شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الغربال ومنتقدوه
يجب أن نفهم ما نكتبه حول مقال المنسف.
إذا كنت شكرت الأديبين "المنسف، م. راسم" في مقالي السابق على مقاليهما فليس معناه أن ما جاء فيهما حق وحقيقة، ولكن ذلك من باب التشجيع ليثابرا في النقد والنسف، لأن نتيجة المثابرة نجاح مؤكد، والله يسرني نجاحهما وأطلب لهما التوفيق.
وإني الآن أستسمح "المنسف" لأناقشه في بعض ما جاء في مقاليه، وموعدنا مع "م. راسم" في مقال آخر.
لفظة "المنسف" بفتح الميم وكسر السين معناه (في اللغة) فم الحمار، وبكسر الميم وفتح السين "المنسف" معناها الغربال الكبير، وأصلها نسف من باب فعل، وتجمع على "مناسف" ونسف الشيء قلعه من أصله (1) .
لم يكن بقصدي في أول الأمر أن أرد على مقال الأديب "المنسف" لعدة أمور:
1- لكونه مبني على غير أساس، وليست هناك حجج تؤيد أقواله، فهي أقوال بلا بينات.
2- لأن الأديب أفادنا في أول مقال نشر له أنه يعبر عن رأيه الخاص وما دام أن المسألة محدودة، وتعبر عن آراء خصوصية، فهو حر في آرائه وأفكاره، حر في قبول ما يريد ورفض ما يكره، هذا من جهة، ومن جهة ثانية فإن الآراء الخصوصية لم تكن في يوم ما ميزاناً لرأي الأمة، ولا حجة يستن عليها، لأن رأي الفرد، قد ينطبق على رأي الأمة وقد يشذ.
3- لكون المقال من أوله لآخره استهزاء وصلافة، وخروج عن الحدود الأدبية، وإني أقر بعجزي عن مساجلة حضرة الأديب في هذا الباب، لكون آداب المناظرة أرفع وأعظم من أن تسير على هذا المنوال، لن النقد ليس معناه السباب والشتم.
هذه بعض الأسباب التي جعلتني أن أغفل في مقالي السابق الرد، متمثلاً بقول القائل: "ولي أذن..." ولكن ظهر مقاله الثاني على وضعية وأسس المقال الأول، وكاد يكون نصيبه عندي كسابقه لولا أنه يوجد فيه افتراءات لا يمكنني السكوت عنها، وإني أجل حضرة الأديب، من التمادي في مثل ذلك، خدمة للمصلحة العامة، والحق والحقيقة ونزاهة الضمير.
قد يمكن أن أتساهل مع حضرة الأديب في كل شيء إلا في أمر كهذا لا يمكن أن أتساهل فيه لكونه افتراء محض مشوه للسمعة القلمية.
يقول حضرة الأديب في قسم مطالعاته –في المقال الثاني– ونصه: "وقد عثرنا (يا ساتر) على آراء ومباحث وجمل سبق نشرها في صفحات الخارج" وهذا زور وبهتان كنت أود أن يترفع عن حضرة الأديب، وأن يفكر قبل أن يخط بقلمه تلك الكلمات التي تمس شرف الكاتب، أو أن يأتي بالجمل والمباحث التي يقول أنه سبق نشرها ويدلنا على المكان الموجود فيه إذا كان صادقاً في مدعاه. أما كونه يقدم على مثل هذه المغامرة الغير حميدة فيصيب غيره في الصميم مكتفياً قوله "وقد عثرنا.. الخ" فلا يحق له ذلك، ولا تقره نزاهة الضمير، ولا قوانين الكتابة، لأن القول المجرد والغير مدموغ بحجج لا يفيد صاحبه.
إن الواجب الأدبي يقضي على حضرة الأديب أن لا يرمي الجمل جزافاً بغير روية، بل يجب أن يعرف معنى ما يكتبه أو يسترشد إذا كان جاهلاً بقوانين الكتابة، وإذا كان قصده من الكتابة التحبير والتسطير فقط، فيجب أن لا يتعرض لشرف غيره بدون حق، لأن أصحابه سيذودون عنه لأن المسألة وصلت إلى درجة لا يمكن التغافل عنها.
إن ما افتراه حضرة الأديب ووصمني به سواء كان قصد ذلك أو لم يقصد من أعظم الأشياء التي تعاب على الكاتب وأن ذلك في عرفهم يعد جناية لا يغتفر ذنبها، لأن معناها سلب جهود وأتعاب غيرك، وهي من أعظم الأسباب التي تضيع الثقة بأقوال الكاتب وبالأخص في البحوث التاريخية.
والله الذي لا رب سواه لم ينلني جميع ما جاء في مقاله سوى هذه الجملة، لا لكون ما جاء فيه حق وصحيح بل لكوني أحب أن أشجع حضرة الأخ ليواصل كتاباته، هذا من جهة، ومن جهة أخرى لأن حرية النشر والنقد أوسع من أن تضيقها أمثال هذه الأقوال، ولكن مع هذا فإن الأدب والذوق يقضيان على الكاتب أن لا يفتري، ولو أن حضرة الأديب أتي ببينة على قوله لشكرت له صنيعه وقدرت له اجتهاده، واعتذرت إليه وإلى القراء.
أما إلقاء الكلام بدون تروٍ، وإرسال الجمل جزافاً فهي عادة لا أستحسن أن تكون في الأخ المنسف.
(يتبع).
مكة المكرمة: (الغربال)
ابن عبد المقصود
صوت الحجاز - العدد: 46
25 شوال سنة 1351هـ
13 فبراير سنة 1933م
 
طباعة

تعليق

 القراءات :367  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 101 من 122
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

عبدالعزيز الرفاعي - صور ومواقف

[الجزء الأول: من المهد إلى اللحد: 1996]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج