الحلقة ـ 55 ـ |
الراوي: وأعلنت قريش التعبئة العامة وأرسلت فرسانها بقيادة خالد بن الوليد وعكرمة بن أبي جهل لصد النبي صلى الله عليه وسلم عن دخول مكة.. أما في الجانب الإسلامي فقد أذن مؤذنهم. |
المؤذن: (يا معشر المسلمين.. يا معشر المسلمين.. رسول الله يدعوكم للتهيؤ للحج.. فهلموا عباد الله إلى أداء هذه الفريضة.. هلموا أثابكم الله) |
أحد المسلمين : إنه مؤذن الرسول يدعونا للحج بعد الرؤيا الصادقة التي أخبرنا بها صلى الله عليه وسلم يا سعد. |
سعد: هل كنت حاضراً حين أنبأ صلى الله عليه وسلم الناس بما ألهم في رؤياه الصادقة يا زيد؟ |
زيد: لقد كنا مجتمعين صباح أمس بالمسجد حين أنبأنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أننا سندخل المسجد الحرام إن شاء الله آمنين محلقين رؤوسنا ومقصرين وما كدنا نستمع إلى هذه الرؤيا حتى علت أصواتنا بحمد الله وشكره. |
صوت صادر من مكان بعيد:
لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِن شَاء اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِن دُونِ ذَلِكَ فَتْحاً قَرِيباً (الفتح: 27). |
سعد: وانتقل نبأ هذه الرؤيا إلى سائر أنحاء المدينة في سرعة البرق الخاطف.. |
زيد: ولكن الناس كانوا يتساءلون كيف يدخلون المسجد الحرام؟ أيحاربون في سبيله؟ أيجلون قريشا عنه عنوة أم ترى تفتح قريش لهم طريقه مذعنة صاغرة.. |
سعد: صحيح يا زيد.. صحيح… كيف.. قل لي.. قل. |
زيد: لقد حرص النبي صلى الله عليه وسلم أن تعلم العرب كلها أنه خرج في الشهر الحرام حاجا ولم يخرج غازيا ولذلك أمر بأن لا يحمل أحد من هذا الحجيج سلاحا إلا ما يحمل المسافر من سيف مغمد وهدي ينحره. |
سعد: جزاك الله عني كل خير.. سأسرع لتهيئة نفسي للحاق بركب رسول الله صلى الله عليه وسلم. |
(موسيقى القافلة تصرخ.. وتبدأ مسيرة المسلمين تسمع وقع حوافر خيلهم.. ورغاء إبلهم.. وأصوات تلبيتهم وهي تردد لبيك اللهم لبيك.. لبيك لا شريك لك لبيك.. إن الحمد والنعمة.. لك والملك لا شريك لك..) |
(تكرر التلبية).. |
(موسيقى انتقالية).. |
(أصوت هرج ومرج وضجيج وقعقعة سلاح وصليل سيوف وصوت يصرخ عاليه).. |
سفيان الصوت: يا معشر قريش.. يا معشر قريش.. يا معشر قريش.. تهيئوا للقتال واستعدوا للنضال.. فقد بلغ محمد وأصحابه عسفان وقد عقصوا رؤوسهم ولبوا بالعمرة وعزلوا الهدي ومازوا جوانبها اليمنى.. دافعوا عن بيتكم وحرمكم قاتلوا دون أعراضكم وأموالكم.. |
(ثم سكون مطبق وصوت أبي سفيان يقول): |
أبو سفيان: يا خالد… يا خالد.. |
خالد: لبيك يا عماه |
أبو سفيان: قدموا خيلكم إلى كراع الغميم لتكونوا في مواجهة محمد والالتحام معه عند أول بادرة منه للزحف على مكة. |
أصوات التابعين جانب المسلمين: لبيك اللهم لبيك.. لبيك لا شريك لك لبيك.. إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك… |
زيد: لا حول ولا قوة إلا بالله.. أعوذ بالله.. |
سعد: ما بك تحوقل يا زيد… وتستعيذ بالله ممن؟. |
زيد: من قريش يا سعد.. لقد جيء برجل من بني كعب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما سأله عما قد يكون لديه من أخبار قريش قال: |
سعد: وماذا قال؟؟ |
زيد: قال لقد سمعت قريش يا محمد بمسيرتك فخرجوا وقد لبسوا جلود النمور ونزلوا بذي ((طوى)) يعاهدون الله لا تدخلها عليهم أبداً، وهذا خالد بن الوليد في خيلهم قد قدموها إلى كراع الغميم… |
سعد: يا ويحهم… أيصدوننا عن المسجد الحرام.. قل لي… ماذا كان جواب الرسول صلى الله عليه وسلم؟ |
زيد: قال ما معناه.. يا ويح قريش لقد أهلكتهم الحرب.. ماذا عليهم لو خلوا بيني وبين سائر العرب.. فإن هم أصابوني كان ذلك الذي أرادوا.. وإن أظهرني الله عليهم دخلوا في الإسلام وافرين.. وإن لم يفعلوا قاتلوا وبهم قوة… فما تظن قريش؟ |
فوا الله لا أزال أجاهد على الذي بعثني الله به حتى يظهره أو تنفرد هذه السالفة.. |
سعد: لقعد عني الرسول بالسالفة صفحة العنق وبانفرادها عما يليها كناية عن الموت. |
زيد: نعم يا سعد.. نعم… هو ما عناه صلى الله عليه وسلم. |
سعد: (صلى الله عليه وسلم) وما هي آخر الأخبار؟ |
زيد: لقد تركت رسول الله مع خلص أصحابه يفكرون في مخرج من المعركة التي تريد قريش أن تحمله على خوض غمارها وهو لم يتخذ للحرب عدتها وإنما خرج محرما يريد بيت الله ليؤدي عنده فريضته الله. |
المؤذن: (يا معشر المسلمين… من رجل يخرج بنا على طريق غير الطريق التي تخيم بها قريش) |
سعد: ألا تسمع يا زيد؟ |
زيد: بلى يا سعد.. هيا بنا إلى رسول الله فإني أعرف طريقا وعرا إذا سلكناه أفضى بنا إلى ثنية المرار مهبط الحديبية من أسفل مكة. |
سعد: هيا بنا.. هيا… هيا.. |
(موسيقى الرحيل.. وأصوات التلبية).. |
سعد: يا لها من طريق وعرة بين شعاب مضنية.. لقد تشققت نعالي.. وتدامت رجلاي… ألم يكن عندك طريق غير هذه يا زيد…؟ |
زيد: الأجر على قدر المشقة يا سعد فاصبر إن الله مع الصابرين. |
سعد: نعم… الأجر على قدر المشقه. |
(موسيقى حربية.. وأصوات اجتماع وصوت خالد بن الوليد يقول): |
خالد: يا فرسان قريش.. لقد رأيتم ما صنع محمد.. إنه سلك إلى مكة طريقا لا تستطيع خيلنا ارتياده فماذا ترون؟ |
عكرمة: أرى أن نعود أدراجنا بسرعة لنقف أمام مشارف مكة ندافع عنها يا خالد. |
أصوات: الرأي ما ارتآه عكرمة يا خالد. |
خالد: هيا بنا يا قوم.. هيا بنا.. |
(صوت وقع حوافر الخيل وهي تعدو.. وقعقعة سلاح.. وأصوات مبهمة تعلوا وتهبط…) |
صوت: يا أبا سفيان… يا أبا سفيان.. لقد عاد فرساننا أدراجهم.. وها هو خالد ابن الوليد يسرع في عدوه إليك.. |
(نسمع صوت عدو فرسه ونزوله وصوت أبي سفيان يقول له): |
أبو سفيان: ما جاء بك يا خالد؟ |
خالد: لقد سلك محمد وصحبه طريق ثنية المرار المؤدية إلى مهبط الحديبية وهي طريق لا تستطيع خيلنا ارتيادها ولذلك آثرت العودة إلى مكة والمرابطة على مشارفها. |
أبو سفيان: نعم ما صنعت يا خالد.. سر ولتكلؤك اللات والعزى. |
(نسمع وقع حوافر فرس خالد وركضها ثم نسمع صوت أبي سفيان يقول): |
إلى يا صفوان بن أمية.. |
صفوان: هاأنذا بين يديك. |
أبو سفيان: ما رأيك فيما فعل محمد.. إنه تحاشى الالتحام بفرساننا وسلك طريق ثنية المرار. |
صفوان: علينا أن نترصد حركاته ونرقب سكناته.. فلا يفاجئنا على غرة. |
أبو سفيان: ولكني علمت أن محمداً وأصحابه لا يحملون من عدة الحرب إلا سيوفهم. |
صفوان: إذن هي فرصتنا يا أبا سفيان. |
أبو سفيان: كيف يا صفوان..؟ |
صفوان: يجب مضايقة المسلمين وحملهم على الدخول في قتال معنا نضمن فيه نصراً مؤزراً كيوم أحد. |
أبو سفيان: ولكن حلفاءنا من كنانة والأحابيش لا يطاوعوننا على خوض معركة ضد قوم جاؤوا يعظمون بيتنا ويقدمون له الهدى… ثم أن مع محمد جيشا لا يقل عدده عن ألف وأربعمائة مقاتل وهو عدد لا يستهان به.. |
صفوان: ولكنه غير مزود بالسلاح. |
أبو سفيان: وسيوف المسلمين.. أنسيتها.. وطاعتهم العمياء لمحمد أتجاهلتها يا صفوان ما رأيت قوماً يحبون أحدا حب أصحاب محمد لمحمد. |
صفوان: إذن ما الرأي يا أبا سفيان. |
(خبطة موسيقية قوية) |
الراوي: إلى الغد إن شاء الله تعالى.. |
|