الحلقة ـ 95 ـ |
قبيصة: ماذا ترون؟ |
سالم: مصالحة خالد أيها الأمير وليفعل كسرى بنا ما يشاء. |
أصوات: موافقون.. موافقون.. |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى حربية، ثم وقع حوافر الخيل وقعقعة السلاح وصليل السيوف وأصوات تقول): |
أصوات: مرحى للعرب.. مرحبا بجيش المسلمين.. مرحى لجيش الخلاص من نير فارس.. مرحى.. مرحى... مرحى.... |
علقمة: أتسمع هذا الترحيب يا زيد؟ |
زيد: إنهم عرب مثلنا.. إنهم يرحبون بناء إخواناً لهم في الدم والعرق. |
علقمة: بلى... بلى... إن كثيراً من جنود جيشنا هذا لهم أقارب في الحيرة وهذه المناطق التي استعبدتها فارس طوال هذه السنين.. |
زيد: إنهم يرحبون بنا محررين أيضاً لهم من نير فارس الفظيع.. |
علقمة: انظر ها هم يستقبلوننا بالأزاهير والرياحين.. لعل أول مرة أشهد مثل هذا المنظر الرائع.. |
زيد: سنشهد في ظلال الإسلام من الروائع ما لم يخطر لنا على بال.. |
علقمة: الحمد لله الذي أعزنا وأكرمنا بالاسلام. |
(نقلة صوتية.. مسبوقة بموسيقى ثم أصوات تظهر وتخف مما يدل على اجتماع مريب وأخيرا نسمع صوت سماك): |
سماك: ها هي جيوش المسلمين تقضي على المرتدين وتعيدهم إلى حظيرة الإسلام... آه.. إن أبا بكر شخصية فذة.. قامت بما يشبه المعجزات يا حزقيال... |
حزقيال: صحيح يا سماك وإنها وحق موسى خطر على من تبقى من اليهود في الجزيرة.. |
راشيل: هل نستسلم ونلقي بأسلحتنا؟ |
سماك: من... أنت... يا راشيل.. زوجة فقيدنا عزرا تقولين ذلك يا ليت عزرا أوتي قليلا من شجاعتك.. |
ساره: إن راشيل تريد الانتقام لعزرا.. |
حزقيال: وأنت يا سارة.. هل أنت متحمسة لقضيتنا مثل راشيل.. |
ساره: كيف يا زوجي العزيز.. وهل هنالك يهودية غير مخلصة ليهوديتها؟ |
راشيل: بل قولي أيضاً يا سارة وهل هنالك يهودية لا تكره المسلمين مهما أعطيناهم من معسول القول أو الشفاه.. |
سماك: اليهود بخير ما دام فيهم أمثالكن.. لقد أثلجتن صدري وافعمتن قلبي سروراً وكشفتن عن ناظري غشاوة من اليأس كادت تخنقني.. |
راشيل: شكرا لهذه الاطراء.. والآن ما هو الهدف من هذا الاجتماع يا سماك؟ |
سماك: إن وجود أبي بكر خطر يهدد مصير اليهود في الجزيرة. |
سارة: لنتخلص من هذا الخطر.. |
حزقيال: كيف الوصول إلى ذلك يا سارة.. |
راشيل: سأتولى أنا وسارة إزالة هذا الخطر.. |
سماك: أنتن ونحن الرجال نتفرج.. |
راشيل: وهل تشكون في إخلاصنا.. |
حزقيال: لا.... وحق موسى... وإنما.. وإنما.. |
ساره: وإنما.. ماذا؟ لعلكما تشكان في مقدرتنا.. |
هرمز: لقد فعلنا ما تقتضيه تقاليد إمبراطورية فارس العظيمة وساداتها الأكاسرة والآن نحن أمام عدو غادر استطاع بخيانته عرب الحيرة أن يدخل اراضينا ويهدد امبراطوريتنا.. |
أحدهم: القتال أيها الحاكم.. وهل غير القتال طريق آخر؟ |
الثاني: يجب أن نلقن المسلمين درساً لن ينسوه أبداً.. |
أصوات: إلى القتال.. إلى القتال.. |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى حربية).. |
علقمة: لقد كانت مصالحة قبيصة ابن أياس الطائي لنا ضربة قاصمة للفرس لأنهم كانوا يعولون على العرب في تحمل الضربة الأولى من عدوهم.. |
زيد: بلى يا علقمة.. لقد كان المناذرة في الحيرة سدا للفرس من غزو القبائل العربيه أما اليوم فقد زال هذا السد وأصبح الفرس وجها لوجه أمام أعدائهم.. |
علقمة: ولا تسل عن حنق فارس وغضبها وسخطها مما فعل أمير الحيرة.. |
زيد: إنهم لو ظفروا به- لا قدر الله- وبالعرب لقطعوهم أرباً أرباً. |
المنادي: يا معشر المسلمين.. يا معشر المسلمين.. أميركم خالد بن الوليد يدعوكم للتأهب لقتال الفرس المتجمعين خارج مدينة (الأبلة) هلموا إلى الجهاد أثابكم الله.. هلموا والله معكم.. |
(موسيقى حربية وصوت زحف ووقع حوافر الخيل وقعقعة سلاح وصليل سيوف وغمغمات وهمهمات). |
علقمة: هلم يا زيد إلى ساحة الجهاد.. انه يوم ما بعده يوم.. |
زيد: إنه أول لقاء للمسلمين بفارس.. |
علقمة: نعم.. ولكنه ليس أول لقاء للعرب بفارس فقد هزمناهم في وقعة ذي قار. |
زيد: هزم الفرس في وقعة ذي قار لأنهم كانوا بعيدين عن مراكز تموينهم وإمداداتهم التي فتكت بها العرب.. فكان النصر يومئذ.. أما اليوم. |
علقمة: أما اليوم فماذا يا زيد..؟ أراك تتهيب لقاء الفرس.. |
زيد: لا يا علقمة.. ولكن أحسب أن القتال سيكون مريرا لأننا نقاتل الفرس في عقر دارهم.. |
أصوات: عليكم أيها المسلمون بالفيلة.. اقطعوا مشافرها بالسيوف وانضحوا ركابها بالنبال والسهم. |
(نسمع أصوات الفيلة ونسمع ضجيجاً وهرجاً ومرجاً مختلطاً بأصوات تهليل وتكبير مما يدل على أن المعركة في عنفوانها).. |
وأخيراً نسمع صوت علقمة يقول: |
علقمة: انظر يا زيد ها هو خالد بن الوليد يبارز هرمز قائد الفرس.. |
زيد: اللهم انصره على هذا المشرك اللعين.. |
علقمة: يا رب... يا رب |
(نسمع قرع السيوف.. ثم صرخة عالية يسقط على أثرها هرمز إلى الأرض أصوات التكبير والتهليل تعلو من جانب المسلمين.. ثم يبتدىء الكر والفر وأخيراً نسمع صوت المنادي).. |
المنادي: يا معشر المسلمين.. يا معشر المسلمين.. عدوكم يفر.. حسوهم بسيوفكم.. واحصدوهم بنبالكم.. والله ناصركم. |
(أصوات الجنود الفارين وأنين القتلى يتصاعد ثم صوت علقمة يقول): |
علقمة: انهزمت فارس يا زيد.. ألم أبشرك بالنصر من قبل.. |
زيد: أنا لم أشك في النصر الذي وعدنا الله به ولكني أحب الحيطة والحذر والله يقول: وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ.. |
علقمة: لقد كانت السلاسل التي ربط الفرس أنفسهم بها وبالا عليهم اذ أصبحوا كالفئران في المصيدة فكانوا بذلك هدفاً سهلاً لنبال رماتنا. |
زيد: لقد أعمي الله بصيرتهم وختم على قلوبهم ولا شك أن قتلاهم بلغوا عشرات الألوف.. |
علقمة: هكذا يخيل لي أما رأيت كيف أنَّا لم نستطع المرور من أكداس جثت القتلى وعشرات الفيلة التي نفقت بسيوف المسلمين ونبالهم.. |
زيد: هذه أول مرة أرى فيها الفيلة.. لقد كدت أسقط من فوق فرسي حين جفلت من منظرها الغريب.. |
علقمة: وأنا كذلك يا علقمة وكاد يصيبني سهم أحد راكبيها لو لم يقتله أحد الذين كانوا بجانبي |
زيد: الإنسان عجيب وغريب كيف استطاع أن يسخر هذا الحيوان الضخم في أغراضه. |
علقمة: كادت الفيلة تفتك بنا وبخيلنا لو لم يحتط لها خالد بأن وكّل إلى المثنى بن حارثة الشيباني وقبائل ربيعة الذين تمرسوا قتال الفيلة أمر التخلص منها. |
زيد: لله در خالد انه يخطط لكل شيء قبل الوقوع فيه.. |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى خفيفة). |
حزقيال: أبلغتك أخبار المسلمين في العراق يا سمّاك؟ |
سماك: لا يا حزقيال.. هل من جديد؟ |
حزقيال: لقد جاء رسول خالد بن الوليد يبشر بإنتصار المسلمين على الفرس في معركة (الأبلة) وذهب عشرات الألوف من الفرس صرعى في هذه الموقعة.. وقتل خالد قائد الفرس هرمز وقد كافأ أبو خالد بقلنسوة هرمز.. |
سماك: لا شك أن هذه القلنسوة كانت قيمة جداً.. |
حزقيال: قيل إنها تساوي مئة ألف درهم من كثرة ما عليها من جواهر وحلى.. |
سماك: لقد ثبت خالد أقدام الإسلام في الجزيرة بهذا الانتصار الباهر على الفرس. |
حزقيال: بلى.. يا سمّاك.. بلى.. وها هو أبو بكر يهييء أربعة جيوش إلى الشام لقتال الروم. |
سماك: لعل أهم من هذا وذاك هو إقدام أبي بكر على جمع القرآن ـ فقد أمر زيد بن ثابت بجمع القرآن من الرقاع وصدور الرجال.. |
حزقيال: وما الذي جعله يقدم على ذلك. |
سماك: بعد أن استمر القتل في القراء في معركة اليمامه وفي غيرها من معارك المسلمين مع المرتدين. |
حزقيال: أما كنت أتصور أن يخطر مثل ذلك في عقول المسلمين.. فأنت تعلم أن العرب لم تترك أية مخططات أو كتب منذ عرف العرب في التاريخ. |
سماك: إن جمع القرآن في السنة الأولى على وفاة محمد عمل جليل وجهد عظيم.. إنه يصونه من مشاكل الاختلافات التي تخبط فيها اليهود والنصارى.. |
حزقيال: بلى يا سمّاك... بلى.. وفوت علينا الفرصة في دس بعض السور والآيات على هذا القرآن الذي لم يترك شاردة ولا واردة إلا أحصاها.. |
سماك: وهذا ما يحفزنا على التخلص من أبي بكر مهما غلا الثمن وعزت التضحية.. |
حزقيال: لقد أخبرتني سارة وراشيل.. |
سماك: ماذا قالتا لك.. قل بحق موسى وطمني.. |
|