الحلقة ـ 27 ـ |
مزنة: هات يا أماه.. حدثينا عن مؤامرة قريش الكبرى.. |
سلمى: إنها لم تكن مؤامرة يا بنيتي بل تعاهد وتحالف وتصميم على ارتكاب الجريمة.. |
مزنة: حدثيني يا ماما حدثيني.. |
سلمى: لما رأى كفار قريش أن رسول الله صلَّى الله عليه وسلم قد صارت له شعبية وأصحاب من غيرهم وغير بلدهم، ورأوا خروج أصحابه مهاجرين إلى المدينة وأنهم نزلوا داراً وأصابوا من الأوس والخزرج أنصاراً، وأصبحت يثرب لهم منعة وقراراً تأكد لدى كفار قريش أن النبي صلَّى الله عليه وسلم قد أجمع مع أصحابه وأنصاره على حربهم وأن عليهم أن يأخذوا الحيطة وأن يبطشوا برأس الداء قبل استفحال أمره.. |
مزنة: فاجتمعوا في دار الندوة.. |
سلمى: نعم لأن دار الندوة كانت عبارة عن قاعة برلمان لهم يجتمعون فيها ليتشاوروا فيما يجد في أمور جسام وهل هنالك أعظم من هذا الحدث الجديد لديهم.. |
مزنة: ومن هم زعماء هذه المؤامرة والموجهون لها؟.. |
سلمى: عتبة بن ربيعة وأخوه شيبة، أبو سفيان بن حرب، طعيمة بن عدي، الحارث بن عامر، جبير بن مطعم، النضر بن الحارث أبو البحتري بن هشام، زمعة بن الأسود، حكيم بن حزام أبو جهل بن هشام، وأمية بن خلف وغيرهم.. |
مزنة: أبو جهل كان وراء كل فتنة لعنه الله.. |
(نقل صوتية بدون موسيقى).. |
عتبة: يا معشر قريش لقد رأيتم من أمر محمد ما رأيتم.. وأنا والله أصبحنا لانأمنه من الوثوب علينا بمن اتبعه منا ومن غيرنا.. وقد اجتمعنا هنا للتشاور فيما يجب أن نفعله بعد أن وصلت الأمور بمحمد إلى هذا الحد.. |
أمية: الرأي أن نحبسه في الحديد ونغلق عليه باباً ثم نتربص ما أصاب أشباهه من الشعراء الذين كانوا قبله من هذا الموت حتى يصيبه ما أصابهم.. |
أحدهم: لا يا قوم.. والله ما هذا لكم برأي.. لأن حبستموه كما تقولون، ليخرجن أمره من وراء الباب الذي أغلقتم دونه إلى أصحابه ولا يستبعد أن يثبوا عليكم فينتزعوه من أيديكم ثم يكاثروكم به حتى يغلبوكم على أمركم.. |
النضر: أرى أن نخرجه من بين أظهرنا فننفيه من بلادنا، فإذا خرج عنا فوالله ما نبالي أين ذهب - ولا حيث وقع فإذا غاب عنا، أصلحنا أمرنا، والفتنا كما كانت.. |
أحدهم: لا والله ما هذا لكم برأي، ألم تروا حسن حديثه وحلاوة منطقه، وغلبته على قلوب الرجال بما يأتي به؟ والله لو فعلتم ذلك ما أمنتم أن يحل على حي من العرب فيغلب عليهم بذلك من قوله وحديثه، حتى يتابعوه عليه، ثم يسير بهم إليكم حتى يطأكم في بلادكم بهم فيأخذ أمركم من أيديكم ثم يفعل ما أراد.. فدبروا فيه رأياً غير هذا.. |
أبو جهل: والله إن لي فيه لرأيا ما أراكم وقعتم عليه بعد.. |
أصوات: قل يا أبا جهل.. قل يا أبا الحكم.. قل.. |
أبو جهل: أرى أن نختار من كل قبيلة شاباً، فتى جلداً، نسيباً وسيطاً فينا.. ثم نعطي كل فتى منهم سيفاً صارماً ثم يعمدون إلى محمد فيضربونه بها ضربة رجل واحد، فيقتلونه فنستريح منه.. فإنهم إذ فعلوا ذلك تفرق دمه في القبائل جميعاً فلم يقدر بنو عبد مناف على حرب قومهم جميعاً فيضطرون إلى قبول الدية منا ونحن على استعداد لدفعها لهم.. |
الجميع: القول ما قال أبو الحكم.. نوافق عليه.. نعم الرأي.. |
أبو جهل: فلنتعاهد عليه.. |
الجميع: نعاهد اللات والعزى والآلهة جميعاً على تنفيذ ذلك.. |
أبو الجهل: اتركوا لي تدبير الفتيان وتوقيت التنفيذ.. |
الجميع: هو لك يا أبا جهل.. هو لك يا أبا الحكم.. |
أنت لها.. أنت لها..
|
مزنة: قبح أبو جهل.. يا له من شيطان مريد.. تابعي حديثك يا أماه.. |
سلمى: وعلم الرسول عليه السلام بالمؤامرة وبما أجمع عليه أعداؤه فتوجه إلى صديقه أبي بكر وأخبره أن الله قد أذن له بالهجرة فسأله أبو بكر الصحبة فأجابه إليها.. ثم هيأ في سرية تامة ما يلزم لهذا السفر.. راحلتين ودليلاً خرتياً أي ماهراً يأخذ بهما أقرب الطرق واعقدا أن يكون السير في الليلة التي اتفقت فيها قريش على الفتك به في صبحها.. |
مزنة: قولي يا أماه.. عجلي.. فأعصابي كلها مشدودة.. |
سلمى: وأظلم الليل واجتمع أبو جهل مع فتيانه على باب دار النبي صلَّى الله عليه وسلم يتربصونه حتى إذا ما نام وثبوا عليه وكان أبو جهل يحدث الفتيان في هزء وسخرية قائلاً: |
أبو جهل: يزعم محمد أنكم تابعتموه على أمره كنتم ملوك العرب والعجم وبعثتم بعد موتكم (ضحك بسخرية من المتربصين).. |
سلمى: ورأى النبي صلَّى الله عليه وسلم مكان المتآمرين فأمر علي بن أبي طالب أن ينام في فراشه ويستجى ببرده لئلا يرتاب أحد في وجوده ببيته وأمره أن يبقى بمكة حتى يؤدي عنه ودائعه وكان كل من عنده شيء يخشى عليه بمكة يضعه عنده. وخرج رسول الله صلَّى الله عليه وسلم فأخذ حفنة من تراب في يده فجعل ينثر منه على رؤوس المتآمرين وقد أخذ الله على أبصارهم عنه فلا يرونه ثم ذهب إلى بيت أبي بكر وخرجا معاً إلى غار بجبل ثور.. |
مزنة: الحمد لله.. الحمد لله.. |
سلمى: وأصبحت فتيان قريش تنتظر خروج النبي لتفتك به فإذا برجل يمر بهم ممن لم يكن معهم يقول لهم.. |
(موسيقى صوتية).. |
الرجل: ما تنتظرون ههنا؟.. |
أبو جهل: ننتظر محمداً.. |
الرجل: خيبك الله يا أبا جهل وخيب من معك.. قد والله خرج عليكم محمد ثم ما ترك منكم رجلاً إلا وقد وضع على رأسه تراباً.. أما ترون ما بكم؟.. |
سلمى: وتحسس كل واحد منهم رأسه فإذا عليه تراب.. بعد أن انصرف الرجل إلى سبيله.. وارتاب المتآمرون بادىء الأمر في كلامه لأنهم رأوا فراش النبي صلَّى الله عليه وسلم كان مشغولاً ولم يلبثوا أن عرفوا أنهم باتوا يحرسون علي بن أبي طالب لا محمد بن عبد الله.. |
مزنة: لقد رد الله كيد أبي جهل ومكره في نحره.. |
سلمى: وهاجت قريش وماجت.. واجتمعت في دار الندوة.. وقال أبو سفيان.. |
أبو سفيان: ويحك يا أبا جهل كيف أفلت منك محمد لا شك أنك كنت مخموراً.. |
عتبه: لو سلمنا أن أبا الحكم كان مخموراً فكيف عمي ذلك على من معه من الفتيان وعددهم غير قليل يا أبا سفيان.. |
النضر: حادث غريب يا عتبة.. إنه من سحر محمد لا شك أن ذلك يؤيد أنه ساحر وإلا كيف أفلت من هذه الحشود من الناس.. |
أبو جهل: يا قوم لكم كل الحق في لومي وتوبيخي وتقريعي.. واللات إني لم أكن مخموراً ولا من معي بل كنا في أحسن حال حتى جاء منتصف الليل فبدأنا نشعر بنعاس غريب قاومناه بغسل وجوهنا بالماء وبالحديث ولكنا لم نستطع.. لم نستطع.. لقد كنت أشعر بجميع أوصالي تتخدر وعيني تذبلان وأخيراً كان ما كان كما تعرفون.. |
صوت هادي:
وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدّاً وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدّاً فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ.. (يس: 9) .. |
أمية: والآن ما العمل وقد أفلت منا محمد.. |
أبو سفيان: أرى بعد أن عاد رسلنا من تعقب آثاره فلم يجدوه أن نجعل مئة ناقة مكافأة لمن يأتينا بمحمد حياً أو ميتاً.. |
الجميع: نعم الرأي.. موافقون.. موافقون؟.. |
صوت هادر:
وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ.. (الأنفال: 30) .. |
(خبطة موسيقية قوية).. |
سلمى: صدق الله العظيم.. إلى الغد إن شاء الله يا بنيتي.. |
مزنة: إلى الغد إن شاء الله تصبحين على خير يا أماه.. |
سلمى: تصبحين على خير يا بنيتي.. |
|