الحلقة ـ 98 ـ |
الجميع: في أمان الله وحفظه.. |
زيد: علقمة عهدي لك ذاكرة قوية تحفظ ما تسمع بسرعة فهل حفظت شيئاً مما ذكره رسول الله عن أبا بكر الصديق إلى خالد.. |
علقمة: في هذه المرة خانتني الذاكرة جل ماحفظته هو أن أبا بكر يعتب على خالد بن الوليد ذهابه للحج من دون اذنه ويطلب منه أن يسير حتى يأتي جموع المسلمين باليرموك وأن يأخذ معه نصف ما عنده من الجنود ويستخلف المثنى بن حارثة الشيباني على النصف الآخر وأن يكون أمير الجماعة في اليرموك. |
زيد: يا ليت يقسم لنا أن نكون مع خالد في حملته هذه. |
علقمة: ولكن الطريق إلى الشام فيافي وصحارى لا عشب فيها ولا ماء ولا ظل ولا إنسان ثم إن المسافة طويلة.. طويلة جداً.. |
زيد: إنها في رأي ليست أشد قسوة من غزوة تبوك.. ثم إن الجهاد في سبيل الله يا علقمة يتطلب منا تحمل المصاعب والشدائد.. |
علقمة: بلى.. بلى... يا زيد فلنرض بما قسمه الله. |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى ثم همهمة وغمغمة تدل على اجتماع هام وأخيرا نسمع صوت خالد بن الوليد يقول): |
خالد: لقد علمتم برسالة خليفة رسول الله الي.. |
المثنى بن حارثة: نعم يا خالد.. |
خالد: والمسلمون في الشام في حالة تدعو إلى إسراعنا في إمدادهم وعلى أن آخذ أقصر الطرق في مسيرتي للشام.. |
المثنى: ولكن أقصر الطريق به مفاوز وصحارى لا ماء فيها ولا شجر بل ولا إنسان. |
خالد: لكل متاهة يا مثنى أدلاء.. ودليلنا في سفرنا هذا خبير حاذق والله معنا. |
المثنى: ولكن معك عددا كبيرا من الجند أيها الأمير.. |
خالد: بلى يا مثنى.. سآمر كل جماعة ممن معي أن يعطشوا بعض الإبل المسنة ثم يسقوها الماء عللا بعد نهل ثم يصروا آذان الابل ويشدوا مشافرها لئلا تجتر. |
أصوات: لله أنت يا خالد إنه والله نعم الرأي. |
خالد: بل هو السبيل الذي لا خيار فيه في الأماكن التي ليس بها ماء ولا أظن أن الصحارى التي بين العراق والشام ليس بها جميعها ماء.. ما قولك يا رافع بن عمير فأنت ولينا |
رافع: نعم يا خالد.. الماء ميسور في أماكن كثيرة من الطريق التي سنسلكها إلا أننا سنضطر إلى المشي أربعة أيام على الأقل في جهات ليس بها ماء.. |
خالد: وعندها سنفعل بالابل كما قلت. ونستكثر من حمل الماء معنا، أليس كذلك يا رافع.. |
الدليل: بلى هو الرأي أيها الأمير. |
خالد: |
اذا لم يكن غير الأسنة مركباً |
فما حيلة المضطر إلا ركوبها |
|
المثنى: كان الله معكم في حلكم وترحالكم. |
خالد: يا مثنى وأنتم أيها القادة.. سيعلم الفرس بغيابي ولا شك وسينتهزون الفرصة لمهاجمتكم والقضاء عليكم فاتبعوا الخطة التي اتفقنا عليها وسيروا بموجبها فَاللّهُ خَيْرٌ حَافِظاً وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (يوسف: 64). |
أصوات: صدق الله العظيم. |
(نسمع موسيقى الرحيل ثم صهيل الخيل وقع حوافرها ورغاء الإبل مما يدل على تأهب خالد وجيشه للمسير وأخيراًُ نسمع صوت علقمة): |
علقمة: لقد شاء الله أن نكون مع خالد بن الوليد في سفره هذا.. |
زيد: وجابر يا علقمة اليس معنا...؟ |
علقمة: كيف أنه في المقدمه.. إنه قريب من خالد يتلقف الأخبار من مطافها |
زيد: بسم الله توكلنا.. اللهم انصر دينك وامددنا بعونك وتوفيقك.. |
علقمة: آمين.. آمين.. |
(نقلة صوتية.. مسبوقة بموسيقى ثم صوت الحارث يقول): |
الحارث: إن الأخبار التي تلقيتها يا سالم غير مسرة. |
سالم: كيف قل ما هذه الأخبار؟ |
الحارث: علمت أن خطة الروم في قتال المسلمين هي وضع العرب المشتركين معهم في القتال من غسان ولخم وجذام في المقدمة. |
سالم: وبعد ماذا يا حارث.. |
الحارث: ويحتمي الروم وراء العرب ويجعلونهم يتلقون الضربة الأولى من المسلمين. |
سالم: يا لها من خطة ماكرة.. إنهم يضربون عصفورين بحجر واحد – يأمنون شر العرب من انضمامهم إلى إخوانهم العرب المسلمين من جهة ويجعلونهم الوقود الأولى للمعركة من جهة أخرى. |
الحارث: بلى.. يا سالم بلى. يلوح لي أن الروم علموا بخطتنا فوضعوا هذه الخطة مقابلها.. |
سالم: ليس ذلك يستبعد فلا يزال بين العرب من هم ضعاف الايمان. |
الحارث: بل قل لا يهمهم إلا أنفسهم.. أما غيرهم فليذهبوا إلى شر داهية. |
سالم: ها هي وطفاء.. ومعها لمياء في طريقهما إلينا.. |
الحارث: لعل لديهما أخباراً ساره. |
سالم: لعل وعسى.. |
وطفاء ولمياء: أنعمتما صباحاً |
الحارث وسالم: طاب يومكما.. ها. ماذا وراءكما؟ |
وطفاء: خيرا يا أخي - خيراً.. |
الحارث: قولي يا وطفاء. |
وطفاء: قولي أنت يا لمياء.. |
لمياء: تسربت بعض جوانب خطة جماعتنا إلى أرطبون قائد الروم. |
سالم: كيف يا لمياء.. كيف افصحى بربك.. |
لمياء: عن طريق الخونة والجواسيس الذين نثرهم الروم بين العرب المشتركين معهم في القتال. |
وطفاء: قاتل الله النفوس الضعيفة. |
لمياء: بل قولي الخسيسة يا أختاه.. وأية خسة أو دناءة افظع من أن يكون العربي عينا وجاسوساً لقاتله قاتل أخيه.. |
الحارث: بلى.. يا لمياء.. بلى.. سيأتي اليوم الذي تحاسب فيه هؤلاء الخونة حساباً عسيراً.. اكملي ما عندك من أخبار. |
لمياء: لا بد وأنكم علمتم بأن الروم وضعوا العرب في المقدمة ليكونوا طعاماً شهياً للمعركة. |
سالم: بلى.. بلى.. |
لمياء: ثم إنهم نزلوا منزلاً واسع العطن.. واسع المطرد.. ضيق المهرب.. وهي الواقوصة على ضفة اليرموك.. |
الحارث: تقصدين يا أختاه أن الروم جعلوا وادي الواقوصة من خلفهم وخندقهم من أمامهم حتى يأمنوا شر المسلمين فتستفيق هممهم وترجع إليهم أفئدتهم من الفزع الذي أصابها. |
لمياء: بلى يا أخي بلى.. |
الحارث: إذن بشريهم بالهزيمة - لقد أصبحوا محصورين بين خندقهم وبين وادي الواقوصة.. إني أصبحت متفائلاً بنصر المسلمين يا لمياء.. |
سالم: ولكنها لم تكمل بقية القصة يا حارث.. |
وطفاء: أنا أكملها عنها فقد اجهدناها بالكلام. |
سالم: تكلمي يا أختاه.. |
وطفاء: ومع أن خطتنا تكشفت بعض جوانبها للروم إلا أن زوجي مطمئن إلى أن قادة العرب في جيش الروم وعلى رأسهم جبلة بن الأيهم سيكونون في جانب المسلمين إذا حميت وطيس المعركة. |
الحارث: المهم أن يعرف المسلمون بخطتنا وأن يفسحوا الطريق لخيل العرب إذا انحازت إلى جانبهم لأن جبهة المسلمين هي السبيل الوحيد لهرب الفرسان من جهتها. |
سالم: إذا هرب الفرسان صوب المسلمين أصبح مشاة الروم تحت رحمة خيل المسلمين ورماتهم ومشاتهم أيضا.. وبذلك يتحقق النصر. |
الحارث: سأتولى أنا وبعض رفاقي تبصير المسلمين بخطتنا.. |
(نقلة صوتية.. مسبوقة بموسيقى ثم صوت علقمة يقول): |
علقمة: لقد لاقينا مشاق وأهوالا في سفرنا هذا.. والحمد لله الذي نجانا من هذه المفاوز والصحارى وها نحن نصل إلى المعمورة.. |
زيد: الحمد لله على آلائه ونعمه. |
علقمة: كان دليلنا رائعا وكانت خطة خالد بن الوليد أروع وأعظم.. |
زيد: صدق أبو بكر الصديق حين قال: عجزت النساء أن يلدن مثل خالد. |
علقمة: لقد أوتي خالد بن الوليد موهبة خارقة يا زيد فهو على حنكته وحذقه لصناعة الحرب متواضع دمث الأخلاق يعرف كيف يحسن معاملة أصحابه. |
زيد: بلى يا علقمة بلى.. |
علقمة: لقد أمره خليفة رسول الله على قواده المجتمعين باليرموك وهم كما تعرف من كبار الصحابة ومع ذلك فقد بعث خالد بن الوليد رسالة لأبي عبيدة مع عمرو بن الطفيل الأزدي.. |
زيد: وما هو فحوى الرسالة؟ |
علقمة: أما بعد - فإني أسأل الله لنا ولك الأمن من يوم الخوف والعصمة في دار الدنيا من كل سوء - وقد أتاني كتاب خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرني بالمسير إلى الشام وبالقيام على جندها والتولى لأمرها والله ما طلبت ذلك قط ولا أردته إذ وليته فأنت على حالك التي عليه لا نعصيك ولا نخالفك ولا نقطع دونك أمراً فأنت سيد المسلمين لا ننكر فضلك ولا نستغنى عن رأيك تمم الله بنا وبك من احسان ورحمنا واياك من صلي النار. والسلام عليك ورحمة الله وبركاته. |
زيد: يا لعظمة التواضع وسمو الأخلاق. |
علقمة: هذه أول مرة أقاتل فيها الروم يا زيد. |
زيد: وأنا مثلك كما تعرف.. وأرى الروم قد حشدوا لمعركة فاصلة يا علقمة فجنودهم تسد الأفق وتجهيزاتهم كما سمعت من بعض العرب المتنصرة لا مثيل لها. |
علقمة: بلى.. يا زيد.. بلى.. |
زيد: لقد قال أحد العرب اليوم لخالد- ما أكثر الروم وأقل المسلمين. |
علقمة: وبماذا أجابه خالد؟ |
زيد: قال له ما أقل الروم وأكثر المسلمين إنما تكثر الجنود بالنصر وتقل بالخذلان لا بعدد الرجال. |
علقمة: صحيح ما قاله خالد يا زيد.. وصحيح ما قاله العربي - فالروم عددهم كبير وعتادهم وفير ولكنهم قليلون في إيمانهم وثقتهم بأنفسهم واعتدادهم بها. |
زيد: نحن أقوياء بعقيدتنا أغنياء بخبرتنا وقدرتنا ولدينا من القادة المحنكين الذين أوتوا من المواهب الحربية ما يعرفون بها كيف يتغلبون على أعدائهم باذن الله. |
(نقلة صوتية.. مسبوقة بموسيقى حربية ثم صوت أرطبون القائد الرومي يقول): |
أرطبون: كيف ترى يا ماركوبولي جنودنا وحشودنا. |
ماركوبوليس: كبيرة وقوية تستطيع هزيمة أية قوة تقابلها من دون شك.. |
أرطبون: والمسلمون ما هي آخر أخبارهم؟ |
ماركوبوليس: إن ما لدينا من الأخبار تجمع على أنهم قلة لا توازي ربع ما لدينا من جيش وعتاد ولكني علمت اليوم.. |
أرطبون: ماذا علمت؟ |
ماركوبوليس: علمت أنه جاءهم مدد كبير بقيادة قائد جبهة المسلمين في قتال فارس. |
أرطبون: أتعني خالد بن الوليد. |
ماركوبوليس: نعم سيدي القائد.. أتعرف شيئاً عن هذا القائد المسلم الجديد؟ |
أرطبون: بلى يا ماركوبوليس... إنه أبرع قائد أنجبته الجزيرة العربية - لقد قضى على القبائل العربيه التي ارتدت عن الإسلام وهزم جيوش الفرس في عدة مواقع. |
ماركوبوليس: إذن نحن أمام خصم لا يستهان به. |
أرطبون: (يضحك ساخراً) ولكن الروم غير الأعراب الحفاة العراة - وغير الفرس المهزومين أمام جيوشنا الظافرة سنعرف كيف نلقى قائد المسلمين خالد بن الوليد درساً لا ينساه. |
ماركوبوليس: أرجو ذلك سيدي القائد. |
أرطبون: ستكون معركة اليرموك معركة مصيرية بالنسبة للروم والمسلمين - وعلينا أن نؤدي واجبنا نحو امبراطورنا ووطننا. |
ماركوبوليس: سنكون عند حسن ظن سيدي القائد بجيشه المطمئن إلى براعة قيادته وحسن إدارته وسياسته. |
أرطبون: بورك فيك - بورك فيك |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى خفيفه ثم نسمع صوت لمياء تقول): |
لمياء: سيؤدي رجالنا دورهم في مساعدة إخوانهم العرب المسلمين ونحن النساء قعيدات لا نفعل شيئا نتفرج وكأن الأمر لا يعنينا في قليل أو كثير. |
وطفاء: حسناً - بماذا تشيرين علينا أن نفعل؟ |
لمياء: أرى أن نشترك في التعويض مع نساء المسلمين المشتركات في هذه المعركة وإن دعا الحال امتشقنا الحسام معهن في وجه الروم. |
وطفاء: رأي سديد - يا أختاه. فالمعركة ليست معركة المسلمين وحدهم وإنما هي معركتنا جميعاً. |
لمياء: هيا بنا هيا.. |
|