شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الرجل العصامي الألمعي
شهادة أخرى، يدلي بها معاصره الأستاذ عبد القدوس الأنصاري، يقول فيها (1) :
(كانت أول معرفتي بالأستاذ محمد سعيد عبد المقصود رحمه الله، في موسم الحج من عام 1349هـ، وكان يومئذ كاتباً بسيطاً في الأدب، وفي إدارة أم القرى، ثم مضت به همته وسما به جده وطموحه حتى تسلم زمام العمل الذي كان فيه كاتباً من قبل، وحتى صار من الأدباء المعدودين، وهكذا يسمو بالرجل الأمل المقترن بالجد والعمل.
وبحمد الله فقد اتصلت أسباب الصداقة بيننا حتى وافاه الأجل المحتوم. ولقد خبرته فخبرت فيه الرجل العصامي الألمعي، فقد كان شعلة في الذكاء، وكان طريقه إلى السمو فيما يقوم به من عمل هو الانكباب على الدراسة والعمل المتواصل إشباعاً لرغبات نفسه الطموح. وكما قال أبو الطيب المتنبي:
وإذا كانت النفــوس كبـاراً
تعبـت فـي مـرادها الأجسام
فقد ضغط العمل المرهق والتفكير المنهك على جسمه النحيل، وصارا يقلصان من قواه وعضلاته حتى لفظ النفس الأخير.
ومما يدلك على ذكائه أننا كنا قبل بضع سنوات نقرأ (الغربال) وصرنا بعد برهة نقرأ (لابن عبد المقصود) ثم صرنا نقرأ (لأبي عبد المقصود) وفي كل نوبة نرى هذا الكاتب يتدرج في معارج التقدم البياني، حتى إذا نهض (أبو عبد المقصود) بإخراج سفر (وحي الصحراء) قدرناه وأكبرنا له همته وتضحيته.
هو نشاط محمود، وهمة عالية، تسعى للنهوض بمختلف أفانين الحياة، ففي ناحية الأديب كتبت هذه الشخصية الموهوبة الكثير من البحوث والمقالات على صفحات الصحف وغيرها، وأخرجت مع صديق لها هو الأستاذ عبد الله بلخير (وحي الصحراء)، وقامت بأعمال اجتماعية أدبية شتى، وفي ناحية العمل الفني سعت لتحسين الطباعة وكتبت عنها التقارير وجلبت لها المطابع والأدوات، وأرسلت إلى الخارج البعثات، وفي الناحية الاقتصادية اشتركت في مختلف الأعمال، وساهمت في المشاريع العلمية والخيرية. وطاقة الإنسان محدودة على كل حال، والفتى الطموح لا يقف به الأمل عند حدود هذه الطاقة، وهكذا سار (أبو عبد المقصود) في مضمار الحياة الناشطة حتى سقط في الميدان رحمه الله.
والموهوبون يرزحون دوماً تحت أعباء اتجاهات خاصة تستهدف لها مواهبهم وتأبى إلا السمو فيها إلى القمة ولا يستطيعون عنها حولاً مهما نصحهم الناصحون ومهما حطمت من قواهم.
هذا (أبو عبد المقصود) في نواحيه العامة، أما هو في نواحيه الخاصة فقد أومض لي من خلال ودق حياته برق العبقرية اللامع وكان مثالاً للوفاء لأصدقائه الشخصيين، وكان مثال الوالد الشفيق، ولهذا قرن اسمه باسم ابنه البكر (عبد المقصود) فكان أحب الأسماء إليه: (أبو عبد المقصود).
وبعد فهذه جوانب من جوانب حياة هذا الصديق العزيز الفقيد الذي انتقل إلى الدار الآخرة، وهو في عنفوان الشباب بعد ما عانى آلاماً جساماً من الأمراض المتلاحقة، كتبناها أداء لواجب صديق رحل من هذه الدار إلى دار القرار وهو أوسع ما يكون آمالاً وأعمالاً، فبكاه العمل وبكاه الأصدقاء ورثته الحياة، بلل الله ثراك (أبا عبد المقصود) بشآبيب مغفرته ورحمته وألهم ذويك وأصدقاءك الصبر والسلوان وجزاك عنهم خير الجزاء).
 
طباعة

تعليق

 القراءات :671  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 110 من 122
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذة بديعة كشغري

الأديبة والكاتبة والشاعرة.