الحلقة ـ 97 ـ |
علقمة: قل بربك.. |
زيد: اسرع وعجل ولكن من هذا الذي يقتفي أثرك..؟ |
جابر: إنه رسول أبي بكر الصديق إلى خالد بن الوليد. |
زيد: إذن فهو صاحب الخبر الهام. |
جابر: نعم.. قل لهم أيها الرسول بم جئت؟ |
الرسول: رسالة من أبي بكر الصديق إلى خالد بن الوليد يأمره بالمسير إلى الشام مدداً للمسلمين الذين يلقون مقاومة عنيفة من الروم. |
علقمة: إذن صحيح ما سمعناه عن المسلمين بالشام وما هم فيه من ضائقة. |
الرسول: نعم.. وسيفرجها الله على يدي خالد بن الوليد والآن أريدكم أن تحدثوني عن المعارك التي كسبتموها قبل استيلائكم على الحيرة وقصة الشيماء بنت عمر بن عبد المسيح بن بقيلة الأزردية.. |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى).. |
جابر: يا علقمة.. يريد كسرى أن يثأر لهزيمة جيشه في موقعة السلاسل وها هو يبعث بجند كبير إلى الولجة ويعززه بجيش جرار آخر بقيادة بهمن جاذويه. |
زيد: وبهمن جاذويه أبرع قواد فارس كما يقولون.. |
جابر: بلى يا زيد.. ثم أغرى كسرى كثيراً من العرب من بنى بكر بن وائل على مقاتلتنا وإني جد حزين أن يقاتل العربي أخاه العربي في سبيل تأييد وتثبيت ملك فارس. |
زيد: حقيقة إنه أمر محزن للغاية في نفس الوقت.. |
علقمة: ما داموا يناصرون عدونا فهم كفارس أعداء لنا لا فرق بينهما وقد توجب علينا قتالهم بدون رحمة أو هوادة... |
المنادي: يا معشر المسلمين.. يا معشر المسلمين.. أميركم خالد بن الوليد يأمركم بالتأهب لقتال جيوش فارس المجتمعة في الولجة.. |
هلموا إلى الجهاد أثابكم الله.. هلموا أثابكم الله.. |
(نسمع وقع حوافر الخيل وصهيلها وقعقعة السلاح وضجة وهمهمة ثم صوت خالد بن الوليد يقول): |
خالد: يا قعقاع بن عمرو، وأنت يا عكرمة بن هشام. |
هيا باسم الله ابدؤوا القتال فالنصر لنا باذن الله.. وسأبدأ بمصادمتهم بمن معي من الفرسان.. |
(نسمع أصوات التهليل والتكبير... ثم أصوات سقوط قتلى وأنين جرحى وكر وفر.. ووقع حوافر خيل ثم صوت خالد يقول): |
خالد: انزلوا الكمينين الآخرين إلى المعركة واطبقوا على العدو من جميع الجهات هيا إلى القتال.. إلى الامام... |
(تهليل وتكبير وسقوط قتلى وأنات جرحى ثم صوت علقمة يقول): |
علقمة: لله درك يا خالد.. لقد أوقع العدو في الفخ واستعر القتل بين جنوده. |
زيد: إني حزين يا علقمة.. لقد قتلت أكثر من واحد من العرب المشتركين في القتال مع فارس.. |
علقمة: إلى جهنم وبئس المصير.. |
خالد: يا معشر المسلمين.. عدوكم ينهزم إلى (اليس)... اقتفوا آثارهم واقتلوهم حيث ثقفتموهم.. |
(نسمع أصوات الكر والفر وتجدد المعارك ثم صوت خالد بن الوليد يقول): |
خالد: هل من مبارز.... أين فرسانكم؟... تقدموا إليّ... |
جابر: إن خالد كعادته حين يريد إنهاء موقعة يطلب مبارزة قائد ذلك الجيش ليصرعه وبمصرعه تنتهي المعركة. |
زيد: انظر يا جابر وأنت يا زيد.. إن مالك بن قيس سيد بني بكر بن وائل يخرج من صفوف الفرس لمبارزة خالد.. عربي يقاتل أخاه العربي.. |
علقمة: إنه ليس أخي ولا أخوك.. إن أخوتنا يجب أن تكون معتمدة على اخوتنا في الدين والعقيدة. فالفارس المسلم والرومي المسلم هو أخي قبل العربي المشرك. |
جابر: بلى يا علقمة.. بلى... إنما المؤمنون إخوة.. ولكن التعصب للدم والعرق ما يزال يراودنا في بعض المواطن.. |
علقمة: لقد قضى الإسلام على العصبيات ومحاها وليست هنالك إخوة غير أخوة الإسلام.. |
زيد: لقط طالت المعركة بين خالد ومالك بن قيس.. إن مالكاً مبارز ماكر.. |
أصوات: الله أكبر..الله أكبر.. الله أكبر.. |
قتل عدو الله مالك بن قيس.. سقط صريعاً يتخبط في دمه.. |
جابر: لا شلت يمينك يا خالد.. مرحى.. مرحى.. مرحى.. |
المنادي: يا معشر المسلمين.. عدوكم يفر... كروا عليه.. اجهزوا عليه الجنة تحت ظلال السيوف.. |
علقمة: لقد امتلأت ساحة المعركة بالقتلى والجرحى وتلون النهر بدمائهم. |
زيد: إنه سيسمى بنهر الدم. |
(مؤثرات صوتية توحي بانتهاء المعركة... ثم صوت جابر يقول): |
جابر: ستكون وجهتنا الحيرة وسنحتلها باذن الله. |
علقمة: ولكن النهر بيننا وبينها.. |
جابر: سنركب السفن النهرية إليها.. |
زيد: أخشى أن يفجر مرزبان الحيرة روافد النهر فيقل الماء وتجنح سفننا فنصبح صيداً هنيئاً لجنوده. |
جابر: لا تخشى يا زيد.. فخالد بن الوليد يحسب لكل شيء حسابه.. |
زيد: توكلنا على الله. |
(نسمع أصوات السفن وهي تمخر النهر ثم صوت ابن مرزبان الحيرة يقول): |
ابن المرزبان: أيها الجنود.. اقطعوا روافد النهر عن سفن المسلمين واهجموا عليهم هجمة رجل واحد حين تجنح سفنهم. |
(نسمع أصوات الفؤوس والمعاول وغير ذلك ثم نسمع صوت زيد يقول): |
زيد: انحسر الماء.. وجنحت سفننا.. ووقعنا في الفخ يا جابر.. |
جابر: لا تخف.. لا تخف فالله معنا.. |
أصوات: توقفت السفن.. قطع الماء.. |
المنادي: يا معشر المسلمين.. يا معشر المسلمين.. اتركوا أحمالكم وأثقالكم وانفروا خفافاً لقتال عدوكم عند فم النهر.. |
خالد: الله أكبر.. نصر عبده... وهزم الأحزاب وحده.. |
الله أكبر.. كروا على عدوكم.. هاجموه.. اقتلوه.. دافعوا عن دينكم جاهدوا في سبيل الله. |
علقمة: الله أكبر.. هذا صوت خالد.. لبيك يا خالد لبيك.. |
زيد: لبيك يا خالد لبيك.. |
جابر: لبيك يا خالد لبيك.. |
المنادي يا معشر المسلمين: يا معشر المسلمين.. عدوكم يفر من غير قتال.. اتبعوه اقتفوا آثاره.. إلى الحيرة.. إلى قصور المناذرة.. |
الصوات: الله أكبر.. الله أكبر.. الله أكبر.. ها هي مدينة الحيره تظهر أمامنا وها هي قصير المناذرة تترامى لنا صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم. |
جابر: صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حين بشرنا بأن ستفتح لنا قصور الحيرة وسندك أبواب كسرى.. |
علقمة: ها هما قصرا الخورنق والسدير.. كم تغنى بهما الشعراء.. |
زيد: قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (آل عمرن: 26). |
أصوات: صدق الله العظيم. |
(نقلة صوتية.. مسبوقة بموسيقى ثم صوت جابر يقول): |
جابر: انظروا ها هو قبيصة بن إياس الطائي وعمرو بن عبد المسيح بن بقيلة يطلبون الصلح ودفع الجزية بعد أن هرب مرزبان الحيره.. |
علقمة: وهل قبل خالد الصلح؟ |
جابر: أبى خالد بن الوليد أن يصالحهم الا علي تسليم الشيماء بنت عمرو بن عبد المسيح لصحابي اسمه شريك.. |
زيد وعلقمة: كيف... كيف... |
جابر: رأي شريك الشيماء.. قبل أن يسلم بثلاثين سنة فأحبها ثم هاجر إلى النبي صلى الله عليه وسلم بعد منصرفه من تبوك فأسلم.. |
زيد: وبعد ذلك.. قل.. قل.. |
جابر: فسمع النبي صلى الله عليه وسلم يبشر أصحابه ويقول ما معناه: |
هذه الحيرة قد رفعت اليكم... ستفتحونها وهذه الشيماء بنت بقيلة الازدية على بغلة شهباء معتمرة بخمار أسود. |
علقمة: ما أروع ما تقول يا جابر.. |
جابر: فقال شريك.. يا رسول الله إن نحن دخلنا الحيرة فوجدنا الشيماء على هذه الصفة فهي لي..
|
زيد: وبماذا أجاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ |
جابر: قال هي لك يا شريك. |
علقمة وزيد: صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم. |
علقمة: اكمل يا جابر.. |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى ثم هرج ومرج واصوات مبهمة تعلو وتنخفض ثم أصوات تقول): |
أصوات: لا... لن نعطى الشيماء لهذا الاعرابي. |
عمرو بن المسيح: يا بني قومي.. موقفكم هذا محمود.. ولكن سلامة الحيرة مرهونة بتسليم الشيماء وأرى أن نترك الأمر والخيار لها. |
اصوات: لتنزل الشيماء إلينا لنرى رأيها ونسمع ماذا تقول؟ |
الشيماء: يا أهلي وبني قومي.. عواطفكم محمودة مشكورة وإن هذا الاعرابي رجل أحمق. |
أصوات: كيف... كيف.. |
الشيماء: لقد رآني في شبيبتي فظن أن الشباب يدوم.. اسلموني إليه وسأعرف كيف افتدى نفسي منه. |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى ثم صوت عمرو بن عبد المسيح يقول): |
عمرو بن عبد المسيح: قبلنا بشرطك يا خالد |
خالد: يا شريك.. اذهب وتسلم الشيماء هبة رسول الله صلى الله عليه وسلم لك. |
شريك: شكراً أيها الأمير.. شكراً أيها الأمير.. صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم. |
عمرو: هيا معي يا شريك.. هيا.. |
شريك: أنا في أثرك يا بن بقيلة. |
عمرو بن عبد المسيح: إلي يا شيماء.. إلي.. هذا شريك طليبك. |
الشيماء: يا مرحبا.. يا مرحبا.. بمن طلبني.. وعزني طلبي. |
شريك: أهذه هي الشيماء يا بن بقيلة؟ |
عمرو بن عبد المسيح: نعم هي بقضها وقضيضها |
شريك: أنت لست الشيماء التي أعرفها؟ |
الشيماء: إذا كنت ترتاب من عجوز كما ترى فاقبل فديتي. |
شريك: لا إلا على حكمي. |
الشيماء: فلك حكمك يا أخا العرب. |
شريك: لست لأمي أن نقصتك عن ألف درهم. |
الشيماء: ولكن مبلغ كبير ولا أستطيع دفعه. |
شريك: لا أنقصه دانقا واحدا.. |
الشيماء: يا أبي أدِّ عني هذا المبلغ. |
(نقلة صوتية).. |
زيد: ولكنه أعرابي غبي.. |
علقمة: لو طلب مئة ألف درهم لقبل أهل الشيماء. |
جابر: عندما سئل شريك لم لم تطلب مئة ألف درهم قال: |
لا أحسب ما لا أكثر من ألف درهم. |
الرسول: ما أروعها من قصة ـ استودعكم الله. |
|