الإصدارات الأولى |
تناول هذا الموضوع بشيء من التفصيل، الدكتور عمر الطيب الساسي، في كتابه "الموجز في تاريخ الأدب العربي السعودي"
(1)
، وأشير هنا –بإيجاز– إلى الإصدارات الأولى، نقلاً عن الكتاب المذكور: |
الإصدار الأول: |
- كان أول إصدار أدبي طبع ونشر بعد توحيد هذه البلاد، هو كتاب (أدب الحجاز)، أصدره محمد سرور الصبان في شهر شوال سنة 1344هـ، حاملاً آثاراً شعرية ونثرية لمجموعة مؤلفة من خمسة عشر أديباً شاباً، آنذاك، وقد وصفه ناشره، محمد سرور الصبان (يرحمه الله) بأنه: (صفحة فكرية من أدب الناشئة الحجازية) ووصف د. الساسي الروح العامة التي تميزت بها تلك الآثار الأولى في ثلاثة أمور هي: |
أولاً: ذم الماضي القريب، والشكوى من آثاره الباقية، بعد التمزق والشتات. |
ثانياً: التمسك بالوحدة، والتأكيد على أنها سبيل الوصول لنهضة شاملة. |
ثالثاً: الطموح بتفاؤل وثقة وصدق وتصميم. |
وقد لاحظ (الساسي) تأثر الأدب الحجازي –في بداياته الأولى– بأدب المهجريين، ونوه إلى اعتراف بعض من أسهموا بالكتابة في (أدب الحجاز)، (بتأثرهم بالأدب المهجري، بل وبمحاكاته)، وقد (كانت الأجواء الرومانسية طابعاً مميزاً لتلك الكتابات، التي تجلى فيها الأثر المهجري في كتاب "أدب الحجاز"). |
وفي كل الأحوال يظل كتاب "أدب الحجاز" (معلماً بارزاً في تاريخ الأدب في هذه البلاد، باعتباره الإصدار الأول، على الإطلاق، بعد إتمام الملك عبد العزيز يرحمه الله عملية توحيد أقطار هذه البلاد، وفي السنة الأولى لهذا العهد الجديد، قبل إعلان دولة "المملكة العربية السعودية"). |
الإصدار الثاني: |
كتاب "المعرض" صدر في سنة 1345هـ، لأدباء ذلك العهد في الحجاز، كان وليد فكرة شبابية نادت - بعد ظهور الإصدار الأول "أدب الحجاز" (بتأسيس جهة تتولى النشر وتخرج آثارهم الأدبية في كتب مطبوعة للقراء). |
وبالفعل تم تأسيس "المكتبة الحجازية" التي تعتبر (أول دار للنشر في هذه البلاد، في بداية عهد التوحيد) وقد أسسها وتولى إدارتها الأديب الشيخ محمد سرور الصبان، وصدر عنها كتاب "المعرض" الذي يوحي عنوانه (أن يكون معرضاً فكرياً أدبياً لأولئك الأدباء والشبان) وقد ضم محتواه موضوعاً واحداً (أثاره ناشره محمد سرور الصبان في صورة استفتاء وجهه في سؤال إلى زملائه وأقرانه الأدباء، وطلب منهم الإجابة عليه، ثم جمع تلك الإجابات، وأصدرها في كتاب "المعرض" وكان السؤال: (هل من مصلحة الأمة العربية أن يحافظ كتابها، وخطباؤها على أساليب اللغة العربية الفصحى، أو يجنحوا إلى التطور الحديث، ويأخذوا برأي العصريين في تحطيم قيود اللغة، ويسيروا على طريقة حديثة عامة مطلقة؟). |
وجاءت الإجابات تحمل ما يؤكد على (حصافة رأي بعض أولئك الشبان، ومقدرتهم على موازنة الأمور، في شجاعة، وصدق، ووضوح رؤية في توضيح منهجهم وتطلعاتهم). |
الإصدار الثالث: |
كتاب: "خواطر مصرحة" للأستاذ محمد حسن عواد رحمه الله، صدر في سنة 1345هـ، عن المكتبة الحجازية أيضاً، ويختلف هذا الكتاب عن سابقيه، حيث جاء مستقلاً بأفكار صاحبه (العواد). |
ويمثل محتوى كتاب "خواطر مصرحة" (مجموعة خواطر حملت ذوب فؤاد "العوَّاد" في حماس ملتهب، واندفاع في بعض الأحيان، ولكنها كانت كلها، تشع بالإخلاص الوطني الصادق، والإخلاص للدين، واللغة، والأدب، كتبها في ثنايا أيام سنة 1344هـ ونشرها في أوائل سنة 1345هـ، وكان وقتذاك يستقبل السنة العشرين من سني حياته). |
وفي مقدمة (خواطر مصرحة) يصف "العواد" كتابه بأنه (عبارة عن قطعة مجسمة من بشريتي وشخصيتي خلقتها نفسي من انفعالها بالحياة الإنسانية التي عبرت عنها صورها المشهودة والمحجبة.. انفعال بلورة الفكر والعاطفة والإرادة والخلق وسائر أشعة النفس. هو المزيج الذي وصفته بأنه: طرف من الفلسفة، وقبس من التاريخ، ومزيج من السياسة والعمران (الاجتماع)، ولمحات من العواطف، وتيار من التفكير)
(2)
. |
وتمثل هذه الكتب الثلاثة مجموع ما صدر خلال النصف الأول من القرن الرابع الهجري، وتحديداً في سنتي 1344هـ، و 1345هـ. |
|