شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الحلقة ـ 80 ـ
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى ثم صوت علقمة يقول):
علقمة: لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم غاية في السماحة والكرم حتى جعل أعداء الأمس تنطلق ألسنتهم بجميل الثناء... فلم يدع لأحد من هؤلاء المؤلفة قلوبهم حاجة إلا قضاها وها هو عدو الأمس اللدود صفوان بن أمية يقول:
صفوان: كان النبي صلى الله عليه وسلم أبغض الخلق إليّ فما زال يعطيني حتى صار أحب الخلق إليّ..
زيد: صدقت يا علقمة لقد وزّع النبي صلى الله عليه وسلم حتى حصته من الفيء والغنيمة في غزوة حنين على المؤلفة قلوبهم ليروا في الدين الجديد سعادة الدنيا والآخرة..
(نسمع صوت المنادي يقول):
المنادي: يا معشر المسلمين.. يا معشر المسلمين.. رسول الله يأمركم بالتجهز للعودة إلى المدينة.. هلموا أثابكم الله.. هلموا يرحمكم الله..
(نسمع الضجيج والحركة ووقع حوافر الخيل وصهيلها وصليل السيوف وأصوات تعلو وتهبط ثم صوت حركة السير... ثم صوت علقمة يقول):
علقمة: لقد استخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم على أم القرى عتاب بن أسد وخلف معه معاذ بن جبل ليفقه الناس في دينهم ويعلمهم القرآن..
زيد: يا له من نصر مبين أنعم الله به علينا في معركة حنين وها هي المدينة تعج بوفود القبائل من شتى أنحاء الجزيرة يدخلون في دين الله أفواجاً أفواجاً..
علقمة: نعم يا زيد لقد ترك هذا النصر المؤزر أثرا بالغا في نفوس العرب جميعا.. ترك أثراً في نفوس العظماء والسادة الذين كانوا لا يتصورون مجيء يوم يدينون فيه لمحمد بطاعة أو يرتضون دينه لأنفسهم دينا.
زيد: هلم بنا يا علقمة نشهد دخول بعض هؤلاء الوافدين على النبي صلى الله عليه وسلم وأسرى وسبايا السرايا التي أرسلها.
علقمة: هيا بنا.. هيا بنا..
(نسمع صوت مشيتهما ثم صوت زيد يقول):
زيد: انظر يا علقمة ها هو جمع من أسارى وسبايا السرية التي بعث بها النبي صلى الله عليه وسلم بقيادة علي بن أبي طالب لهدم صنم طرة.
علقمة: ها هم يدخلون الأسرى والسبايا على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
زيد: إني أرى بينهم امرأة ذات وقار... انظر ها هي تتحفز لتخاطب رسول الله.
سفانة: يا محمد! أرأيت أن تخلي عنا ولا تشمت بنا أحياء العرب فإني ابنة سيد قومي.. وإن أبي كان يحمي الذمار ويفك العاني ويشبع الجائع ويكسو العاري ويقري الضيف ويطعم الطعام ويفشي السلام ولم يرد طالب حاجة قط أنا سفانة ابنة حاتم الطائي.
علقمة: وها هو رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لها: يا جارية هذه صفات المؤمنين حقا لو كان أبوك مسلما لترحمنا عليه.. خلوا عنها فإن أباها كان يحب مكارم الأخلاق.
سفانة: شكرتك يد افتقرت بعد غنى وأصاب الله بمعروفك مواضعه ولا جعل لك إلى لئيم حاجة ولا سلب نعمة من كريم إلا وجعلك سببا لردها عليه..
زيد: وها هو صلى الله عليه وسلم يسأل سفانة: من وافدك فتجيب..
سفانة: هلك الوالد وغاب الوافد أخي عدي بن حاتم..
علقمة: وها هو الرسول يقول لها: الفارق الله ورسوله..
سفانة: سيأتي به الله إليك يا رسول الله..
زيد: ما أكرمك يا رسول الله إنه يأمر لها بالكسوة وواسطة النقل والنفقة..
(نقلة صوتية)..
عدي: أهلاً بك يا أختاه
سفانة: وتقول أختاه أيها القاطع الظالم احتملت بأهلك وولدك وقطعت بقية والديك وعورتك.
عدي: أي أخيه.. لا تقولي إلا خيراً فوالله مالي من عذر أأنت قادمة من عند محمد..؟
سفانة: نعم.. لقد مَنّ عليّ وعلى قومي فاطلق أسارهم من أجلي واكرمني وحملني إليك معززة مكرمة.
عدي: ماذا ترين في أمر هذا الرجل؟
سفانة: أتعني محمد بن عبد الله..
عدي: نعم..
سفانة: أرى والله أن تلحق به سريعاً فإن يكن نبياً فللسابق إليه فضله وإن يكن ملكاً فأنت أنت.
عدي: إن حسن المعاملة التي لقيتها يا أختاه منه تدل على صدق نبوَّته أن هذه الأفعال هي فوق مستوى أي أحد من الناس.. إنه قدر أبي حق قدره وأكرم قومي وأكرمك من أجله فلعمري هذه صفات الرسل التي تتحدث عنها الكتب السماوية وإنه لا شك منهم.. وها أنذا إليه.
سفانه: رافقتك السلامة وهداك الله إلى سواء السبيل..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى)..
علقمة: إليّ يا زيد.. إلى... تعال... تعال..
زيد: مالك تلهث يا علقمة لعلك تنوء بالأخبار.
علقمة: وأية أخبار.. أية أخبار..
زيد: هات ما عندك..
علقمة: رأيت بعض الأنباط الذين يقدمون بالزيت من الشام إلى المدينة عند النبي صلى الله عليه وسلم..
زيد: وماذا كانوا يفعلون؟
علقمة: أخبروه أن الروم تجمعت بالشام مع هرقل ومعهم من متنصرة العرب من غسان وجذام وعامله.. وكانوا يحرضون قيصر الروم على قتال المسلمين ويشجعونه على ذلك..
زيد: يا لشدة حزني وأسفي.. العرب يستعينون الأجنبي ويؤلبونه على قتل اخوانهم من العرب المسلمين يا لسخرية القدر قل فإن كل كلمة خنجر يمزق كبدي..
علقمة: وقد قال متنصرة العرب لهرقل إن المسلمين في جهد وضنك وعسر شديد هذه السنة فقد أكل الجدب الثدي والضرع والأخضر واليابس وهذه فرصتك يا هرقل لتحمي دينك.
زيد: يا لهول ما تقول... يا لفظاعة ما تروى.
علقمة: وأيد كلام هؤلاء الأنباط عدي بن حاتم الطائي وهو نصراني كما تعلم وقد أسلم أمس فيمن أسلم من الوفود.
زيد: وماذا بعد ذلك؟
علقمة: جهّز هرقل جيشاًعرمرماً بقيادة رجل يدعى باذا وأمره أن يزحف لغزو حدودنا الشمالية.
زيد: وماذا كان رد النبي صلى الله عليه وسلم على هذا التحدي؟
علقمة: لقد قرر مواجهة هذه القوى بنفسه والقضاء عليها قضاء يمحو كل أمل في نفوس سادتها في غزو العرب أو في التعرض لهم.
زيد: ولكن الصيف لما ينته والقيظ في أوائل الخريف يصل إلى درجات تجعله أشد من قيظ الصيف في هذه الصحارى إرهاقاً وقتلاً، ثم إن المسافة من المدينة إلى بلاد الشام طويلة شاقة تحتاج إلى الجلد وتحتاج إلى المؤونة وإلى الماء..
(يسمعون صوت المنادي..)
المنادي: يا معشر المسلمين.. يا معشر المسلمين.. رسول الله يدعوكم للجهاد في سبيل الله والتجهز لقتال الروم فهلموا أثابكم الله.. هلموا يرحمكم الله.
علقمة: اسمع يا زيد ها هو رسول الله صلى الله عليه وسلم يغير تقاليده في سابق غزواته حين كان يتوجه في كثير من الأحيان بجيشه إلى غير الناحية التي إليها يقصد تضليلاً للعدو حتى لا يعرفوا خبر مسيرته.
زيد: ما أحكمك يا رسول الله وأعظمك.. إنه يدرك أنها غزوة مرهقة متعبة إنه بإعلانه هذا يريد أن يعلم مبلغ استقبال المسلمين لهذه الدعوة إلى غزوة في حمارة القيظ يقطعون فيها فيافي وصحاري مجدبة قليلة الماء ثم ليلقوا عدواً غلب الفرس قبل أشهر ولم يقهره المسلمون بعد؟ أفيدفعهم إيمانهم وحبّهم للرسول وتعلقهم الشديد بدين الله إلى الإقبال على دعوته متدافعين حتى يضيق بهم فضاء الصحراء.. دافعين امامهم أموالهم وأبلهم، مدرعين بسلاحهم مثيرين أمامهم من النقع ما أن يكاد يبلغ العدو نبأه حتى يولى الأدبار لا يلوي على شيء؟ أم تمسكهم مشقة الطريق وشدة الحر ومخافة الجوع والعطش فيتفاهون ويتراجعون
علقمة: لله درّك يا زيد.. ما كنت أعرف أنك أوتيت من جميل القول وسديد الرأي مثل الذي رأيت وسمعت اليوم..
زيد: إياك أن تدفع بي إلى الغرور ثانية يا علقمة.. أتذكر غروري يوم حنين وما جرّ عليّ من ويلات (يضحكان ثم يقول):
علقمة: هيا بنا نتجهز يا زيد
(نقلة صوتية وأصوات تدل على اجتماع وصوت عبد الله بن أبي سلول يقول):
أبو سلول: عجيب أمر محمد هذا يغزو بني الأصفر مع جهد الحال والحر والبلد البعيد.. إنه يكلف نفسه ما لا طاقة لها به.. والله لكأني أنظر إلى أصحابه مقرنين في الحبال يجرهم علوج الروم في طرقات دمشق..
أحد المنافقين: أرى ألا تذهب مع محمد يا بن سلول.. لقد رأيناك تعسكر محاولاً الخروج والنفرة في هذه المهاجرة وهذا الحر الذي يلقح الوجوه وكأنه نار جهنم..
ابن سلول: صدقت يا جد بن قيس.. سأعود ومن معي إلى المدينة حيث الماء النمير والظل الوارف.
صوت مدون: وَقَالُواْ لاَ تَنفِرُواْ فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرّاً لَّوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ . فَلْيَضْحَكُواْ قَلِيلاً وَلْيَبْكُواْ كَثِيراً جَزَاء بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ (التوبة: 82).
أحد المافقين: علينا أن نثبط عزائم المسلمين عسى أن يتقاعسوا عن الخروج فإننا إنما نفعل ذلك حرصاً على سلامتهم وحفاظاً عليهم من التهلكة.
ابن سلول: نعم... إنهم من بني عمنا وقومنا وأهلنا وسلامتهم سلامتنا وهلاكهم هلاكنا.. بجميع أن نمنعهم من الخروج بكل الوسائل الممكنه.. أما إذا كان محمد يصر على الخروج فلا يتحمل وزر إصراره.
جد بن قيس: أما أنا فقد سألني محمد، هل لك العام في جلاد بني الأصفر؟
ابن سلول: وبماذا أجبته يا جد بن قيس؟
جد بن قيس: قلت له: يا رسول الله أوتأذن لي ولا تفتني فوالله لقد عرف قومي إنه ما من رجل أشد عجباً بالنساء مني وإني أخشى إن رأيت نساء بني الأصفر ألا أصبر..
(ضحك من الحاضرين)..
ابن سلول: ما أروع تخلصك يا جد بن قيس.. ماذا قال لك محمد؟
جد بن قيس: لقد أعرض عني وسار إلى سبيله..
صوت مدون: وَمِنْهُم مَّن يَقُولُ ائْذَن لِّي وَلاَ تَفْتِنِّي أَلاَ فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُواْ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ (التوبة: 49).
ابن سلول: من منكم سيذهب إلى بيت سويلم اليهودي؟
جد بن قيس: سأذهب أنا يا بن سلول فقد دعونا رفاقنا للاجتماع لكي نضع الخطط اللازمة لتثبيط الناس عن الخروج وذلك بإبقاء الرعب والخوف في قلوبهم حتى يتخاذلوا عن القتال..
ابن سلول: بورك فيكم.. بورك فيكم.. هيا اذهبوا إلى بيت سويلم اليهودي ولا تنسوا أن تقرئوه تحياتي ودعائي لكم بالتوفيق..
(نقلة صوتية)..
سويلم: يا قوم.. يا قوم.. دعوتكم الليلة لأمر هام وخطب جلل..
أحدهم: وما هو يا سويلم..
سويلم: هو هذه الغزوة التي يزمع ومحمد أن يلقى بنا في أتونها إنه يحسب أن جلاء الروم كقتال العرب بعضهم بعضا والله لكأني أنظر إلى مصارع أصحاب محمد في الفيافي والصحارى وتحت سنابل خيل الروم..
جد بن قيس: صدقت يا سويلم.. يجب أن ننصر قومنا بهذا الخطر الجسيم ونعمل كل ما يجب لمنعهم من الخروج.. إن رئيسنا عبد الله بن أبي سلول يقرئك السلام ويبارك كل مجهود يبذل لإحباط هذه الغزوة.
سويلم: نشر الرعب.. والذعر.. بين الصغار والكبار والنساء والرجال أحسن خطة نستعملها إن زوجتي أم راشيل ستكفيكم أمر النساء فاكفونا أنتم أمر الرجال.
(نقلة صوتية)..
علقمة: هل أنت مستعد يا زيد..
زيد: نعم يا علقمة..
علقمة: ها هو رئيسنا طلحة بن عبيد الله قادم مع بقية أصحابنا لتنفيذ المهمة التي أمرنا بتنفيذها..
زيد: سنعطي المنافقين درسا لن ينسوه أبداً.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :796  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 11 من 53
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

سوانح وآراء

[في الأدب والأدباء: 1995]

البهاء زهير

[شاعر حجازي: 1995]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج