|
(ويعود ((خالد)) إلى جامعته ويستأنف دراسته بنشاطه المعهود. ويخرج في إحدى الأمسيات مع زميلين له للترويح عن النفس في شوارع القاهرة. فتسترعي انتباههم الإعلانات التي علقها صاحب كازينو ((الأقمار السبعة)) على جُدُر شوارع القاهرة، ونثرها بين أيدي الناس بشتى الطرق. ويتفق ((خالد)) مع زميليه على حضور هذه الحفلة، فيدخلون ويجلسون إلى إحدى المناضد. ويرفع الستار فتدوي القاعة بالتصفيق حين تظهر((ضحى)) في أجمل حلّة ويدهش ((خالد)) ورفيقاه من الجمال الطاغي، وتصدح الموسيقى وتغني ((ضحى)) المقطوعة التالية التي كانت تقاطع بالهتاف والتصفيق والاستحسان والاستعادة):
|
الغناء:
|
ماضي الذكرى إليّا
|
|
|
|
إن في جنبيَّ شيّا
|
|
منك يا ذكرى
|
|
|
|
إن تدرعت بصبري
|
|
|
|
ضاق ذرعاً منه صدري
|
|
بالفكر سارح بسري
|
|
|
|
تائهاً في مهمهٍِ قفرِ
|
|
|
|
|
|
واسع الأرجاء أعشى الأفق
|
|
|
|
ليس يدري ما يعي أو يتقي
|
|
فيك يا قلبي أنينٌ لا يبين
|
|
والهوى العربيد فيه مستكين
|
|
من جراح القدر
|
|
|
|
من دموع السهر
|
|
منك يا ذكرى
|
|
|
|
وسرى ما قد سرى
|
|
|
|
إن قلبي انتحرا
|
|
إنني أقصيت عن دنيا: الندامى، والهيامى، وعشيات المجون
|
|
إنما دنياي لهوٌ ومجون
|
|
وليال وليالي فتون
|
|
عربدَ الليل ولليل جنون
|
|
فاسقنيها قبلاتٍ وشؤون
|
|
مترعات بلذاذات الوصال
|
|
|
|
ردد الليل صداها
|
|
|
|
كلّل الفجر نداها
|
|
بأزاهير الأماني والجمال
|
|
رنح الليل سهاد الأمل
|
|
ورتيب من بكاء وأنين
|
|
واستبته تمتمات القبل
|
|
وهي نشوى في شفاه العاشقين
|
|
فيك يا ليل سرور وحبور
|
|
|
|
فيك يا ليل سفورٌ للبدور
|
|
فيك نجوى وحنين
|
|
بزغ الفجر وليلي انسحبا: مغضبا
|
|
|
|
وطيور الروض تشدو مرحباً مرحبا
|
|
بالضيا، بالبشر في هذا الصباح
|
|
وزهور الحقل يعلوها البهاء
|
|
|
|
واخضرارٌ ناضر فيه رواء
|
|
وأريجٌ من لياليها الملاح
|
|
يا رسيَس الحب ذكرى
|
|
أمل لاقى المنونا
|
|
صنته العمر بقلبي
|
|
وتحملت الظنونا
|
|
وليالٍ بتُّ أشكوها غرامي
|
|
خلت لليل سماعاً وعيوناً وجنانا
|
|
من سميري في لياليَّ اليباب
|
|
|
|
من لقلبي من أفانين العذاب
|
|
|
|
|
|
إن للوجد به زمزمة
|
|
|
|
وأمانيه سراب في سراب
|
|
عندما يقسو بعادي
|
|
|
|
من تباريح سهادي
|
|
|
|
|
|
عندما يفنى اصطباري
|
|
|
|
وابتهالي وادكاري
|
|
يهتف القلب ويصبو للحبيب
|
|
أنت يا ذكرى حميا ليلتي
|
|
أنت تدنين بعيدي والقريب
|
|
(وتنتهي ((ضحى)) من غنائها فيقابلها النظارة بعاصفة من تصفيق الاستحسان والإعجاب. وكان يجلس إلى مائدة بجوار مائدة ((خالد)) اثنان من أثرياء العرب هما ((رؤوف)) و((جمال)) وقد حفلت مائدتهما بما لذ وطاب من أكل وشراب. وكان ((رؤوف)) هذا يتابع غناء ((ضحى)) بعين ملتهبة شبقاً. وصاحبنا هذا - على ما يبدو - صديق حميم لصاحب الكازينو الذي نراه يتفقده بين آونة وأخرى بنفسه أو بخدمه. ولما انتهت ((ضحى)) من غنائها استدعى رؤوف صاحب الملهى وأسرَّ إليه بشيء ذهب على إثره وعاد ومعه ((ضحى)). ولما أبصرا بها قادمة عن بعد قال ((رؤوف)) لصاحبه):
|
رؤوف:
|
أقبلت كالريح
|
|
|
جمال:
|
كالشفق الضاحك
|
|
|
رؤوف:
|
كالبدر
|
|
|
جمال:
|
كانبلاج الصباح
|
|
|
رؤوف:
|
تتهادى وللدلال فتون
|
|
|
جمال:
|
|
|
كفتون السرور في الأفراح
|
|
(ويقدم صاحب الملهى ((ضحى)) إليهما ويذهب لشأنه وتجلس بينهما ويبتدرها رؤوف قائلاً):
|
رؤوف:
|
أهلاً وسهلاً يا ضحى
|
|
|
جمال:
|
|
|
يا مرحباً: يا مرحبا
|
ضحى:
|
شكراً على ما قلتما
|
|
|
رؤوف:
|
|
|
العفو يا زهر الرّبى
|
|
ما تشربين يا ((ضحى))
|
|
|
ضحى:
|
|
|
(بيبسي)
|
|
(يملأ قدحها وقدح زميله وقدحه طبعاً ويناولها كأسها قائلاً):
|
رؤوف:
|
|
|
اشربي فيه الهنا
|
|
(ويجرع كل منهما ما أمامه، وفي أثناء انشغال ((رؤوف)) وزميله وتزويد المائدة بأشهى المأكولات، تنظر ((ضحى)) حولها فتلتقي عيناها بعيني ((خالد)) الذي كان يراقبها ويتتبع حركاتها فتسمرت عيناها وتسمرت عيناه هو كأنما ((كيوبيد)) قد عقد حباً جارفاً بين العينين، ويختلس كل منهما النظرة من الآخر في غفلة الرقباء. أما ((رؤوف)) وصاحبه، فقد أفرطا في الأكل والشرب و((ضحى)) مشغولة باختلاس النظرات من ((خالد)) وهو كذلك. ولما بلغ الهيام بـ ((رؤوف)) أشده، مال على ((ضحى)) يحاول تقبيلها فصفعته ودفعته فوقع وكرسيه أرضاً ونهضت فصفعها زميله صفعة أليمة وقعت من جرائها على الكرسي باكية. فاستفز هذا العمل المستهجن خالداً فانقض على ((جمال)) ولكمه لكمة وقع على إثرها أرضاً ونهض ((رؤوف)) لمساعدته فلكمه ((خالد)) لكمة قوية انبثق على إثرها الدم من وجهه. فأسرع صاحب الكازينو وجرسوناته للقبض على ((خالد)) فهب زميلاه لمساعدته ودارت معركة طوح فيها ((خالد)) وزميلاه بالجميع أرضاً. ثم أخذوا ((ضحى)) وخرجوا من الصالة وركبوا أول سيارة صادفتهم، وعندما وصلوا إلى دار ((ضحى)) قالت لهم):
|
ضحى:
|
هنا داري... قفوا....
|
|
|
|
(ويقفون وتنزل ((ضحى)) من السيارة وينزلون لتوديعها فتقول لهم):
|
|
شكراً جزيلاً
|
|
على ما قمتمُ نحوي العشيه
|
خالد:
|
لقد قمنا بواجبنا وإنا
|
|
بأمرك كلنا أبداً حميه
|
|
(وتودعهم ((ضحى)) وتدخل إلى بيتها. وينصرف ((خالد)) مع زميليه. لم تتمكن ((ضحى)) من النوم تلك الليلة، تراها تتقلب في فراشها وتقوم منه أحياناً وتطل من الشرفة حتى تنفس الصباح فنامت نوماً عميقاً من شدة السهر. ومثل هذا القلق ساور خالداً فلم ينم ليلته تلك):
|