الحلقة ـ 71 ـ |
مسعود: لا حول ولا قوة إلا بالله.. لا حول ولا قوة إلا بالله.. اللهم اغفر لمن مات منهم وأسكنهم فسيح جناتك يا أرحم الراحمين.. |
(نقلة صوتية) |
علقمة: سعد.. لقد صدرت الأوامر لنا بالانسحاب. |
سعد: ما أروع التغطية التي قام بها خالد بن الوليد. |
علقمة: انظر إلى خط التغطية إنه طويل بحيث يوحي بكثرة عدد الجيش ويرهب العدو اصغ إلى الجلبة التي أمر خالد بافتعالها ليظهر قوة جيشنا ووفرة عدده وعدده (نسمع صوت الجلبة).. |
سعد: انظر أن الروم يتوقفون عن متابعتنا.. لقد نجحت خدعة خالد في الانسحاب تفادياً لإبادتنا الحتمية. |
علقمة: لقد كنت أؤثر الاستشهاد على هذا الانسحاب.. إن المسلمين في المدينة سيعيروننا بالهزيمة وسيكون عارنا ما بعده عار.. |
سعد: ولكن الله سبحانه وتعالى يقول وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ (البقرة: 195) والحرب خدعة يا علقمة. |
ماريا: أرانا ننسحب يا أختاه.. فإلى أين المصير. |
إحدى المسلمات: إلى المدينة يا أختاه.. إلى حيث يقيم النبي محمد صلى الله عليه وسلم. |
ماريا: كم أنا مشوقة إلى رؤية هذا النبي الكريم الذي جاء بهذا الدين العظيم.. لقد كنت ووالدي نمني أنفسنا بلقائه... وها هو يموت شهيدا في سبيل هذا الدين.. |
إحدى المسلمات: هنيئاً له بالشهادة يا أختاه.. إن أباك سيلقى الرسول صلى الله عليه وسلم يوم لا ينفع مال ولا بنون.. إلا من أتى الله بقلب سليم. |
ماريا: أتقصدين الدار الآخرة يا أختاه. |
إحدى المسلمات: نعم يا أختاه... نعم.. |
(نسمع أصوات عودة المسلمين وزحفهم.. وثابت بن أرقم يخاطب خالد بن الوليد)... |
ثابت بن أرقم: لقد أحسنت صنعاً يا خالد بهذا الانسحاب المنظم وجنبتنا خطر الفناء والإبادة. |
خالد: ولكن البعيدين عن أتون المعركة لا يقدرون الظروف التي عشناها وكابدناها واضطرتني إلى اتخاذ قرار الانسحاب تجنباً للإبادة.. |
ثابت: ولكن لا يوجد من يشك في أننا قدمنا كل ما نستطيع من تضحية وجهاد في معركة لا تكافؤ فيها.. لقد كنا كذنوب ماء في بحيرة من الاعداء.. |
علقمة: أرى جموعاً غفيرة من المسلمين خارج المدينة.. |
سعد: لقد علموا بمجيئنا من الرسول الذي بعثه خالد بن الوليد بأنباء المعركة فهرعوا لاستقبالنا.. |
علمقة: لقد خضت عدة معارك.. وعدت.. فلم أر حشدا كهذا الذي ينتظرنا اليوم.. |
(ضجيج وهرج ومرج يمتزج بتحركات جيش المسلمين.. وكلما اقترب الجيش يعلو الضجيج ويكثر الهرج والمرج.. ثم فجأة نسمع أصواتا تصرخ). |
الأصوات: يا فرار.. يا فرار.. يا فرار... فررتم في سبيل الله. |
(تتكرر هذه العبارة ثم نسمع صوت علقمة يقول): |
علقمة: انظر ها هم الصبية بدأوا يرشقوننا بالحجارة ويحصبوننا بالحصى.. |
(أصوات.. آخ.. آخ.. آخ.. ثم صوت سعد يقول ) |
سعد: آخ.. لقد حصبني صبي.. اسعفني فهذا دمي ينزف.. |
علقمة: لا حول ولا قوة إلا بالله. |
أصوات: يا فرار.. يا فرار.. يا فرار.. فررتم في سبيل الله. |
علقمة: اسمع يا سعد... ها هو رسول الله صلى الله عليه وسلم يدافع عنا وينافح ويقول: |
ليسوا بالفرار ولكنهم الكرار إن شاء الله. |
سعد: يقيناً أن الله سبحانه وتعالى قد اطلع نبيه على ما كنا فيه من كرب وبلاء.. |
وها هو يدافع عنا.. بأبي أنت وأمي ما أعظمك يا رسول الله. |
خالد: لقد وقع ما كنت أخشاه.. وها هم الصبية والشيب والشباب يرشقوننا بالحجارة ويحثون التراب على وجوهنا يا ابن الأرقم.. |
ثابت: ولكن ألم تسمع دفاع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يرد منافحا عنا: |
ليسوا بالفرار ولكنهم الكرار إن شاء الله. |
أليس في ذلك تعزية لنا على ما نقابل به يا خالد.. |
خالد: نعم... نعم.. |
زيد: يا خالد.. يا خالد.. ابشر يا خالد.. لقد اطلع الله رسوله فاخبرنا بما كنتم فيه وسماك سيفا من سيوف الله.. يا معشر المسلمين.. يا معشر المسلمين يا معشر المسلمين.. أما تستحون أن تحثوا التراب وترشقوا الحجارة في وجه سيف من سيوف الله سله الله على الكافرين.. ألا تستمعون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول ليسوا بالفرار ولكنهم الكرار إن شاء الله. |
الجموع: صدق رسول الله.. صدق رسول الله.. صدق رسول الله. |
مرحى سيف الله.. مرحى سيف الله.. مرحى يا خالد بن الوليد.. |
ثابت: أليس في كل هذا ما يعزيك يا خالد.. |
خالد: يكفيني شرفاً واعتزازاً ما أكرمني به الرسول صلى الله عليه وسلم. |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى).. |
تبودور: يا له من قائد ماهر.. لقد استطاع أن يفلت منا ببراعة بعد أن وقع هو وجيشه في قبضة أيدينا يا أرطبون. |
أرطبون: كان عبقرياً وبارعاً جداً في تغطية انسحابه.. لقد كدت أصدر الأوامر إلى القوات الأمامية من جيشنا باللحاق بهم وعدم تمكينهم من الانسحاب ولكن الجلبة القوية الشديدة التي سمعناها بين صفوفهم.. ألقت في روعي أن إمدادت جديدة قد وصلتهم وإنهم بانسحابهم هذا إنما يستدرجوننا لنلتقي بقوة جديدة مستعدة للطعن والحرب. |
تبودور: ولكنه خدعنا جميعا أليس كذلك يا أرطبون.. |
أرطبون: نعم وبكل أسف. |
تيودور: يجب أن تحيي هذا القائد الذي أنقذ جيشه القليل من خطر الاباده الحتميه.. إن الرجال يقدرون الرجال.. |
أرطبون: نعم سيدي القائد.. إنه يستحق تحية الإعجاب والإكبار.. |
(نقلة صوتية... وغمغمة تدل على اجتماع.. وصوت أبي سفيان يقول): |
أبو سفيان: يا معشر قريش.. يا معشر قريش.. يا معشر قريش.. لقد دعوتكم إلى هذا الاجتماع لاسر إليكم بنبأ هام. |
صفوان: وما هو يا أبا سفيان؟ |
أبو سفيان: لقد باءت حملة محمد إلى مؤته بالفشل الذريع فقتل قوادها الثلاثة زيد بن حارثة.. وجعفر بن أبي طالب.. وعبد الله بن رواحه.. وحستهم سيوف الروم والعرب الموالين للروم ولو لم ينقذهم خالد بن الوليد ببراعته ومهارته لأبيدوا عن بكرة أبيهم.. |
صفوان: سامحك الله يا خالد.. أما كنت أخرت إسلامك حتى تشهد نهاية محمد.. أما قلت لك يا أبا سفيان أن صراع محمد مع الروم سيكون وبالاً عليه وأي وبال على المسلمين هو في صالحنا.. |
عكرمة: بلغني يا عماه أن عدد جيش المسلمين كان ثلاثة آلاف وأن جلهم قتل أو جرح أو ضل طريقه وهو منهزم. |
أبو سفيان: ما رأب خالد بن الوليد هذا التصدع وجمع فلول المنهزمين وعاد بهم إلى المدينة يا عكرمه ولكن أهل المدينه رشقوهم بالحجارة وحصبوهم بالحصى وحثوا في وجوههم التراب وصاروا يقولون لهم (يا فرار.. يا فرار.. فررتم في سبيل الله).. |
صفوان: ما أشد سروري يا أبا سفيان. |
عكرمة: لقد آن لنا أن نتنفس من كابوس صلح الحديبيه وحان لقريش أن تسترد هيبتها ومكانتها وان تفرض سيادتها بعد أن دخل الوهن في صفوف المسلمين. |
صفوان: فلتعد الأمور كما كانت عليه قبل صلح الحديبيه يا أبا سفيان.. |
أبو سفيان: أتعنى تنقض صلح الحديبيه يا صفوان؟ |
صفوان: ولم يا أبا سفيان.. إن محمداً وأصحابه بعد هذه الهزيمة النكراء لم يعد لهم وجود وإني لأترقب أن تتخطفهم جموع القبائل المجاورة للمدينة وتكفينا مؤونة الدخول في قتال من جديد مع محمد. |
أبو سفيان: إنك تعيش في حلم يا صفوان.. إنك تستهين بعبقرية محمد.. لقد هزمناه في أحد وكدنا نقتله ولكنه استطاع أن يجعل من هزيمته نصراً لا يجب أن نسترسل في الأوهام بل علينا أن نحذر محمداً ونكون على أهبة الاستعداد لأية مفاجآت. |
صفوان: إنك منذ عودتك الأخيرة من الشام وأنت تعطى لمحمد من الأهمية أكثر مما يستحق. |
عكرمة: حقيقة ما يقوله صفوان يا عماه. |
أبو سفيان: لقد أحطت بما لم تحيطا به.. واطلعت على ما لم تطلعا عليه.. ولقد عركتني الأيام وأحنت ظهري التجارب والسنون.. |
صفوان: والله ما ندري أينا يعيش سادرا في أحلامه.. |
أبو سفيان: |
ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا |
ويأتيك بالأخبار من لم تزود |
|
(نقلة صوتية نسمع بعدها همسات وهمهمات مبهمة وأصوات تدل على اجتماع ثم صوت نوفل بن معاويه الديلي يقول): |
نوفل: يا بني بكر... أنتم تعرفون ما بيننا وبين خزاعة من حروب وثارات وقد ألجمنا صلح الحديبية وعقدنا الذي التزمنا بموجبه مع قريش أن نقف مكتوفي الأيدي ونحن ننظر إلى قاتلي آبائنا واخواننا وأبائنا يمرون بنا فلا نستطيع أن نبدي حراكا والآن. |
أحدهم: والآن ماذا يا نوفل.. قل... فإني أتعطش للانتقام ممن قتلوا أبي وأخي. |
نوفل: لقد أدبر أمر محمد وهزمه الروم وقضوا على جيوشه ومن بقي منهم أصبح ناقما على محمد الذي بات يترقب أن تتخطفه القبائل المجاورة للمدينه. |
أحدهم: حسنا ما تقول يا نوفل. |
نوفل: وإني أرى الفرصة مؤاتية للانتقام من خزاعة وأخذهم على حين غرة |
أحدهم: نِعْمَ الرأي فإن خزاعة الآن تظن إنها في أمان بعقدها مع محمد |
نوفل: يا وجوه بني بكر لقد وعدني عكرمه بن أبي جهل وحويطب بن عبد العزى وصفوان بن لهيه أن يمدونا بالسلاح وأن يشتركوا معنا في غزوة خزاعة الذين ينزلون حالياً على ماء (الوتير) في أسفل مكة.. فما رأيكم؟ |
أصوات: موافقون... موافقون.. هيا إلى الثأر.. هيا إلى الثأر.. هيا إلى الانتقام. |
|