|
(وفي المساء نرى فؤاداً في داره أمام منضدة عليها ما لذّ وطاب من أكل وشراب، وهو يجرع كؤوس الندم لعله يطفىء بها أوار خيبته وإخفاقه. وبينما هو غارق في تفكيره، إذ بالجرس يقرع، فيذهب لفتح الباب وإذا به وجهاً لوجه مع ((سونيا)) حبيبته، الأرتيست فتفاجئه الزيارة، غير أنه يمسح أثر المفاجأة بابتسامة مجاملة فيقول):
|
فؤاد:
|
((سونيا)): أتيت...
|
|
|
سونيا:
|
نعم....
|
|
|
فؤاد:
|
|
|
يا مرحبا بمنى قلبي....
|
|
(وتسخر ((سونيا)) من هذا الترحيب فتجيبه):
|
سونيا:
|
|
|
أظل به مأوى....
|
فؤاد:
|
|
|
أجل سبلُ
|
|
(ثم يأخذ بيدها في يده ويجلسها إلى الخوان قائلاً):
|
فؤاد:
|
هيّا اجلسي.....
|
|
|
|
(ويملأ قدحها وقدحه ويقول):
|
|
واشربي نخب الهوى قدماً
|
|
وحاضراً وادن منّي فالهوى قبلُ
|
|
(ثم يمازحها فلا تمانع ولكنه لا يتمادى. وفؤاد بعمله هذا إنما يريد أن يعرف أسباب الزيارة من غير سابق موعد، فتراه يستدرجها قائلاً):
|
|
ما جدّ يا سونيتي؟ قولي
|
|
|
سونيا:
|
أتسألني
|
|
|
|
(ثم تندفع في قولها):
|
|
|
|
وأنت تعلم ما بالقلب يعتملُ
|
|
أخلصت ودّي فأخلفت الوداد وما
|
|
أجدى بكائي ولا ذلّي ولا الرّسلُ
|
|
والعمر أفنيته أبغي رضاك جزى
|
|
على وفائي فضاع العمرً والأملُ
|
|
(وتحتد ويبلغ الانفعال مبلغه حين تقول):
|
|
قدّمت قلبي قرباناً فرحت به
|
|
تلهو وتشبع نهماً فيك يقتتلُ
|
|
حتى ارتويت تركت العرض منهتكا
|
|
والقلب منصدعاً والدمع ينهملُ
|
|
(ويريد ((فؤاد)) تدارك الموقف فيدنونها ويعبث بشعرها ويقول):
|
فؤاد:
|
ما تنكّرت يا حبيبة قلبي
|
|
|
سونيا:
|
|
|
بل تجنّيت واستهنت بقلبي
|
فؤاد:
|
لا وحسبي من الهوى وليال
|
|
بتُّ أشكو لها سهادي وحبي
|
|
والغرام العتيّ يوم رآك
|
|
سلم القلب للهوى والتصبي
|
|
أبداً ما نسيت عهدك سونيا
|
|
|
|
(ويربت على كتفها قائلاً):
|
|
|
|
ونعيماً من الجمال بقربي
|
|
(ثم تشيع في عينيه الشهوة البهيمية فتدرك ما يجول بخاطره، وخاصة عندما يكرّر قوله):
|
|
أبداً ما نسيت عهدك ((سونيا))
|
|
|
|
(وتنتهز سونيا الفرصة فتقول):
|
سونيا:
|
حسن ما تقول
|
|
|
فؤاد:
|
|
|
أشهد ربّي
|
|
(فتداعبه سونيا تعبث بشعره قائلة):
|
سونيا:
|
لِمَ لا تعلن الزواج ونحيا
|
|
في نعيم من اللذاذة رحب
|
|
(ويصعق فؤاد من هذه المفاجأة ويمسك بيدها التي كانت تعبث بشعره ويقول):
|
فؤاد:
|
الزواج؟
|
|
|
|
(ويبتعد عنها قليلاً بينما هي تسبح في بحر من الخيال يتجلّى في قولها):
|
سونيا:
|
الزواج أسمى أماني
|
|
كل أنثى ومرتجى كل صب
|
|
(ويجيبها فؤاد بجفاء وقلّة اكتراث ومبالاة):
|
فؤاد:
|
لم أعدك الزواج...
|
|
|
|
(وتجن ((سونيا)) من جوابه الجاف، وكانت تنتظر منه الإشفاق بعد ما سلّمته أثمن ما عندها فتقول والغضب يغمر محياها):
|
سونيا:
|
ويحك يا نذل
|
|
انتهكت الثمين: عرضي وقلبي
|
|
(ثم تنتصب وتسحب مسدساً من جيبها أعدّته لهذه الساعة، وما إن يراه فؤاد حتى يقف وقد بدت على وجهه أمارات الخوف وظهرت في قوله):
|
فؤاد:
|
ما أرى؟..
|
|
|
سونيا:
|
طلقة تريح ضميري
|
|
من لئيم وسافل وابن كلبِ
|
|
(ويهجم ((فؤاد)) عليها محاولاً انتزاع المسدس، وتبدأ المصارعة و((سونيا)) متمسكة بمسدسها وهو يجاهد لانتزاعه منها. وتنقلب مائدة الطعام وقد اصطدما بها أثناء العراك ويقع ما عليها من شموع وسجاير فتندلع النار في أثاث الغرفة. والاثنان ما يزالان يصطرعان. وأخيراً يتمكن ((فؤاد)) من الضغط على زناد المسدس فتنطلق منه رصاصة تصيب مقتلاً من ((سونيا)) فتهوي على الأرض جثة هامدة. يحركها ((فؤاد)) فلا تتحرك فتتراءى له جريمته ويتراءى له لهب النار وقد اشتد وامتد إلى الغرف المجاورة. ويسمع أصواتاً من الخارج فيصمم على الهرب، ويخرج بصورة عجيبة من بين ألسنة النار وقد علا أوارها، ولا يشعر به أحد، ويسرع رجال المطافىء لإخماد النار فيعجزون عن إطفائها فتمتد حتى تأتي على كل ما تصادفه من بيوت ودكاكين حتى تصل فيلا ((خطّار)) فتلتهمها وتنجو ((لِيلِي)) وخادمها ((محمد)) بأعجوبة، وقد فقدت كل شيء. وأخيراً يتمكن رجال المطافىء من إخماد النار بعد أن أصبحت فيلا ((خطّار)) وما حولها من الدور أثراً بعد عين. أما جثة ((سونيا)) فقد أصبحت رماداً ولم يبق من آثار الجريمة إلا المسدس. فيعتقد رجال المباحث أن ((سونيا)) وفؤاداً ذهبا حرقاً.
|
|
وتوطن ((لِيلِي)) نفسها - بعد هذا الحادث - على ترك لبنان فتلتفت إلى محمد المشدوه حزناً على ما حدث وتقول):
|
لِيلِي:
|
إلى وطن الكنانة يا محمد
|
|
فما أبقت لنا الأحداث شيّا
|
|
فلا أهل ولا مال ودار
|
|
خرجنا مثلما جئنا فهيّا
|
|
(ويذهبان، بعد أن تلقي ((لِيلِي)) آخر نظرة على أنقاض دارها وتكفكف دمعاً أبى إلا أن ينهال جزعاً وحزناً على فراق وطنه. ويأخذان أول سيارة إلى بيروت ومنها بالطائرة إلى القاهرة):
|