شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
دار الندوة وما طرأ عليها في أدوارها التاريخية (4)
نقل مقام إبراهيم إليها:
ولما حج الخليفة محمد بن المهدي بن المنصور العباسي نزل بدار الندوة فحمل إليه سادن الكعبة يومذاك عبد الله بن عثمان بن إبراهيم الحجبي مقام إبراهيم خليل الله، يقول الأزرقي: "حج المهدي أمير المؤمنين سنة 160هـ فنزل بدار الندوة فجاء عبد الله بن عثمان بن إبراهيم الحجبي بالمقام مقام إبراهيم في ساعة خالية نصف النهار مشتملاً عليه فقال للحاجب إيذن لي على أمير المؤمنين فأدخله عليه فكشف عن المقام وتمسح به وسكب فيه الماء ثم شربه وقال له: اخرج وأرسل إلي بعض أهله فشربوا منه ومسحوا به ثم أدخل فاحتمله ورده إلى مكانه وأمر له بجوائز عظيمة". ص 278 طبعة أوروبا، وهذه هي أول مرة في التاريخ يحمل فيها مقام إبراهيم عليه السلام إلى دار الندوة، كما أنه لم ينقل لنا أنه نقل إلى أحد من الخلفاء لا قبلاً ولا بعداً غير هذه النقلة.
هجر دار الندوة وتخريبها:
بقيت دار الندوة داراً لإمارة مكة ومنزلاً للخلفاء أيام الحج حتى أيام هارون الرشيد فابتاع داراً للإمارة وبناها فصارت تنزل بدلاً من دار الندوة، ومن ذلك التاريخ أخذ أثرها يتقلص شيئاً فشيئاً حتى خربت وتهدمت، يقول الخزاعي في تاريخ الأزرقي: "رأيتها على أحوال شتى كانت مقاصيرها التي للنساء تكرى من الغرباء والمجاورين ويكون في مقصورة الرجال دواب عمال مكة، ثم كانت ينزلها عبيد العمال بمكة من السودان وغيرهم فيعبثون فيها ويؤذون جيرانها، ثم كانت تلقي فيها القمائم ويتوضأ فيها الحاج وصارت ضرراً على المسجد الحرام" ص 342 طبعة أوروبا.
بقيت دار الندوة على الشكل المتقدم ينتقل حالها من سيء إلى أسوأ حتى سنة 281هـ فكتب صاحب بريد مكة يلفت نظر الوزير عبيد الله بن سليمان بن وهب، ويشرح له الحالة التي آلت إليها دار الندوة ويطلب منه استمالة الخليفة المعتضد بالله بن أبي أحمد العباسي إلى عمارتها وجعلها مسجداً كما أنه سعى لدى أمير مكة (عج بن حاج) وقاضيها (محمد بن أحمد بن عبد الله المقدسي) وتمكن من حملهما على الكتابة إلى دار الخلافة فنجح في سعيه ووصلت الكتب جميعها في بريد واحد وعرضت على الخليفة المعتضد فوافق على جعلها مسجداً مستقلاً وأوفد عبد الله بن يوسف نجل قاضي بغداد يومئذاك للعمارة، وأوفد معه الأموال اللازمة لذلك ولترميم المسجد والكعبة المطهرة، فوكل هذا أمر العمل والإشراف عليه إلى الهياج عمير بن حيان الأسدي فبدأ العمل وهدم البناية القديمة لدار الندوة وجعلها مسجداً يكاد يكون مستقلاً على أساس البناية القديمة، وجعل له اثني عشر باباً على المسجد، ستة منها بمقاس خمسة أذرع طولاً وأحد عشر ذراعاً ارتفاعاً، والستة الأبواب الباقية بمقاس ذراعين ونصف طولاً وتسعة أذرع إلا ثلث ارتفاعاً، وجعل لها منارة وخزانة في زاويتي مؤخرها لا تزال موجودتين حتى يومنا هذا، المنارة على يمين الداخل من باب الزيادة، والخزانة على يساره. ولم يوضح الأزرقي ولا غيره تاريخ السنة التي انتهت فيها العمارة، واستنتج الفاسي من رواية الخزاعي أن انتهاء العمارة يصادف سنة 284هـ وتعرف هذه العمارة عند مؤرخي مكة بزيادة دار الندوة، وبالزيادة الأولى، ولأجل ذلك سمي باب الزيادة الموجود اليوم بهذا، أما اسمه القديم فهو باب الندوة.
ضمها إلى المسجد:
ولما آلت الخلافة إلى المقتفي بالله جعفر بن المعتضد أنفذ إلى والديه على مكة يومئذاك القاضي محمد بن موسى يوصل مسجد دار الندوة بالمسجد الكبير فغير الأبواب والطاقات التي في صدر المسجد الكبير وجعل بدلاً من ذلك أساطين فوصل بالحرم الشُّرَف وصولاً حسناً حتى صار من كان في وسط دار الندوة من مصل أو غيره يستقبل الكعبة فيراها كلها وهذا العمل كان سنة 306هـ.
ذرع مسجد دار الندوة:
ذكر الخزاعي أن المسجد الذي أحدث مكان دار الندوة كان مقاسه 84×76 ذراعاً أما مقاس صحنه فهو 49 × 47 ذراعاً وذكر ابن ظهيرة أن مقاس المسجد 74 × 70.5، وأن مقاس صحنه 37 × 37.5 ذراعاً بذراع الحديد. ونرجو أن يلاحظ القارئ أن هذا المقاس ليس هو مقاس دار الندوة القديم بل إنما هو مقاس المسجد فقط، وهو قسم من دار الندوة يخيل إلي أنه أقل من النصف "يتبع".
ابن عبد المقصود
"صوت الحجاز" العدد: 156
الثلاثاء 11 صفر سنة 1354هـ
الموافق 14 مايو سنة 1935م
 
طباعة

تعليق

 القراءات :560  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 26 من 122
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور سعد عبد العزيز مصلوح

أحد علماء الأسلوب الإحصائي اللغوي ، وأحد أعلام الدراسات اللسانية، وأحد أعمدة الترجمة في المنطقة العربية، وأحد الأكاديميين، الذين زاوجوا بين الشعر، والبحث، واللغة، له أكثر من 30 مؤلفا في اللسانيات والترجمة، والنقد الأدبي، واللغة، قادم خصيصا من الكويت الشقيق.