شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
أجاب الدكتور عبد الله الغذامي قائلاً:
- أما ما يتعلق بالجرجاني وأنه أشار إلى العلاقة بين الجزء والكل.. الجرجاني لم يفعل، نظرية النظم عند الجرجاني كانت تدور حول الجملة، لكنه لم يتجاوز الجملة إلى ما هو أكبر من الجملة. والبنيوية تتحدث عما هو أكبر من الجملة، تتجاوز الجملة إلى النص والنص إلى مجموع النصوص، ومجموع النصوص إلى السياق الكلي. طبعاً هذه أمور، الجرجاني خطا الخطوة الأولى فقط، وكما يجب علينا أن نخطو بقية الخطوات.
- أما ما يتعلق بحمزة شحاته ومقارنة عزلته بعزلة المعري، فالقضية هي في وجود العزلة، أما وجوه الاختلاف والاتفاق بين كاتب وآخر في أسباب العزلة أو مؤدياتها فهذه ليست هي موضوع الحكم، قد تكون موضوع مقارنة لكن ليست موضوع حكم. إذا ما تم لحمزة شحاته عزلة فعلينا أن ندرس هذه العزلة ولا شأن لنا بعزلة المعري أو غير المعري، لأن موضوعنا إذا كان منصباً على حمزة شحاته فعندئذٍ نحن نعالج ضرورة هذا الموضوع الذي هو المادة، وعندما أشرت إلى اسم المعري واسم أبي حيان التوحيدي وجبران خليل جبران إنما أشرت إلى النماذج ولم أشر إلى نوعيات العزلة، وأنا وضعت حمزة شحاته في تاريخ أدبنا العربي ليقف اسماً بجانب هذه الأسماء، بجانب اسم المعري واسم أبي حيان واسم جبران، لتكون هذه النماذج الأربعة مختلفة في تكوينها عن بقية النماذج السائدة، وكل نموذج من هذه النماذج يحمل بصماته وتكويناته التي يختلف بها عن النماذج الثلاثة الأخرى، ويظل حمزة شحاته متميزاً حتى بمفهوم النموذج، وهو نموذج خاص ومتميز.
 
- السؤال الآخر الذي يتعلق بأنني أشرت إلى بعض مواقع أو مناسبات عن حياة حمزة شحاته، فالإِشارة التي حدثت عن حمزة شحاته لا تتصادم مع مفهوم موت المؤلف الذي تطرحه البنيوية أو يطرحه في الواقع رولان بات بشكل خاص، وهو أن علاقتنا الحقيقية هي مع النص وليست مع صاحب النص، لا يعنينا صاحب النص إن كان عظيماً أو حقيراً ما دام العمل عظيماً، فالعمل عظيم بغض النظر عن صاحبه، ونعرف أمثلة كثيرة كمثال: جبران خليل جبران معروف أنه رجل مجون ورجل دعارة، لكننا إذا ما قرأنا كتاباته وجدناها تحض على الفضيلة والخير وأنها مادة روحانية راقية جداً، لن أنبذ هذا العمل لمجرد أن جبران رجل مجون لا يعنيني مجونه، الرجل مات وسيلاقي ربه ويحاسبه على صنيعه لا شأن لي به، لي شأن في كتابه "دمعة وابتسامة" في كتاب مثل "النبي".. في كتاب "الأجنحة المتكسرة" إلى آخره.. ما دامت هذه الأعمال أعمالاً عظيمة فنتعامل مع هذه الأعمال العظيمة، وطبعاً لو وجدت رجلاً لا يفارق المسجد ويصوم ويتقي الله لكنه كتب قصيدة رديئة فسأقول إن القصيدة رديئة، ولن يشفع له صلاحه لأثني على قصيدته. إذن فنحن نتعامل مع العمل وليس مع صاحب العمل. فمن هنا مفهوم موت المؤلف لم يفارقني وأنا أدرس حمزة شحاته، أنا تعاملت مع العمل ولم أتعامل مع صاحب العمل.
 
- المناسبات الحياتية التي أشير إليها في الكتاب أثناء حديثي عن الكتاب، في الواقع كانت نتيجة للعمل.. الذي حدث بعد أن غادر حمزة شحاته الحجاز وعاش في القاهرة تغير هذا الرجل وخرج من المجتمع خروجاً تاماً، وعاش في عزلة تامة في شقة في القاهرة، ولم يختلط بالناس في مصر على الرغم من أن الحياة الأدبية في مصر كانت ملتهبة وكانت في أوج عزها وازدهارها، ومع ذلك فكل هذا الازدهار لم يغر حمزة شحاته بالخروج إلى الشارع ومقابلة الأدباء المصريين كالعقاد، وطه حسين، والرافعي.. إلى آخر النماذج المتعددة، لم يقابلها شحاته، لم يكن ذلك عن عجز بحمزة شحاته، ولم يكن بضعف في شخصيته ولا في تكوينه الثقافي، وإنما كان موقفاً فلسفياً لحمزة شحاته من الحياة ومن الأحياء، وهو قد حبس نفسه وقرر عليها الحبس لأنه اتخذ موقفاً من الحياة يدل على ذلك خطاب وجهه إلى عبد السلام الساسي رحمه الله، عتب على الساسي لأنه نشر بعض قصائد امتدحه فيها في جريدة البلاد أو لعلها بجريدة عكاظ، فأرسل حمزة شحاته خطاباً شخصياً إلى الساسي رحمه الله ولامه لوماً مريراً على هذا الثناء وهذا الإِطراء وعلى هذه القصائد التي نشرت، وقال في الخطاب جملة مهمة جداً، قال: "لقد خرجت من الحياة وأنا فيها منذ خمسة وعشرين عاماً".
 
- إذا ما أخذنا تاريخ كتابة الخطاب وأسقطنا 25 سنة، وجدنا أن التاريخ الناتج هو تاريخ مغادرته لجدة، أي أنه فعلاً عندما خرج من جدة خرج في الواقع من الحياة وهو فيها. هذه هي جملة حمزة شحاته: "خرجت من الحياة وأنا فيها". أي أنه كتب على نفسه موتاً معنوياً صار يحرق قصائده صار يرفض الشهرة، أنهى علاقاته العائلية، علاقاته الأسرية، صداقاته، حجز نفسه في سجن عمر خاص به. من هنا إن كل ما يمكن أن نشير إليه عن حياته في القاهرة هو في الواقع بسبب أن الشاعر تحول إلى أن يكون بطلاً لأدبه، تحول ليكون هو الممثل وهو كاتب المسرحية.. كاتب المسرحية وصار هو بطلها. فالحياة العملية التي قادها حمزة شحاته في القاهرة هي تنفيذ لفلسفته الفنية والأدبية عامة، ومن هنا جاءت بعض القصص التي تمثل حياة حمزة شحاته، لا على أننا نستدل بالقصص عليه ولكن على أساس أننا نستدل به على القصص لأنه صار بطلاً لفنه.
 
- أما سؤالك عن قضية الشعر والنثر وأن شعره ليس بالشكل الذي ترى أنت أنه يصل، أو أن هناك أشعاراً لبعض شعرائنا تفوق ذلك الشعر.. في الواقع أنا لم أقدم حمزة شحاته فقط على أنه شاعر، وأنا ضد فكرة تقديم حمزة شحاته على أنه شاعر، وضد تقديم حمزة شحاته على أنه ناثر، وضد تقديم حمزة شحاته على أنه حكيم، إنما هو في الواقع هؤلاء جميعاً.. حمزة شحاته شاعر وناثر وحكيم وبطل ونموذج، هذه جميعها تجتمع في حمزة شحاته، لو عزلنا صفة واحدة من صفات حمزة شحاته ونظرنا إليه من خلالها نكون قد ظلمنا حمزة شحاته، ومن هنا كان الكتاب يحمل عنواناً جانبياً ويقول: إنها قراءة نقدية لنموذج، لم أقل لشاعر.. قلت لنموذج إنساني معاصر، فصفة نموذج وإنساني ومعاصر تمثل حقيقة هذا الرجل، وهي في الواقع تكريس أو اتفاق للنتائج التي أزعم أنني وصلت إليها في الكتاب.
 
 
طباعة

تعليق

 القراءات :668  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 65 من 187
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

يت الفنانين التشكيليين بجدة

الذي لعب دوراً في خارطة العمل الإبداعي، وشجع كثيراً من المواهب الفنية.