شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
مشروع القرش من الأعمال المشتركة
واجب الشعب نحوه
نشرنا في العدد الماضي القسم الأول من نظام "جمعية القرش للمشاريع الاقتصادية في البلاد العربية السعودية". وقد نصت المادة الرابعة على الغرض الذي من أجله أنشئت هذه الجمعية فقالت "غرض الجمعية السعي لتحقيق الاستقلال الاقتصادي في البلاد العربية السعودية، بإيجاد المنشآت الصناعية والزراعية الحديثة وتشجيع القائمة منها وفتح سبل العمل أمام أبناء البلاد". وهذا الغرض من أهم الأشياء التي يجب العناية بها، لأنا في أشد الحاجة لإنشاء صرح الاستقلال الاقتصادي، وإلى ايجاد طرق تعمل فيها الأيدي العاطلة وتستثمرها لمصلحتها ومصلحة الوطن معاً.
لذا كان لزاماً علينا أن نقول كلمة في الموضوع لأهمية المشروع، ولما ينتظر له من نتائج حسنة موفقة، إذا قام الذين وكل إليهم أمر العمل بهذا المشروع بما يتطلبه من عناية وجهود؛ ثم تصرفوا بنتائج عنايتهم وجهودهم تصرفاً يفيد الأمة والوطن.
إن مشروع القرش من الأعمال المشتركة التي لا يمكن للأفراد القيام بها والتي من الضروري اشتراك الشعب بأسره لتحقيقها والعمل على نجاحها. وإذا كانت الأيام الماضية قضت بأن يعيش الشعب بعيداً عن هذه الأعمال لاعتبارات مختلفة، فالأيام الحاضرة تقضي بأن يشترك الشعب في هذه الأعمال لأن الحياة بتطوراتها ذللت كثيراً من الصعاب التي كانت جاثمة في الطريق، وما علينا إلا السعي لاقتحام المواقف بتدبر لتذلل البقية الباقية. إن الواجب يقضي بأن يظهر الشعب في ميدان الأعمال المشتركة ظهوراً يكفل للأمة اتحادها والتفافها.
قلنا إن مشروع القرش من الأعمال المشتركة، ولا سبيل لنجاح هذا المشروع إذا لم يشترك الشعب بأسره في تعضيده، وهذا الاشتراك لا يعود على المسرح وحده بالفائدة، بل من فوائده أن تظهر الأمة متحدة متكاتفة، وإنا لا نزال في أشد الحاجة إلى هذا، لأن آثار التفكك بادية في كل أعمالنا.
إن مشروع القرش مشروع الشعب فالشعب هو الذي يعضده، والشعب هو الذي يقومه، والشعب هو الذي يوجهه لمصلحة الوطن.
إن أعمال مشروع القرش من أعمال الشعب وحده، وإن أموال مشروع القرش من أموال الشعب وحده، وإن مصلحة مشروع القرش من مصالح الشعب وحده؛ فالواجب يقضي بأن يساهم الشعب بأسره في هذا المشروع، لا فرق بين الغني والفقير ولا بين الكبير والصغير، يجب أن يساهم في هذا المشروع، الرجال في مجال أعمالهم والنساء في دورهم، والتلامذة في مدارسهم، والأطفال في مراتع لهوهم ولعبهم.
وهذه المساهمة لا تكلف الشعب عناء ولا مشقة؛ ولا تؤثر على أحواله بحال ما. الآن الفرد منا إذا ساهم في المشروع بقرش واحد عن نفسه، وبقرش عمن في معيته، فليس ذلك بضاره شيئاً وليس ذلك بمؤثر عليه.
إن القرش الواحد الذي يساهم به الفرد منا في هذا المشروع، هو لبنة يقوم بها صرح الاستقلال الاقتصادي في هذا الوطن العزيز، في هذا الوطن الذي يهم كل فرد منا أمره، في هذا الوطن الذي هو في أشد الحاجة إلى هذا الصرح، إذ لا غزو أنكى على الأمة من غزو اقتصادياتها فهو غزو في الصميم.
يجب أن نؤمن بفائدة هذا المشروع؛ ولا نستصغر أمر القرش، فإن شاء الله سنؤسس معامل كبرى من هذا المستضعف الصغير، ولما يتطلبه منا المشروع لنجاحه هو التشجيع والتعضيد، هذه الجارة الشقيقة مصر حينما شجع شعبها هذا المشروع وعضده استطاعت أن تؤسس مصنعاً للطرابيش يعد اليوم من أعظم مصانع الطرابيش في العالم، وفي فصل الشتاء الماضي افتتحت مصنعاً آخر لغزل الصوف، وسوف لا تمضي بضع سنوات حتى تؤسس عدة مصانع.
إن الفكرة الأساسية التي يتوقف عليها نجاح هذا المشروع قيام وظائفه على التطوع، فلا لأي موظف في جمعية القرش الحق في أخذ أجرة على عمله، ولا لجامعي القرش الحق في تقاضي أجور على أعمالهم؛ إذ المشروع كما قدمنا من الشعب وإلى الشعب في مصالحه العامة، وكل ما للمتطوعين امتيازات بسيطة على أعمالهم، وهذا ليس إلا من قبيل التشجيع وتسهيل عملهم فقط، وينتظر أن ينص النظام الداخلي لجمعية القرش على تلك الامتيازات، والشيء الذي نحب أن نلفت إليه نظر الشركة العربية للسيارات واجبها في تعضيد هذا المشروع بالسماح للمتطوعين باستعمال خط البلدة في أحوال ومواقف يوضحها مجلس إدارة جمعية القرش في حينه، وليس هذا إلا من قبيل التعضيد والمساعدة، وتسهيل العمل للمتطوعين، ولنا في غيرة أعضائها الوطنيين أعظم الأمل في العطف على هذا المشروع وتسهيل وسائل نجاحه. إن التطوع في هذا المشروع لا يقوم إلا على أكتاف عمد المحلات والشباب وتلامذة المدارس، فعمد المحلات والشباب وتلامذة المدارس، هم المسؤولون عن أعمال التطوع؛ وهم الذين يقضي الواجب عليهم بأن يسعوا جهدهم في توسيع أمر التطوع وتعميمه.
فعمد المحلات بوجاهتهم في محلاتهم وتأثيرهم الشعبي على من في محلاتهم يستطيعون تقديم المتطوعين من محلاتهم لمساعدة هذا المشروع وتعضيده. والشباب بجهودهم الصادقة وعزائمهم الحديدية وفورة دم الشباب في عروقهم يستطيعون التطوع بجمع القرش بدافع واجب الوطن، ومصلحة الوطن في غير ما خجل ولا ترفع. وتلامذة المدارس بنشاطهم المدرسي وغيرتهم الوطنية، وخفة حركاتهم يستطيعون أن يؤدوا أعظم قسط نحو هذا الواجب الوطني العام.
يجب أن لا يخجل الفرد منا من تأبط طوابع القرش، والتطوع لجمع قيمتها، فإن أعمال غيرنا الحسنة يجب أن تكون لنا أسوة حسنة، إذا كنا نريد النجاح.
إن مشروع القرش في مصر لم ينجح إلا حينما خاض عظماء الأمة معامع تطوعه، فإبن الوزير وابن الرئيس وابن العظيم لم يستنكف من استجداء المستضعفين فضلاً عن العظماء قرشاً واحداً ليكون لبنة في صرح مجد بلاده.
يجب ألا نخجل من عمل كهذا فيه عز الوطن ونجاحه فنتوارى ونستسلم للخجل، إن القرش الذي تستجديه مواطنك يعرف العام والخاص إنك لا تريد الاستعاشة به، وإنك تريد من ورائه بناء صرح مجد بلادك، فلنتدبر الأمر، ولنحيا حياة غير حياتنا الأولى فالحياة اليوم غيرها بالأمس.
إنا نطلب باسم مصلحة الوطن من المثقفين بث هذه الفكرة في مواطنيهم وحثهم عليها، كما أننا نطلب ونلح في الطلب ونرجو ونكرر الرجاء بأن يلقن الأساتذة تلامذة المدارس ما يجب عليهم نحو هذا المشروع فإن هذا خير تكييف لميولهم وتوجيهها لمصلحة الوطن، ومصلحة الوطن فوق كل مصلحة وقبل كل مصلحة.
مكة المكرمة: ابن عبد المقصود
جريدة "أم القرى" العدد 606
بتاريخ 27 ربيع الثاني 1355هـ
الموافق 17 يوليو 1936م
 
طباعة

تعليق

 القراءات :587  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 66 من 122
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج