الحلقة ـ 41 ـ |
مزنة: أماه.. وعدتني بالأمس أن تقصي على حادثتين، بل عبرتين حدثتا في غزوة بني النضير. |
سلمى: نعم يا بنيتي - أما الحادثة الأولى فهي: |
(نقلة صوتية).. |
عمرو بن جحاش: إنك لتعلم يا أبا سعد أن محمداً هو رسول من عند الله بشر به علماؤنا وأحبارنا الذين جاءوا من بيت المقدس يتوقعون قدومه ثم أمرونا أن نتبعه ولكن الحقد والكره البغيض المتأصلين في صدر حيي بن أخطب حالا دون ذلك.. |
أبو سعد بن وهب: أذكر ذلك ولا أنساه.. إن العالمين اليهوديين هما ابن الهبيان وابن جواس وقد ماتا ودفنا هنا في حارتنا هذه وهما ينتظران ظهور محمد.. |
يامين: إن محمداً سيظهر علينا وخاصة بعد أن قتل شجعاننا في الكمين الذي نصبه لهم ولا أظن أن مقاومتنا ستطول وإني قررت أن أراسل محمداً في إسلامي سراً ولكن أخشى أن يبطش بي ابن عمي عمرو بن جحاش فأنت تعلم مبلغ كرهه لمحمد. |
أبو سعد: وأنا قررت أن أسلم فهات يدك وقل معي: |
أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله.. |
(يردد يامين معه الشهادة).. |
يامين: إن لدي رجلاً من قيس أطمئن إليه وسيكون رسولنا إلى محمد. |
أبو سعد: ورسولي معك.. |
يامين: نعم وسأستأجره أيضاً لتخليصي من عمرو بن جحاش.. فتعال معي إليه فإنه ينتظرنا في مكان سري حددته له.. |
(موسيقى وبعد ذلك صوت يامين يقول).. |
يامين: سلام عليك يا سراقة.. |
أبو سعد: سلام عليك - من معك؟ |
يامين: إنه أخي أبو سعد بن وهب.. وقد أسلم مثلي ويريدك أن تكون رسوله إلى محمد.. |
أبو سعد: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله.. |
سراقة: هنيئاً لك بالهداية يا أخي.. |
يامين: والآن نتركك لتذهب إلى النبي صلَّى الله وسلم وتخبره بأمرنا وتطلب لنا منه الأمان على أرواحنا وأموالنا.. |
سراقة: حسناً - السلام عليكم.. |
(يسمعون صوت عمرو بن جحاش يقول وهو يشهر سيفه).. |
عمرو بن جحاش: آه.. يا ويلكم أيها الخونه.. قفوا.. لا تتحركوا.. |
يامين وأبو سعد: من عمرو بن جحاش.. لقد هلكنا وأيم الله.. |
سراقة: لا تخشيا منه.. إني معكما.. |
عمرو بن جحاش: لقد علمت بإسلامكما وظللت أراقبكما لأقبض عليكما متلبسين بالجريمة.. وأنت أيها العربي اتركنا وشأننا وأذهب بأمان.. |
سراقة: كيف أترك أخوي في الإسلام لتقتلهما وأسلم أنا.. لا.. أقتلني قبلهما إن استطعت.. |
عمرو بن جحاش: خذ.. خذ.. |
سراقة: يا مرحبا بالطعان في سبيل الإخوان.. |
(نسمع صوت صليل السيوف والضربات من الطرفين ويامين يقول لأبي سعد).. |
يامين: أخشى أن يظهر على سراقة.. |
أبو سعد: لا تخف.. إن سراقة فارس ماهر.. |
(وبعد مجالدة غير يسيرة تغلب سراقة على عمرو بن جحاش، وفرز سيفه في صدره فوقع عمرو على الأرض وهو يجأر).. |
عمرو: آه - قتلتني ولم يحرك قريباي ساكناً.. لقد شدهما الإسلام إليك.. أكثر.. مني آه ما أقوى رابطة الإسلام.. آه.. آه.. |
(ثم فاضت روحه فالتفت سراقة إلى يامين وأبي سعد وقال لهما).. |
سراقة: هيا أنجوا.. وأتركاني انصرف بالجثة.. |
يامين: لك عندي مكافأة خمسة أوسق من تمر.. |
سراقة: لا أريد منكما جزاءاً ولا شكوراً.. لقد قتلته في سبيل الإسلام.. هيا أذهبا على عجل هيا.. |
(نسمع ركضهما).. |
مزنة: نعم ما أشد رابطة الإسلام وأقواها.. الحمد لله على نعمة الإسلام والحمد لله على الخلاص من عدو الله عمرو بن جحاش. |
سلمى: الحمد لله.. الحمد لله.. أما الحادثة الثانية فهي: |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى).. |
زيد: ولا بد أن غنائم المسلمين من وراء غزوة بني النضير كثيرة جداً يا حكيم.. |
حكيم: وبالرغم من الحرية المطلقة التي أعطاها النبي صلَّى الله عليه وسلم لبني النضير ليحملوا على إبلهم كل ما يقدرون حمله حتى أن أحدهم صار يعمد إلى عتبة باب داره فيخلعها ثم يضعها على ظهر البعير.. بالرغم من كل ذلك فقد تركوا غنائم وغلالاً عظيمة مع مساحات شاسعة مزروعة بالنخيل وغيرها من الزروع.. |
الحارث: وكان نصيب المقاتلين من المسلمين كبيراً ولا شك.. |
حكيم: لم يقسم النبي صلَّى الله عليه وسلم غنائم يهود بني النضير كما تقسم غنائم الحرب المقاتلين المسلمين وإنما قسّم هذه الغنائم على المهاجرين دون الأنصار.. |
زيد: وكيف كان ذلك يا حكيم؟.. |
حكيم: جمع رسول الله صلَّى الله عليه وسلم الأنصار بعد انتهاء غزوة بني النضير ووقف فيهم خطيباً فقال ما معناه: |
إن إخوانكم المهاجرين ليس لهم أموال.. فإن شئتم قسمت هذه الأموال التي أفاء الله علي وخصني بها مع أموالكم بينكم جميعاً وإن شئتم أمسكتم أموالكم وقسمت فيهم هذه خاصة، (أي غنائم بني النضير) فقالوا: |
بل أقسم هذه فيهم وأقسم لهم من أموالنا ما شئت فسرّ النبي صلَّى الله عليه وسلم لموافقة الأنصار على طلبه.. |
مزنة: يا الله ما أكبر هذه الروح السامية التي أظهرها الأنصار نحو إخوانهم من المهاجرين.. |
سلمى: نعم يا بنيتي.. ما أعظمها واسماها.. لقد روى أن النبي صلَّى الله عليه وسلم حين رأى من الأنصار ذلك قال: |
اللَّهم أرحم الأنصار وأبناء الأنصار.. |
مزنة: اللَّهم أرحم الأنصار وأبناء الأنصار.. |
سلمى: وفي موقف الأنصار المشرف هذا أنزل الله تعالى قوله: |
وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ..
|
وبهذه القصة صار للمهاجرين مال وديار عوضتهم بعض الشيء عما تركوا بمكة وأغنتهم عن أن يكونوا عالة على إخوانكم الأنصار. |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى).. |
زيد: لقد كان حزن المنافقين ولا شك شديداً على جلاء بني النضير.. |
حكيم: نعم تأثر المنافقون ونزل بهم من الهم والغم أمر عظيم وخاصة رأس النفاق عبد الله ابن أُبي بن سلول لأن اليهود كانوا سنداً لهم في مقاومتهم للنبي صلَّى الله عليه وسلم.. |
الحارث: ولكن الضربة التي نزلت ببني النضير قد حدت ولا شك من نشاط المنافقين.. |
حكيم: لقد سكن المنافقون ظاهراً.. ولكن دسائسهم ومكايدهم كانت مستمرة في الباطن.. |
زيد: إن إجلاء بني النضير قد قوى مركز المسلمين في المدينة وخلصهم من جار عدوهم وبنو النضير.. |
حكبم: هذا صحيح وقد انفسح المجال أمام المسلمين للقيام بحملات ضد الأعراب والقبائل المجاورة للمدينة فقد كانوا مصدر إزعاج وكانوا مع كل ناعق ضد النبي صلَّى الله عليه وسلم.. |
زيد: الأعراب أشد كفراً ونفاقاً. |
حكيم: وبالرغم من التوفيق الذي لازم الحملات الإسلامية ضد الأعراب والقبائل فقد ظل بنو قريظة شوكة في جنب المسلمين وكذلك وكرهم في خيبر ظل منتجعاً لكل دسائس ومؤامرة وقاعدة الانطلاق الدسائس والمؤامرات ضد المسلمين.. |
الحارث: ولا شك أن المنافقين في المدينة كانوا يغذون قاعدة الدس والتآمر في خيبر بكل ما يحصلون عليه من أخبار المسلمين.. |
حكيم: نعم ((كما أن يهود بني النضير حين خرجوا من أماكنهم حول المدينة هددوا بأنهم سيرفعون الأرض ويخفضونها بأموالهم ويجعلون عاليها سافلها على المسلمين.. |
(خبطة موسيقية).. |
مزنة: قاتلهم الله أنى يؤفكون.. ألم يتخلص المسلمون من هذه الأوكار ويهدموها على من فيها. |
سلمى: ستعرفين ذلك في الأيام القادمة إن شاء الله.. |
مزنة: إن شاء الله.. |
|