الحلقة ـ 65 ـ |
(نقلة صوتية).. |
أبو سفيان: والله ما أدري يا بن نوفل ماذا يريد منا قيصر الروم |
ابن نوفل: لعلّه في أمر محمد.. |
أبو سفيان: وهل وصل محمد إلى أسماع هرقل حتى يهتم به هذا الاهتمام. |
ابن نوفل: أن الغزوات التي قام بها محمد لشمال الجزيرة ومحاولته اخضاع القبائل العربية المتاخمة لحدود مملكة هرقل هي ولا شك التي نقلت أخبار محمد إليه. |
أبو سفيان: والله وأمي محمد حتى باتت تتحدث باسمه القياصرة. |
ابن نوفل: أقول لك الحق يا أبا سفيان. |
أبو سفيان: قل ولو أن الحقيقة تجرح أحيانا.. قل.. |
ابن نوفل: إني فخور بمحمد كقرشي منا يتردد اسمه على كل لسان بالرغم مما بيننا من العداوة كما تعرف.. |
أبو سفيان: أن قيمة الرجال لا يقدرها غير الرجال ومحمد وان كان عدوي إلا إني أقدر له ثباته على مبدئه واستماتته في الدفاع عن عقيدته وها هي الأيام أراها تسير في ركابه. |
(أصوات أبواق ونفير.. وجلبة جند وسلاح وأصوات تصفيق حاد ومنية جنود وصوت الحاجب يعلن). |
الحاجب: إمبراطور الروم.. ملك القسطنطينية وأنطاكية وأورشليم.. |
أصوات: يحيى الامبراطور… يحيى الامبراطور.. يحيا… يحيا.. |
(تصفيق حاد… وهمعمعة وأصوات مبهمة… ثم سكون مطبق).. |
القيصر: شكراً… شكرا…جلسوا… اجلسوا.. |
(نسمع أصوات جلوسهم من تحركات المقاعد والأرجل) |
القيصر: يا عظماء الروم.. لقد جمعتكم اليوم لأطلعكم على الرسالة التي بعث بها إلي مدعي النبوة في الجزيرة العربية. |
أحد الحاضرين: هل يأمر مولاي القيصر بأن تتلى علينا الرساله؟ |
القيصر: ستكون تلاوة الرسالة بعد أن تروا رسول مدعى النبوة وبعض العرب الذين يمتون إلى هذا الداعي بصلة القربى والنسب… يا حاجب.. |
الحاجب: أمرك مولاي. |
القيصر: أدخل جماعة محمد واجعل رئيسهم أمامهم يكونون من خلفه ثم ادخل رسول محمد واجعله في الجهة المقابلة لهم. |
الحاجب: أمرك مولاي. |
القيصر: يا عظماء الروم.. لقد كنت أطلعتكم في اجتماعات سابقة على التقارير التي وردتنا من حكام المقاطعات المتاخمة للجزيرة العربية وفيها أخبار عن مدعي النبوة محمد وصراعه مع أبناء عمومته وأقربائه وهجرته إلى يثرب وبداية ظهور أمره ثم غزواته للقبائل المجاورة لحدودنا.. وأخيراً فتكه باليهود في الجزيرة والقضاء على سلطانهم فيها. |
أحد الحاضرين: يظهر أننا ومدعي النبوة هذا متفقون على كراهية اليهود ومستشعرون خطرهم وغدرهم وخيانتهم.. |
الثاني: وإنه لمن غريب الاتفاق أن تكون بطشتنا باليهود القذرين في هذه الإمبراطورية في الوقت الذي يبطش فيه بعض مدعي النبوة بهم في الجزيرة العربية.. |
(الحاجب يعلن دخول أبي سفيان وصحبه قائلا): |
الحاجب: هذا أبو سفيان وجماعته. |
(نسمع صوت دخولهم وجلوسهم وبعد ذلك نسمع صوت الحاجب يعلن): |
الحاجب: هذا دحية بن خليفة الكلبي رسول محمد.. |
(نسمع وقع دخوله ثم صوته يقول): |
دحية: السلام على من اتبع الهدى.. |
القيصر: وعليك السلام أيها الرسول… اجلس.. اجلس.. |
(همسات مبهمة وغمغمة وموسيقى انتقالية وصوت أبي سفيان يهمس إلى أحد أصحابه قائلا): |
أبو سفيان: ألم يجد محمد غير هذا الكلبي رسولاً إلى قيصر الروم. |
أحد أصحابه: صه يا أبا سفيان… إن القيصر يتطلع إلى ناحيتك.. وكأنما يريد أن يسألك. |
(موسيقى خفيفة).. |
القيصر: يا أبا سفيان.. أأنت قريب نسب لهذا الذي خرج بأرض العرب وبزعم أنه نبي. |
أبو سفيان: بلى.. يا ملك الروم.. إنه من أبناء العمومة. |
القيصر: حسناً.. أدن مني.. كيف نسب هذا الرجل فيكم؟ |
أبو سفيان: هو فينا ذو نسب. |
القيصر: هل ادعى النبوة أحد منكم قبل محمد هذا.. |
أبو سفيان: لا أيها القيصر.. |
القيصر: هل كنتم تتهمونه بالكذب على الناس قبل أن يقول ما قال؟ |
أبو سفيان: لا يا ملك الروم.. |
القيصر: هل كان من آبائه ملك.. |
أبو سفيان: لا أيها القيصر.. |
القيصر: كيف عقله ورأيه؟ |
أبو سفيان: لم نعب عليه عقلا ولا رأيا قط |
القيصر: هل أكثر أتباعه من الضعفاء؟ |
أبو سفيان: نعم من الضعفاء؟ |
القيصر: هل يزيدون أو ينقصون أو يرتد أحد منهم عن دينه عن كراهيه وعدم رضى بعد أن دخل فيه. |
أبو سفيان: إن أتباع محمد يزيدون ولا ينقصون ولا نعرف أحدا منهم ارتد بعد أن دخل في دين محمد. |
القيصر: هل يغدر إذا عاهد؟ |
أبو سفيان: لا.. ونحن الآن منه في ذمة ما ندري ما هو فاعل فيها.. |
القيصر: كيف حربكم وحربه؟ |
أبو سفيان: سجال يوم لنا ويوم علينا. |
القيصر: فما يدعوكم إليه؟ |
أبو سفيان: يدعونا إلى أن نعبد الله وحده ولا نشرك به شيئا وينهانا عما كان يعبد آباؤنا ويأمرنا بالصلاة والصدق والعفاف والمروءة والوفاء بالعهد وأداء الأمانة. |
(موسيقى انتقالية).. |
القيصر: يا أبا سفيان! |
أبو سفيان: نعم يا ملك الروم. |
القيصر: لقد سألتك عن نسب محمد فزعمت أنه فيكم ذو نسب وكذلك الرسل تبعث في نسب قومها.. |
(همهمة من الحاضرين وهمسات).. |
القيصر: وسألتك عما سألت فكانت إجابتك جميعها تؤيد إنه نبي وليس مدعياً للنبوة كما قيل وإنني أعلم من كتبنا أنه سيظهرني فإن كان ما حدثتني به حقاً فإنه ليوشك أن يملك موضع قدمي هاتين.. أيها الترجمان اقرأ كتاب محمد بن عبد الله.. |
الترجمان: (يقرأ)… بسم الله الرحمن الرحيم.. من محمد رسول الله… إلى هرقل عظيم الروم.. سلام على من اتبع الهدى.. أما بعد.. فإني أدعوك إلى الإسلام فأسلم تسلم يؤتك الله أجرك مرتين.. فإن توليت فإنما عليك إثم الأريسين.. ويا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا ألا نعبد الا الله ولا نشرك به شيئاً ولا يتخذ بعضنا بعضاً أرباباً من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون. |
(أصوات شغب وضجيج غير مفهوم ثم صوت القيصر يقول): |
القيصر: أخرجوا وفود العرب وضعوهم في إحدى دور الضيافة وأكرموهم وانتظروا أمراً آخر مني. |
(نسمع أصوات خروجهم.. وصوت أبي سفيان يقول): |
أبو سفيان: لقد عظم أمر ابن أبي كبشة.. هذا ملك بني الأصفر يخافه.. |
(نقلة صوتية إلى مكان اجتماع القيصر بمن معه).. |
يعود سماع الضجيج والهرج والمرح ثم نسمع صوتا يقول): |
عم القيصر: ما هذا أيها القيصر.. لم تسمع بقراءة هذه الرسالة المهينة لك. |
القيصر: وأية إهانة فيها يا عماه.. |
عم القيصر: أما ترى إنه ابتدأ باسمه ثم سماك صاحب الروم.. مزق هذا الكتاب والق به جانبا فإنه لا يستأهل أية اهتمام أو اجابة. |
القيصر: إنك غريب في رأيك يا عماه.. أترى ارمي بكتاب رجل يأتيه الناموس الأكبر وهو أحق أن يبدأ بنفسه ولقد صدق أنا صاحب الروم.. والله مالكي ومالكه. |
عم القيصر: لا يا هرقل.. اننا لا نرضى بما تقول.. إنها مذلة من عربي لا نحتملها ويجب أن يؤدب صاحبها حتى يعرف كيف يخاطب الملوك. |
القيصر: لقد بعث إلي الحارث الغساني يستأذن في أن يقوم على رأس جيش لمعاقبة هذا المدعي بالنبوة.. ولكني لم أوافق. |
أصوات: لماذا أيها القيصر.. لماذا..؟ |
القيصر: إنني أخشى أن يكون مصير هذه الحملة مصير الحملة الرومانيه التي تاهت في صحاري الجزيرة ودفنتها وما لها وقضت عليها سيوف سكان هذه الصحارى. |
عم القيصر: ولكن لنا الآن بين القبائل العربيه على تخوم الشام أصدقاء سيكونون أكبر عوناً لنا في حملتنا هذه. |
القيصر: العرب.. العرب… من يأمن للعرب… إن أول من ينتقض عليكم هم الغساسنة.. إنهم يريدون التخلص منا والتعاون مع أي زعيم عربي لتحريرهم ما هم فيه لقد أمرت الحارث أن يكون معي في زياتي للقدس ليشهد المهرجانات الدينية معنا فيها.. يا حاجب.. |
الحاجب: مولاي الملك.. |
القيصر: أغلق الأبواب علينا وامنع دخول أي انسان.. |
الحاجب: أمرك مولاي. |
القيصر: يا معشر الروم.. هل لكم في الفلاح والرشد وان يثبت ملككم فتبايعوا هذا النبي. |
(هرج ومرج وضجيج ولغط وأصوات تعلو تهبط ثم تتضح وهي تصرخ): |
أصوات: لا… لا.. لن نترك ديننا.. لن نتبع هذا الاعرابي.. افتحوا الأبواب.. اتركونا نهرب.. بديننا.. لا تفعل أيها القيصر.. لا تفعل.. لا تفعل.. |
القيصر: يا معشر الروم.. إني قلت مقالتي أختبر بها شدتكم على دينكم.. |
أصوات: يحيا القيصر.. يحيا حامي النصرانية.. يحيا يحيا.. يحيا.. تصفيق حاد.. |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى).. |
زيد: لقد عاد دحية بن خليفة من سفارته إلى قيصر ملك الروم |
سعد: وهل جاء برد على رسالة النبي صلى الله عليه وسلم. |
زيد: نعم.. لقد علمت أن قيصر بعث برسالته يقول فيها أنه مسلم ولكنه مغلوب على أمره كما بعث بهدية مع دحية. |
سعد: من كان يصدق أن مثل قيصر يرد هذا الرد على رسالة النبي صلى الله عليه وسلم إن الروم كانوا ينظرون إلى العرب على إنهم قوم حفاة عراة يأكلون الضب والجربوع صناعتهم النهب والسلب والغدر والخيانة.. |
زيد: ألم تكن كذلك يا سعد قبل أن يهدينا الله للإسلام ويعزنا برسول الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم. |
سعد: صلى الله عليه وسلم. قل لي يا زيد.. هل من جديد عن رسل النبي صلى الله عليه وسلم إلى كسرى والنجاشي والمقوقس في مصر.. |
زيد: لا يا سعد.. ولكننا ننتظر عودتهم في الأيام القريب.. |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى..همهمة وغمغمة وأصوات مبهمة تدل على اجتماع هام وصوت حاجب كسرى يعلن): |
الحاجب: هذا عبد الله بن حذافة السهمي رسول محمد بن عبد الله إلى الشاهنشاه كسرى انوشروان.. |
(نسمع أصوات أقدام جنود ودخول عبد الله بن حذافة السهمى وهو يقول): |
عبد الله بن حذافة: السلام على من اتبع الهدى؟ |
كسرى: وعليك السلام أيها العربي.. ايها الترجمان خذ منه رسالته واقرأها علي. |
(يأخذ الترجمان الرسالة ويقرؤها): |
الترجمان: (يقرأ).. بسم الله الرحمن الرحيم.. من محمد رسول الله إلى كسرى عظيم فارس.. سلام على من اتبع الهدى وآمن بالله ورسوله وشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمداً عبده ورسوله أدعوك بدعاية الله فإني أنا رسول الله إلى الناس كافة لانذر من كان حياً ويحق القول على الكافرين، أسلم تسلم فإن أبيت فعليك إثم المجوس الذين هم أتباعك. |
|