الحلقة ـ 76 ـ |
سلمى: لقد انقطعت عن التحدث إليك يا بنتي أكثر من شهرين عن أمجاد الجزيرة... أتذكرين أين وصلنا في حديثنا؟ |
مزنة: وصلنا يا أماه ـ كما أذكر ـ إلى.. إعلان أبي سفيان إسلامه.. حين قال مخاطباً الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم.. |
أبو سفيان: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أنك عبده ورسوله. |
(تتردد أصوات التكبير.. الله أكبر... الله أكبر.... الله أكبر....) |
علقمة: لقد زانت الفرحة وجوه المسلمين بعد أن كادوا يتميزون غيظا.. ولولا حرمة الرسول الأعظم لقطعوا أبا سفيان أرباً أرباً.. انظر ها هو العباس بن عبد المطلب يقترب من النبي صلى الله عليه وسلم ثم يقول: |
(يا رسول الله... أن أبا سفيان رجل يحرص على السمعة والشرف فاجعل له شيئا يحفظ له كرامته وسمعته بين قومه بعد أن هداه الله للإسلام). |
زيد: وها هو الرسول صلى الله عليه وسلم يستجيب لطلب عمه فقول: من دخل دار أبي سفيان فهو آمن... ومن اغلق عليه بابه فهو آمن ومن دخل المسجد فهو آمن..
|
المنادى: يا معشر المسلمين... يا معشر المسلمين... يا معشر المسلمين.. رسول الله يأمركم بالزحف على مكة.. هلموا إلى الجهاد في سبيل الله.. هلموا أثابكم الله.. وأيدكم بنصر من عنده. |
(نسمع وقع حوافر الخيل وصهيلها وصليل السيوف وقعقعة السلاح وأصوات تعلو وتهبط ثم صوت علقمة يقول): |
علقمة: أتذكر يا زيد ما قلت لك ونحن قافلون من صلح الحديبية حين نزل الوحي على النبي صلى الله عليه وسلم فتلى علينا قوله تعالى: إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُّبِيناً . لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطاً مُّسْتَقِيماً (الفتح 1 ـ 2).. ألم أقل لك آنئذ أن صلح الحديبية هو تبشير بفتح مكة. |
زيد: اذكر ذلك ولا أنساه يا علقمة... وها هو وعد الله الحق يطالعنا في مسيرتنا لمكة... هيا بنا.. هيا بنا.. |
علقمة: هيا بنا... هيا بنا... |
(نسمع وقع حوافر خيلهما ثم نسمع زيداً يقول): |
زيد: أنظر يا علقمة... ها هو أبو سفيان يقف بمضيق الوادي عند مدخل الجبل إلى مكة وبجانبه العباس بن عبد المطلب عم النبي صلى الله عليه وسلم. |
علقمة: ما أعظمك يا رسول الله وما أبعد نظرك.. لم يمنعه إسلام أبي سفيان أن يتخذ صلى الله عليه وسلم لدخول مكة كل ما لديه من أهبة وحذر وأن يحتاط لكل دقيقة وجليلة قد تقف في سبيله.. لذلك أمر أن يحبس أبو سفيان بهذا المكان حتى تمر به جنود المسلمين فيراها ليحدث قومه بها عن يمينه ولكي لا يكون في اسراعه إليهم خيفة مقاومة أياً كان نوعها.. |
زيد: لله ما أروع الخطة وأبرع التنفيذ. |
نسمع أصوات زحف جيش المسلمين بشكل يدل على كثرة العدد والعدد وكانت له كتيبة من الجيش تمر بأبي سفيان تكبر ثلاثا... وأول كتيبة مرت به كانت كتيبة بني سليم وعلى رأسهم خالد بن الوليد... |
(نسمع أصواتهم يكبرون ثلاثاً ثم صوت أبي سفيان يقول): |
أبو سفيان: من هؤلاء؟ |
أحدهم: هؤلاء بنو سليم وعلى رأسهم خالد بن الوليد. |
ابو سفيان: مالي ولبني سليم. |
أصوات: الله أكبر... الله اكبر... الله أكبر.. |
أبو سفيان: من هؤلاء؟؟؟ |
أحدهم: هذه كتيبة المهاجرين وعلى رأسها الزبير بن العوام. |
أبو سفيان: الزبير بن عمة محمد. |
أحدهم: نعم يا أبا سفيان. |
أصوات: الله أكبر... الله أكبر... الله أكبر... |
أبو سفيان: من هؤلاء؟؟؟ |
أحدهم: كتيبة بني غفار وعلى رأسهم أبو ذر الغفاري. |
أبو سفيان: مالي ولغفار. |
أصوات: الله أكبر... الله أكبر... الله أكبر.. |
أبو سفيان: من هؤلاء؟؟؟ |
أحدهم: هذه كتيبة أسلم. |
أبو سفيان: مالي ولأسلم |
أصوات: الله أكبر.. الله أكبر... الله أكبر... |
أبو سفيان: من هؤلاء؟؟؟ |
أحدهم: هذه خزاعة يا أبا سفيان |
أبو سفيان: هؤلاء حلفاء محمد. |
أصوات: الله أكبر... الله أكبر... الله أكبر.. |
أبو سفيان: من هؤلاء؟ |
أحدهم: هذه مزينة. |
أبو سفيان: مالي ولمزينة قد جاءتني تقعقع من شواهقها. |
أصوات: الله اكبر... الله أكبر.. الله أكبر.. |
أبو سفيان: من هؤلاء؟ |
أحدهم: هذه جهينه |
أبو سفيان: هؤلاء بنو بكر |
ابو سفيان: نعم أهل شؤم والله هؤلاء الذين غزانا محمد بسببهم.. |
أصوات: الله أكبر... الله أكبر.. الله أكبر.. |
أبو سفيان: من هؤلاء.. |
أحدهم: هذه كتيبة أشجع.. |
أبو سفيان: هؤلاء والله كانوا أشد العرب على محمد.. |
أحدهم: لقد أدخل الله الإسلام في قلوبهم وها هم يسيرون في سبيل نصرته. |
أصوات: الله أكبر... الله أكبر... الله أكبر. |
أبو سفيان: من هؤلاء؟ أما لهذا المد من الرجال آخر؟ |
أحدهم: هؤلاء بنو تميم. |
أبو سفيان: أين الكتيبة التي بها محمد.. |
أحدهم: انظر هنالك.. انظر جيداً.. |
أبو سفيان: إني أرى كتيبة خضراء لم أر منها فيها مر من الكتائب إنهم يتدرعون بالحديد لا ترى منهم إلا الحدق. |
أحدهم: إن هذه الكتيبة الخضراء هي كتيبة محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم |
أبو سفيان: يا عباس.... ياعباس ما لأحد بهؤلاء قبل ولا طاقة.. والله يا أبا الفضل لقد أصبح ملك ابن أخيك الغداة عظيماً.. |
أحدهم: إنها عظمة النبوة أجل وأعلى من أي ملك أو جاه يا أبا سفيان.. |
أبو سفيان: نعم.... صدقت... يا أخا العرب... صدقت. |
أحدهم: النجاة إلى قومك يا أبا سفيان. |
أبو سفيان: نعم... نعم... والله ما لأحد بهؤلاء قبل ولا طاقة. |
علقمة: انظر يا زيد ها هو أبو سفيان يلكز فرسه ويعدو بها صوب مكة. |
زيد: إنه يريد إنقاذ ما يمكن إنقاذه.. |
(نقلة صوتية).. |
وطغاة: أراك تبرى نبالك يا جحاش بن قيس.. وما عهدي بك منهما في عملك بمثل هذه الحمية.. |
جحاش: إني أصلح نبالي استعداداً لملاقاة محمد فقد علمت أنه يزمع غزونا في عقر دارنا. |
وطغاة: دع عنك هذا الحماس فليس والله لقريش قبل بمحمد. |
جحاش: إنك تثبطين عزيمتي يا أمة الله... مالك صبأت. |
وطفاء: إني موقنة أن دين محمد سيسود هذا العالم. |
جحاش: هذا كلام لا عهد لي بمثله منك يا وطفاء... إننا سنهزم محمداً وسأتينك ببعض المسلمين تتخذينهم خدما لك يا زوجتي الطيبة.. كم خادما من المسلمين تريدين؟ |
(تضحك وطفاء فيقول): أتضحك... أتهزئين بما أقول سترين بأسي وصدقي يوم النضال.. |
وطفاء: (مستمرة في ضحكها) لكأني بك يا جحاش قد رجعت تطلبين مخبأ أخبؤك فيه حيث ترى خيل محمد. |
جحاش: سترين من بأسي ما يقطع لسانك السليط. |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى حربية نسمع بعدها صوت أبي سفيان وهو يصيح). |
أبو سفيان: يا معشر قريش.. يا معشر قريش... يا معشر قريش.. |
هذا محمد قد جاءكم بما لا قبل لكم به.. اسلموا تسلموا من دخل دار أبي سفيان فهو آمن. |
أصوات: قاتلك الله يا أبا سفيان وما تغني عنا دارك. |
أبو سفيان: ومن أغلق عليه بابه فهو آمن. ومن دخل المسجد فهو آمن. |
هند: يا معشر قريش... اقتلوا هذا الشيخ الأحمق قبح من طليعة قوم هلا قاتلتم ودفعتم عن أنفسكم وبلادكم. |
أبو سفيان: اتركي شاربي يا هند... ويحك اسكتي وادخلي بيتك والله لتسلمن أو لأضربن عنقك.. ويحكم لا تغرنكم هذه الحمقاء من أنفسكم.. فانه قد جاءكم ما لا تقدرون على دفعه. |
هند: الآن تسلم يا أبا سفيان؟ |
أبو سفيان: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله. |
هند: أشهد أن لا إله إلا الله وان محمداً رسول الله. |
(يصرخ أبو سفيان).. |
أبو سفيان: يا معشر قريش.. يا معشر قريش.. من دخل دار أبي سفيان فهو آمن. ومن أغلق عليه بابه فهو آمن ومن دخل المسجد فهو آمن... |
(أصوات تكبير.. الله أكبر... الله أكبر... الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر.. الله أكبر.. ولله الحمد). |
علقمة: إني أرى تجمعاً لشرذمة من قريش وإني أبصر من بينهم صفوان بن أمية وعكرمة بن أبي جهل.. |
زيد: ها هم ينضحوننا بنبالهم.. |
علقمة: ها هو خالد بن الوليد يصرخ بأعلى صوته.. |
(نقلة صوتية).. |
خالد: إلى الجهاد في سبيل الله يا معشر المسلمين... إلى الجهاد إلى الأمام.. إلى الأمام.. |
(نسمع ركض الخيل وأصوات التكبير والتهليل وضرب السيوف وسقوط الناس وصرخات الجرحى ثم صوت جحاش بن قيس يخاطب امرأته وطفاء). |
جحاش: وطفاء... وطفاء.. افتح الباب... عجلى: |
طفاء: ما بك تلهث.. ما لوجهك يعروه الفزع والاصفرار. |
جحاش: أغلقي عليّ الباب يا وطفاء وأحكمي رتاجه.. وسدي جميع النوافذ جيداً... جيداً.. أسرعي أسرعي.. |
وطفاء: أين الخادم الذي وعدتني به أيها الزوج الشجاع |
جحاش: اسكتي يا أمة الله.. هيا اسرعي قبل فوات الأوان هزمنا والله شر هزيمة ودخل محمد مكة رغم أنوفنا وحصدتنا سيوف رجاله بقيادة خالد بن الوليد... اثنان وعشرون قتيلا في لمح البصر.. |
وطفاء: أين ذلك الحماس يا جحاش بالأمس والنجاة من الموت في هذا اليوم. |
جحاش: |
أنك لو شهدت يوم الخندمة |
اذ فر صفوان وفر عكرمة |
واستقبلتهم بالسيوف المسلمه |
يقطعن كل ساعد وجمجة |
ضربا فلا تسمع الا غمغمة |
لهم لهيث حولنا وهمهمه |
لم تنطقي في اللوم أدنى كلمة |
|
|