الحلقة ـ 62 ـ |
(نسمع أصوات التهليل والتكبير.. ثم نسمع أصوات مختلطة.. فيها أصوات رجال ونساء وصبية تعلو وتهبط ثم صوت كنانة بن الربيع يقول): |
كنانة: يا قوم.. يا قوم.. لقد دافعتم دفاع الأبطال عن حصونكم وجاهدتم جهاد المستميت عن أموالكم ونسائكم وأطفالكم.. فقتل سلام بن مشكم ولحقه الحارث بن أبي زينب ومرحب وياسر.. وها هي حصوننا يسقط الواحد تلو الآخر. وكنا ننتظر من إخواننا اليهود في وادي القرى وتيماء وفدارة أن يتجمعوا أو يهاجموا يثرب ولسكنهم تقاعسوا واخلفوا ظننا بهم وجبنوا عن لقاء المسلمين فما رأيكم. |
صوت: لقد تنبأ حرمون لهذه النتيجة من قبل فكذبتموه وسفهتم رأيه. |
كنانه: مالنا ولما مضى.. نحن في البلاء الحاضر.. لم يبق إلا هذين الحصنين الوطيح والسلالم وقد حست سيوف المسلمين زهرة مقاتلتنا فماذا تشيرون. |
سمارة: أرى أن ترسل في طلب الصلح يا كنانة.. |
أصوات: موافقون… موافقون.. |
كنانة: يا قوم.. إذا كان مصيرنا سيكون كمصير بني قريظة فإنني أفضل الموت في ساحة المعركة على الموت صبراً. |
أصوات: بلى.. بلى.. بلى.. يا كنانة.. نحن.. نحن معك.. |
كنانة: نطلب من محمد الصلح على أن يحقن دمائنا ولا علينا من أموالنا |
أصوات: موافقون.. بلى.. نحن معك.. موافقون.. |
(موسيقى انتهاء المعركة واصوات تدل على اجتماع ثم صوت زيد يقول): |
زيد: لقد قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يحقن دماء يهود خيبر.. ويبيتهم على أراضيهم التي آلت إليه بحكم الفتح على أن يكون لليهود نصف ثمرها مقابل عملهم.. |
المؤذن: يا معشر المسلمين.. يا معشر المسلمين.. يا معشر المسلمين.. رسول الله يأمركم بالتجهز لغزو اليهود في وادي القرى وتيماء وفدك.. فهلموا إلى الجهاد في سبيل الله هلموا يرحمكم الله هلموسا أثابكم الله |
(نسمع حركات استعدادات للسير ثم نقله صوتية): |
صفوان: أمن جديد عن غزو محمد لأهل خيبر يا سهيل. |
سهيل: لا يا صفوان إني لم أعد أهتم بتتبع هذه الغزوة بالرغم من الرهان الذي بيني وبينك. |
صفوان: ولماذا يا سهيل.. |
سهيل: إن فكري وكل جانحة من جوانحي مع ولدي أبي جندل الذي هرب مع سبعين من المسلمين والتحق بأبي بصيرك في وادي العيص. |
صفوان: ولكنهم الآن مع محمد بعد أن استجاب لطلبنا وألقى ذلك الشرط الفظيع من صلح الحديبية أن ابنك في أمان على الأقل مما كان عليه في وادي العيص. |
سهيل: ولكن والدته متعلقة به تعلقا شديد وكلفة بابنها وإني أخشى أن تهرب فتلتحق بمحمد وهو عار علي ما بعده عار إن فعلت. |
صفوان: كن مطمئنا يا سهيل فإن زوجك عاقلة تقدر الأمور حق قدرها ولن تعرض سمعتك إلى سوء مهما كانت الظروف الآن. |
سهيل: والان.. ماذا يا صفوان. |
صفوان: أما سمحت بالرهان الكبير؟ |
صفوان: رهان وأي رهان أنه ما بين حويطب بن عبد العزى وجماعته وعباس بن مرداس وجماعته من جهة أخرى. |
سهيل: على ماذا يا صفوان. |
صفوان: وهل هناك شيء يشغل بال قريش غير محمد وتحركات محمد إنه رهان حول نتيجة غزوة خيبر. |
سهيل: وما هو مبلغ الرهان. |
صفوان: مئة بعير.. مئة بعير أي عشرة أضعاف رهاننا يا سهيل.. |
سهيل: الجود من الموجود يا صفوان.. وهم جماعة مقابل جماعة ونحن واحد تجاه واحد. |
صفوان: لقد طالت المعركة بين محمد ويهود خيبر وطولها في صالحي يا سهيل أليس كذلك. |
سهيل: كل آت قريب من يدري يا صفوان.. |
صوت: يا معشر قريش.. يا معشر قريش.. يا معشر قريش.. لقد جاءكم حجاج بن علاط السلمي بأخبار معركة خيبر. |
(هرج.. ومرج وأصوات مبهمة وهمسات تدل على إجتماع وصوت حويطب بن عبد العزى يقول): |
حويطب: يا حجاج.. استحلفك باللات والعزى الا ما صدقتنا ما هي أخبار محمد ويهود خيبر. |
حجاج: أما وقد استحلفتني يا حويطب باللات والعزى فعندي من الخبر ما يحركم. |
عباس بن مرداس: قل يا حجاج وفصل. |
حجاج: لم يلق محمد يا بن مرداس قوما يحسنون القتال غير أهل خيبر. |
حويطب: ماذا تقول يا حجاج . |
حجاج: هزم محمد هزيمة لم يسمع بمثلها قط.. وأمره يهود خيبر وقروا ألا يقتلوه حتى يبعثوا به إلى مكة ليقتل بين أظهركم. |
أصوات: هذه هي البشرى واللات والعزى. |
حويطب: أحقا ما تقول يا حجاج. |
حجاج: اقسم باللات والعزى وأساف ومناة وهبل. |
عباس: لقد استحق عليك دفع الرهان يا حويطب فمتى آتيك للاستلام (ضاحكاً) مئة بعير.. مئة بعير فقط يا حويطب بن عبد العزى ضاحكا باستهزاء. |
صفوان: (ضاحكاً باستهزاء) عشرة نوق من الإبل يا سهيل.. عشرة نوق فقط وسأعطيك أنا رأس محمد عندما يقتله اليهود ظهرانينا ألا يرضيك ذلك ألا يرضيك.. |
سهيل: والله إنني غير مصدق ما جاء به حجاج بن علاط السلمي ومع ذلك فإني مستعد لدفع الرهان. |
أصوات: مرحى… يا حجاج.. مرحى.. يا حجاج مرحى. |
حجاج: يا قوم.. يا قوم.. أعينوني على غرمائي.. أربد أن أقدم فأصيب من مغانم محمد وأصحابه قبل أن يسبقني أحد إلى هناك فساعدوني على استيفاء ما لدي عند تجار قريش من ديون. |
أصوات: سنذهب معك.. ستحصل ديونك ولو بالقوة.. هلم معنا.. هلم معنا |
(موسيقى حزينة ونقلة صوتية).. |
غلام العباس بن عبد المطلب: يا حجاج أنا غلام العباس بن عبد المطلب إليك.. إن سيدي قد اشتد عليه ما بلغه عن لسانك من أخبار حتى لقد أصبح شبه مقعد من وقع نبأ هذه الكارثة.. وهو يسألك الله أن تصدقه. |
حجاج: يا غلام أتحفظ السر وتقسم على كتمانه.. |
الغلام: أقسم بالله العظيم على ذلك. |
حجاج: أأنت يا أخي مسلم إنني مسلم مثلك الحمد لله.. |
الغلام: نعم والحمد لله.. أشهد أن لا إله الا الله وأن محمداً رسول الله.. |
حجاج: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله.. الحمد لله.. الحمد لله.. قل لسيدك العباس فليدخل في بعض بيوته لأتيه بالخبر على ما يسره وأكتم عني. |
الغلام: سرك يا أخي في أمان والحمد لله الذي أعز بمحمد الإسلام والمسلمين. |
(نقلة صوتية).. |
حجاج: يا ام نصر.. لقد هزم محمد وعما قريب سيكون هنا.. فقد صمت يهود خيبر على قتله وشنقه بمكة. |
أم نصر: لقد شق علىّ الخبر يا حجاج أن تكون هزيمة محمد القرشي على يد أذل الناس وأقذرهم.. اليهود… اليهود.. من يستطيع أن ينازعهم السيادة في يثرب بعد اليوم |
حجاج: هذا ما وقع يا أم نصر بالفعل والمهم أريدك أن تعطيني ما لديك من متاعي ونقودي فإني سأسرع لشراء ما غنمته اليهود من أسلاب من وراء محمد قبل أن يسبقني تجار قريش إلى ذلك.. هات. |
أم نصر: خذ يا أبا نصر.. خذ… هذا كل مالك عندي من متاع ومال وأنصحك أن تحتاط على نفسك من غدر اليهود ولؤم اليهود وخستهم. |
حجاج: لا تخشى علي.. لا تخشى علي… سأتيك بأخبار السارة والأرباح الوافرة. |
أم نصر: رافقتك السلامة وحفظتك الآلهة. |
(نقلة صوتية).. |
زيد: يا الله ما أفظع اليهود وما أشد حقدهم وكراهتهم للرسول صلى الله عليه وسلم. |
سعد: وأي حقد أو قل أخبث من الفعلة التي قاموا بها.. يا ويلهم أرادوا تسميم الرسول في الشاة من المطبوخة التي أهدتها زينب بنت الحارث امرأة سلام بن مشكم إليه صلى الله عليه وسلم. |
زيد: إن الحارث ليس من فعله هذه المرأة.. وإنما هو مؤامرة دبرتها عقول اليهود المطبوعة على الدس والغش والحقد والتآمر. |
سعد: إذا فالمرأة كانت كبش الفداء. |
زيد: نعم يا سيدي. |
سعد: هل اعترفت بفعلتها. |
زيد: نعم.. |
سعد: وماذا قالت في اعترافها؟ |
زيد: قالت يا محمد لقد بلغت من قوس ما لم يخف عليك فقلت: إن كان ملكاً استرحت منه وإن كان نبيا فسيخبر.. |
سعد: إنه النبي الصادق الأمين صلى الله عليه وسلم.. |
زيد: نعم يا سعد فحين تناول عليه السلام ذراع الشاة فلاك منها مضغة فلم يسفها. وكان بشر بن البراء معه قد تناول منها مثل ما تناول الرسول.. فأما بشر فأساغها وازدردها وأما الرسول فلفظها وهو يقول أن هذا العظم ليخبرني أنه مسموم. |
سعد: صدق الرسول العظيم. |
زيد: ثم دعا الرسول زينب فاعترفت كما سبق أن قلت لك. |
سعد: وماذا جرى لبشر بن البراء. |
زيد: مات أثر أكلته هذه.. |
سعد: لعن الله اليهود وأخزاهم.. أنهم قوم طبعوا على الغدر والخيانة يا ليت رسول تلك لم يحقن دمائهم يا ليته عاملهم كما عامل بني قريظة. |
زيد: أمامك ميادين الانتقام من اليهود في وادي القرى وتيماء وفدك. |
سعد: لقد سلم يهود فدك لأنهم صالحوا النبي صلى الله عليه وسلم على نصف أموالهم من غير قتال بينما كنا نتفاوض في الصلح مع يهود خيبر.. أما الباقون فلن يسلموا مني بحول الله وقوته. |
زيد: ومني أنا يا سعد.. سأنتقم لبشر بن البراء. |
علقمة: ومني أنا أيضاً أنسيتموني. |
زيد: من علقمة.. أين كنت. |
علقمة: لقد كنت قريبا منكما استرق السمع لما تقولان. |
(نسمع تحركات المسلمين ومسيرهم إلى وادي القرى.. ثم نسمع أصوات.. تهليل وتكبير.. الله أكبر.. الله أكبر.. الله أكبر.. ونسمع أحتدام معركة بين المسلمين ويهود وادى القرى وأنات جرحى وسقوط قتلى وصوت يقول): |
صوت: الله اكبر هذا الزبير بن العوام يقتل فارساً من فرسان يهود واد القرى. |
صوت: الله أكبر… هذا علي بن أبي طالب يجندل فارسا يهوديا آخر. |
صوت: الله اكبر.. هذا أبو دجانة الأنصاري يطيح برأس فارس ثالث. |
أصوات: الله أكبر الله أكبر.. أذعن يهود وادي القرى واستسلموا. |
(سكون مطبق.. ثم صوت زيد يقول): |
زيد: لقد استسلم يهود وادي القرى بعد أن قتل منهم أحد عشر رجلا غير العشرات من الجرحى وقد صالحهم الرسول على مثل ما صالح به يهود خيبر. |
سعد: لقد شفيت غلي من اليهود يا زيد فقد قتلت اثنين منهم أحدهم بضربة سيف والآخر بسهم أصاب ما بين عينيه فوقع على الأرض يتخبط في دمائه وقد ذفغت عليه حين وجدت به رمقاً. |
زيد: لا شلت يمينك يا سعد. |
(نقلة صوتية) |
صوت: يا معشر قريش. يا معشر قريش.. يا معشر قريش.. |
أحدهم: من هذا المنادي من جبل أبي قبيس. |
الثاني: إنه حروان بن مسافع. |
صوت: يا معشر قريش إن محمداً هزم اليهود في خيبر ووادي القرى وتيماء وفدك وصالحهم على أن يبقوا كعمال في أراضيهم التي أصبحت ملكاً للمسلمين. |
صفوان: يا معشر قريش لقد انفلت من بين أيديكم عدو الله حجاج بن علاط السلمي أما والله لو علمنا لكان له معنا شأن. |
سهيل: هيا يا صفوان.. أعد ما أخذته من إبلي.. |
صفوان: سأفعل... سأفعل… |
حويطب: وأنت يا عباس بن رداس متى تعيد المئة بعير.. |
سهيل: باستهزاء وسخرية… ومتى تأتيني برأس محمد يا صفوان. |
صفوان: بل قل متى نرى رأس مجندلا في ساحة مكة.. إن نجم محمد قد علا ونجمنا في أقول. |
صوت صادر من بعيد: قل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقاً.. |