الاثنينية ::المكتبة

مكتبة الاثنينية

(134) الليث والليث معاً ⁽¹⁾

تفضل حضرة صاحب الفضيلة علامتنا السلفي الجليل فخر الحجاز وعلمه الخفاق الشيخ محمد حسن نصيف فكتب إليّ بتاريخ 17/6/1378 عن (اللِّيث) المرفأ الجنوبي المعروف.. وذلك بمناسبة ما كتبته في العدد (114) من الندوة الغراء.. من احتمال أن يكون أصل تسميته بالليت.. بالتاء لا بالثاء باعتبار أنه ذو معنى يتصل بالعنق.. وقلت: ألا يكون هناك نص صريح عن العرب الأقدمين باسمه المتداول..

* * *

وقد أورد فضيلته هذا النص كاملاً قال: نقلاً عن كتاب معجم البلدان لياقوت: "الليث" بكسر اللام ثم الياء الساكنة والثاء المثلثة علم مرتجل لا أعرف له في النكرات أصلاً.. إلا أن يكون منقولاً من الفعل الذي لم يسم فاعله، من لاث يلوث إذا ألوى وهو واد بأسفل السراة يدفع في البحر أو موضع بالحجاز، قال عاسل بن غزية الجربي الهذلي وهو في شعرهم كثير:

وقد أنال أمير القوم وسطهم

باللَّـه يمطو به حقاً - ويجتهد

تراجعا فشجوا أو يشاج بكم أو

تهبطوا (اْلليث) إن لم يعد باللدد

وقيل الليث موضع ديار هذيل.. قال أبو خراش: وكان قد أسر امرأة عجوزاً وسلمها إلى شيخ الحي فهربت منه فقال:

وسدت عليه دولجا، ثم يممت

بني فالج بالليث أهل الحرائم

وقالت له ذلج مكانك إنني

سألقاك إن وافيت أهل المواسم

-الدولج- البيت الصغير.. والحرائم: البقر.. وذلج أكب على مائه.. ثم قال فضيلته - حفظه الله: وذكر الليث.. بالتاء في (تاج العروس) شرح القاموس الزبيدي في الجزء الأول (صفحة 644)..

* * *

قلت: وهكذا أفادنا فضيلته ما نص عليه القدامى الوجهين.. وما برح العامة حتى يومنا هذا ينطقونها بالتاء.. ولا يلفظها بالثاء إلا البداة غالباً.. أو الكتاب والخواص.. وقد لفت نظري في هذين البيتين الأخيرين لأبي خراش الهذلي قوله: "وقالت له ذلج.." وتذكرت قول العامة حتى يومنا هذا لمن يريدون نصيرته: "يا شيخ زلوجها.. هذي المرة".. فلعلَّها في الأصل مأخوذة من هذه الذولجة أو الذلوجة بالذال لا بالزاي.. ويقصدون بذلك (مشيهاً أي يسرها ولا تعسرها.. وإن كانت لا تعني ذلك في معاني هذا الشعر الأصيل.. فكم من كلمات تحرفت وتطورت باختلاف الأزمنة والأمكنة؟ ونسأل الله تعالى أن يطيل بقاء علامتنا الكبير وأمده الله بالعفو والعافية والهناء وشكر له اعتناءه بهذه البحوث القيمة.