الاثنينية ::المكتبة

مكتبة الاثنينية

(132) دعونا - من الذباب

معذرة إلى رئيس التحرير-وبعبارة أصح إلى صاحب الكتاب العظيم النظير.. "دعونا نعش".. إذا استعرت منه- ولو كلمة واحدة. وهي (دعونا) فقط لا غير وبالمناسبة أقول: لا أدري (مين ما سكهم)؟ و(ليه ما يمشوا)؟ ولا شك أن ("السباعي" قد فكر وذكر.. وأرجو له طول العمر حتى ينتج غرسه بما تقر به عيون (البلد الأمين).. وأهله الطيبين إن شاء الله.

أما (دعونا).. في كلمتي هذه فإنها تعني أن زيادة الذباب لا تتم بالمعنى الصحيح إلا بعد أن نفرغ من مهمة (النظافة) داخلاً وخارجاً.. أي في المنزل والشارع على السواء، وإلا بعد أن تكون المكافحة من كل قائم وقاعد.. وسائل وجامد.. وإلا فإنها عبث أيما عبث.

وإنما الأهم من ذلك والأسلم.. هذه (الصراصير) التي لا يطيب لها أن تترنم بأناشيدها وتعزف بموسيقاها إلا حينما يأوي إلى فراشه الجاهد الناصب.. والعامل الدائب.. والمفكر الكاتب.. هنالك تنطلق (صفاراتها) في لحن موحد لا يكل ولا يمل.. ولا يفتر ولا يقصر (ثانية واحدة) من مغيب الشمس إلى مطلع الفجر؟ وتلاحق بعضها في مطاردة صارمة، وتعجز حتماً عن القضاء عليها وتحوقل وتبسمل.. وتسترجع وأنت وحظك من الاحتمال أو التململ أو الضجر.. أو ما هو أدهى وأمر.. من القلق والانزعاج والسهر وهي تشن وترن.. وأنت بها الكاظم الواري أو العاتب الزاري.

وتضيف إلى ذلك أصوات (الوزغ) أو ما لا أدري ما تسميه اللغة من حكاية نقيقها أو زعيقها؟ فإنها كالصراصير لا تنشط إلا بعد هدأة الليل.. وهناك تتداعى إلى العشاء، من هوام الطير وفراشات الضياء، وما أدرى كيف فات على (الدميري) في كتابه (حياة الحيوان) و (الجاحظ) في (الحيوان) أن يصفا أدق صفات (البرص) أو الوزغ عند محاولة قتله.. وقد شهدت منه العجب العجاب في الكر والفر والدفاع والهجوم. ومن أغرب ما تحققت منه أنه يتحصن بالغريزة وراء ما لا تدركه الأيدي والأقدام وحتى العصي والشواحط والألغام.. ثم هو إلى هذا يهرع عند الاضطرار إلى واجهات الدواليب الجميلة ويقبع لاهثاً فوق زجاجها الغالي الثمن أو على لوحات الجدار ذات الإطار الزجاجي فتنكص عنه راغماً أو تضرب نفسك ومالك قبل أن تمسه بسوء.. فسبحان الخالق الملهم - وكذلك هي الحياة.. وعوضنا الله خيراً في النوم الهادئ اللذيذ.. مع أولاد الحرام.