شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الحلقة ـ 38 ـ
مزنة: حدثيني يا أماه هل نجحت خطة الانسحاب التي قام بها المسلمون يوم أُحد؟
سلمى: إليك يساق الحديث..
(موسيقى انتقالية)..
الحارث: وماذا يا حكيم بعد أن ترجل أُبيُّ بن خلف عن فرسه أثر الطعنة التي تلقاها من رسول الله صلَّى الله عليه وسلم..
حكيم: لقد انقلب أُبيُّ لعنه الله عن ظهر فرسه وصار يتدحرج على الأرض عدة مرات من شدة الطعنة والدم يتدفق من عنقه فاحتمله أصحابه وقد هلك وهو في طريق عودته إلى مكة.
زيد: إلى جهنم وبئس القرار..
حكيم: ونجح المسلمون في انسحابهم المنظم نحو هضاب جبل أًحد بعد اشتباكات متعددة تغلبوا فيها على خيالة المشركين الذين قاموا بمحاولات يائسة لإعاقة هذا الانسحاب.. وحينما وصل المسلمون إلى هضبة عالية من هضاب جبل أًحد جعلوا منها خط دفاع حصين تحدوا بها كل المحاولات التي قام بها المشركون لسحقهم أو تشتيتهم من جديد..
الحارث: ولا شك أن هذا الانسحاب الناجح قد نجّى المسلمين من خطر الإبادة..
حكيم: نعم يا حارث.. لقد سلم بهذا الانسحاب أكثر من ستمائة رجل من جيش النبي صلَّى الله عليه وسلم البالغ عدده (700) رجل..
زيد: ألم يحاول المشركون مهاجمة المسلمين في مركزهم الجديد..
حكيم: لقد حاولت كتيبة من الفرسان بقيادة أبي سفيان وخالد بن الوليد ضرب المسلمين في مقرهم ولكن المسلمين بقيادة عمر بن الخطاب شنوا هجوماً مضاداً وقاتلوهم حتى أجبروهم على الارتداد والهبوط إلى وادي أُحد..
الحارث: وماذا جرى بعد ذلك؟
حكيم: عندما فشلت هذه المحاولة يئس المشركون وقرر أبو سفيان إنهاء القتال ونادى بأعلى صوته..
(نقلة صوتية)..
أبو سفيان: يا معشر محمد..
الحرب سجال.. يوم بيوم.. يوم علينا ويوم لنا ويوم نُساء ويوم نُسَر.. أعْلِ هبل.
حكيم: وقد أمر النبي صلَّى الله عليه وسلم أن يجيبه عمر بن الخطاب.. فأجابه: اللَّه أعلى وأجل لا سواء قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار.
زيد: صدق والله.. لقد صدق.
حكيم: ولما سمع أبو سفيان صوت عمر بن الخطاب ناداه قائلاً:
هلم إلي يا عمر.. فقال رسول الله صلَّى الله عليه وسلم لعمر:
إئته فانظر ما شأنه، فلما جاءه قال له أبو سفيان: أنشدك الله يا عمر.. أقتلنا محمداً؟ فقال عمر: اللَّهم لا وإنه ليسمع كلامك الآن. فقال أبو سفيان: أنت أصدق عندي من ابن قمئة وأبر..
الحارث: أليس ابن قمئة هو الذي قتل مصعب بن عمير حامل لواء المسلمين يوم أُحد وأشاع أنه قتل محمداً..
حكيم: نعم يا حارث.. وعندما ارتحل أبو سفيان ومن معه نادى:
(نقلة صوتية)..
أبو سفيان: إن موعدكم بدر للعام القابل..
حكيم: فأمر النبي صلَّى الله عليه وسلم أحد أصحابه ليجيبه:
أحد أصحاب النبي صلَّى الله عليه وسلم: نعم يا أبا سفيان.. هو بيننا وبينكم موعد..
حكيم: وحينما بدأ جيش أبي سفيان الرحيل قال النبي صلَّى الله عليه وسلم لعلي بن أبي طالب أخرج في آثار القوم فانظر ماذا يصنعون وما يريدون فإن كانوا قد جنبوا الخيل وامتطوا الإبل فإنهم يريدون مكة وإن ركبوا الخيل وساقوا الإبل فإنهم يريدون المدينة والذي نفسي بيده لئن أرادوها لأسيرن إليهم فيها ثم لأناجزنهم..
وخرج علي بن أبي طالب في أثرهم فوجدهم قد جنبوا الخيل وامتطوا الإبل ووجهوا إلى مكة..
مزنة: وكم كان عدد قتلى المسلمين في أُحد يا أماه؟
سلمى: سبعون شهيداً يا بنيتي..
مزنة: وقتلى المشركين؟..
سلمى: اثنان وعشرين قتيلاً..
مزنة: لا شك أن مركز المسلمين قد تأثر بعد معركة أًحد يا أماه..
سلمى: نعم لقد تأثر مركز المسلمين العسكري والسياسي نتيجة للانتكاسة التي أصيبوا بها في أُحد وتعرضوا إلى مشاكل داخلية وخارجية..
فالمشاكل الداخلية كانت من المنافقين واليهود..
والمشاكل الخارجية كانت من الأعراب ومن قريش..
مزنة: كيف كان ذلك يا أماه؟..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى)..
(هرج.. ومرج.. وضجيج.. وأصوات مبهمة تعلو وتهبط وأحدهم يقول)..
منافق: لقد انهزم محمد وقتل أكثر من كانوا معه..
منافق آخر: لو كان نبياً حقاً ما انهزم..
منافق ثالث: لو أطاع محمد رأي رئيسنا عبد الله ابن أُبي بن سلول ما أصابه..
مسلم: أسكت يا عدو الله.. إننا لم ننهزم أيها المنافق.. لو كنا منهزمين لتبعنا أبو سفيان بجيشه.. إنه لم يظفر بأسير منا ولا بأية غنيمة.
(أصوات ضحك وسخرية)..
منافق: إن قريشاً قد عسكرت بالروحاء استعداداً للهجوم على المدينة..
هيئوا أيها القوم أنفسكم.. وباعدوا بين منازلكم ومنازل أصحاب محمد..
يهودي: إن محمداً طالب ملك.. طالب عرش ودنيا.. فما أصيب نبي قط بمثل ما أصيب به محمد في بدنه وفي أصحابه..
يهودي: لقد قرأت سير الأولين.. ودرست التوراة والإنجيل.. فلم أسمع عن نبيّ يا عزرا نكب في معركة كما نكب محمد..
مسلم: أسكتوا أيها اليهود الأوغاد.. سيأتي اليوم الذي تحاسبون فيه حساباً عسيراً على أرجافكم وتآمركم علينا نحن المسلمين الذين وادعناكم وأعطيناكم الحرية المطلقة في دينكم وأموالكم.
مسلم آخر: دعهم يا كعب فسيكون لنا معهم شأن قريب وأي شأن..
ألا تسمع.. ألا تسمع..
مسلم: نعم.. إنه مؤذن رسول الله عليه الصلاة والسلام يطلب الخروج في أثر العدو..
المؤذن: يا أبطال أُحد.. يا أبطال أُحد.. إن رسول الله يدعوكم للخروج لمطاردة أبي سفيان ومن معه.. فالبدار البدار.. لا يخرجن معنا أحد.. إلا أحد حضرنا يومنا بالأمس..
(أصوات أبواق الحرب وصهيل الخيل وقعقعة السلاح وضجيج وهمساً مبهماً)..
أحد اليهود: عزرا.. يا عزرا.. النجاة.. النجاة.. النجاة.. إن المسلمين ما يزالون اقوياء.
عزرا: يجب أن تصل أنباء خروج المسلمين إلى قريش قبل أن يؤخذوا على غرة هلمّ بنا يا حزقيل.. فأنت خير من يقوم بهذه المهمة..
منافق: هيا بنا يا جندب.. هيا نتظاهر بأننا مع المسلمين فإن وفقوا رأوا أننا كنا معهم وإن انخذلوا كفينا شرهم..
منافق آخر: أجل إنها تعاليم رئيسنا عبد الله بن أُبي بن سلول..
منافق ثالث: لا تقل رئيسنا.. إنه لم يعد رئيسنا بعد أن أهانه المسلمون وأفحشوا في إهانته وإذلاله..
منافق: سنعرف كيف نثأر لإهانته.. فالاتصالات بيننا وبين اليهود وستؤتى أكلها قريباً هيا نحمس المسلمين..
منافق آخر: هيا.. هيا..
(أصوات.. الله أكبر.. الله أكبر.. الله أكبر)..
كما تسمع حركات الزحف.. والخيل وأقدام المشاة..
حكيم: وتحركت قوة الجيش المدني بقيادة الرسول الأعظم الذي أعطى لواء هذه الحملة إلى علي بن أبي طالب وقد عمرت الدهشة المنافقين واستولى الذعر على اليهود وهم يرون هذا الجيش الذي ظنوا أنه هزم وأبيد، يتسابق أفراده في عزم وتصميم إلى حمل السلاح لمطاردة العدو الذي حسبوه أنه قد انتصر على المسلمين انتصاراً حاسماً..
الحارث: لقد كانت وأيم الحق خطة بارعة قام بها النبي صلَّى الله عليه وسلم ولما لم يمض أكثر من نهار واحد على معركة أُحد..
حكيم: نعم يا حارث.. ولعلّ أبرز ما في هذه الحملة أن يرى المنافقون واليهود جرحى المسلمين في أُحد يهرعون إلى حمل السلاح، ويتدافعون للاشتراك في هذه الحملة حتى الذين كانت جراحهم غائرة تحاملوا على أنفسهم وخرجوا مع رسول الله صلَّى الله عليه وسلم وفي بعضهم عشرات الجراح.. وسارت هذه الحملة النبوية إلى موضع اسمه حمراء الأسد.
زيد: وأين كان أبو سفيان ومن معه؟..
حكيم: كانوا يعسكرون في الروحاء حيث عقد أبو سفيان ومن معه من القادة: أمثال صفوان بن أمية وعكرمة ابن أبي جهل، ندوة استشارية يجترون فيها انتصارهم في معركة أُحد..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى)..
عكرمة: يا أبا سفيان.. إنك الوالد والقائد.. فهل ترى كنت مصيباً عندما سارعت في الانسحاب من أحد قبل أن نقضي على محمد ومن معه..
أبو سفيان: إن النصر الذي أحرزناه لم يكن نتيجة بسالة جيشنا وإنما جاء نتيجة غلطة رماة محمد لقد هزمنا في أول المعركة.. ووصلت سيوف المسلمين إلى نساءنا.. أليس كذلك يا عكرمة وأنت يا خالد.
عكرمة: ولكن جيش محمد انهزم..
أبو سفيان: يا بني.. إن جيش محمد انهزم فعلاً بعد غلطة الرماة عاد وتماسك وتحصن في الأماكن التي حاولنا احتلالها عدة مرات ففشلنا وقد كنت معنا في هذه المحاولات..
أحدهم: يا أبا سفيان.. لا محمداً قتلتم.. ولا الكواعب أردفتم.. بئس ما صنعتم.. إنكم قتلتموهم حتى لم يبق إلاّ الشريد، تركتموهم..
أرجعوا فاستأصلوهم قبل أن يجدوا قوة وشوكة..
صفوان ابن أمية: يا قوم لا تفعلوا.. فإني أخاف أن يجتمع عليكم من تخلف عن الخروج يوم أُحد.. فارجعوا والدولة لكم فإني لا آمن إن رجعتم أن تكون الدولة عليكم..
(هرج ومرج وأصوات تقول):
الأصوات: يجب أن نعود إلى يثرب.. لا يجب أن نعود إلى مكة بدون الأسلاب والسبايا إننا لا نوافق أبا سفيان.. ولا صفوان بن أمية.. عودوا بنا.. عودوا بنا..
أبو سفيان: يا قوم.. يا قوم.. لا تستمعوا إلى عواطفكم.. بل إلى عقولكم.. إن كثيراً من أصحاب هذه الأصوات المتأججة حماساً رأيتها تولي الأدبار.. لا تلوي على شيء في بداية معركة أُحد.. ما أنتم والله بأشد مني حرصاً على الظفر والنصر وما دمتم مصرين على العودة فأنا معكم.. والويل لمن تحدثه نفسه منكم بالارتداد والهزيمة..
أصوات: مرحى لأبي سفيان.. مرحى.. مرحى.. مرحى..
(وصوت يقول بعد ذلك)..
الصوت: يا أبا سفيان.. لقد قدم رجالنا الذين بعثناهم يستطلعون أخبار محمد..
أبو سفيان: أدخلوهم حالاً..
(نسمع حركة دخولهم وأحدهم يقول)..
أحدهم: عم مساءً يا أبا سفيان..
أبو سفيان: عم مساءً ما وراءك؟..
أحدهم: لقد خرج محمد في جيش غير قليل لمطاردتنا وقد عسكر في حمراء الأسد..
أبو سفيان: ألم أقل لكم يا قوم أن تصيخوا لعقولكم ولا تستمعوا لعواطفكم.. هاهو محمد في آثاركم يطلبكم قبل أن تطلبوه..
صفوان بن أمية: ربما جاء بمدد جديد لمقاتلتنا..
أبو سفيان: لا شك في ذلك.. لن يخاطر محمد إذا لم يكن واثقاً من نفسه..
أصوات: ما الرأي أيها القائد؟..
أبو سفيان: الرأي ما ترون..
أحدهم: يا أبا سفيان.. هذا معبد بن أبي معبد سيد خزاعة قادم للسلام عليك..
أبو سفيان: يا مرحبا به.. أدخلوه.. أدخلوه..
(يدخل معبد فينهض أبو سفيان ومن معه للقائه وهو يقول)..
يا مرحبا بك يا معبد.. أهلاً بأخ كريم وسيد عظيم..
معبد: حييت يا ابن حرب.. وهنيئاً لك بالنصر..
أبو سفيان: أبلغتك أخبارنا يوم أُحد..؟
معبد: بلى.. لقد سارت بذكرها الركبان ولكن..
أبو سفيان: ولكن ماذا.. قل بربك.. قل..
(خبطة موسيقية قوية)..
سلمى: إلى الغد يا بنيتي إن شاء الله..
مزنة: إنك تتعمدين يا أماه بتر حديثك في أحرج المواقف.. الأمر لله.. إلى الغد إن شاء الله..
 
طباعة

تعليق

 القراءات :794  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 38 من 69
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

أحاسيس اللظى

[الجزء الثاني: تداعيات الغزو العراقي الغادر: 1990]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج