شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الحلقة ـ 33 ـ
مزنة: أماه وصلنا بالأمس إلى انتصار المسلمين المؤزر في بدر فماذا كان صداه داخل المدينة المنورة.؟
سلمى: عند وقوع معركة بدر كان سكان المدينة يتألفون من عناصر ثلاثة: المسلمون واليهود والمنافقون.
مزنة: بالطبع اليهود والمنافقون كانوا يتمنون بل ويتوقعون الهزيمة للمسلمين والنصر والغلبة للمشركين في هذه المعركة.
سلمى: نعم يا بنيتي... لقد نظم اليهود والمنافقون قبل وصول البشير بنصر المسلمين إلى المدينة حملة من الأرجاف وبلبلة الأفكار وكان المسلمون الذين تخلفوا عن حضور المعركة يعيشون على أعصابهم حتى جاء زيد بن حارثة وعبد الله بن رواحة مبشرين من قبل النبي صلى الله عليه وسلم بالانتصار فعمت البهجة والسرور نفوس المسلمين.
مزنة: وكيف كان وقع نبأ المعركة على قريش في مكة؟
(أصوات متداخلة متشابكة ومبهمة.. وهمسات خفيفة وقائل يقول):
الأول: لقد نجت العير وسلمت تجارتنا وقافلتنا.
الثاني: ولكن رجالنا الذين ذهبوا للقاء محمد في بدر ماذا جرى لهم ما هو مصيرهم؟
الثالث: وهل تشك في أنهم قضوا على محمد ومن معه؟
الرابع: إن أخبار النصر لا تخفى...
الأول: وأخبار السوء لا تخفى أيضاً..
الثاني: انظروا أيها القوم أني أرى أحد فرساننا قادماً وهو يلهث أعياء هلموا إليه...
أصوات: هلموا.. إليه... هلموا... إليه...
أحدهم: ما وراءك يا حيسمان؟؟
الثاني: قل وبشر..
الحيسمان: (وهو يلهث) هزمنا.. هزمنا.. قتل عتبة وشيبة وأبو جهل وأمية ابن خلف وغيرهم من صناديد قريش.
صفوان ابن أمية: إنه مجنون يا قوم.. لا تصدقوه.. أسالوه إن كان يعقل...
الحيسمان: لقد رأيت أباك وأخاك يا صفوان صريعين على أرض بدر وتقول أني مجنون... أنك أنت المجنون.
أبو لهب: يا قوم... يا قوم... جاءكم سفيان بن الحارث بن عبد المطلب أخ محمد من الرضاعة وعنده الخبر اليقين قل يا بن الحارث ما صنعت اللات والعزة بأخيك من الرضاعة.
سفيان بن الحارث: والله يا أبا لهب ما هو إلا أن لقينا القوم فمنحناهم أكتافنا يقتلوننا كيف شاؤوا ويأسروننا كيف شاؤوا، وأيم الله ما لمست الناس.. لقد لقينا رجال بيض على خيل بلق بين الماء والأرض.. والله لا يقوم لها شيء.
أبو رافع: تلك والله الملائكة.. تلك والله الملائكة.. وأنا أبو رافع..
أبو لهب: اسكت أيها الصابئي.. خذ.. خذ..
أم الفضل: أتضربه يا عدو الله.. لقد استضعفته واستأسدت عليه في غياب سيده.. خذها مني.. خذها مني.. يا عدو الله..
سلمى: وضربت أم الفضل زوج العباس بن عبد المطلب أبا لهب بعامود من الأعمدة التي كانت في حجرتها فشجت رأسه شجة منكرة فقام من بين القوم ذليلاً مهاناً ولم يعش بعد ذلك إلا سبع ليال هلك بعدها بداء العدسة.
مزنة: وما هي العدسة يا أماه.
سلمى: مرض معد مشهور عند العرب كانت تتقيه كما نتقي نحن إلا أن مرض الطاعون... وعندما هلك أبو لهب تركه أبناؤه ثلاثة أيام حتى انتهى لأنهم خافوا من العدوى ثم استحيوا عندما قام عليهم المجاورون فاحتملوه وأسندوه إلى جدار ورضموا عليه الحجارة..
مزنة: لعنة الله عليه... إلى جهنم وبئس القرار... طيب يا أماه وماذا كان تأثير معركة بدر على سكان الجزيرة العربية...
سلمى: انتهت معركة بدر بالانتصار الحاسم للمسلمين وبتدهور سمعة قريش العسكرية والسياسية في بلاد العرب ورفعت سمعة المسلمين إلى القمة وجعلتهم سادة الموقف وخاصة في منطقة المدينة ولكن..
مزنة: ولكن ماذا؟
سلمى: هل استكان أعداء الإسلام بعد هذه الهزيمة المنكرة..؟
لا..
مزنة: كيف يا أماه...
(أصوات مبهمة تدل على اجتماع وصوت أبو سفيان يقول):
أبو سفيان بن حرب: يجب أن تخمد أصوات الثكالى والنائحات على قتلى بدر حتى لا تنهار أعصاب رجالنا - وغناننا.. فقد انقلبت مكة من أقصاها إلى أقصاها إلى مناحة مفزعة رهيبة.
صفوان: صدقت يا أبا سفيان.. يجب أن نمنع البكاء على قتلى بدر لئلا يشمت بنا المسلمون...
أبو سفيان: يا قوم أن صفوان ابن أمية فقد أباه وأخاه في المعركة وكان أولى منا جميعاً بالبكاء والحزن.. ومع ذلك فقد تجمل وها هو يطالبنا بمنع النواح والبكاء.
أحدهم: نعم الرأي.. يجب أن نعلن من فوق جبل ابن قيس حظر البكاء والنواح.
الجميع: موافقون.. موافقون..
أبو سفيان: علينا أن نوطد العزم على أن لا نمكن لمحمد وأتباعه من تحقيق أي نصر بعد اليوم يزيد من قوتهم ويقوي من شوكتهم.
عمير بن وهب: أرى أن نستعين بيهود يثرب والمنافقين فيها.
أبي بن خلف: صدقت يا عمير بن وهب يجب أن نستميلهم إلى جانبنا وأن نعبىء أنفسنا في سرية تامة وحذر من عيون المسلمين الموجودين بين ظهرانينا.
صفوان بن أميه: سأكفيك شر أتباع محمد الموجودين في مكة سأنكل بهم أشد التنكيل وأعذبهم أشد العذاب يا أبي بن خلف.
أبي بن خلف: أنت لها يا صفوان.. أنت لها..
صفوان: لن يذهب دم أبي وأخي هدراً.. واللات والعزى لأنتقمن لها..
أبو سفيان: لقد اتفقنا أيها القوم فلنأخذ في التأهب استعداداً لمعركة الثأر القادمة..
سلمى: وفيما كانت قريش تستعد لمعركة الثأر كان اليهود والمنافقون في يثرب يبثون الفرقة بين المسلمين ويصطنعون جميع الوسائل لتصديع جبهة الأخاء بإثارة النعرات الجاهلية بين الأوس والخزرج وبالتشويش على المسلمين ومحاولة تشكيك البعض منهم في عقيدتهم..
مزنة: إن طبيعة الدس والتآمر متأصلة في نفوس اليهود فقد أصبحت جزءاً من كيانهم ومرضاً مزمناً في قلوبهم إلى يومنا هذا...
(اثنان يلهثان هما حييب بن أخطب وأخوه ياسر):
ياسر: أهو هو... محمد.. الذي تتحدث عنه كتبنا يا حبيب.
حييبي: إنه هو أي والله يا ياسر... أنه هو...
ياسر: أتعرفه وتسميه؟؟
حييبي: نعم..
ياسر: فما في نفسك منه؟
حييبي: ((عداوته والله ما بقيت))...
سلمى: لقد زادهم غماً وملأ قلوبهم حسداً حين تأكد لديهم أن النبي صلى الله عليه وسلم هو النبي الموعود الذي تحدثت عنه كتبهم وثوراتهم.. وزاد في حسدهم بل وأقض مضاجعهم انتشار ظل الإسلام على أرجاء يثرب في شرعة مذهلة لم يكونوا يتوقعونها.
مزنة: لعنهم الله... لقد ضمن لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حرية الرأي وحرية العقيدة والتصرف المطلق فيما يملكون فماذا يريدون أكثر من ذلك سماحة وتسامحاً؟
سلمى: لم يجد اليهود طوال تاريخهم ديناً يعاملهم بالحسنى ويمنحهم الحرية العقائدية والملكية والحرية الشخصية غير الإسلام فالمسيحية اضطهدتهم وعذبتهم... ولكنه مرض الحقد والحسد المزمن في نفوسهم وقلوبهم وحسد ما بينهم وبين أعداء الإسلام فأصبحوا جميعاً كتلة واحدة وأصبح مركز النبي صلى الله عليه وسلم محفوفاً بالأخطار في المدينة.
مزنة: قاتلهم الله أنّى يؤفكون..
سلمى: لقد رأوا بعد معركة بدر أن فجر الإسلام قد بدأ يظهر ويمتد وأن لا سبيل للقضاء عليه إلاَّ بقتل قائد المسلمين..
مزنة: من.. يا أماه.. أيريدون قتل النبي صلى الله عليه وسلم.
سلمى: نعم.. نعم..
مزنة: كيف.. يا أماه.. كيف..
سلمى: ستعرفين ذلك غداً إن شاء الله.
مزنة: إن شاء الله.. تصبحين عليّ خير يا أماه..
سلمى: تصبحين على خير يا بنيتي..
 
طباعة

تعليق

 القراءات :710  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 33 من 69
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ الدكتور سليمان بن عبد الرحمن الذييب

المتخصص في دراسة النقوش النبطية والآرامية، له 20 مؤلفاً في الآثار السعودية، 24 كتابا مترجماً، و7 مؤلفات بالانجليزية.