شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
أين الحجون؟ (2)
تابع الرواية الأولى:
ولربما يعترض معترض فيقول: أن مسجد الحرس على يسار الصاعد لا عن يمينه، وهذا يصح على الوضع الحاضر، أما الوضع القديم فلا، لأن الشارع الذي نسلكه اليوم لم يك شارع القوم إذ ذاك، بل كانوا يمرون من المكان الذي فيه (الشرشورة) اليوم إذ المقبرة التي منها قسم (الشرشورة) لم تخطط إلا في القرن الحادي عشر (1) ، وقد كان مكانها وادٍ فسيح، فكانت أولى بالشارع من الجهة الأخرى لما بها من النواتىء المضرة.
أما المحتجون بقول الفاكهي فحجتهم واهية لأنه لا يوجد في قول الفاكهي ما يجب أن يكون حجة، وهذا قول الفاكهي نقلاً عن ابن ظهيرة: "الحجون الجبل المشرف جداً على مسجد البيعة الذي يقال له مسجد الحرس". وهذه الجملة هي نفسها جملة الأزرقي مع تحريف(حذاء) بجدا، ويظهر أن ابن ظهيرة أخذ عن الفاكهي فوقع في نفس التحريف الذي وقع فيه، والذين يقولون بأن الفاكهي ذكر في شق معلاة مكة اليماني لا نعرف حجتهم في ذلك، ولم نعثر على تاريخ الفاكهي لنناقش القوم حجتهم، والمعروف أن الفاكهي وضع تاريخه عن الأزرقي، وإذا كان الأمر كما ذكروا فيكون مذهبه في ذلك تقليداً للأزرقي لا أكثر ولا أقل.
والمحتجون بقول النووي يؤولون العبارة على غير مقصدها وهذه عبارة النووي: "الحجون بفتح الحاء وبعدها جيم مضمومة وهو من حرم مكة زادها الله شرفاً، وهو الجبل المشرف على مسجد الحرس بأعلى مكة على يمينك وأنت مصعد"، (ص 81)، تهذيب الأسماء واللغات. وقوله: "على يمينك" أي المسجد لا الحجون، وإذا عرفنا أن النووي من أهل القرن السابع الهجري، وأن الشارع كما أسلفنا، أدركنا أن هذا التأويل لا محل له.
والمحتجون بقول الفاسي يبنون حجتهم على الجملة الآتية: "الحجون المذكور في حد المحصب هو جبل بالمعلاة فيه مقبرة أهل مكة على يسار الداخل إلى مكة ويمين الخارج منها إلى منى على مقتضى ما ذكر الأزرقي والفاكهي لأنهما ذكراه في شق معلاة مكة اليماني وهو الجهة التي ذكرناها، وإذا كان ذلك فهو يخالف ما يقوله الناس من أن الحجون الثنية التي تهبط منها إلى مقبرة المعلاة، وكلام المحب الطبري يوافق ما يقوله الناس، ولعلَّ الحجون على مقتضى قول الأزرقي والفاكهي والخزاعي الجبل الذي يقال فيه قبر ابن عمر رضي الله عنهما، والجبل المقابل له والذي بينهما الشعب المعروف بشعب العفاريت" (ص 115، ج1)، من العقد الثمين، نسخة الماجدية.
والذي يظهر من الجملة، أن القسم الأول لا يعبر عن رأي الفاسي، بل كل ما يقال أن الفاسي بنى تحديد "على يسار الداخل إلى مكة والخارج منها إلى منى" معتمداً على ذكر الأزرقي للحجون في شق معلاة مكة اليماني، وقد ناقشنا هذا الرأي سابقاً، ويظهر أن في قلب الناس شيئاً من هذا التحديد، لأن قوله: "على مقتضى الخ" يؤيد عدم تحمله تبعة ذلك التحديد.
أما الجملة التي تعبر عن رأي الفاسي في الحجون فهي تبدأ من قوله: "ولعلَّ الحجون.. الخ" وهذا القول يكاد ينطبق تمام الانطباق على تعريف الأزرقي الذي اعتمدنا عليه، وكل ما في الأمر من اختلاف، يرجع إلى أن الفاسي اعتبر الحجون الجبل المشرف على قبر السيدة آمنة وما بينهما لأن الجبل الأول وهو الجبل الذي يقال إن فيه قبر عبد الله بن عمر (2) ، والجبل الثاني هو المشرف على قبر السيدة آمنة، والشعب الذي بينهما هو شعب الجزارين؛ الذي أطلق عليه الفاسي شعب العفاريت لشهرته بذلك في عصره، والذي يؤيد أن الفاسي لا يدين في الحجون بغير هذه النظرية ما ذكره في كتابه شفاء الغرام. وسيأتي ذلك في قسم (تاريخ التحريف والتنبيه عليه).
مكة: ابن عبد المقصود
"صوت الحجاز" العدد: 176
الثلاثاء 3 رجب سنة 1354هـ
الموافق 1 أكتوبر سنة 1935م
 
طباعة

تعليق

 القراءات :727  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 30 من 122
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج