شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(133) "حمار + الحكيم" و "يوميات مجنون" (1)
نشبت في الأسابيع الأخيرة في الأوساط الأدبية (بمصر) معركة حامية الوطيس بين فريق من رجال الفكر والأدب.. توجه بعضهم فيها بالتهمة إلى الأستاذ الكبير "توفيق الحكيم".. بأنه (اقتبس بشدة) من كتاب آخر - لمؤلف إسباني يسمى (جوان رامون خيمنيز) أسماء "بلانيرو- وأنا".. هو يدور على شخصية حمار سماه صاحبه باسم "بلانيرو" الجوهري.. أو صائغ الفضة.
وأنبرى للدفاع عن (الحكيم) طائفة مختارة من حملة الأقلام الغيورين المنصفين.. وأخيراً احتكم (التابعي) إلى الأستاذ العملاق العظيم عباس محمود العقاد.. وأصدر هذا حكمه بالبراءة.. لصالح " الحكيم" كما رددت ذلك الصحف والمجلات الصادرة في بحر الأسبوع الماضي.
* * *
وقال لي أحد الأذكياء: طيب. وما قولك في كتاب أستاذنا الكبير "السباعي" "يوميات مجنون.." وقد أصدره قريباً.. وهو خلو من تاريخ تأليفه؟ قلت: من أي ناحية تسأل؟ قال: قرأت في مجلة "كتابي" الصادرة في شهر سبتمبر 1958 ربيع الأول 1378 مقالاً طويلاً بعنوان: "رأيت وسمعت لك في آسيا".. للمحرر.. جاءت فيه بترجمة مبسطة لأديب صيني ذائع الصيت يسمى "لوشون" ولد في سنة 1881 وتوفي في سنة 1936 ميلادية.. ومما نوه به من مؤلفاته قصة له بعنوان "يوميات مجنون" والعجيب أنه كتب من نفسه يقول: "لقد اعتمدت على الكتب الأجنبية التي قرأتها، وعلى ما ألممت به من معرفة بالطب.. لقد كتب "جوجول" الروسي في سنة 1834 "يوميات مجنون" هذه التي كتبتها أنا أخيراً. وقال إن (يومياته) أعمق بكثير من (يوميات مجنون) جوجول.. فهل كان التوافق في ذلك من باب توارد الخواطر؟ أو شدة الاقتباس.. كما عبر عن ذلك أذكياء "الكنانة".
* * *
قلت: ذلك أدنى ما يلاقيه الكاتب المجرد من الأنانية.. الكادح في سبيل الخير والإصلاح وأي شيء في أن يكون لكل بلد بل لكل مفكر عاقل، مجنون يحاوره فيما لا يجرأ على المحاورة فيه إلا من يعده المجتمع مجنوناً.. وأن الأمر لا يخلو من أن يكون عنوان أستاذنا السباعي- بكراً.. لم يخترعه إلا هو.. وذلك من عبقريته المتدفقة.. وحيويته المنطلقة أو أنه كان قد ألفه في شبابه قبل (اللوشون و الجوجول..).. أو انه على علم بسابقيه.. فما حظر علي أن يختار لقصصات ما شاء من العناوين.. طالما هي الأروج والأجدر بالالتفات والمتابعة من جمهور القراء.. أما المواضيع التي ناقشها وعالجها.. مجنونه في دقة وأمانة وإنصاف.. فلا يمكن بحال أن تتلاقى مع مجانين الناس في مشارق الأرض ومغاربها.. فإن الجنون نفسه يختلف باختلاف الأمزجة والأهوية والظروف والبيئات.. ولا محل للتوقف عند هذه الترهات وشكر الله لأبي أسامة ما تحمل من عنت وإرهاق في سهره المضني، وجهاده المتواصل وإنتاجه الضخم الحر المتتابع في قوة وإيمان وثبات وإصرار، حتى ليكاد المرء يحسبه قد تجاوز من العمر السبعين أو الثمانين وما هو في الواقع إلا ابن الثلاثين إلى الأربعين، وحتماً لما يبلغ الخمسين.. وهو في ذلك الحكم المنصف الأمين..
* * *
وواصلت حديثي مستطرداً.. فقلت: إن كنت في شك من هذا فادرس القصة أو اليوميات كلمة كلمة و سطراً سطراً بل وحرفاً حرفاً.. فلن تجد بينها كلام الآخرين.. سبقوا أو لحقوا أو طاروا أو وقعوا أية مطابقة من حيث الحوار أو الأهداف أو الأشخاص. أو اللفظ أو المعني. اللّهم إلا أن يعجزكم أن تأتوا بمثلها فتأبون إلا أن ينبري لكم (أبو حماد) و "يوريكم شغلكم" فما تزيدون عن بعض تلامذته الذين قوم اعوجاجهم حقباً طويلة (بخيزرانة اللدن العبق).
قال: لا والله ما أردت شيئاً في ذلك وإنما هي مجرد تعليق بسيط على ما قرأت عما ثار في "مصر" من مشاكل متشابهة.. حذار أن تقول هذا في سرك أو جهرك وإلا فإن لك أن تتهيأ للهجوم العنيف الذي لا يصده الدفاع النفاث وأنه لحري بك أن تحاول ولو مرة واحدة.. أن تبرز في حياتك كلها بإنتاج يوم واحد فقط مما يطالعنا به "أبو السباع".. وانكمش المتأدب الخاطئ أو الأديب الناشئ وقال: استرها عليّ.. ولا أحب أن يعلم بها صديقك الكبير..
قلت لا ضير عليك.. ولا يجب أن أكتم عن صديقي وأخي ما تخشى أن يستاء منه.. فإنه على العكس.. صاحب مبادئ قوية.. ومن شيمته الصفح والإغضاء.. وفوق ذلك أي مانع من مداعبته قليلاً؟ فقد أمضه الجد.. ولا بد من الأخماض فأما مكانته ومنزلته بين أبنائه وأولاده، وإخوانه وأنداده، فإنها "مكان النواصي من وجوه السوابق". هذا - ومع اطمئناني إلى أخلاقه العالية.. واعتمادي على الدالة عنده فإني أخشى أن يداعبني أيضاً ليدخل معي في باب السرقات الشعرية.. وما يخلو منها كائن حي من بعيد أو قريب في الهيكل أو اللفظ أو المعنى.. ورغم ذلك كله فلن تزيد في الكلام بأكثر مما تبادلته معك في ذلك.. وإلى هنا.. انتهى الحديث السائل الجامد؟ ومع التحية أهديه كما هو إلى صاحب "الندوة" الغراء في تجلة ومودة وإعجاب وإكبار.. وبودي لو حطه في "الخرج" أو أغفله في الدرج فإن حكمته ونضوجه مُسّلَم بهما.. وهما جديران بأن يتغلبا على الفضول (ولكل وجهة هو موليها فاستبقوا الخيرات)..
مد الله في حياته.. ووقاه شر العيون..
 
طباعة

تعليق

 القراءات :355  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 786 من 1070
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج