شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
حول مقال ماذا يجب علينا نحو الناشئة
أو فكرة مشروع القرش
نظن أن الجرأة الأدبية من أعظم العوامل التي تفسح الطريق للأمم نحو الحياة الحرة المهذبة البعيدة عن العنعنات والقيودات الثقيلة التي لا نشك في أن الأمة التي تتمسك بها سيقضي عليها –عملاً بقاعدة تنازع البقاء، وبقاء الأمثل– وستكون بعد حين نسياً منسياً.
ونظن أن الجرأة الأدبية غير معدومة من الحجاز - وإن كانت تنحصر في بضعة أشخاص ليس من المهم تسميتهم، ونميل إلى أن فكرة جديدة تظهر في هذا الوطن المحبوب لا تمر بها بعض الأفكار إلا وتقتلها بحثاً وتحليلاً، ونؤكد أن من أعظم العوامل التي جعلت كثيراً من الأدباء والمفكرين يركنون إلى السكون والقبوع؛ فقدان وسائل التعضيد والتشجيع، وضعف (أو إذا شئت فقل فقدان) الرابطة الأدبية في أمهات المدن الحجازية فضلاً عن قراها، ثم أن فكرة (شيخ وشاب) في الحجاز أعتقد أنها من أشد العوامل التي أخذت من سير حياتنا بأجمعها، ولا أظنني مغالياً إذا قلت: إن الاتجاهات التي يولونها شطر وجوههم تكاد تكون على طرفي نقيض. هذه نزوة في نفسي أبديتها لما لها من الاتصال بما نكتب حوله عن فكرة مشروع القرش.
والآن نعود إلى مقال حضرة الكاتب عبد العزيز ضياء فنقول:
مقال الكاتب يكاد يكون (إن لم يكن) قسمين، قسم يبحث فيه الناشئة وتواكلها أو مستقبلها، وقسم يبحث فيه فكرته عن مشروع القرش، ونحن إن كنا نتفق مع حضرة الكاتب في أن الناشئة معلقة كل آمالها بالوظائف أو أن هذه الآمال هي نفسها الخمول والكسل، إلا أنا قد لا نتفق معه ولا نشاطره رأيه في توجيه المسؤولية على نفس الناشئة. لأنا نرى إلقاءها في الدرجة الأولى على المدارس، لأن التدريس في المدارس لا يزال عقيماً (بالنسبة للأساليب الحديثة) ولأن غرس حب الامتهان بالأعمال الحرة في قلوب الناشئة لم تعطه جميع المدارس أية عناية، فهو لذلك مفقود من قلوب أكثر الناشئة المتخرجة من المدارس الحجازية إلا ما رحم ربك.
إن المدارس تحتاط لذلك فتعتني بهذه الفكرة وهي الآن على باب السنة الجديدة، وأمامها برنامج الأعمال، ثم في الدرجة الثانية نوجه المسؤولية على المربين، وفي الدرجة الثالثة نوجهها على المثقفين (فقط) من الناشئة.
هذا رأينا في القسم الأول من مقال حضرة الأديب، أما القسم الثاني: "فكرة مشروع القرش" فإنا نشكر حضرة الأديب على تفكيره في هذا المشروع الصغير الاسم، الكبير العمل، وإبرازه في صحيفة سيارة ليطلع عليه كل قارئ على العموم، وأبناء جلدته على الخصوص.
هذا المشروع طالما خامر فكري بحثه أو طالما أشرت على بعض المتصلين بمدارس الفلاح على القيام به ليساعدها في أزمتها المالية الواقعة فيها.
إن هذا المشروع إذا تم فبلا شك سيكون من أعظم الأشياء التي تحيى بسببه الحياة الصناعية في بلادنا، ولنا أسوة حسنة بغيرنا، فهذه جارتنا الشقيقة مصر قد جمعت من ورائه في عام واحد ما ينوف عن خمسين ألف جنيه، والمشروع في حد ذاته سهل جداً، فقط يعوزه الإخلاص والأيدي العاملة (كما تفضل بذلك صاحب الفكرة) ونظراً لكون المشروع وطني وذا فوائد جمة ومحقق نجاحه، إذا سار أصحابه على الطرق القانونية (التي تحفظه من العبث) فإني أول متطوع أتقدم لمساعدة هذا المشروع بكل أنواع المساعدة (التي أستطيعها بالطبع) ولي بعض ملاحظات أظنها كمقدمة لهذا المشروع الذي أتمنى من كل قلبي نجاحه، وعملاً بحرية الأفكار أدلى بها.
1- قبل الشروع في العمل يتقدم بعض أفراد الأمة إلى الحكومة بطلب رخصة رسمية تسمح لهم بذلك.
2- أن يجري انتخاب جمعية مشروع القرش باجتماع عام يعقد في يوم واحد بجميع المدن التي يرى من الصالح أن يكون فيها فروعها للجمعية العامة، وأن يكون الانتخاب حرّاً وبالأكثرية ويكون عدد أعضاء الجمعية محدوداً ولوقت معين.
3- بعد انتخاب الجمعية العمومية ينتخب رئيسٌ لها ونائب رئيس وأمين صندوق وسكرتير.
4- تضع الجمعية لها نظامين، أحدهما للأعمال الداخلية، والآخر لأعمالها ومشاريعها العمومية وترفعهما للحكومة للتصديق عليهما.
5- لا تتدخل الحكومة في أعمال الجمعية ولا في مشاريعها، ولها الحق في تعيين هيئة تفتيشية في أي وقت لمحاسبتها والتفتيش على أعمالها حفظاً لحقوق الأمة من الضياع والعبث.
6- تبذل اللجنة جهدها بالطرق القانونية لتقوية الرابطة الأدبية في أنحاء البلاد والعمل على تثقيف الأفكار، وعمل غرف مطالعة ونوادٍ أدبية.
7- يعمل للجمعية ختمٌ يرمز فيه برمز ينطبق على مشروعها تختم به الأوراق ذات القيمة، والتي تكون قيمة كل واحدة منها قرشاً واحداً.
8- توضع علامات مخصوصة في صدور الذين يقومون بتوزيع الأوراق.
9- ينشر في رأس كل شهر تقريرٌ عن أعمال الجمعية التي قامت بها، وبيان وارداتها ومنصرفاتها والمتبقي في صندوقها، وبيانٌ عن الأعمال المعتزمة القيام بها في الشهر التالي.
هذه بعض ملاحظات ابتدائية حضرتني الآن (علاوة على ما تفضل به صاحب الفكرة) أتينا بها، ونتمنى أن تجد هذه الفكرة من قادتنا ومفكرينا وكتابنا وأدبائنا استحساناً فيتفضلوا بإبداء رأيهم في هذا الموضوع "وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون، وستردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون". فما رأيكم؟
مكة المكرمة: الغربال
صوت الحجاز: العدد 57
الاثنين 20 محرم سنة 1352هـ
الموافق 15 مايو 1933م
 
طباعة

تعليق

 القراءات :371  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 103 من 122
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

سعادة الدكتور واسيني الأعرج

الروائي الجزائري الفرنسي المعروف الذي يعمل حالياً أستاذ كرسي في جامعة الجزائر المركزية وجامعة السوربون في باريس، له 21 رواية، قادماً خصيصاً من باريس للاثنينية.