رأيته يسر في أذن أبي عبيدة بما فيه..
زيد: اللهم اجعله خيراً..
علقمة: يا رب... يا رب..
(أصوات تهليل وتكبير وكر وفر ثم صوت المنادي يقول):
المنادي: يا معشر المسلمين.. يا معشر المسلمين.. لقد أيدكم الله بنصره وهزم أعداءكم شر هزيمة.. فاحمدوه على نعمه وآلائه.
أصوات: الحمد لله.. الحمد لله.. الحمد لله..
علقمة: كانت معركة رهيبة يا زيد تواصل القتال فيها نهاراً وليلاً حتى أسفر الصباح مبشراً بنصر الله الذي وعد به عباده..
زيد: انظر ها هو خالد بن الوليد جالس في فسطاط قائد الروم..
علقمة: هلم بنا إليه..
زيد: انظر يا علقمة.. انظر..
علقمة: يا الله.. يا الله رحماك يا الهي.. ها هو خالد بن الوليد يؤسر رأس عكرمة بن أبي جهل على فخذه ورأس عمرو بن عكرمة بن أبي جهل على ساقه ويقطر الماء في حلقيهما ويبشرهما بالجنة..
زيد: لقد فاضت روحهما بين يديه.. لا حول ولا قوة إلا بالله.. لا حول ولا قوة إلا بالله.
علقمة: إنا لله وإنا إليه راجعون.
زيد: لقد التهمت معركة اليرموك عددا لا يستهان من المسلمين.
علقمة: يقال أن قتلانا أربو على الثلاثة آلاف قتيل.. غير الجرحى الذين بلغ عددهم الضعف.
زيد: ولكن خسارة الروم فوق المئة ألف بين قتيل وجريح.. لقد فاض خندقهم ووادي الواقوصة بتلال من قتلاهم.
المنادي: يا معشر المسلمين.. يا معشر المسلمين.. يا معشر المسلمين.. مات أبو بكر يرحمه الله وبويع عمر بن الخطاب بالخلافة وأصبح أبو عبيدة عامر بن الجراح قائدكم.. ترحموا على من مات وبايعوا من استخلف.
(ضجيج وهرج ومرج وهمهمة وغمغمة ثم صوت علقمة يقول):
علقمة: خسارتنا بموت أبي بكر فادحة ولكن تنحية خالد بن الوليد عن القيادة أفدح وأعظم..
زيد: انه قائد طحنته رحى الحروب وعجنته وخبزته.
علقمة: ليس لنا إلا السمع والطاعة والدعاء بالتوفيق للقائد الجديد أبي عبيدة عامر بن الجراح.
زيد: أبو عبيدة يا علقمة أمية هذه الأمة كما سماه رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا شك أن عمر بن الخطاب حين اختاره للقيادة كان يعرف له مواهب ومزايا لا نعرفها نحن..
علقمة: بلى يا زيد بلى..
زيد: وماذا كان وقع الخبر على خالد بن الوليد؟
علقمة: تقبله برحابة صدر وكأي جندي عليه السمع والطاعة ثم لا تنسى أننا جميعنا نقاتل في سبيل رفعة الإسلام لا نبتغي غير مرضاة الله، وخالد بن الوليد يحمل نفس المشاعر التي نحملها..
زيد: سمعت أن خالدا حين قرأ خبر تنحيته قال بغضب: أنا لا أقاتل من أجل عمر وإنما أقاتل في سبيل الله..
علقمة: إنه درس على خالد بن الوليد الذي لم يظهر أي سخط أو استياء من عزله عن القيادة.. وليس أدل على ذلك من أن خبر التنحية وصل والمعركة في مستهلها وفي شدة عنفوانها ومع ذلك أدار خالد دفتها وقاتل قتال الأبطال وجرح في عدة أماكن عديده من جسده.. صحيح إنه خالد بن الوليد يقاتل في سبيل الله وليس في سبيل عمر عمر ولكنه لم يقل هو هذه العبارة.. وستظهر الأيام أن خالد بن الوليد فوق مستوى الشبهات..
المنادي: يا معشر المسلمين.. يا معشر المسلمين.. يا معشر المسلمين.. اميركم أبو عبيدة عامر بن الجراح يأمر بالزحف لقتال الروم المجتمعين في فحل.. هيا إلى الجهاد أثابكم الله.. سارعوا أثابكم الله..
(نقلة صوتية.. مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها أصواتاً متعددة متناة وأخيراً نسمع صوت هرقل ملك الروم):
هرقل: أيها القادة.. لا شك أن أنباء هزيمتنا الساحقة في اليرموك قد بلغتكم وانها كانت نتيجة غلطة قائد الحملة حين وضع جيشنا بين خندقين ثم أن الخيانة التي ظهرت بين صفوف العرب المشتركين في هذه الحملة..
أحد القواد: نعم سيدي الإمبراطور.. إنها غلطة لا تغتفر لقائد الحملة.
هرقل: لقد دفع حياته ثمنا لها.. والآن ما الرأي..
أحد القواد: أرى ألا نيأس بعد هذه الهزيمة بل علينا أن نشاغل المسلمين ونقاتلهم عن كل شبر من أرض هذا الوطن.
هرقل: كلام سليم.. ولكني غير مطمئن إلى مقدرتنا على الصمود في أرض الشام بعد أن كشف سكانها العرب عن نواياهم التحررية من سيطرتنا.
أحد القواد: بلى... سيدي الامبراطور.. ولكن حق الامبراطور وحق الوطن دين في أعناقنا يجب أن ندفعه بأرواحنا بدمائنا..
هرقل: بورك فيك.. وفي أمثالك من القواد المخلصين.. إنني أتفهم مشاعرك النبيلة وأؤيد رأيك في الدفاع عن كل شبر من هذا الوطن ولكن..
أحد القواد: ماذا سيدي الامبراطور..
هرقل: علينا أن نتجنب مهاجمة قواد المسلمين ذوي الخبرة مثل خالد بن الوليد، وأبي عبيدة، وعمرو بن العاص، ويزيد بن أبي سفيان. ونركز هجومنا على القواد المغمورين قليلي الخبرة..
أحد القواد: رأي سديد يا مولاي وليسمح لي سيدي الأمبراطور أن أتولى مهاجمة قوى المسلمين الزاحفة نحو مرج الصفر فقائدها كما علمت حديث عهد بقيادة الجيوش.
هرقل: لقد وليتك قيادة هذه الحملة وأرجو لك النصر والتوفيق..
أحد القواد: سأكون عند حسن ظن سيدي الأمبراطور..
هرقل: هيا انصرفوا جميعا فاني بحاجة إلى الراحة..
(نسمع صوت انصرافهم ثم نسمع صوت هرقل يقول):
هرقل: إني يائس من انتصارنا على المسلمين في هذه البقاع العربية إنها درة في تاج امبراطوريتنا وإني جد حزين لهذا المصير.. السلام عليك يا سوريا سلاماً لا لقاء بعده.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :731  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 31 من 53
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاثنينية - إصدار خاص بمناسبة مرور 25 عاماً على تأسيسها

[الجزء الثاني - مقالات الأدباء والكتاب في الصحافة المحلية والعربية (2): 2007]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج