الحلقة ـ 85 ـ |
عبد يا ليل: يا محمد نشهد أن لا إله إلا الله وأنك عبده ورسوله ونقبل إقامة الصلاة ولكننا نطلب منك ألا تكسر أوثاننا بأيدينا فنحن حديثو عهد بإيمان وقومنا ما يزالون في انتظار ما نرجع به منك إليهم. |
زيد: وها هو الرسول صلى الله عليه وسلم يقول له: أما كسر أوثانكم بأيديكم فسنعفيكم عنه.
|
علقمة: يا للحكمة: يا لفصل الخطاب.. لم ير عليه السلام أن يشتد في هذه فسيان أن يكسر الثقفيون الصنم وأن يكسره غيرهم.. فالصنم في كلتا الحالتين سيهدم وستقوم في ثقيف عبادة الله وحده.. فليجنبهم رسول الله تحطيم ما كانوا يعبدون بأيديهم وما كان يعبد آباؤهم. |
زيد: انظر يا علقمة إن وجه عبد يا ليل مرتاح إلى هذه النتيجة وها هو ورفاقه يخرجون من عند الرسول صلى الله عليه وسلم والطمأنينة تشيع في وجوههم بعد أن امّرعليهم عثمان بن أبي العاص. |
علقمة: ولكنه مِنْ أحدثهم سنا يا زيد فلماذا أمره الرسول صلى الله عليه وسلم |
زيد: إنه كان أحرصهم على تفقّه الإسلام وتعلم القرآن وتفهم أركان هذا الدين. |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى يعقبها سكون مطبق ثم همسات خافتة وأخيراً صوت يظهر يدل على أن هنالك اجتماعات). |
الصوت (1): لقد عاد عبد يا ليل وصحبه من عند محمد ومعهم أبو سفيان بن حرب والمغيرة بن شعبة. |
الصوت (2): ولماذا جاء يا أختاه؟ |
الصوت (1): قدما لهدم اللات. |
الصوت (2): هلمي نشهد هدم آلهتنا. |
الصوت (1): وتقولين آلهتنا.. هل استطاعت آلهتنا أن تدفع عن نفسها شر الهدم. |
الصوت (2): ولكنا وجدنا آباءنا لها عابدين. |
الصوت (1): لقد كان آباؤنا وكنا نحن في ضلال مبين.. أن رب محمد هو الحق وكل ما سواه لا يجلبون لأنفسهم نفعاً ولا يدفعون عن أنفسهم ضرا. |
(نقلة صوتية تسمع بعدها معاول الهدم تهوى على صنم اللات ثم نسمع بكاء نسوة.. وأخيراً صوت إحدى السيدتين اللتين قدمتا لمشاهدة عملية الهدم تخاطب الأخرى). |
الصوت (1): استخف عقول الباكيات والمنتخبات.. أنظر إنهن يقفن حسرا يبكين ولا تجرؤ واحدة منهن على الدنو أو منع الهادمين من مزاولة عملهم. |
الصوت (2): إنني اشمئز من موقفهن المخزي.. كان يجب أن يحمدن محمدا الذي بصّرهم بالضلال الذي كانوا فيه يعمهون. |
(نسمع تهاوي الصنم ثم صوت السيدة رقم (1) تقول): |
الصوت (1): ها هو صنم اللات الذي كنا نتفاني في عبادته ونقدم له القرابين يهوى كما يهوى أي جلمود صخر من على هذا الجبل الذي أمامك. |
((وحين سقط الصنم نسمع أصواتاً تردد)): |
الأصوات: الله أكبر... الله أكبر... الله أكبر.. |
أحدهم: أنظر يا أخي إن المغيرة بن شعبة يأخذ مال صنم اللات وحليّها. |
الثاني: لماذا يا عامر!!! |
أحدهم: إن النبي صلى الله عليه وسلم قد أمر المغيرة بن شعبة أن يأخذ المال والحلي ويقضي بها دينا كان على عروة بن مسعود.. |
(نقلة صوتية).. |
علقمة: يهدم اللات وبإسلام الطائف أصبحت رقعة الإسلام ممتدة من بلاد الروم في الشمال إلى بلاد اليمن وحضرموت في الجنوب وها هي وفودها تتقاطر على المدينة لتعلن الطاعة ولتدين بالإسلام. |
زيد: هنالك أشياء يا علقمة تشمئز نفسي لمرآها. |
علقمة: ما هي يا زيد؟ |
زيد: إن جزيرتنا هذه ما يزال بها من لم يؤمن بالله ورسوله.. ما يزال بها الكفار.. ما يزال بها اليهود والنصارى.. والكفار على عهدهم في الجاهلية ما يزالون يحجون إلى الكعبة في الأشهر الحرم. |
علقمة: ولكن بين الرسول وبين الناس عهد عام ألا يصد عن البيت أحد جاءه ولا يخاف أحد في الشهر الحرام.. أليست بين النبي وبين قبائل العرب عهود إلى آجال مسماة.. فما دامت هذه العهود فسيظل بيت الله يحج إليه من يشرك بالله ومن يعبد غير الله وسيظل المسلمون يرون عبادة الجاهلية تؤدي أمام أعينهم حول الكعبة وهم بحكم هذه العهود الخاصة وهذا العهد العام لا قبل لهم بصد أحد عن حجه وعبادته. |
زيد: إني والله حانر من هذا التناقض.. |
علقمة: كيف |
زيد: إذا كانت الأوثان التي يعبد العرب قد حطم الكثير منها وحطم منها كل ما كان في الكعبة أو حولها فإن هذا الاجتماع في بيت الله الحرام اجتماع يضم الثائرين على الشرك وعلى الوثيقة والقائمين على هذا الشرك وهذه الوثنية تناقض غير مفهوم. |
علقمة: صحيح يا زيد... لقد أدركت الآن ما ترمي إليه.. فلن يستطيع أحد أن يفهم اجتماع عبادتين حول بيت تحطم فيه الأصنام وتعبد فيه الأصنام التي حطمت. |
زيد: إني موقن يا علقمة أن الله سبحانه وتعالى سينزل على نبيه أمراً يحال به بين المشركين وبين الاقتراب من البيت الذي طهر من الشرك ومحيث منه كل معالم الوثنية. |
(نقلة صوتية).. |
صوت نسائي (1): هلمي يا أختاه نطف بالبيت ونصلي ركعتين عند مقام إبراهيم عليه السلام فلي مدة لم أفعل ذلك.. |
وصوت نسائي (2): لا يا أختاه.. إني أفضل عدم الخروج في الوقت الحاضر... |
صوت نسائي (1): ولماذا يا أختاه.. |
صوت نسائي (2): إن وجود غير المسلمين بجوار الكعبة يضايقني ويؤذيني.. كما أن من بينهم من يطوف وهو شبه عريان.. وليس هنالك من يمنعهم ونحن في موسم الحج.. |
صوت نسائي (1): الحق معك يا أختاه.. لا حاجة بنا للخروج.. فلننتظر فقد يجد النبي صلى الله عليه وسلم مخرجا لهذا الحال. |
صوت نسائي (2): لقد طهّر البيت من الأصنام والأوثان وأتمنى على الله أن يطهره من المشركين. |
(نسمع صوت رجل يقول): |
الرجل: يا أم مالك... يا أم مالك... |
صوت نسائي (1): نعم... نعم... |
الرجل: هيء نفسك للحج.. لقد علمت أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أبا بكر بن قحافة بالحج بالناس وقد وصل أبو بكر فعلا إلى مر الظهران.. |
صوت نسائي (1): حسناً... حسناً.... سأفعل.. |
صوت نسائي (2): سأذهب أنا يا أختاه إلى المنزل فقد ينوى أبو سالم الحج كما نوى زوجك. |
صوت نسائي (1): أرجو أن يكتب لنا جميعاً الحج في هذا الموسم. |
صوت نسائي (1): إن شاء الله.. إن شاء الله... |
(نقلة صوتية نسمع على أثرها أصوات التهليل والتكبير). |
(لبيك اللهم لبيك.. لبيك لا شريك لك لبيك.. إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك تتكرر هذه التلبية مراراً. ثم نسمع بعدها صوت علقمة يقول): |
علقمة: وها نحن نحج يا زيد آمنين مطمئنين بالله ورسوله وتحت ظلال الإسلام فالحمد لله على نعمه وآلائه التي لا تحصى.. |
زيد: الحمد لله.... الحمد لله.. |
(أصوات التلبية.. ثم صوت مسيرة الركب: فمن رغاء الجمال إلى صهيل الخيل إلى وقع حوافرها إلى همهمة وغمغمة.. الخ). |
زيد: اني لأتساءل يا علقمة لم لم يحج النبي صلى الله عليه وسلم بالناس بل آثر البقاء بالمدينة.. |
علقمة: الحج دعوة يا زيد.. ولعلّ الله لم يكتب لنبيه الحج في هذا العام لحكمة يريدها سبحانه وتعالى.. |
(نسمع ضجيجاً وهرجاً ومرجاً ثم صوت يقول): |
الصوت: لقد أوفد النبي صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب كي يلحق بأبي بكر |
علقمة: هلم يا زيد.. هلم يا زيد نستشف الأخبار فمجيء علي بن أبي طالب لم يكن بالحسبان. |
زيد: نعم يا علقمة... إن نفسي تحدثني أنه إنما أوفد لأمر هام سيظهر عما قريب.. |
علقمة: هيا بنا... هيا بنا.. |
زيد: أجاء على أميراً أم مأموراً يا علقمة؟ |
علقمة: لقد علمت أنه مأمور وأن النبي صلى الله عليه وسلم أمره بأشياء أخبر بها أبا بكر.. |
زيد: سينجلي الصبح لذي عينين يا علقمة... |
علقمة: لقد بدأ الناس ينفرون ولا جديد عن سفارة علي بن أبي طالب |
زيد: ربما تظهر آثار هذه السفارة في (منى) |
علقمة: ربما.. ربما... |
((أصوات التلبية والتهليل والتكبير وحركة نفرة الناس.. إلى غير ذلك.. وأخيراً نسمع صوت المنادي)): |
المنادي: يا معشر المسلمين.. يا معشر المسلمين.. علي بن أبي طالب يناديكم ليبلغكم ما أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبلغكم.. هلموا للاستماع.. هلموا للحضور هلموا أثابكم الله. هلموا.. هلموا.. |
علقمة: هيا يا زيد... هيا فقد دنت ساعة الانتظار.. |
زيد: أما قلت لك أن هناك أمراً جللا جاء به علي بن أبي طالب.. هلم بنا إليه.. هلم.. |
علقمة: انظر ها هو علي بن أبي طالب يتكلم وإلى جانبيه أبو هريرة. |
زيد: ولكني أكاد لا أستمع تماما لما يقول هذا الحشد من الحجج. |
علقمة: إنه يتلو قوله تعالى بَرَاءةٌ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ الْمُشْرِكِينَ . فَسِيحُواْ فِي الأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَاعْلَمُواْ أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللّهِ وَأَنَّ اللّهَ مُخْزِي الْكَافِرِينَ (التوبة: 1-2).. |
زيد: انقل إلى يا علقمة فإن سمعي يكاد لا يسعفني. |
علقمة: وَأَذَانٌ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الأَكْبَرِ أَنَّ اللّهَ بَرِيءٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ فَإِن تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللّهِ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (التوبة: 3).. |
زيد: إن هذه الآيات الكريمات تتسم بالدقة وتنطق بما يعتمل في قلوب المؤمنين المخلصين لهذا الدين |
علقمة: صه يا زيد لقد تلا علي بن أبي طالب ما كان يجيش بنفسك.. |
زيد: سألجم فمي ولن أتكلم إلا إذا آذنت. |
|