الحلقة ـ 20 ـ |
مزنة: أماه.. لقد حان موعد الحديث.. أنا بانتظارك.. |
سلمى: إلى أين وقفنا أمس يا مزنة.. |
مزنة: وقفنا عند الفجيعة بوفاة والد النبي صلَّى الله عليه وسلم.. |
سلمى: صلَّى الله عليه وسلم.. |
مزنة: هات ما عندك يا أماه.. هات.. |
سلمى: وتناسى عبد المطلب فجيعته وحزنه على ولده عندما بلغه أن أبرهة قد احتل بجيشه الطائف وهو في طريقه إلى مكة.. |
مزنة: ومن هو أبرهة يا أماه؟.. |
سلمى: استعمر الحبشة اليمن وولوا عليها قائدهم أبرهة.. وقد تطلع إلى نفوذه إلى الحجاز كعبة العرب فشرع يناوىء مكانتها الدينية بإنشاء كعبة فخمة في اليمن آملاً أن يصرف إليها أذهان العرب عن مكة فلما لم تنجح فكرته وظلت الكعبة على قدسيتها في نظر العرب أبى إلا أن يضع حداً عملياً لنهاية هذا التقدس فجهز جيشاً عرمرماً وقاده بنفسه إلى مكة لهدم كعبتها مدعياً في الظاهر أن أحد العرب قد اعتدى على كنيستهم فلوثها ولا بد من أن ينتقم بهدم كعبة العرب.. |
مزنة: ماذا تم بعد ذلك؟.. |
سلمى: وصل أبرهة إلى الطائف فاحتلها وقبل أن يبرحها إلى مكة عقد مجلساً حربياً تداول فيه مع قواده وضع خطة .. |
(نقلة صوتية بدون موسيقى).. |
(أبرهة وجيشه في مدينة الطائف القائد الحبشي في مجلس الحرب وحوله قواد الجيش).. |
أبرهة: هاتوا لنا حييب ابن نفيل فهو أعلم منا بمسالك هذه الأرض الوعرة.. |
(يذهب الحرس ويأتوا بحييب مقيداً بالسلاسل).. |
أبرهة: لم تنس بعد أننا قد حطمنا كل مقاومة في طريقنا وكنت آخر من نزع لقتالنا وقاوم وها أنت أسيرنا ولنا أن نقتلك أو نبقيك.. |
حبيب: قاتلتكم دفاعاً عن الأرض التي عاش عليها آباؤنا وسنورثها أحفادنا يا أبرهة.. ولقد حاولنا أن نسلمهم إياها سليمة من سيطرة أجنبية فخاننا الحظ.. |
أبرهة: لقد اعتدى نفر منكم على مقدساتنا في صنعاء فأقسمنا لنهدمنَّ من الكعبة ولنحملن العرب على الحج إلى كنيستنا. |
حييب: ولكن أهل مكة سيدافعون عن الكعبة ولن يستسلموا.. |
أبرهة: لقد سحق جيشنا كل مقاومة في طريقه فلسنا نتهيب هذه الشرذمة القليلة التي تهددنا بها.. |
حييب: إن حصون مكة لمنيعة وأن أهلها لأشداء.. وأن العرب سيأتون من كل أرض في الجزيرة العربية ليشاركوا إخوانهم شرف الدفاع عن البيت العتيق.. |
أبرهة: لن تقف حصون مكة دون وسائلنا في الهدم والتدمير. وإذا أصر أهلها على عنادهم فسنقذف الكعبة بأحجار المنجنيق فلا تبقي ولا تذر.. |
(يدخل أحد الحرس).. |
الحارس: مولاي لقد جاء سفراء القبائل يرجون مقابلة السيد.. |
أبرهة: دعهم يدخلون.. |
(يدخل شيوخ القبائل فيشير إليهم أبرهة بالوقوف).. |
أبرهة: ماذا جئتم تطلبون؟.. |
أحد الشيوخ: جئنا نعرض عليك أن ندفع لك ثلث أموالنا فلا تمس البيت بسوء.. |
أبرهة: ما جئت إلا لأهدم هذا البيت، وسيكون حجكم بعد اليوم إلى الكنيسة الكبرى في الحبشة.. |
الشيخ: ألا توفر دماء جنودك وتكسب الأموال التي سنقدمها بسخاء؟.. |
أبرهة: ستكون أموالكم كلها لنا بعد حين.. |
الشيخ: كان الفشل دائماً مصير المعتدين على هذا البيت فلا تقحم نفسك في قتال مع قوم وطدوا العزم على الدفاع.. |
أبرهة: لقد هابتنا العرب وأخلت ما بيننا وبين مكة ولن يردنا عنها أحد.. |
قائد الجيش: مرنا أيها السيد بالزحف فلا يلبث البيت أن يتصدع ولا يلبث أهله أن يكونوا من رعايا النجاشي.. |
أبرهة: خذوا أهبتكم للزحف بعد ثلاثة وتزودوا من هذه المدينة فهي عامرة بالفاكهة والتمر ولسوف تقاتلون في أرض قفرة قليلة المياه.. |
الشيخ: بل إنكم ستقاتلون شعباً عنيداً في الدفاع عن مقدساته.. |
أبرهة: لولا أنك رسول قومك لعلوت رأسك بهذا السيف.. عد إلى قومك وأخبرهم بما سمعت.. |
(ينسحب شيوخ القبائل) |
أبرهة: وأنت يا حييب سنبقي عليك فتسير في طليعة الأدلاء ليسلكوا بنا أهون الطرق وأقصرها إلى مكة وحذار أن تغشنا فالويل لك عندئذ.. |
حييب: ليس لي أن أختار بعد أقررت مصيري وسأرافق الأدلاء كما تريد.. |
(جيش أبرهة قبالة حصون مكة، ينزل أبرهة عن فرسه ويشير بإقامة المعسكر).. |
أبرهة: (لقائد الجيش) أرسل الطلائع لتغير على ما حول البلد وتستاق كل ما تجد في طريقها من إبل وغنم.. |
(تذهب الطلائع.. جيش أبرهة يعسكر أمام الحصون.. المدافعون عن مكة يراقبون حركات الجيش الذي جاء يهدم كعبتهم).. |
(حركات تنقل بين الجيوش.. ينفر أهالي القرى من حول المعسكر في اتجاه مكة).. |
(بكاء الأطفال وعويل النساء).. |
أبرهة: أرسلوا لعظيم البلد وسيده يأتي إلينا فإني أريد مفاوضاته بالتسليم قبل أن نبدأ بالهجوم.. |
القائد: أمرك يا مولاي.. |
أبرهة: الا ما أجهل هؤلاء القوم بقوتنا وفتك معداتنا، ولئن عاندوا وأصروا على المقاومة فلأذيقنهم أقسى وأمر ما عرفوه من طعم الحرب (يأتي الرسول ومعه عبد المطلب) سيد قريش.. |
(يدخل عبد المطلب فيتهيب أبرهة طلعته).. |
القائد: هذا عبد المطلب سيد قريش؟.. |
أبرهة: أهلاً بك يا عبد المطلب إن في مظهرك ما يدل على رجاحة العقل وصدق التفكير خذ مكانك هنا وبالقرب مني.. |
(يجلس عبد المطلب على سرير أبرهة).. |
(حركات تململ في صف القواد.. يلاحظ أبرهة ذلك فينزل عن السرير ويجلس مع عبد المطلب على البساط المفروش أرضاً) يبدوا الرضا على وجوه القواد).. |
أبرهة: (بواسطة الترجمان) سله ما حاجته فإننا سننفذ جميع مطالبه.. |
عبد المطلب: حاجتي أن ترد على مائتين من الإبل أخذتها طلائعك فيما أخذت أمس من المال. |
(تظهر الدهشة على وجه أبرهة).. |
أبرهة: أتطلب إعادة مائتين من الإبل أخذها جنودي يوم أمس؟.. أهذا كلما تطلب.. يا عبد المطلب؟.. |
عبد المطلب: هذا ما فقدته وأطلب إعادته.. |
أبرهة: لقد عظمتك حين رأيتك وأني لأصغر من شأنك الآن.. |
عبد المطلب: ولم أيها القائد؟.. |
أبرهة: كنت أظن أنك ستحدثني عن البيت الذي سأهدمه وهو رمز مقدساتك ومقدسات آبائك وشرفك وشرف آبائك، فإذا أنت تحدثني في مائتين من الإبل. ألا قل لي كيف سودك هؤلاء القوم عليهم؟.. |
عبد المطلب: لأحدثنك في الإبل فإني ربها وصاحبها، أما البيت فإن له رباً يمنعه ويحميه.. |
أبرهة: لن يستطيع ربك أن يمنع بيته مني ويحميه.. |
عبد المطلب: أنت وشأنك وسننتظر وننظر.. |
أبرهة: ردوا عليه إبله فليس هو بالرجل الذي يشغلنا أمره. |
(يخرج عبد المطلب ويسير نحو مكة ووراءه الإبل).. |
أبرهة: أيها القادة تهيأوا لقتال القوم غداً ولتكن الفيلة في المقدمة فإن في منظرها ما يثير الرعب في قلوب القوم.. |
القائد: السمع والطاعة.. |
(أشراف مكة في مجلسهم ينتظرون عودة عبد المطلب.. عبد المطلب يدخل الباب ووراءه الإبل).. |
الوليد بن المغيرة: نحمد الله على سلامتك يا عبد المطلب. إننا لنستبشر بقدومك مع الإبل المغتصبة هل اقتنع أبرهة بتوفير الدماء.. |
عبد المطلب: بل تركته أشد عناداً وأكثر تصميماً على هدم الكعبة يا ابن المغيرة.. |
الوليد: وبماذا تشير علينا.. |
عبد المطلب: أرى أن يتفرق الشيوخ والنساء والأطفال في الشعاب وعلى رؤوس الجبال فقد أزمع أبرهة على قصف البيت بأحجار المنجنيق. ثم إليكم هذه الإبل فاصطنعوها في تزويد الناس وإطعام المحتاجين والفقراء أما المقاتلون فليأخذوا أماكنهم على الأسوار والمرتفعات الحصينة من مداخل مكة.. |
الوليد: لم تنس قومك في محنتهم فلك الشكر.. |
(خبطة موسيقية).. |
سلمى: إلى الغد يا بنيتي.. |
مزنة: دائماً يا أماه تنهين حديثك عند أحرج المواقف.. |
سلمى: لقد سرقنا الحديث والليل أوغل.. هيا تصبحين على خير.. |
مزنة: تصبحين على خير يا أماه.. |
|