شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
مكامن الثروة وصلاح التربة في البلاد (2) (1)
الحدائق والتشجير:-
الغراس والحبوب:-
البقول والعقاقير:-
ليس من يجهل أن في العاصمة اليوم وبعض مدن الحجاز الكبيرة بعض حدائق منسقة جميلة يرتاح إليها البصر وتنبسط النفس وتحتوي على أنواع شتى من الورود والأزهار والرياحين، ويبذل أصحابها عناية خاصة في دوام اخضلالها وبقاء جمالها بحيث يخيل للناظر إليها أنه في إحدى حدائق المدن الحديثة التي تجعل من أوليات مهامها التأنق في هذا المظهر الرائق بكل منزل وشارع وضاحية. وذلك لأنها وجدت ذوق متعهدها وصفاء روحه ورقة طباعه وسمو أخلاقه ما يضمن لها النضرة والنماء ويحفظها من تأثير الحرارة الشديدة والأيدي العابثة ويمدها بالماء الكافي في أوقات معينة ويجتث من أوراقها وغصونها الذابل والمصفر واليابس ويصفها في خطوط مستديرة عليها برذاذه المفضض فإذا ارتادها أهل الفكر أو مشغول الفؤاد أو صاحب العمل العقلي في ساعة فراغه أنس بها وارتاح إليها وانشرح قلبه وانتعش خاطره بهذا المنظر المرتب الذي هو وليد العناية ونتيجة الحركة ودليل الذوق وثمرة الاشتغال..
هذا الوصف قد يكون كاملاً في كل أو بعض حدائقنا المعتنى بها وكثير من الناس يظنون أن بلادنا خالية من مثل هذه الجنائن..
وليس يعنيني من إيراده انطباقه على حقيقة كل ما تقع عليه العين في محيطنا هذا وإنما الذي أريد أن أنبه إليه وأحث عليه هذا الاعتناء الذي يقوم به بعض الأفراد فيقيمون البرهان الملموس على أنه لا يستحيل علينا إذا أبدينا مثل هذه العناية أن نجعل من مدننا ومنازلنا وشوارعنا أمكنة سرور وانشراح وفي ذلك ما لا ينكر من جلاء الذهن، وإجمام النفس وسلوة الروح المتعبة أضف إلى ذلك استغلال هذا المظهر الجذاب في سبيل الدعاية والإغراء والتشويق للمسلمين الذين يروق لهم أن يجدوا الأسباب التي تعودوها في مجتمعهم من هذا القبيل..
وبهذه المناسبة نعرض اقتراحاً لا نرى أنه صعب التحقيق ولا أن فيه تكليفاً أو مشقة أو عنتاً أو ما يجعله في حكم الخيال الشعري، ذلك أن تقرر أمانة العاصمة تشجير الساحات الواسعة في الشوارع العامة ونتخذ لذلك أسباباً عملية بأن تزرع عرض كل جهة متسعة من كل شارع كبير من مدخل العاصمة إلى منفذها وتستحضر هي الغرس الذي تريد وضعه على مسافة قصيرة بين كل شجرة وأخرى على ما هو مشهور في المدن الخارجية، وتباشر غرسه في المواضع المطلوبة ثم تكلف من يلزم في كل (مورد ماء) بتعهدها بالسقي صباحاً ومساءً وتجعل الرقابة على ذلك من قبل عُمِدَ المحلاتِ التي تشجر شوارعها الكبرى ومن بعدهم لمفتشي الأمانة وأعضائها المحترمين..
إن ذلك ليس بالعسير على همة و+وطنية سعادة أمين العاصمة المعروف بنشاطه المشهور وإذا اقتصر في الأول على الشارع الكبير الممتد من جرول إلى القصر الملكي مع تقديم الأهم منه على المهم والمتسع على المستضيق فهو بلا شك سيغدو بعد سنوات قليلة من أجمل الشوارع وأفيئها وأظلها، وكذلك تنحو نحوها بقية البلديات في المدن الكبرى وفي الساحات التي يمكن أن تشجّر وتتعهد بالسقي. وهذا مشروع نافع من دون ريب من جميع الوجوه وفوائده غير مجهولة ونفقاته ضئيلة لا تستوجب كبير الاهتمام وليس ما يمنع من درجة فصل مخصوص لذلك في موازنة البلديات لهذه السنة..
إن الشجر المغروس الآن والذي كان قبل اليوم في غير بستان واحد داخل هذه البلدة وفي ضواحيها لهو حجة ساطعة على إمكان تحقيق هذا الفكرة وإبرازها إلى حيز العمل.. ناهيك بالثمر الذي تعدد نوعه في هذه البساتين وكان من بينه أجود أنواع الفاكهة مثل اليوسف أفندي والتفاح والبرتقال والقشطة والشليك والعنب وسوى ذلك من مختلف الفواكه التي صلحت لها هذا التربة ثم قضت عليها الظروف الطارئة.
ولنا كلمة أخرى نستعرض فيها أنواع الحبوب والثمار والفواكه التي تنتجها بلادنا المحبوبة.. وكثيراً من البقول والعقاقير التي يستحضرها البداة من الوديان القريبة في ديارنا وهي مورد لا يستهان به في تحسين ثروة البلاد ونموها إذا وجدت العناية الكافية من الأهلين وأتخذت لها الأسباب التي تؤمن استثمارها..
وغاية ما نرمي إليه من هذا البحث هو استحثاث الهمم الكبيرة والأيدي العاملة ورجال المال لاغتنام العمل في عصرنا الملائم.. بذلك نستطيع أن نحتاط لمستقبلنا الاقتصادي وأن نستغني تدريجياً عن كثير مما نستورده من الخارج فندخر المال الذي يصرف في ذلك لما نحن في حاجة شديدة إليه من وجوه الإصلاح الأخرى ومن الله نستمد التوفيق.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :466  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 630 من 1070
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور محمد خير البقاعي

رفد المكتبة العربية بخمسة عشر مؤلفاً في النقد والفكر والترجمة.