الحلقة ـ 32 ـ |
مزنة: أماه.. هيا.. هيا.. فقد دنا وقت الحديث.. هاتي.. |
سلمى: وبعد هذا التطور التشريعي الذي أحل قتال العدو في أي زمان.. دخل الصراع المسلح بين المسلمين وكفار قريش واتسعت الهوة بين الفريقين... وصمم المسلمون على أن لا يتركوا أية فرصة تسنح لهم للإيقاع بعدوهم إلا اغتنموها... |
مزنة: ضروري.. ضروري.. لقد أوذي المسلمون كثيراً من كفار قريش. |
سلمى: صحيح.. كذلك أدرك كفار قريش أن المسلمين مصممون على محسابتهم عسكرياً على كل ما ارتكبوه في حقهم من سيئات. |
(أصوات أبواق حرب وضجيج.. وقعقعة سلاح.. وصهيل خيل.. وصوت هادر يقول): |
الصوت الهادر:
وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ (الأنفال: 60). |
مزنة: صدق الله العظيم. |
(أصوات أبواق حرب... وسلاح.. ومطاردات وأصوات تردد): |
الأصوات: الله أكبر.. الله أكبر... الله أكبر.. |
(صليل السيوف.. وصهيل الخيل.. وأنات جرحى وسقوط قتلى... وصوت هادر يقول): |
الصوت الهادر:
وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ . إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَن يَكْفِيكُمْ أَن يُمِدَّكُمْ رَبُّكُم بِثَلاَثَةِ آلاَفٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُنزَلِينَ . بَلَى إِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ وَيَأْتُوكُم مِّن فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُم بِخَمْسَةِ آلافٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُسَوِّمِينَ . وَمَا جَعَلَهُ اللّهُ إِلاَّ بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُم بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (آل عمران: 123 - 126). |
(نقلة صوتية من دون موسيقى).. |
النضر: كنت يا أبا حزام من شهود يوم بدر فهلا حدثتنا عنه. |
حكيم: كنت وعتبة من شهود يوم بدر وكنا مع أبي جهل نسعى لحماية قافلة أبي سفيان فجاءنا رسوله يقول إنما خرجتم لتمنعوا عيركم ورجالكم وأموالكم ولكن أبا سفيان سلك طريقاً آخر فأمن على القافلة فارجعوا. |
النضر: ولكنكم لم تعودوا. |
حكيم: أبي أبو جهل أن يعود بالناس وقال لهم. لا واللات لا تقول قريش أني ما رأيت محمداً إلا ملئت منه رعباً ووليت فراراً. |
النضر: لقد قضت عليه كبرياؤه. |
حكيم: هو ذاك يا نضر. لقد ظن أبو جهل أنه سيغلب المسلمين فيعود إلى مكة يسقي الخمر ويطعم الطعام ويسمع به العرب فيهابونه ويتخلون عن دعوة الرسول. |
النضر: وأين عسكر جيش محمد يوم بدر؟ |
حكيم: أمر محمد جيشه بالنزول فأشار حباب بأن ينزلوا حول ماء القليب فيشربون ولا يشرب أصحاب أبي جهل فأقره الرسول على رأيه. |
النضر: وأين كان موقع الرسول من ساحة المعركة؟ |
حكيم: بنى له سعد عريشاً وأحاط به أبو بكر وعمر وإذا بقريش تقترب من الماء فيصده جيش الرسول عنها. |
النضر: حدثنا عن المعركة يرحمك الله. |
حكيم: بارز علي وحمزة وعبيدة بن الحارث عتبة والوليد وشيبة فقتل الوليد وعتبة وجرح شيبة عبيدة فقتله حمزة ثم شدت قريش بالنبال فقتل مهجع مولى عمر وحارثة بن سراقه فاشتد القلق بالمسلمين. |
النضر: ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يهن وأمر الناس بأن يشدوا وأخذ حفنة من التراب ورمى بها وجه قريش وهو يقول: شاهت الوجوه.. شاهت الوجوه.. |
حكيم: لله وحمزة عم النبي صلَّى اللَّه عليه وسلم فقد امعن في تقتيلا... فألهبت شجاعته أخوانه من المهاجرين والأنصار وبدأ الذعر يدب في صفوف قريش بعد أن فقدت الصيد من رجالها... |
النضر: وأبو جهل رأس هذه الفتنة والمحرك لهذه المعركة ماذا انتهى إليه.. |
حكيم: ضربه معاذ بن عمرو الأنصاري فبتر قدمه ونصف ساقه فوقع على الأرض ثم أجهز عليه معوز بن عفراء ولم ينقذه من شر مصيره استنجاده بولده عكرمة... وأخيراً وجد عبد الله بن مسعود فوضع رجله على عنقه ليحتز رأسه وهو يقول له: |
(نقلة صوتية): |
عبد الله بن مسعود: هل أخزاك الله يا عدو الله. |
أبو جهل: أخبرني لمن الدائرة اليوم. |
ابن مسعود: لله ولرسوله وللمؤمنين. |
سلمى: وعندما جلس عبد الله بن مسعود على صدر أبي جهل ليقطع رأسه قال له أبو جهل. |
أبو جهل: لقد ارتقيت صعبا يا رويعي الغنم... |
مزنة: كم هو فظيع هذا اللعين وجبار حتى في مماته... لعنه الله وهل صحيح ما قاله عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه. |
سلمى: نعم يا بنيتي كان عبد الله بن مسعود من رعاة الغنم بمكة ولكنه كان من السابقين الأولين في الإسلام وكان خادماً مخلصاً للرسول صلى الله عليه وسلم ورفيقه في حله وترحاله وغزواته. |
مزنة: طمنيني يا أماه ماذا فعل عبد الله بن مسعود بأبي جهل اللعين؟. |
سلمى: احتز رأس أبي جهل وأسرع به إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال له هذا رأس عدو الله أبي جهل بن هشام فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الله الذي لا اله إلا هو... |
مزنة: طمنتيني يا أماه... طمنتيني. |
سلمى: وروى عنه صلى الله عليه وسلم أنه حين وقف على رأس هذا الطاغية أبي جهل قال: الحمد لله الذي أخزاك يا عدو الله... هذا فرعون هذه الأمة. |
مزنة: إلى جهنم وبئس القرار. |
سلمى: وقد تجلت في معركة بدر يا بنيتي مناظر رائعة برزت فيها قوة العقيدة وتجلى فيها الثبات - على المبدأ بأجلى مظاهره فقد قاتل الابن أباه والأخ أخاه فقد كان الصحابة أبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة واقفاً مع النبي صلى الله عليه وسلم يشهد جثة أبيه الكافر تلقى في (القليب) وهو حفرة كبيرة كانت بقرب المعركة كما قتل عمر بن الخطاب رضي الله عنه خالد العاص بن هشام في تلك المعركة. |
مزنة: ما أقوى رابطة العقيدة والدين أنها أعظم من رابطة الدم واللغة.. |
سلمى: صدقت يا بنيتي.. كم أنّى فخورة بهذه النتيجة.. أليس أول وقود اشتعلت به معركة بدر الفاصلة هو دم الأقربين الذي أسالته سيوف الأسرة الواحدة فقد قتل حمزة وعلى أولاد عمومتهم وأسالوا دمائهم القريبة إليهم والغالية عليهم فهل أسالوها في سبيل القومية والعنصرية أم أسالوها في سبيل العقيدة والدين؟ |
مزنة: بل في سبيل المبادىء والعقائد لا القوميات والنعرات. |
سلمى: لقد رسم يوم بدر يا بنيتي أروع نموذج هي للثبات الصادق على العقيدة.. لقد آخى الإسلام في هذه المعركة بين الأبعدين وباعد الكفر بين الأشقاء والأقربين وكانت وقعة بدر من المعارك الفاصلة في تاريخ الإسلام. |
مزنة: صحيح يا أماه... صحيح... واراح الله المسلمين من عدوهم اللدود أبي جهل لعنه الله إلى يوم الدين. |
سلمى: وابتدأت الغزوات والسرايا بعد وقعة بدر تتري في شكل منظم في سبيل نشر العقيدة وتثبيت الإسلام. |
مزنة: ما معنى غزوة وسرية. |
سلمى: الغزوة هي الحملة العسكرية التي يقودها صلى الله عليه وسلم بنفسه سواء حارب فيها أو لم يحارب والسرايا هي التي يرسل فيها أحد قادته... |
مزنة: ما أحب الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم إلى قلبي. |
سلمى: وهل هنالك شيء في الدنيا أحب إلى النفس المؤمنة من أن تسمح أو تتحدث عما تعرفه عن هذا الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم فإلى الغد إن شاء الله. |
مزنة: إلى الغد إن شاء الله. تصبحين على خير يا أماه. |
سلمى: تصبحين على خير يا بنيتي. |
|