شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الحلقة ـ 79 ـ
علقمة: انظر يا زيد ها هو رسول الله صلى الله عليه وسلم يثب قائماً فرحاً بعكرمة حين رآه ثم يرمي عليه رداءه ويقول له: مرحباً بمن جاء مؤمناً.
عكرمة: إن هذه أي أم حكيم قد أخبرتني أنك أمنتني.
زيد: وها هو صلى الله عليه وسلم يقول له: صدقت فأنت آمن.
عكرمة: الام تدعو؟.
علقمة: وها هو رسول الله يدعوه إلى النطق بالشهادتين.
عكرمة: ما دعوت يا رسول الله إلا إلى خير وأمر حسن جميل قد كنت فينا قبل أن تدعونا وأنت أصدقنا حديثاً وأبرنا عهداً أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أنك عبده وسوله.
علقمة: انظر يا زيد كيف يطأطىء عكرمة رأسه حياء وندماً على ما فعل بعد هذه المعاملة الحسنة التي لم يكن عكرمة يحلم بها.. ثم انظر كيف رسول الله صلى الله عليه وسلم يحنو على عدوه وابن عدوه الأكبر أبو جهل فيغمره بعطفه وحنانه وبره وإحسانه.
زيد: صه يا علقمة ها هو رسول الله يقول لعكرمة: ما تسألني شيئاً أقدر عليه إلا أعطيته.
عكرمة: استغفر لي كل عداوة عادتكها..
علقمة: وها هو رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: اللهم اغفر لعكرمة كل عداوة عادانيها أو منطق تكلم به..
زيد: يا لمكارم الأخلاق يا لعظمة العفو عند المقدرة..
(أصوات تدل على اجتماع كبير وكذلك نسمع رغاء الأباعر ونهيق الحمير وثغاء الماشية وخوار البقر وبكاء الصغير ثم صوت دريد بن الصمة يقول):
دريد: يا معشر هوازن وثقيف مالي أسمع رغاء أباعركم وثغاء مواشيكم وزغاريد نسائكم وبكاء أطفالكم من أشار عليكم بذلك.
أحدهم: ما لك بن عوف يا دريد بن الصمة..
مالك: نعم أنا الذي أشرت بذلك يا عم لأني أردت أن أشجع بهم المحاربين.
دريد: وهل يرد المنهزم شيء يا مالك.. إنها إن كانت لك لم ينفعك إلا رجل بسيفه ورمحه، وإن كانت عليك فضحت في أهلك ومالك.. إن يومك هذا الذي تلقى فيه محمد ما بعد يوم.
مالك: إني لأطمع أن ترى ما يسرك.
دريد: ولكن لا أرى ما رأيت يا مالك.. إني راجع إلى أهلي ما دمت مصراً على رأيك..
مالك: يا معشر هوازن وثقيف والله لتطيعنني أولاً فاتكأن على هذا السيف حتى يخرج من ظهري أن دريداً قد كبر وضعف رأيه.
أصوات: نحن معك يا مالك.. معك يا مالك... سر بنا.
دريد: يا معشر هوازن وثقيف إن مالك سيفضحكم في نسائكم وذرياتكم وسيمكن منكم عدوكم وتارككم ولاحق بحصن ثقيف بالطائف فانصرفوا عنه واتركوه ولا تسرعوا له..
أصوات: اسكت أيها الخرف.. اسكت ودع الحرب لرجالها
دريد: يا ليتني فيها جذع.. اخب فيها وأضع..
مالك: مالك (صارخا) يا معشر هوازن وثقيف.. اجعلوا الخيل صفوفاً والمشاة خلفها، ثم اجعلوا النساء فوق الإبل وراء المقاتلة صفوفاً ثم اجعلوا الإبل والماشية وراء ذلك.
أصوات: حسناًما تقول يا مالك.. سنفعل ما تريد.
مالك: أيها الناس.. إذا رأيتموني شددت على محمد وأصحابه فاحملوا عليهم حملة رجل واحد فإن الغلبة لمن حمل.
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى)....
المنادي: يا معشر المسلمين.. يا معشر المسلمين... رسول الله يأمركم بالخروج لقتال هوازن وثقيف فهلموا إلى الجهاد في سبيل الله.. هلموا أثابكم الله..
علقمة: هيا يا زيد بنا إلى ساحة الجهاد.. هيا بنا للقتال لإعلاء كلمة الله..
زيد: هيا بنا.. هيا بنا..
(نسمع أصوات التهليل والتكبير وقعقعة السلاح، وصهيل الخيل وصليل السيوف ثم صوت علقمة يقول):
علقمة: لقد اشتركت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في أكثر غزواته وما رأيت حملة أكثر عدداً وعدة من جيشنا هذا إنه يبلغ حوالي اثني عشر ألف مقاتل..
زيد: لن نغلب اليوم لكثرتنا.
علقمة: بل قل لن نغلب بإذن الله.. دع عنك هذا الغرور يا زيد.. فهوازن وثقيف من أشد القبائل العربية في القتال والحرب والنزال.. اللهم جنبنا الغرور وانصرنا على أعدائنا بفضلك وكرمك وعونك يا الله..
زيد: ها نحن قد وصلنا إلى حنين وانحدرنا في واديه.
علقمة: إني أكره القتال في الأودية.. كما أكره النزول بها.. إنّ صدري منقبض يا زيد..
زيد: أتخشى هؤلاء الأعراب لن يطول لقاؤنا بهم فتحسهم سيوفنا حسًّا..
علقمة: اللهم اصرف عنا هذا الغرور وارحمنا برحمتك يا أرحم الراحمين.
زيد: إني لا أرى أثراً لهؤلاء الأعراب من هوازن وثقيف.
علقمة: ذلك ما يخيفني يا زيد.. لعلهم مختبئون في مضايق الوادي وشعابه..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى حربية ثم صوت مالك يقول):
مالك: يا معشر هوازن وثقيف.. هذا يومكم.. ها هم أصحاب محمد قد انحصر جمعهم في مضايق الوادي وشعابه فاستقبلوهم بالنبال واحملوا عليهم حملة رجل واحد وإن غبش الصبح سيساعدكم في هجومكم هذا.. هيا.. إلى الأمام.. هيا. نسمع أصوات نبال وسهام وسقوط قتلى وأنين جرحى وهرج ومرج في صفوف المسلمين وصوت علقمة يقول:
علقمة: انظر السهام تحصد المسلمين.. ها هي خيل بني سليم تنكشف مولية يا زيد.. وها هم الطلقاء ينهزمون.. وها هو القتل يسخر في المهاجرين والأنصار.. وتقول يا زيد بعد هذا لن نغلب لكثرتنا.. هيا أرني شجاعتك يا زيد..
(نسمع صوت زيد وهو يصرخ ثم يسقط ويقول):
زيد: آه.. أصبت يا علقمة.. إنه سهم في كتفي.. انزعه اغفر يا إلهي غروري وتب لى توبة نصوحاً.
علقمة: سأدعو من يسعفك فإني أخشى أن أضرك أكثر مما أنفعك.. ها هم المسعفون في آثارنا.. إلينا.. إلينا..
زيد: انزعوا السهم.. انزعوا إنه يؤلمني..
علقمة: إنها إصابة بسيطة يا زيد تجلّد.. ها هي زوجك أم سليم تأتي مع المسعفين..
أم سليم: إنها إصابة في كتفك يا زيد... أكنت مع المنهزمين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
زيد: لا والله بل كنت أنظر خلفي إلى الحشد الهائل من المسلمين فلم أشعر إلا بالسهم في كتفي..
أم سليم: خشيت أن تكون في طليعة المنهزمين.. إن إصابتك غير خطيرة.. هيا إلى مكانك من الصفوف حول الرسول صلى الله عليه وسلم..
مالك: احملوا يا قوم على أصحاب محمد.. اقتلوهم بنبالكم واحصدوهم بسيوفكم وشددوا هجومكم.. لقد بدؤوا يولون الأدبار.. انظروهم.. انظروهم يفرون كالأنعام..
أبو سفيان: انتصروا بالأمس على قريش يا شيبة بن عثمان بن أبي طلحة والله لا تنتهي اليوم هزيمتهم دون لابحر..
شيبة: اليوم أدرك ثأري من محمد يا أبا سفيان..
أحدهم: غلبت والله هوازن يا صفوان
صفوان: ثكلتك أمك وملأ الله فاك حصى وترابا
عظام بن كلده: ألا بطل السحر اليوم يا صفوان..
صفوان: اسكت فض الله فاك فوالله لأن يربني رجل من هوازن.
أحدهم: أبشر بهزيمة محمد يا عكرمة فوالله لا يجبرونها أبداً..
عكرمة: لا بشرك الله بالخير ليس هذا لك ولا بيدك الأمر إلا بيد الله ليس إلى محمد منه شيء إن دل عليه اليوم فإن العاقبة له غدا
(نسمع صوتاً مدوياً جهورياً يقول):
الصوت: يا معشر الأنصار الذين آووا ونصروا.. يا معشر المسلمين الذين بايعوا تحت الشجرة.. إن محمداً حي فهلموا (يكرر النداء)
أصوات: لبيك يا رسول الله. ابشر نحن معك يا رسول الله لبيك.. لبيك.. لبيك يا رسول الله نسمع التكبير: الله أكبر... الله أكبر... الله اكبر.. وأصوات الكر والفر ونداءات وشعارات تنادي:
أصوات: يا للأنصار.. يا للخزرج.. يا للأوس..
(نسمع سقوط قتلى وأنين جرحى ثم صوت يقول):
صوت: حسوهم بسيوفكم.. لا تبقوا على أحد منهم.. ها هي هوازن تلوذ بالفرار وخلفها ثقيف... يا عباد الله انصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم.
(نسمع أصوات التهليل والتكبير والكر والفرار وأصوات مختلفة تعلو وتهبط ثم صوت دريد بن الصمة يقول):
دريد: ماذا تريد يا غلام؟
الغلام: اقتلك..
دريد: من أنت؟
الغلام: ربيعة بن رفيع السلمي.. خذها مني وأنا ربيعة..
دريد: بئس ما سلحتك أمك... خذ سيفي هذا من مؤخر الرحل ثم اضرب به وارفع عن العظام واخفض عن العظام فإني كذلك كنت أضرب الرجال ثم إذا أتيت أمك فاخبرها أنك قتلت دريد بن الصمة قَرُبَّ يوم قد منعت فيه نساءك.
(نقلة صوتية)..
زيد: ما هذا الخنجر الذي معك يا أم سليم؟
أم سليم: لأبعج به بطن من يدنو مني من المشركين..
زيد: انظري ها هو رسول الله صلى الله عليه وسلم يضحك حين سمع كلامك..
أم سليم: بأبي أنت وأمي يا رسول الله إني أقتل بخنجري المشركين وأقتل أيضاً هؤلاء الذين انهزموا عنك فإنهم لذلك أهل..
(نقلة صوتية)
ربيعة: وقتلت دريد بن الصمة بعد ذلك..
الأم: حرق الله يدك.. إنما قال دريد ذلك ليذكرنا نعمة عليك فوالله لقد أعتق لك ثلاث أمهات في غداه.. أنا وأمي وأم أبيك.. هلا ترفعت عن قتله لما أخبرك بمنه علينا..
ربيعة: ما كنت لأتكرم عن رضا الله ورسوله..
(نسمع وقع حوافر فرسين وصوت أحد راكبيهما يقول):
أحدهم: لقد صدق دريد بن الصمة حين قال: وهل يرد المنهزم شيء؟ لقد فررنا بأرواحنا وتركنا نساءنا وأبناءنا وأموالنا نهباً للمسلمين يا ليتك استمعت يا مالك إلى نصيحة دريد..
مالك: وهل تنفع يا ليت الآن يابن جشم... رحم الله دريدا لقد كان أعلم مني فقد حنكته الأيام وعركته السنون..
أحدهم: وهل تعتقد أن دريداً قتل.
مالك: إن لم يقتل بحد السيف فقد قتل تحت سنابك الخيل... هيا بنا ندخل حصننا بالطائف قبل أن يلحق بنا محمد وأصحابه..
(نسمع خيلهما تركض بسرعة ثم نسمع علقمة وهو يخاطب زيد بن أبي طلحة الأنصاري):
علقمة: لقد شاهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي وهو يسائل عن رحل خالد بن الوليد..
زيد: لعل خالداً بخير..
علقمة: إنه بخير.. ولكنه مثخن بالجراح فتفل صلى الله عليه وسلم في جراحاته فبرىء لوقته..
زيد: لقد كان خالد بن الوليد في مقدمة الجيش مع بني سليم وكان أول من استهدف لنبال هوازن وثقيف وقد وقع في كمين لهم فحصدتهم النبال وحمتهم السيوف وكانت بنو سليم أول المنهزمين ولم يثبت سوى خالد في نفر من بني عمه من قريش وإخوة له من الأنصار وكادوا يهلكون لولا أن عاد المنهزمين بعد ما سمعوا النداء..
علقمة: لقد كان الغرور يؤدي بنا إلى التهلكة لولا أن رحمنا الله وأيدنا بنصره..
زيد: نعم يا علقمة.. قاتل الله الغرور لقد كنت في أوائل المغرورين (نسمع صوتاً مدوياً يقول الصوت: لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئاً وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ . ثُمَّ أَنَزلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنزَلَ جُنُوداً لَّمْ تَرَوْهَا وَعذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَذَلِكَ جَزَاء الْكَافِرِينَ . ثُمَّ يَتُوبُ اللّهُ مِن بَعْدِ ذَلِكَ عَلَى مَن يَشَاءُ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (التوبة: 25 ـ 27).
علقمة: صدق الله العظيم.
زيد: أتدري كم كانت غنائم المسلمين من معركة حنين.
علقمة: لا يا زيد.
زيد: اثنين وعشرين ألفاً من الإبل وأربعين ألفاً من الشاء وأربعة آلاف أوقية من الفضة. أما الأسرى فكانوا ستة آلاف أسير..
علقمة: إنها أكثر غنائم يحصل عليها المسلمون..
زيد: نعم يا علقمة.. هلم بنا نتفرج عليها فإني أرى رسول الله صلى الله عليه وسلم يتصفح هذه الغنائم ومعه صفوان بن أمية..
علقمة: يا الله من كان يصدق أن يرى عدو الله صفوان بن أمية بجانب الرسول صلى الله عليه وسلم يمشي وهو مطمئن وكأنه لم يأت أمراً إدّا.
زيد: إن صدر الرسول الرحب يسع الكثيرين بأبي أنت وأمي يا رسول الله..
علقمة: ها هو رسول الله يقف أمام شعب مملوء إبلاً وغنماً ومعه صفوان يشير بيديه... تعال نسمع ما يقول له الرسول صلى الله عليه وسلم..
زيد: صه.. إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر إلى صفوان ثم يبتسم ويقول هل: أأعجبك هذا الشعب يا أبا وهب بما فيه من ابل وغنم..
صفوان: نعم..
علقمة: وها هو رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لصفوان: هو لك بما فيه.
زيد: ما أعظمك وأكرمك يا رسول الله.
علقمة: انظر يا زيد.. انظر.. ها هو صفوان يقف على الشعب الذي أصبح كل ما فيه من إبل وغنم له فيقول مخاطباً الرسول صلى الله عليه وسلم.
صفوان: ما طابت نفس أحد قط هذا الأنفس بلى أشهد أن لا إله الا الله وأشهد أن محمداً رسول الله.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :700  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 10 من 53
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج