شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
لئن شكرتم لأزيدنكم (1)
ما من سعودي ولا عربي يطلع على هذه العناية الملكية وهذه الخطوات الواسعة الموفقة وهذا التطور السريع المتتابع إلا وتملكه النشوة وتستبد به الخيلاء ويشعر في قرارة نفسه أنه يستقبل نهضة وثابة ويواجه إصلاحاً عظيماً في مختلف المرافق العامة وفي كل مدينة وبلد وقرية وفي الحواضر والبوادي بحيث يصح أن يتمثل قول الشاعر (2) دائماً:
وإذا رأيت من الهلال نموه
أيقنت أن سيكون بدراً كاملاً
وليس من قبيل إرسال الكلام على عواهنه ولا الاندفاع وراء الأخيلة الشعرية أو الأماني المجردة هذا الذي نقوله ويغتبط به كل مواطن بل وكل عربي ومسلم في أربعة أطراف المعمورة وإنما هو والحمد لله على نعمائه من باب التحدث بنعمة الله وإزجاء الشكر تلقاءه استزادة من هذه الإصلاحات والإنشاءات والحسنات السعودية الملكية التي أخذ بعضها برقاب بعض فما يفرغ القارئ من عجبه وإعجابه بها حتى تفاجئه الأنباء الجديدة في غير تلبث ولا إبطاء بما هو أعظم وأفخم وأوسع وأنفع وحتى يتصور أمامه أي غد ينتظره وأية غاية يسعى إليها وينطلق بصره وراء الحجب القاتمة الماضية فيتأوه على الزمن الذي ذهب ضحية الظروف غير الملائمة أمام الشعب المتحفز الغلاب، ويرتفع به فوق السهول ولآكام وعلى جوانب الشاطئين الشرقي والغربي من المملكة العربية السعودية وفي أعماقها فيرى بأم عينيه كيف كانت وإلام صارت أو ماذا تنتظر؟ وإلى أي هدف من الأهداف البعيدة تندفع غير ظافرة ولا ماهرة ؟ وهي إلى ذلك وقبل ذلك تردد قوله تعالى: رَبَّنَآ أَتِنَا حَسَنَةً وَفيِ الأَخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (3) فما كان أغلى عليها وقد فطرت على التوحيد الخالص ووصلت على التدين والإيمان واليقين من أن تحتفظ بكنوزها الثمنية من هذه العقائد وتفتديها بالأهل والمال والولد ثم تستخير الله وتسعى فيما تستعيد به مجدها التليد وقوتها القاهرة وحضارتها التي أعترف المنصفون من مؤرخي الغرب الحديث بأنها كانت المشكاة التي أستصبح بها العالم القديم والحديث قبل أن (تتآمر الشعوبيات) و (الخزعبلات) على النيل منها والتراجع بها والتنفير منها وجعلها (أحاديث) تتردد وأقاصيص تروي عبرات تنحدر بها عيون السلائل العربية التي لا تزال حريصة على آبائها وشممها وعنعناتها الخالدة والتي تطمع أن تأخذ مكانها تحت الشمس وأن تعيد التاريخ أبيض ناصعاً ،وأن تكون مصداقاً لقوله تعالى: كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ (4) ..
أجل: حقيق بكل من عرف ولو لماماً بعض النصوص الشرعية أن يتمطى ويشمخ بأنفه وهو يرى ويسمع أن جلالة الملك (سعود الأول) حامي الحرمين الشريفين قد آتاه الله من سعة النفوذ وقوة السلطان وشرف المكانة ما اضطر السلطة خلف المحيط الأطلنطي أن تصغي لإشارته وتعمل بنصيحته وتنزل على إرادته وتحقق من رغبته لتنزل ما حسبته خطأ أنه من مظاهر التكريم لرسول الله - وهو النصب أن التمثال الذي اختصت به أكبر محاكم (العالم الجديد) لهذه الشخصية العظيمة وهذا النبي الكريم، ولقد كان بديهاً ومفهوماً أن يزال المنكر ويعرف المعروف حالاً في نطاق ما هو تحت رعاية ونفوذ جلالته المباشر أما أن تمتد يده وينفسح بصر جلالته إلى ما وراء البحار فلا يرضى أن تُخَالفَ الأحكام الشرعية في إقامة نصب أو تمثال لمن أرسله الله رحمة للعالمين خلافاً لهديه النبوي حتى ولو كان الباعث على ذلك ما اصطلح عليه أرباب النحل والملل الأخرى عن جعل ذلك رمزاً للبطولة أو العظمة أو الاحترام، وأن يغضب ويتأثر جلالته لذلك باعتباره نقضاً لما أبرمته شريعة (التوحيد) والتي تحطم الأصنام وتنكس الأنصاب وتحافظ على روح الدين وجوهره في العمل الصالح والكلام الطيب. وتنهى عن الفحشاء والمنكر والبغي فلا يلقى إلا ما يسره ويرضاه وتقر عينه بإزالة ما استنكر فيه انصياع وتقدير وإكبار فذلك بتوفيق الله جل وعلا ثم حسن نية جلالته وما يحرص عليه ويسعى إليه دائما أبداً من حماية الدين الإسلامي وعزته وكرامته وحيثما يمكن أن نظفر بذلك وتؤدي إليه الوسائل الممكنة ولهذا الحادث دلالته البالغة على ما لجلالته من المكانة والإجلال في أقصى بلاد الله وأبعدها من التفاؤل والاتعاظ والتورع والاحتياط وقد أضاف جلالته بذلك صفحة وضاءة إلى صفحات التاريخ التي تشع آثاره ومآثره في عصره الذهبي اللامع، وما أجدر الموجودين تحت كل كوكب بالهتاف بطول بقائه ودوام توفيقه وأن يهبه الله من الحول والطول ما تطأطئ له الرؤوس وتطامن به النزوات ويعز به ملة العرب والمسلمين.
ومرسوم ملكي آخر بتزويد الجيش وتسليحه بفرق الطيران الجوية المظلية وفي ذلك إحكام في التصميم وسرعة التنفيذ واستخدام لأحدث وسائل الهجوم والدفاع وحث الشباب الطامح للتوثب وشوكة للحرب وإرهاب للعدو وتطور مع الزمن وتنفيذ لحكم الله وأوامره بالإعداد والاستعداد وماذا بعد ذلك من رشد وتبصر.. وبُعْدِ نظر وتوفيق.. اللَّهم أيد بنصرك وهدايتك من اخترته إماماً في أحب البقاع إليك وأكرمها عليك إنك سميع مجيب.
ومرسوم ملكي آخر يربط مدينتي الدمام والخبر بطريق معبد ثم بخط حديدي. وعلى الفور تُرسمُ الخطط وتُوضعُ المشاريع وتُمسحُ الأراضي وتُمد القضبان وتسفلت الصحراء وتنتشر حركة العمران ويتضاعف عدد السكان، وتزدهر وتنمو التجارات وتقرب الأبعاد وتقصر المسافات وتمشي السيارات والفراقيت (أو الفرقونات) على الانطواء والانكماش وما ذلك إلا من أوائل الخطوات في تنفيذ مشروعات الإصلاح الضخمة التي يأخذ بعضها برقاب بعض، فلا تشرق الشمس ولا تغرب إلا وقد جد جديد من العمل الصالح والتقدم النافع، وما هما بحاجة إلى القول ولا التزيد فقد أغنى الله بهما عن الدعوى والدعاية وفيها من البلاغة والإعجاز ما يخرس الألسنة من الرياء أو التبجح وعن الجحود أو الغمط وما يطلق الأفئدة والقلوب بشكر الله وحده على ما أتاحه لهذا الشعب الناهض المخلص الطموح من فرص البعث القديم، والتطور الحكيم، والدعاء للجالس على العرش أن يحفظه الله رمزاً لمجد العرب وعزاً للمسلمين.
ولا نختم هذه الكلمة العابرة قبل أن نضيف إليها بعض السطور الجامعة بما صدر به الأمر الملكي أخيراً من (تأسيس صندوق البر) في الرياض وهو ما لا غنى عنه لكل بلد يستشعر الرحمة والرأفة والحنان ويقتدي بسيرة جلالة الملك في البر والمواساة والإحسان، وما أكثر ما يمكن للشعب وسراته وتراثه أن يقوم به في سبيل الخير والتعاون وهو إلى ذلك دليل جديد يتوج الصنيع الطيب الذي ابتدرت به هيئة صندوق البر بمكة وقد جاء في الأثر الشريف: (من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة) وناهيك بها منقبة خالدة، وطوبى للمبتغين وجه الله فيما يصدرون عنه ويهدفون إليه و (وما تشاؤون إلا أن يشاء الله هو رب التقوى ورب المغفرة).
وفيما صدر به الأمر الملكي المطاع في إلغاء رسوم كتاب العدل على تركات المتوفين ما يعتبر بحق فضلاً من الله ورضواناً. وما كان لجلالته من قصد بذلك إلا أن يعود بهذه الرسوم كمنحة على من هم أحق بها وأهلها من الورثة الفقراء والأيتام والأرامل والمعوزين، وكيفما كانت في ضرورتها محدودة النفع ضئيلة القدر فإنها لتستأثر بالكثير من الاهتمام، وهم إن أخذوها بطريق مباشر مشروع فإنهم حتى في حالة استيفائها لم يكونوا ليعدموا الصلات الدائمة والمبررات المتتابعة والتعهد الأبوي من لدن جلالة الملك ولو كانوا في (عراقيب بجيلة) أو الربع الخالي فتصلهم الإعانات في جميع المناسبات وترعاهم عناية الله ثم حـدب جلالته وعطفه فيعالج مريضهم ويعلم جاهلهم ويسعف محتاجهم وتترى عليهم الأيادي البيضاء، دائبة متوالية، كما هي سمة جلالة والده الملك الراحل المرحوم (أبو سعود). طبيب الشعب الذي ما يزال يتقلب في النعم السابغة بفضل الله ثم فضله تحت ظل (خليفة المصلح العظيم) وهل أعظم ثواباً عند الله وتثبيتاً للقلوب وتنويراً لأبصار وأهدى للصراط المستقيم من كتاب الله يطبع ويوزع بهذه الكميات العظيمة على المدارس والمساجد في الداخل والخارج، وما أحسب الناس قد غفلوا عن هذا التشجيع الضمني، الذي تنعم به مؤسسة وطنية (كما هو الشأن في كافة أمثالها) وهي مطبعة مصحف مكة إذ تعان بهذه الصفقة الرابحة على ما هي بسبيله من توسع وتقدم وازدهار. اللَّهم أن هذا لهو التوفيق الإلهي وما لأحد فيه غيرك من حافز ولا باعث وإنك لتعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، اللَّهم فاجز سعوداً خير ما جزيت به إماماً عادلاً براً رحيماً عن رعيته، اللَّهم أظله تحت ظل عرشك يوم لا ظل إلا ظلك وأعنه على ما يرضيك وأمنح الصحة والعفو والعافية واطل عمره في طاعتك وأيده بنصر من عندك وأعز دينك بين عبادك وأوزعه الشكر على نعمتك ومكّن له في الأرض ويسّر له أسباب العز والقوة إنك على كل شيء قدير ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :446  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 648 من 1070
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذة الدكتورة عزيزة بنت عبد العزيز المانع

الأكاديمية والكاتبة والصحافية والأديبة المعروفة.