الحلقة ـ 3 ـ |
مزنة: أنا قادمة إليك يا أماه.. |
مؤثرات: (صوت مشيتها في خفة وسرعة وهي تخطو إلى أمها.. صوت جلوسها ثم تتابع كلامها).. |
مزنة: ها أماه أين انتهى بنا المكان في قصة الأمس.. |
سلمى: وصلنا إلى.. |
(موسيقى انتقال).. |
أصوات: هيا بنا إلى سطيح.. هيا بنا إلى سطيح.. (أهازيج) هيا بنا يا رجال.. |
مزنة: من هو سطيح يا أماه.. وما هي هذه الشخصية.. |
سلمى: سطيح كاهن من كهان العرب.. كان يسكن في إحدى القرى الواقعة على مشارف الشام اشتهر بالعرافة أي بالتنجيم والإخبار عن الماضي والمستقبل.. وكانت العرافة منتشرة قبل الإسلام فلما ظهر الإسلام زالت دولة التنجيم والعرافة وعرف الناس أنه لا يعلم الغيب إلا الله وأنه كذب المنجمون ولو صدقوا. |
أصوات: هيا بنا.. هيا بنا.. إلى سطيح.. إلى سطيح.. |
(موسيقى) |
أبو سفيان: هانحن شارفنا منازل سطيح يا حسان.. |
حسان: (ضاحكاً) وأمية بن أبي الصلت يسير معنا كالمسحوب على جلدة وجهه (يشاركه في الضحك).. |
أبو سفيان: أراك يا أمية سادراً تسبح في بحر خيالاتك أما تزال منتظر الوحي يهبط عليك من عل.. |
حسان: ما أنت ابن بجدتها يا أمية لقد حاولت أن تقول شعراً ففشلت، وهاأنت تحاول أن تكون نبياً ولن تبلغ مرتبة النبوة أبداً.. |
أبو سفيان: حسبك ما قضيت من العمر وأنت تلاحق حق السراب الخادع.. |
أمية: إليكما عني فلست بذاهب إلى هذا الدّجال.. |
حسان: ويحك يا أمية أو تحسب كل هؤلاء الناس وفيهم الشعراء والأبطال وأرباب الحكمة ويخدعهم سطيح وأنت تترفع عن سماع أقواله أجننت يا هذا؟ |
أبو سفيان: قيل لي إن نوبات تأتيك في الليل فتسرح في البيداء حتى يبعث الله إليك من يعيدك إلى أهلك أليس هذا شأن المجانين؟.. |
أمية: إليكما عني.. إليكما عني.. |
حسان: لن نتركك والله ولا بد من أن تصحبنا إلى سطيح.. |
أبو سفيان: يمسك بساعد أمية ويصرخ قائلاً هيا.. إلكز فرسك.. فقد أبطأ وأخشى أن نفقد أثر القوم.. |
حسان: ستجد ضالتك عند سطيح هيا ((أصوات حوافر الخيل وصهيلها وأصوات حداء بين آونة وأخرى تسمع من صفوف الجماهير)).. |
حسان: هيا قل شيئاً يا أمية ألا يطربك صوت الحادي.. |
أبو سفيان: قاتلك الله يا أمية فقد ملأ الحقد قلبك.. |
(يتابع موكب الجماهير سيره والفرسان الثلاثة من ورائهم).. |
أبو سفيان: ماذا ترى يا ابن الفريعة.. |
حسان: أرى الجماهير قد وفدت من كل صوب وحدب ولقد أرادنا النابغة أن نستمع مع هذه الجماهير إلى سطيح.. |
أبو سفيان: أو تصدق أنت ما يقوله هذا العراف، لعلّ أمية كان على حق.. |
أمية: لو اتبعتما رأيي لوفرتما عناء هذا السفر في الشمس المحرقة.. |
حسان: ومن يدري أننا لن نسمع ما يرضي نفوسنا، ليس في وسعي أن أعري سطيح من الصدق.. |
أبو سفيان: قيل لي إن سطيحاً يبشر العرب بحياة وادعة ((كلها حب وسلام)).. |
أمية: ومن أدرانا أن لا يكون سطيح من الهازلين. وإنه يغتنم البساطة في قلوب الناس. |
أبو سفيان: إنه ليس ببعيد عنا فإذا تبين أنه كاذب جفوناه. |
أمية: ماذا ستسأل سطيح يا حسان.. |
حسان: سأسأله عن الماضي والمستقبل.. |
أمية: وما تظنه سيقول؟.. |
حسان: سيقول كل ما يجعل حلمك سراباً.. |
((يرتفع هتاف الجماهير وضجيجها مع)).. |
(الموسيقى الصاخبة) |
حسان: هذا هو سطيح.. هذا هو سطيح.. انظر إليه يا أمية.. |
أمية: يا له من مشوه يبعث مشهده على الرعب.. |
أبو سفيان: إنه أخطب العرب بعد قس ابن ساعدة الأيادي.. |
حسان: بل يقال إنه أبرع من النابغة في استمالة النفوس إلى الأغراض النبيلة.. |
أمية: بل هو ساحر دجّال.. |
حسان: أنت تخشى سطيحاً بل إنك قلق مما سيقول.. |
أبو سفيان: وعما نسأله؟.. |
حسان: عن الحديث الذي سيقلب أوضاع هذه الصحراء.. |
(موسيقى فاصل لحظات).. |
حسان: سلام على حكيم العرب وعرافها لقد أوصانا النابغة أن نستمع لك عن حدث جديد تتنبأ عنه. وتوصي بأتباع صاحبه، هل كان ما بلغنا صدقاً.. |
سطيح: ممن القوم..؟.. |
أبو سفيان: من وجوه العرب في جوار البيت العتيق. |
سطيح: إذن أنتم الذين ستقودون الزحف المبارك.. |
حسان: وأي زحف تعني؟.. |
سطيح: يا لكم من أغبياء.. افتحوا عيونكم وقلوبكم لهذا الفجر الجديد فإن ظلاله ستمتد إلى أبعد من بادية الشام وأرض العراق.. |
حسان: وما هو نصيبنا من هذا الفجر المضيء.. |
سطيح: سيضيء نوره طريقكم إلى العالم كله.. |
(خبطة موسيقة قوية) |
أمية: أمن هذه الصحراء المحرقة أتنتظر أن يكون كل هذا! |
سطيح: إن هذه الصحراء ستنحسر قريباً عن روح سامية تسيركم إلى شتى الآفاق.. |
أمية: وماذا نفيد منه.. |
سطيح: سيتسنى لكم العقل والفكر والذكاء.. |
أبو سفيان: وبعد ذلك؟.. |
سطيح: سيرتفع شأن الأسرة ويقوم الحب مقام البغض فلا ثأر ولا اعتداء.. |
أمية: إننا أمة فقيرة فأرضنا لا تنبت زرعاً. |
سطيح: سيكون لكم الخصب وستكون لكم العزّة.. |
حسان: وما هو دورنا البارز في الأحداث المقبلة.. |
سطيح: ستجدون موكباً يسير فوق رؤوس العصور ليظل عليكم فجر جديد، وستمشون في ظله إلى المجد إلى العزة والكرامة. |
أمية: واللات والعزى.. |
سطيح: ستنهار لأنها تعيش بينكم في غير فضيلة.. |
أمية: ولكنها الآلهة التي تعبد وتقدس.. |
سطيح: إنها لا تملك لكم ولا لنفسها ضراً ولا نفعاً.. |
حسان: هل لك أن تقرأ في خطوط يدي!.. |
سطيح: مد يدك وأدر عينيك إلى ناحية الصحراء.. |
أمية: قل تحدث ما ترى؟.. |
سطيح: وهو ينظر في كف حسان ستكون الشاعر الذي يأتيه الإلهام ويدافع عن الحق والفضيلة وسيكون لك شأن كبير يا حسان.. شأن كبير (مبتعداً حتى يتلاشى صوته).. |
أمية: لأبي سفيان إن به لجنة.. |
أبو سفيان: ليس في سحنته الهادئة ما يدل على ما تقول. |
أمية: ألم تسمع حديثه؟ ألم تشعر بأنه بدأ يهذي.. |
أبو سفيان: لقد تكلم بما يؤلمك فأنت غير راضٍ عنه.. |
أمية: ولكن هذا المسخ يكذب.. |
أبو سفيان: أسكت إن له أنصاراً في صفوف الجماهير وأخشى أن تسحقك هذه الجماهير بأقدامها. |
حسان: ألا ما أحفل هذا النهار بالروائع.. |
أبو سفيان: لقد نصحتك من قبل يا أمية أن لا توغل الإصغاء إلى الذين يقولون سيكون لي شأن كبير.. |
أمية: ولكنهم يتحدثون بمثل الذي تحدث به سطيح.. |
أبو سفيان: في كلا الحالتين لست أنت الذي ترتقب هذه الصحراء مجيئه. |
أمية: يا للحلم الموجع، يا لخيبة الأمل وامصيبتاه. |
(صوت وقوعه على الأرض) |
أصوات: أدركوا الرجل إنه يموت.. إنه يتلوى من الألم.. |
(يسمع صوت شخير للمغمى عليه وكأن شيئاً ما يخرج من فيه). |
(خبطة موسيقية قوية).. |
مزنة: (بلهفة وحزن) أمات الرجل حقاً يا أماه قولي.. قولي.. |
سلمى: غداً إن شاء ستعرفين كل شيء عنه.. |
مزنة: ولكن.. |
سلمى: قلت غداً.. يعني في الغد تعرفين ما تودين يا مزنة.. |
|