شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
المشهد الخامس
 

(تدخل ليلى ويبدو عليها العبوس إذ تشاهد سليمى)

ولاّدة :

(بفرح وتلهف):

   
 

((ليلى)): أَتيتِ وفي الهَزيع الآخِرِ

 

ما جدَّ قُولي نَفِّسي عَنْ خاطِري

ليلى:

هل تَأذنين بخَلْوَةٍ

   
 

(ينسحب مسك وسليمى)

ولاّدة (لهما):

لا تُبْعِدا

 

عنّي فقد أَحْتاجُ عينَ الساهرِ

ليلى (منفعلة):

أوَ تَعْطِفين على مُسَبِّبةٍ الأذى

 

أوَ تُشفِقِينَ على الخليعِ السادِرِ

ولاّدة:

قد جاء ((مسكُ)) بِشَأنِها مُسْتَسْمِحاً

   
     

فَعَفَوْتُ عنها

ليلى:

   

يا لَقَلْبٍ طاهرِ

ولاّدة:

والآنَ يا ((ليلى)) ونحنُ بِخَلْوَةٍ

 

هاتِ الحديثَ عن الحبيبِ الهاجِرِ

* * *

ليلى:

طَفِقْتُ أَبحثُ في أحياءِ ((قُرطَبةٍ))

 

عنهُ فَقيلَ نأى بل شطَّتِ الدارُ

 

وفارقَ الأهلَ والخِلاّنَ وانقطعتْ

 

أخبارُه وبكى مَغْناه سُمَّارُ

 

إلى الجنوبِ مشى في زَيِّ مُغْتَرِبٍ

 

طَوتْهُ بيدٌ وكُثْبانٌ وأَمْصَارُ

 

وليسَ من مُخْبِرٍ أيَّ البلادِ أَتى

 

وأيَّ دارٍ بها أَلقاهُ تَسْيارُ

 

فرُحْتُ حَيْرى يكادُ الهمُّ يَعْصِفُ بي

 

واليأس محتدمٌ طوراً ومُنْهارُ

 

وإذْ ((بصبحٍ)) يناديني قِفي، فمعي

 

عن ((ابن زيدونَ)) يا ليلايَ أخبارُ

ليلى:

فأشرقَ الأملُ المخنوقُ في رِيبَي

   

ولاّدة (مقاطعة):

   

قُولي فكُلِّي أسماعٌ وأبصارُ

ليلى:

قال ((ابنُ زيدونَ)) لم تفقِدْهُ ((قُرطبةٌ))

   
 

(يبدو الارتياح على ولاّدة)

     

هيَّا إليه فإنَّ الليلَ سَتَّارُ

 

سِرْنا إليه فأَلْقيناهُ مُنْتَحِباً

 

والدَّمعُ من مُقلتيه ثَمَّ مِدْرَارُ

ولاّدة (تبكي):

وارْحمتَاه لهُ:

   

ليلى:

   

لا تَبكِ سيِّدتي

     

الحزنُ زالَ وزالتْ عنه أَكْدَارُ

ولاّدة:

أين ((ابنُ زيدونَ؟))

   

ليلى:

خَلْفَ البابِ مُنْتَظِرٌ

   
 

إذنَ الدخولِ

ولاّدة:

   

لِيْدْخلْ عِنْدِيَ الآنا

 

(تفتح ليلى الباب فيدخل ابن زيدون فتتلقاه ولاّدة فيصافحها ويمشيان ويده في يدها. تذهب ليلى. تقول ولاّدة).

 

أهلاً بمن فَرَّ مِنَّا ثُم خلَّفنا

 

نَهْبَ الهوى صبحُنا ليلٌ ومُمْسَانا

 

نُكابِدُ الشوقَ والهُجْرَانُ يَلْفَحُنَا

 

أُوَارُهُ وسُهادُ اللَّيلِ أَضْنَانَا

 

أُنُوءُ من حِمْلِ ما أَلقى ومن عَجَبٍ

 

قلبٌ يذوبُ وقَلبٌ قلمَّا (الْتَانا)

 

أَبَى هوًى كُلَّما حاولتُ أَكْتمُهُ

 

أَبى التكتمَ واستَعْصى وما لاَنا؟!

ابن زيدون:

قَسَماً بالهوى بِسِحْرِ لِحاظٍ

 

بخدُودٍ صَبَغتُها من جِراحي

 

ما سَلَوتُ الهوى وحَسْبي وفاءً

 

إنْ صحا العاشقونَ لَستُ بِصاحِ

ولاّدة:

هل قُلتَ شعراً جديداً بعد فرقَتِنا؟

   

ابن زيدون:

   

بلى، لقدْ قلتُ أَشكو ما أُعانيهِ

ولاّدة:

قُلْهُ بربِّك إني جِدُّ مُصغيةٍ

 

فشعرُكَ العذبُ تَسبيني مَعَانيهِ

* * *

ابن زيدون:

(ينشد وولاّدة مصغية ووجهها يعبر عن كل معنى في هذه القصيدة)

 

يا نائحاً وسَوادُ اللَّيلِ يُخفيهِ

 

وهائماً وبياضُ الصُّبح يُفْشيهِ

 

يَسْتمطِرُ الدَّمْع من بَرْحِ الفراقِ فلا

 

دمعٌ يُهَدْهِدُ آلاَم الهوى فِيهِ

 

حيرانُ في مَهْمَهِ الأَقدارِ تقذِفُهُ

 

بيدٌ وبيدٌ من الأَشجانِ تَطْويهِ

 

لم تُبْقِِ فيهِ تباريحُ النَّوى رَمَقاً

 

إِلاَّ شُعاعاً من الذِّكْرى يُناجيهِ

 

ذِكْرى حبيبٍ سَقاهُ الكأْسَ مُتْرعةً

 

من خالص الوُدِّ مُنْساباً على فِيهِ

 

بينَ الخمائلِ والأنسامُ تُسِكرُهُ

 

بينَ الجداولِ والأَمواهُ تُشْجِيهِ

 

ووارفٍ من نعيمِ الوَصْلِ لَفَّهما

 

في غفوةِ الدَهرِ في أحلى مجَاليهِ

 

وزَوْرَقٍ عَلَويِّ الصُّنعِ ضمَّهما

 

الحُبُّ في ركبهِ والموجُ حاديهِ

 

يَنْسَابُ فوقَ لُجيْنِ الماءِ تُرْقِصُهُ

 

أنغامُهُ ونُسَيْماتٌ تُناغيهِ

 

في هدأةِ اللَّيلِ والبدرُ الرقيبُ سَرَى

 

بالسِرّ يَفْضَحُ خافيهِ وباديهِ

 

دُنْيا من الأملِ المَنْشود حطَّمَها

 

صَحْوُ الزّمانِ وغدرٌ من لَيَالِيهِ

 

يا هاجِري لفتةً أرسلْتها فَذكتْ

 

عهداً تَنوَّرتِ الدُّنيا بماضيهِ

 

أَتُرْجِعُ اللّفتةُ البيضاءُ ما دَرَسَتْ

 

أَيدي الزَّمانِ وما كادتْ حَوَاشيه

 

أم أَنها ظلُّ أفراحٍ يمرُّ على

 

عُمْري كظلِّ سحابٍ مَرَّ بالتيهِ

 

(وما إن انتهى من غنائه حتى صفقت ولاّدة من فرحها وطربها وفي أثناء ذلك يسمعان طرقاً على الباب).

ولاّدة:

أُدخل (تدخل ليلى وصبح مضطربين وما إن تراهما ولاّدة حتى تقول):

 

أ ((صبحُ)) و ((ليلى)) ما وراءكما؟

   

صبح:

   

رُسلُ ((ابن جَهْورَ))

ولاّدة:

   

أَغيارٌ وأَشْرَارُ

 

(يقتحم رسل ابن جهور الباب ويدخلون فتبادرهم ولاّدة قائلة):

 

بأيّ حقٍّ دَخَلْتم؟

   

أحد الرسل:

   

إنّنا رُسُلٌ

     

من ((ابن جَهْوَرَ))

ولاّدة:

   

غَدَّارٌ ومَكارُ

 

ما تَبْتَغونَ؟

   

ابن زيدون:

أَنا، لا شَكَّ مَطْلَبُهمْ

 

هيَّا إليهِ نَسِرْ واللَّهُ سَتَّارُ

ولاّدة:

(تسرّ إلى صبح)

 

اِلْحَقْ بِهِ ((صُبْحُ)) عن بُعْدٍ لتُبْلِغَنِي

 

مَجْرى الأمورِ فعندَ القومِ أَسْرَارُ

 

فالشرُّ مُسْتَيْقِظٌ والدَّسُّ مُنْتَشِرُ

 

والظُّلْمُ شَاعَ وما في النَّاسِ أَخْيَارُ

 

(ثم تسرّ إلى ابن زيدون)

 

حَذَارِ مِنْ كَيْدِهِم

   

ابن زيدون:

اللَّهُ يحفظُنا

 

مِنْ شَرِّهِم وَيقِيناً عُصْبةً جَارُوا

 

(يذهب ابن زيدون مع الرسل ويتبعه صبح وبعد ذهابهم تقول ليلى)

ليلى:

خيراً فعلتِ

   

ولاّدة:

إلهي نجِّهِ فلَقدْ

 

حُمَّ القَضاءُ وسادَ الناسَ جَبّارُ

 

(تتهاوى على أحد المقاعد باكية وبينما هي كذلك وليلى مطرقة أسفاً وحزناً يسمعان آذان الصبح وما إن انتهى المؤذن من آذانه حتى دخل صبح فلما رأته خاطبته ولاّدة بلهفة):

ولاّدة:

أَين ((ابن زيدون))؟

   

صبح:

مَوْلاتي.

   

ولاّدة:

أَمِنْ خَبرٍ عنهُ؟

 

أَفي السِّجنِ؟ أم في سامرِ الصّيد؟

صبح (مضطرباً):

عفواً

   

ولاّدة:

تكلَّمْ فإني جدُّ موقنةٍ

 

أنَّ ((ابن زيدونَ)) رَهنُ السجنِ والقَيدِ

 

(يغلبها البكاء)

صبح (بتأثر):

هِيَ الحقيقةُ أُزجيها وَبِي أَسفٌ

   

ولاّدة:

(وقد ترنحت من هول الصدمة)

 

وَيْلاهُ مِنْ ظالمِ قاسٍ ومرِِّيدِ

 

(يغمى عليها فتسقط فتتلقاها ليلى قبل سقوطها وتصرخ)

ليلى:

إليَّ ((صُبحُ: سُليمى: مسك)) نُسْعفها

 

يا وَيْحهمْ رَوَّعوا بنْتَ الصَّناديد

 

(تدخل سليمى ومسك مسرعين)

سليمى:

(وقد هالها وأحزنها هذا المنظر المؤلم الذي كانت هي سببه. تلتفت إلى النظارة وهي تقول):

 

ويلِي جَنَيْتُ ولكنِّي سأُنقذُهُ

 

من ظُلمةِ السجنِ من أيَّامهِ السُّودِ

 

نَحْنُ النساءَ متى ثُرنا لعِزَّتِنا

 

نُلْقي بمنْ يَعتَدي بَطنَ الأخاديدِ

 

فإنْ أردْنا انتقاماً يا لَنِقْمتِنا

 

وإنْ وَعَدْنا فيا حُسنَ المواعيدِ

 

(ستار)

 
طباعة

تعليق

 القراءات :638  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 78 من 150
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ محمد عبد الرزاق القشعمي

الكاتب والمحقق والباحث والصحافي المعروف.