شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الحلقة ـ 77 ـ
وطفاء: كنت والله مؤمنة بهذه النتيجة يا جحاش منذ ذلك اليوم..
جحاش: أكنت مسلمة يومئذ..
وطفاء: نعم... أشهد ألاَّ إله إلا الله وأن محمداً رسول الله.. قلها معي يا جحاش تكتب لك الجنة.
جحاش: أشهد ألاَّ إله إلا الله وأن محمداً رسول الله..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى)..
علقمة: لقد غضب رسول الله صلى الله عليه وسلم حين بصر بتلماع السيوف في أسفل مكة وشاهد جيشنا يطارد المنهزمين من قريش ولكنه عندما علم بأن خالد بن الوليد كان مكرهاً على الحرب للدفاع عن النفس قال ما معناه: الخيرة فيما اختاره الله.
زيد: كم كان يحز في نفسي أنني لم أستطع أن أقتل صفوان بن أمية أو عكرمة بن أبي جهل... لقد حاولت وحاولت واستهدفت إلى كثير من سهام أوباش قريش حتى تمكنا عدوا الله من الهرب والفرار.
علقمة: إني لموقن أن صفوان وعكرمة سيأتياننا مسلمين عاجلا أو آجلا لأنهما لو كانا يحاربان عن عقيدة لماتا في سبيلهما كما نموت نحن فرحين مستبشرين بالشهادة في سبيل عقيدة الإسلام.. وان هربهما- في رأي- دليل واضح على انهما بدءا يشكان في آلهتهما فنجوا بأنفسهما أملا في أن تجد ظروف يعفو عنهما الرسول بعد ما أهدر دمهما..
زيد: هيا بنا يا علقمة فإن النبي صلى الله عليه وسلم يطوف بالكعبة أما تراه وقد تكاثر الناس من حوله وامتلأت بهم ساحات المسجد وجنباته
علقمة: أنظر ها هو يدعو عثمان بن طلحة ليفتح الكعبة.. ها هو يصعد وها هو يقف على بابها يخطب في الناس.
(نسمع وقع حوافر خيل قرع ركضها وصوت صفوان بن أمية يخاطب عكرمة بن أبي جهل قائلا):
صفوان: وأخيراً ظهر محمد يا عكرمة ودخل مكة فاتحاً فماذا عسانا نفعل يا عكرمة.
عكرمة: أما أنا فقد قررت أن أذهب في أول سفينة إلى اليمن وانتظر هنالك ما تسفر عنه الأمور فإن اجمعت الناس على محمد استأمنت على نفسي وعدت والا بقيت حيث أنا يا صفوان.
صفوان: اسرع بنا يا عكرمة فقد اهدر محمد دمنا ولا شك أن هنالك كثيرين يشتاقون للفتك بنا.
عكرمة: يا ليتنا قاومنا خالد عند أسفل مكة حتى قضينا نحبنا واسترحنا وارحنا
صفوان: الحياة عزيزة أحيانا يا عكرمة وقد عزَّت علينا نفوسنا من يدري ربما يجيء يوم نكون فيه من أنصار محمد ودين محمد.
عكرمة: من يدري يا صفوان... لقد أخذتنا العزة بالإثم وها نحن ندفع ثمن هذا الغرور..
صفوان: إنني يا عكرمة حين أتجرد من بغض لمحمد وانظر إلى أمره نظر المنصف والقاضي العادل.. أجد أننا نسير في ضلال بعيد مدفوعين ببريق من كبرياء زائف وعنجهية ظالمة..
عكرمة: صحيح يا أبا وهب. إن محمداً منا وأقرب الناس إلينا.. عزه عز لنا.. وذله هوان لنا ولقد كان الأولى بنا أن ننصره بدلاً من أن نخذله..
صفوان: (متنهدا)..
مشيناها خطى كتبت علينا..
ومن كتبت عليه خطى مشاها
عكرمة: صه يا أبا وهب.. لقد استرقت مع الريح خطوات أناس يتعقبوننا.
صفوان: هيا نختبىء في أقرب شعب نرقب منه المقتفين
عكرمة: هيا... هيا...
(نسمع حديث رجل وامرأة هما عمير بن وهب الجمحي وأم حكيم بنت الحرث بن هشام زوج عكرمة وأخ لها يدعى المغيرة)..
أم حكيم: يا أبا وهب لقد طال طريقنا ونحن نقتفي آثار عكرمة وصفوان.. وإنني أخشى أن يكون قد نالهما شر.
عمير: لا تخافي يا أم حكيم فشجاعة عكرمة وصفوان يحسب لهما فحول الرجال أليس كذلك يا مغيرة..
المغيرة: نعم يا عماه.. نعم.. أن شجاعتهما مضرب الأمثال
أم حكيم: لقد استأمنت له رسول الله صلى الله عليه وسلم وإذا كنت تراني قلقة عليه فما ذلك إلا لأني أخشى على عكرمة أن يموت وهو مشرك.
عمير: وإني مثلك يا أم حكيم.. لقد استأمنت رسول الله صلى الله عليه وسلم لصفوان بن أمية وإني أرجو الله أن ألقاه حياً وأن يستفيد الإسلام من مواهب شخص كصفوان بن أمية.
أم حكيم: أرجو أن يتقبل الله دعائي ودعاءك يا أبا وهب.
(نقلة صوتية)
علقمة: ما أروع خطبة رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا اليوم.. لقد وعت جوامع الكلم والبيان والهدى والفرقان..
زيد: انظر إلى وجوه قريش.. إنها تتطلع إلى كل كلمة يقولها صلى الله عليه وسلم.. إنهم يحصون عليه أنفاسه.. إنهم لا يدرون ماذا هو فاعل بهم.. لقد آذوه.. وعذبوه وقاتلوه.. فأي جزاء سينالهم منهم..
علقمة: صه يا زيد... أصغ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يتطلع إلى وجوه الحاضرين من القرشيين وحلفائهم وها يقول لهم: يا معشر قريش أما ترون أني فاعل بكم؟
أصوات مدوية يقول: خيراً.. أخ كريم وابن أخ كريم..
زيد: وها هو رسول الله صلى الله عليه وسلم ينطق في هدوء وتواضع وبساطة، اذهبوا فأنتم الطلقاء.
علقمة: ما أجمل العفو عند المقدرة يا زيد مع ما أعظم هذه النفس التي سمت كل السمو فارتفعت فوق الحقد وفوق الانتقام، وبلغت من النبل فوق ما يبلغ الانسان.
زيد: نعم يا علقمة: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرف أن من بين هؤلاء القرشيين من ائتمروا به ليقتلوه ومن بينهم من عذبوه وأصحابه ومن قاتلوه في بدر وأحد ومن حصروه في غزوة الخندق ومن ألبوا عليه العرب جميعاً.. ومن لو استطاعوا قتله وتمزيقه إرباً إرباً لما توانوا في ذلك لحظة..
هؤلاء قريش في قبضة محمد وتحت قدميه، أمره نافذ في رقابهم، وحياتهم جميعا معلقة بين شفتيه.. وفي سلطانه هذه الألوف المدججة بالسلاح تستطيع أن تبيد مكة وأهلها في رجع البصر.
علقمة: لكنه محمد.. لكنه النبي... لكنه رسول الله.. ليس بالرجل الذي يعرف العداوة أو يريد بها أن تقوم بين الناس.. وليس هو بالجبار ولا بالمتكبر.. لقد أمكنه الله من عدوه فقدر معنا فضرب بذلك للعالم كله ولأجياله جميعاً مثلاً في البر والوفاء بالعهد وفي سمو النفس سمواً لا يبلغه أحد..
زيد: وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ (القلم: 4).
علقمة: آمنت بالله الكريم.. صدق الله العظيم.. هيا بنا يا زيد نحطم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أصنام قريش المنتشرة حول الكعبة.
زيد: هيا.. ولا تنسى أن تقول كما يقول الرسول: وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقاً..
(نسمع أصوات تحطيم الأصنام وتكسيرها وأصوات ارتطامها بالأرض وأصوات المسلمين تدوى):
أصوات: الله أكبر.. الله اكبر.. الله أكبر.. وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقاً.
زيد: كم أنا مسرور بمشهد قريش وهي ترى أصنامها التي كانت تعبدها ويعبدها آباؤها..
تتناثر قطعاً وفتاتاً على أرض المسجد فلا تملك لنفسها نفعاً ولا ضراً.
علقمة: هيا بنا نتابع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الصفا انظر ها هو يقوم على جمله ويدعو لأمة الإسلام بالخير والهدى.
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى وهمهمة وغمغمة تدل على اجتماع وصوت أحد الأنصار يقول):
أنصاري: يا قوم لقد فتح الله لنبيه مكة وأثابه بها فتحاً مبيناً من دون خسائر في المال والأرواح تذكر.. وها هو يعود إلى وطنه الأول عزيزاً منصوراً مؤزراً.. فهل ترون رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ فتح الله عليه أرضه وبلده يقيم فيها..
أنصاري ثاني: إن بمكة البيت الحرام والمسجد وإن مخاوفي تزداد وشكوكي تعتصرني وما أدري أيتركنا رسول الله بعد أن أصبح منا كالروح من الجسد.
أنصاري ثالث: هونوا عليكم أيها القوم فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل في البر بعهده ووفائه.. إن الوطن والأهل لا ينسيانه الوفاء لأنصاره الذين وقفوا ساعة الشدة إلى جانبه.
علقمة: انظر يا زيد ها هو رسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي إلى حشد من الأنصار فيسألهم عما كانوا يتهامسون فيما بينهم وعن القلق والمخاوف التي ترين على وجوههم وها هم يترددون في الاجابة.. ولكن المعجزة حصلت فقد أخبرهم صلى الله عليه وسلم أنهم كانوا يتخوفون من أن يتركهم ويقيم في مكة.
زيد: صحيح يا علقمة انظر انهم يطأطئون رؤوسهم ويؤمنون على كلامه هيا اقترب. لنسمع ماذا يقول صلى الله عليه وسلم.
علقمة: ها هو يقول: معاذ الله.. المحيا محياكم والممات مماتكم.
زيد: يا لروعة البر بالعهد واصالة الوفاء.. لن ينسيه الوطن ولا الأهل ولا مكة وما فيها عن الوفاء لنا نحن معشر الأنصار الذين هدانا الله بهداه وأكرمنا بنعمة الإسلام على يديه وثبتنا على نصرته والايمان بنبوته فالحمد لله يا أخي الحمد لله..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها وقع حوافر خيل وصوت صفوان يقول لكرمه):
صفوان: يا للدهشة والغرابة.. إن مقتفي آثارنا هما عمير بن وهب الجمحى ابن عمي ومعه امرأة متنقبة..
عكرمة: يا لله.. إن ابن عمي المغيرة هو الثاني أما المراة المتنقبة فليست أن صدق حدسي ـ إلا زوجتي أم حكيم هلم بنا إليهم..
(نسمع انطلاق خيلهما ثم صوت عمير بن أبي وهب يقول):
عمير: من: صفوان ابن عمي وعكرمة بن هشام.. حمدا لك يا إلهي..
صفوان: أكنتم في أثرنا يا بن العم..
عمير: نعم.. وهذه أم حكيم في أثر زوجها عكرمة وهذا أخوها المغيرة معنا..
أم حكيم: الحمد لله الذي اجتمعنا بكم قبل أن يلحق بكم سوء.
عكرمة: وهل زال عنا السوء..
أم حكيم: نعم لقد عفا عنك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد استأمنته.. ما أرحب صدرك يابن عبد الله..
عمير: وأنا قد استأمنت لك يا صفوان من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
صفوان: كيف.. قل.. أين أكاد لا أصدق أن يعفو عني محمد بن عبد الله وهو يعرف أني من أشد الناس عداوة وأذية له..
عمير: لقد ذهبت إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وقلت له: يا نبي الله إن صفوان سيد قومه قد هرب ليقذف نفسه في البحر فامنه فانك أمنت الأحمر والأسود فقال:
أدرك ابن عمك فهو آمن.. فقلت: أعطني آية يعرف بها أمنك فاني قد طلبت من صفوان العود فقال لا أعود معك إلا أن تأتيني بعلامة أعرفها فأعطاني صلى الله عليه وسلم عمامته وها هي معي.. ها هي انظرها..
صفوان: أغرب عني يا عمير.. لا تكلمني.. في هذا الأمر.
عمير: أي صفوان فداك أبي وأمي جئتك من أفضل الناس وأبر الناس وأحلم الناس وخير الناس وهو ابن عمك عزه عزك وشرفك شرفه وملكه ملكك..
صفوان: إني أخافه على نفسي يا عمير..
عمير: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحلم وأكرم من عرفت البرية..
صفوان: نعم... نعم يا عمير..
مشيناها خطى كتبت علينا
ومن كتبت عليه خطى مشاها
عمير: وأنت يا عكرمة ماذا أقررت؟
أم حكيم: إنه لا يريد العودة.. إنه يخشى من كلام الناس وتعييرهم له بأنه عكرمة بن أبي جهل..
عكرمة: نعم... هذا هو السبب الأول..
أم حكيم: يا بن عمي لقد جئتك عند أبر الناس وخير الناس.. لا تهلك نفسك فإني قد استأمنت لك رسول الله صلى الله عليه وسلم..
عكرمة: لقد سبق السيف العذل..
 
طباعة

تعليق

 القراءات :753  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 8 من 53
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور زاهي حواس

وزير الآثار المصري الأسبق الذي ألف 741 مقالة علمية باللغات المختلفة عن الآثار المصرية بالإضافة إلى تأليف ثلاثين كتاباً عن آثار مصر واكتشافاته الأثرية بالعديد من اللغات.