شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
دخول السيل إلى المسجد الحرام
انفجار سرداب السيول
في الساعة الرابعة من صباح يوم الأحد (1) هطلت أمطار غزيرة في مكة وضواحيها سال على إثرها وادي إبراهيم بسيلٍ عظيم دام في سيره نحو أربع ساعات، نصفها في قوة متناهية، ثم أخذ يضمحل، وقد كان لسيول الأمطار التي وقعت على جبال مكة وضواحيها أثر كبير في قوة السيل.
وفي الساعة الخامسة دخل السيل إلى المسجد من خمسة أبواب: منها أربعة في الجانب الشمالي للمسجد وهي:
(1) باب الزيادة (ويعرف عند المؤرخين بباب السويقة).
(2) باب القطبي (ويعرف عند المؤرخين بباب الفهود أو باب قعيقعان).
(3) باب العتيق (ويعرف عند المؤرخين بباب عمرو بن العاص، وبباب السدة، وسبب تسميته بالسدة كونه سد ثم فتح مرة أخرى).
(4) باب الباسطية، نسبة إلى الخواجا الزيني عبد الباسط (ويعرف عند المؤرخين بباب العجلة)، ويعرف عند أهل أوائل هذا القرن بباب مدرسة الشريف عبد المطلب.
والباب الخامس في الجانب الغربي للمسجد، وهو الباب المعروف في زمننا بباب (جنيدة).
ودخل السيل أيضاً على المسجد الحرام من نافذة المدرسة المعروفة اليوم (بمدرسة الباشا) وتعرف هذه المدرسة عند المؤرخين بالمدرسة الباسطية، وهي إحدى المدارس التي بناها الخواجا الزيني عبد الباسط ناظر الجيش في عهد صاحب مصر الملك برسباي في سنة 826هـ وقبل سنة 825هـ.
وسبب دخول السيل إلى المسجد يرجع إلى تجمع الأوحال والأوساخ في مخانق سرداب السيل، الواقع في الشق الشمالي للمسجد وهذا السرداب يعرف عند المؤرخين بسرداب العنبة (وهو السرداب الذي على يسار الخارج من باب الزيادة)، ويمكن أن أقول اعتماداً على البحث الذي قمت به أن هذا السرداب يسير في خط منحني من تحت درجة منارة دار الندوة المعروفة (اليوم بمنارة باب الزيادة)، ثم ينعطف على الشمال قليلاً فيسير من تحت درج باب القطبي. (وقد شوهد أن السيل لم يدخل من باب القطبي مباشرة وإنما كان الماء ينفجر من الدرج الداخلية الموصلة إلى المسجد)، ثم ينحرف على اليمين قليلاً فيسير من تحت مدرسة القطبي المؤرخ المشهور ثم من تحت مدارس الباسطية، وأخذ الماء يطفح من النافذه المطلة على المسجد بقوة شديدة كادت تسقط منها النافذة)، ويستمر في انعطافه حتى يمر من تحت المدارس التي على جانبي باب العتيق فردهة باب العمرة (التي بين الشارع والباب الموصل للمسجد) ثم ينحرف في خط مستقيم فيمر من تحت مدارس الداودية حتى باب إبراهيم حيث يلتقي بالسرداب الخارج من باب إبراهيم من نقطة تقرب من مقسم عين زبيدة بخارج باب إبراهيم، ومن هنا يجري في مجرى واحد.
وبالطبع انسداد مخانق سرداب العنبة جمع المياه في عدة مضايق، فحدث الانفجار الذي حصل في مدرسة الباشا، والانفجار الذي حصل في حوش مدرسة الشريف عبد المطلب وقضى بتفجر المياه من درج باب القطبي.
ولقد كانت السيول المنحدرة من الجبال التي تصب على الشامية من الأزمنة القديمة، وما تحمل من أتربة وأوساخ أدت إلى ارتفاع الأرض الواقعة أمام باب الزيادة وباب القطبي، وباب الباسطية، وباب العتيق، ثم قوة السيل الأخير وامتلاء السرداب بالأوساخ أدى إلى تجمع مياه السيل أمام تلك الأرض، ففاضت على المسجد من الأبواب المذكورة حتى وصلت إلى المطاف، وحينما اتصل الأمر بأمانة العاصمة ورجالها اتخذت الإجراءات اللازمة في نزح المياه وتنظيف المسجد، وقد ساعد في ذلك شرطة الحرم وأغواته وبعض الحجاج والأهلين، فلم تك إلا ساعة من نهار حتى زال عن المسجد ما علق به، وفي اليوم التالي انتدبت أمانة العاصمة لجنة فنية للكشف على الخراب الحاصل، وتقدير المصاريف اللازمة لإصلاحه.
وقد قامت اللجنة بمهمتها ورفع تقريرها إلى أمانة العاصمة، وقد علمنا أن أمانة العاصمة رفعته برقياً إلى حضرة سمو نائب جلالة الملك المعظم في ركبه (2) ، وعلى أثره صدر أمره بإنفاذ ما جاء في قرار اللجنة المذكورة.
وينتظر أن تباشر اللجنة أعمالها في هذا الأسبوع، وعسى أن نجد متسعاً من الوقت فنكتب فصلاً تاريخياً عن سرداب العنبة خدمة لتاريخ آثار هذا الوطن التي اندثرت أو كادت تندثر.
مكة: ابن عبد المقصود
جريدة (أم القرى): العدد: 583
يوم الجمعة 14 ذو القعدة سنة 1354هـ
الموافق 7 فبراير سنة 1936م
 
طباعة

تعليق

 القراءات :859  التعليقات :1
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 34 من 122
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج