شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
ما نحن أحوج إليه (1)
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الكريم وعلى آله وصحبه أجمعين (اللَّهم أرنا الحق وأرزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلاً وأرزقنا اجتنابه..)..
سادتي إخواني:..
لقد أبى عليّ صديقي العزيز رئيس جمعية الإسعاف (2) إلا أن يشرفني بهذا الموقف وإلا أن أقوم بقسطي في هذه المحاضرات الثمينة، وإني لأجدني عميق الشعور قوي الإحساس بالشكر، إلا بالنسبة إلى ما ينالني من هذه العناية فحسب بل وإلى هذه (الندوة) الكريمة التي هيأت لنا فرصة الاتصال المباشر ودراسة الكثير من عللنا وأمراضنا وأسباب صحتنا وشفائنا وتدعيم النهضة الأدبية التي أخذت سبيلها إلى النمو والازدهار في ظل السكينة والهدوء بما يمتعنا به خطباؤنا الموهوبون - وشيوخنا المحنكون - وشبابنا المثقفون - في مختلف المعلومات ومتنوع المواضيع..
وإذا كنت أقدمت على تلبية هذه الدعوة والمساهمة في هذا الواجب، فليس ذلك وأيم الله لأنني أعلم من نفسي على المباراة، أو الميل إلى المباهاة.. كلا ولكنه الإخلاص الذي يملك شغاف قلبي لديني وعقيدتي وبلادي وأمتي، ولنا ثم لهذا القطر المقدس وشبابه الطامح ونشئه المشغوف..
أيها السادة:..
لقد تعمدت أن أتجنب في حديثي الرصف والسجع وما إلى ذلك من المحسنات اللفظية والعبارات الشعرية - مراعاة للأهم وحرصاً على المعاني التي تتجاوب في نفسي والتي هي أجدر بالعناية وأدعى إلى الاهتمام في النواحي الفكرية والعملية التي ما زلنا رغم دأبنا ونشاطنا في أوائل الطريق إلى بعضها.. ولما نهتد السبيل إلى بعضها الآخر..
وإني أرجو أن تتسع صدوركم لهذا التمهيد، وأحسبني أستطيع أن أشرع الآن فيما أخذت التحدث فيه مما نحن أحوج إليه..
إلا أنه من الإنصاف أن لا أكاتمكم أنني أطرقت ملياً وفكرت طويلاً قبل أن أقر أناملي على الخرق.. (وعفواً أيها الكتاب) وتجردت من كل فكرة لا تمت إلى الحقيقة بصلة ولا إلى الواقع بسبب، واستسلمت إلى الخواطر التي كانت تنبعث في أطواء نفسي وقرارة فؤادي مدة من الزمن تعادل مجموع أوقات الإذاعة في برامجها المسائية.. ولو أن هذا الاستغراق كان يقتصر على الوقت لهان عليّ ما لقيت، ولما اضطررت أن أقيس الزمن بهذا الذرع الجديد، ولكنه كان استغراقاً ماكراً غمرني في ذهول الصمت خلال هذه الفترة الطويلة - فتقاضاني ثمناً مزدوجاً لا يقل في تأثيره عما عرض أمامي وازدحم في مخيلتي من ألوان البحث وشتى المواضيع فقد كان الجهاز مفتوحاً وكانت الأنباء هامة - وكانت البطاريات جديدة، وكنت في غيبوبة تامة عنه فيما أنا بصدده ولم أتنبه إليه إلا بعد أن ثوى من اليل شطره فإذا به يسلم نفسه الأخير للوداع ويؤذن بالختام..
سادتي: إخواني:
إنني لم أعمد بمحاضرتي هذه إلى أي حد أو استقصاء فيما نحن أحوج إليه.. ذلك أن وسائلنا المشروعة إلى الحياة الصحيحة المنتجة اكثر من أن تحصى، غير أنها بالنسبة إلى أوضاعنا الراهنة لا تعدو في أصولها ما سأقصه عليكم مؤملاً أن تتجاوزوا عن كل ما يبدو من هفوات أو تقصير..
إن أحوج ما نحن إليه الآن فيما يبدو لي متسلسل في الفِقَرِ التالية:
أولاً: المحافظة الدقيقة على الشعائر الدينية - والدعوة الصادقة المخلصة إليها - والوقوف عند حدود الشريعة المطهرة - واستشعار تقوى الله في السر والعلن - والتمسك بأخلاق قوية ثابتة لا تعرف الهوادة ولا الممالاءات، أخلاق عالية تعزف بنا عن الفضول والإسراف والغرور والنفاق والكذب والرياء والجبن والغدر والغيبة والنميمة والحماقة والحسد والغضب والتباغض والفظاظة وما إلى ذلك أخلاق تسمو بنا وبمحيطنا إلى ما يدعو إليه ديننا الحنيف من علو الهمة والصدق.. والوفاء والإخلاص والشجاعة والشرف والعفة والاستقامة واللين والرحمة والتآلف والبشر والطلاقة والاعتدال وصلة القربى وبر الوالدين وما إلى ذلك من مكارم الأخلاق وصفات الرجولية.. تلك هي الفضائل التي لم يترك أستاذنا العلامة السيد صالح الشطا في محاضرته القيمة زيادة لمستزيد عن جوامعها في الصدق في القول والإخلاص في العمل..
ثانياً: المقاومة الشديدة لكل ما تحقق ضرره وتبين فساده من العوائد المرذولة والتقاليد الدخيلة التي ما برحت تنخر في عظامنا وتلهو بأموالنا وتنهك أجسامنا وتهدم بنياننا وتضر بسمعتنا ولست أعني بهذه المقاومة ما قد يساء فهمه من الصراخ في وجوه الناس وحملهم على الإقلاع عنها قسراً فليس ذلك في إمكاننا - ولا هو من شأننا وربما كان العنف باعثاً على الزيادة في رسوخها وتمردها وتعذر استئصالها وإنما أقصد بها قوة الاستمرار والثبات في مكافحة هذه الآفات عن طريق الوعظ والنشر والتفاهم والإقناع.. وأن نجعلها من أهدافنا الأولى في اتجاهنا الجديد وما لم يؤيد بعضنا بعضلً في هذا السبيل ويؤد كل امرئ منا واجبه فيه بالقدر الذي تبلغ إليه حكمته فإننا نخادع أنفسنا في بلوغ ما نصبو إليه من فلاح نجاح.. وإني لأشكر زميلي الكريم السيد عبد الحميد الخطيب فيما يتابع نشره من المقالات في هذه الناحية وأرجو له على ذلك حسن المثوبة..
ثالثاً: قيام طائفة مختارة من رجال العلم الذين كتب الله عليهم أن يؤدوا أمانته ويرشدوا الأمة إلى مصالحهم الدينية والدنيوية - ابتغاء مرضاة الله ومثوبته - بالسهر على تثقيف الجمهور في المساجد العامة وفي جميع الجهات والأوقات أكثر مما هو الآن والنهوض بالتدريس إلى المستوى الذي يتكافأ مع ما يجب أن يكون عليه مهابط الوحي ومعدن الرسالة ومأرز الإسلام.. فقد جاء في الأثر (إن العلماء ورثة الأنبياء).
رابعاً: حماسة المعلمين لواجباتهم في المدارس والمعاهد بحيث يجعلون نصب أعينهم تحقيق الأمل المنشود من مهمتهم الخطيرة ألا وهي تربية نشء جديد مفعم بروح الإخلاص والتضحية الدينية لبلاده وأمته تربية استقلالية عملية.. وتوجيه ملكاته إلى كل ما يحفظ عقيدته وإيمانه ويهديه الصراط المستقيم مع تعريفه بالحياة وتكاليفها وتعويده على محبة العمل ومقاومة الصعاب عند كل مناسبة، ولا أظنهم إلا فاعلين.. إن شاء الله ويجب على الآباء والأمهات أن يساعدوا المدرسة على هذا التوجيه بكل ما أوتوه من حقوق السيطرة على أبنائهم خصوصاً بالاجتناب عما اعتاد الأطفال أن يزجروا به من ألفاظ الشتائم والسباب من المخوفات كالغول في الدرج وأبو سبعبع الدجيرة وما إلى ذلك من الأوهام التي ترتسم في قلوبهم وتؤثر في مستقبل حياتهم وأن يستبدلوا ذلك بوسائل التربية القوية التي تمكن من نفوسه غريزة الشجاعة وحب الإقدام..
خامساً: مكافحة الأمية المنتشرة في ضواحي المدن وبطون الصحراء مكافحة تدريجية وبأساليب مرضية تسيغها أفهام البداة ولا تعوقهم عن مزاولة أسباب الرزق في خطوات سريعة ناجحة. كما تفعل ذلك حكومتنا الراشدة في جهات كثيرة..
سادساً: توحيد الأزياء في جميع المدن والحواضر توحيداً مؤتلفاً ملائماً لجوِّنا ومضاعفاً لنشاطنا وجامعاً لأشتات هذه الفوضى المشهودة في أزيائنا المختلفة.. ففي توحيد الزي مظهر قوي للوحدة القومية، وكلنا نشعر به ونميل إليه من زمن طويل وأنه لمن بواعث الغبطة أن يقوي الإحساس الداخل في نفوسنا بهذه الظاهرة الجميلة وأن يقوي فينا الأمل بإمكان تعميمها في جميع الأوساط.
سابعاً: القضاء على حياة العزوبية وضرورة إقبال الشباب على التزوج في حدود العشرين على الأكثر، وذلك بتيسير أسباب الزواج والتحلل من قيوده الثقيلة الطارئة وإشاعته في جميع الأوساط بالتوسط في مقادير المهور وعدم التغالي فيها - والاقتصاد في الولائم الفاخرة والمظاهر الخادعة وتجنب المباهاة والإقلاع عن كل ما يقف حجر عثرة في هذا الطريق، ولست أعني أن يحدد الصِداق بمقدار لا يتجاوزه، ولا أن تكون حفلات الزفاف في أشكال أو نسب مقدرة بقدر ما أرى إلى وجوب مراعاة ما بين الفقير والمتوسط والغني من فوارق العسر واليسر والاستطاعة في غير ما عَنَت ولا إرهاق وقد دلت البوادر على أننا أصبحنا ندرك ما في ذلك من مصلحة ظاهرة..
إن مراعاة الكفاءة واختيار الأخلاق وتوفر الرجولية هي التي يجب أن تحل المكان الأول من الاعتبار ويجب أن لا تحول النمارق والروابي والأنماط والدمقس والحرير دون هذه الغاية الشريفة التي دعا إليها الشارع الأعظم صلى الله عليه وسلم: تناكحوا (3) تناسلوا فإني مباه بكم الأمم يوم القيامة..
إننا بذلك نستطيع بإذن الله أن نهيء لنا نسلاً كبيراً وجيلاً جديداً يضطلع بأعباء المستقبل ويحافظ على التراث ويتحمل مسؤولياته الشاقة..
ثامناً: البساطة والأخشيشان في غذائنا ولباسنا ودورنا وأبداننا فإذا لم يكن ذلك ممكناً بصفة مستمرة دائمة فلا أقل من أن نتعود عليه كل أسبوع مرة أو في كل شهر على الأقل مع الرياضة البدنية المنظمة فلا تنوء الأجسام ولا تتراخى الأعصاب ولا تتهدم البنى ولا تتكل الأعضاء على الترف والخمول كما نشاهد ذلك في أوضاعنا الحاضرة فما من أمة قديمة أو حديثة، أصيبت الترف والرفاهية إلا فاجأتها عقابيل الاضمحلال وتناولتها معاول الفناء ودليلنا على ذلك واضح فيما ترويه الأنباء عن بعض الشعوب المعاصرة التي غمرتها الحضارة بفنون من اللهو والزخرف والمتاع، وارتجافها من ويلات الحرب القادمة وأهوالها وتنغيصاتها، وما ذلك إلا لما جره عليها الانغماس في الملذات والتقلب في أعطاف النعيم..
تاسعاً: التوفير والاقتصاد.. لقد تعودنا منذ عهود بعيدة وآماد طويلة أن لا ندخر شيئاً من نقودنا وأن نبذل ما تصل إليه أيدينا ومكاسبنا تحت ضغط العادة وأسر التقاليد ولئن كان ذلك مغتفراً في الظروف الماضية فلأن مطالب الحياة كانت خلالها محدودة وعيون الزمن غافية.. أما اليوم فإن أمامنا من الواجبات الفردية والعائلية والتعليمية والوطنية.. ما يحملنا على التفكير في اتخاذ موازنة ثابتة لوارداتنا ومنصرفاتنا مهما تصاعدت بها الكثرة أو انحدرت بها القلة وبذلها في وجوه مشروعة لا أثر للبذخ والتصنيع فيها مع مراعاة الحرص على التوفير فيما يزيد عن ضرورياتنا كل على حسب كده وجهده ودخله - فإننا بهذا الإدخار وهذا التوفير نصمد لدفع ما يعرض لنا من غوائل الاحتياج في الأزمات الطارئة ونستمد منه في أوقات العطلة والفراغ والمرض والشيخوخة وما إلى ذلك من الدواعي والأسباب وكثير ما هي ومهما اشتد حرصنا على التوفير والاقتصاد فيجب أن لا نبخل في مواطن الجود وأن لا نشح بموجود ولا نتكلف بمفقود في جميع ما يجب من البذل فيه من مصالح خاصة أو عامة.
عاشراً: الإقبال على الحِرَفِ والصناعات ومباراة الشباب المتعلم فيها مباراة تنهض بها إلى الدرجة التي تلائم استعدادهم وطموحهم وعدم الاستنكاف والتأفف من مباشرتها أو الترفع عن بيئتها والاستهانة بأرباحها كما يظن البعض ممن يجهل أنها هي منبع الثروة ومصدر الخير ومباءة الاختراع في جميع الأمم والشعوب التي اخترقت أعنان السماء وجاست مجاهل الأرض وخاضت أعماق البحار..
الحادي عشر: استثمار رؤوس الأموال المنكمشة وإغراؤها على الظهور والاشتراك في البناء وتأسيس في جميع النواحي الإصلاحية والاقتصادية التي يتوقف على نموها وازدهارها مجد البلاد وحياتها المقبلة، ومن أجل ذلك يجب أن تبدد جميع المخاوف التي كانت تساور البعض في العهود الماضية بتوطيد الثقة في نفوسهم وتأمين أموالهم وضمان الربح لهم كما تفعل ذلك شركاتنا الناشئة تلك الشركات التي استطاعت أن تكسب رضا المساهمين وأن تبرهن على جدارتها بالأعمال الكبرى التي اضطلعت بها رغم حداثة عهدنا بهذه المؤسسات بفضل التنظيم والتوجيه اللذين يقوم بهما الرئيس العام ومعاونوه الأوفياء الذين أقاموا الدليل على استعدادنا للقيام بالمشروعات الكبيرة.
إن كثيراً من الشبان المتعلمين لا يستطيعون أن يؤمنوا بنصائح الداعين إلى مزاولة الأعمال الحرة ذلك أنهم إلا قليلاً منهم خالوا الوفاض بادوا الأنقاض– كما يقول الحريري - من المال الذي هو عصب الأعمال.. وهم معذورون في ذلك طالما هم لا يملكون إلا الرأي أو الفن أو الجهد وحده وإذا كانت رؤوس الأموال قابعة والحرف والصناعات المحلية ضئيلة غاصة بأهلها وفي غير حاجة إلى سواهم في الوقت الحاضر فبماذا يشتغلون؟
لا شك أن حجة المتعلم ستكون قوية إذا رأيناه حائراً متطلعاً إلى الوظيفة الشاغرة والراتب المقرر.. ويرحم الله حسان بن ثابت إذ يقول:
رُبَّ علم أضاعه عدم الما
ل وجهل غطى عليه النعيم
إن الأعمـال الحرة الواسعـة المفيدة محتاجة في الواقع إلى رأس المال للاستثمار المزدوج ورأس المال محتاج إلى عقل مفكر ورأس مدبر وثقة وطيدة وأمل مرجى وإلى أيد تنضم إلى بعضها وتتكاتف على الثبات أمام ما يحيط بها من منافسات. وذلك لا يكون إلا بتأليف الشركات التي يجب أن تتناول مختلف الأعمال الصناعية والتجارية والزراعية وغيرها.. ذكر ابن عبد ربه في العقد الفريد أن معاوية رضي الله عنه قال لصعصعة ابن صوحان: (إنما أنت هاتف بلسانك لا تنظر في أود الكلام ولا في استقامته فإن كنت تنظر في ذلك فأخبرني عن أفضل المال؟) فقال: (والله يا أمير المؤمنين إني لأدع الكلام حتى يختمر في صدري ثم أذهب به ولا ألهف فيه حتى أقيم أوده وأجبر متنه.. وأن أفضل المال لبرة سمراء في تربة غبراء، أو نعجة صفراء في نبعة خضراء، أو عين خرارة في أرض خوارة.. قال معاوية: لله أنت.. فأين الذهب والفضة؟ قال: حجران يصطكان.. إن أقبلت عليهما نفدا وإن تركتهما لم يزيدا)..
أيها السادة:
إن الصناعة والتجارة والزراعة لهي الميادين الواسعة التي يستطيع الجميع أن يستثمروا فيهما أموالهم ويمتحنوا جهودهم ويصرفوا إليهما نشاطهم لخير أنفسهم وخير بلادهم قد يقول البعض: بخ بخ إنك زعمت أنك تماشي الواقع ولا تعدو الحائق فأين أنت مما وعدت؟ أين هي رؤوس الأموال التي تلت وتعجن فيها؟ وأقول بدوري إنني لم أعن بها وجودها ثروات ضخمة مكدسة أو ما يرادف هذا المعنى بل كل ما أردته أن نسعى إلى تكوينها من النقير والقطمير - والقليل والكثير من كل طريق ممكن، وكل باب مفتوح وكل وفر يلوح، بل مما ينبغي أن نختزله مما نحسبه ضرورياً في معائشنا إلى الحد الذي نستطيع معه مغالبة التيار وخوض الغمار في نسق موحد وأساس مدعم وإلا خانتنا الصدف وغررت بنا الأحلام، قال الجاحظ: إن تثمير المال آلة للمكارم وعون على الدين وتأليف للإخوان وإن من فقد المال قلت الرغبة إليه والرهبـة منه ومن لم يكن بموضع ولا رهبة استهان الناس به فاجهد جهدك كله في أن تكون القلوب معلقة منك برغبة أو رهبة في دين أو دنيا)..
الثاني عشر: إحياء الزراعة إحياءً عاماً يشترك فيه الشعب بحذافيره اشتراكاً عملياً يعيدنا إلى بلادنا ما كانت تنعم به في نهضتها الأولى وعصورها الغابرة يوم كانت تمون أهلها وتقايض غيرها.. يوم كانت أعواد الكرم في قرية واحدة من قرى الطائف (الوهط) تزيد على المليون.. تلك الزراعة التي نظر إليها (سليمان بن عبد الملك) فقال ما أحسنها مالاً، لولا هذه الحرار السوداء، فقالوا إنها أكوام الزبيب يا أمير المؤمنين. وهي هي بعينها التي حن إليها القائد العربي العظيم عمرو بن العاص وهو محدق إلى البحر الأبيض من قمة الجبل الأخضر في افريقيا الشمالية.. وقد ملكه العجب من وفرة خيراته وخصوبة أرضه وانبساط سندسه وتضوع شذاه فقال: (لولا كرومي بالوهط لما أتخذت بديلاً)..
سادتي إخواني:
إسمعوا ما يقوله ويعترف به أحد أساطين الغرب وعلمائه الأفذاذ (سيديو) في كتابه؛ خلاصة تاريخ العرب). (إن العرب بذلوا غاية عنايتهم بالفلاحة في الأندلس ولا تزال آثارهم ماثلة في السهول وقد أبدعوا طرق الري وتوزيع المياه والجداول والحياض ونقلوا إلى إسبانيا الزراعة بفنونها وقواعدها العملية من آسيا وكلدة والشام وأخذوا يبذرون الحبوب في الأرض بمجرد حصاد ما فيها ويأخذون منها كل سنة ثلاث حصائد..).
أليس ما يشجينا ويحز في نفوسنا أن يحدثنا التاريخ عن هذا وذاك فلا يتحرك من ساكن ولا تتزحزح قدم.. لقد أتى على الناس - فيما بيننا وبين أولئك - حين من الدهر لم يكن شيئاً مذكوراً وأصبحت كفتنا راجحة في الوسائل والأسباب بما رأينا وسمعنا من مبتكرات العمل وتجارب الفن وأعاجيب الاختراع.. ولكنها شائلة في العمل والكدح والإنتاج..
إن علينا أن نقارن وننظر أي الفريقين أحق بالتقدير والإعجاب.. أولئك الذين تفرقوا في الأمصار اشتغلوا بالفتوح وشيدوا الملك ورفعوا راية التوحيد فيما بين المشرق والمغرب.. وهم على ذلك لم ينسوا مساقط رؤوسهم ومغارس كرومهم في سفوح السراة وأودية الحجاز فتعهدوها من وراء البحار وآثروها
بالعناية والاستطلاع أم نحن الذين نملأ أشداقنا بمفاخرهم ونغط في النوم ونمعن في الإهمال ؟؟ على ما بين أيدينا وما خلفنا من عجيج وضجيج.. حقيقة أن اللوم في ذلك لا يقع على جيل دون جيل ولسنا بسبيل المؤاخذة فيما فرط - وعفا الله عما سلف - ولكننا ونحن في معرض التحضيض والتحريض على العمل والإنتاج لا نجد بداً من وجوب الاهتمام بإحياء ما اندرس من هذا الميراث العظيم..
وأن أنسى - لا أنسى قط (أبا عبد الله فيصل بن عبد العزيز) وما أدراك من هو.. لقد رأيته ورآه الكثيرون غيري معنياً بالزراعة مشتغلاً بها طوال الصيف الماضي لا يعوقه عنها مهام الحكم ولا مظاهر السلطان.. هنالك إلى الجانب الشرقي من عكاظ تبدو للناظر في مزرعة الأمير الفلاح عرائس النخل وعرائش الكروم وأشجار الفاكهة مائسة الأعطاف مرنحة القدود مفترة المباسم تصدح على أغصانها البلابل ترفرف الطير وتغرد العصافير تلك هي (الحوية) وما كانت قبل أن يطأ ثراها إلا أكواماً مكدسة وأحجاراً مرضمة وآباراً معطلة فعادت غير ما كانت خلال شهرين وبعض الشهر منذ بدأ يقيل عثرتها نائب الملك وقائد الجيش وداهية السياسة الزارع الكبير سمو الأمير فيصل المحبوب (قر الله عيوننا برؤيته).
أيها السادة:
إن هذه الشخصية العظيمة التي أضافت إلى تاريخ العرب صفحات مجيدة خالدة في العصر الحديث لم تجد أية غضاضة في الانكباب على البذر والغرس والحرث وتعهد التربة واستخراج كنوز الأرض من مخابئها والاستمتاع بما في هذا الجو الطلق الضاحك من خلابة ورياضة ونشاط، وبالتالي من ثروة وحياة، وإنتاج..
لقد سمعناه يتكلم في الشؤون الزراعية كما لو كان حائزاً على أسمى الشهادات من أرقى الكليات ويتناول بملاحظاته أدنى المواضيع الفنية ويعاتب الذين ينتظرون أن تمطر السماء الذهب والفضة.. ويستنفز الشعور بأحاديثه العذبة وغيرته المتأججة ويعلق على مشاهداته أثناء مرحلته في (الـهدا) و (الدار البيضاء) و (وادي المحرم) بانتقادات وجيهة أهمها الكسل المتسلط على محترفي الزراعة في هذه المناطق الخصبة التي ينقصها المال والساعد.. الأشد.. فلم يجد في الإنكار على ذلك أبلغ من تجاريبه الحية التي قام بها على الفور في حقوله الجديدة..
وهذا وزير المالية - على توزع أوقاته واتساع مسؤولياته قد استهدف عين الغرض فانصرف إلى هذه الناحية البعيدة الأثر في حياتنا ومستقبلنا فأحيا في بلاد (العرجي) الشاعر مزرعة قديمة كان الماء يتدفق في
جوانبها على عمق متر واحد أو أقل.. فقضى شهراً واحداً في تخطيطها وتنظيمها وتشجيرها وأقام حولها السدود وفتح إليها المجاري وجلب إليها الغروس وأعارها كل عنايته واهتمامه. وأعلن استعداده لمساعدة جميع الزراع بالآلات والبذور والغروس في مختلف الجهات. وأنجز وعده فعلاً على ما عملت في كثير من (بساتين الطائف).
سادتي، إخواني:
شفيعي إليكم فيما أطلت عليكم وأضعت من وقتكم أنني أشير إلى بعض النواحي الهامة التي هي من أحوج ما نحن إليه من ضروريات الحياة ولئن شق عليكم إسهابي فقد شق علي وعلى كل مخلص أن تظل هذه المساحات الشاسعة والأراضي الواسعة غامرة لا يفتض بكارتها المحراث ولا تحيي مواتها الجهود الضائعة ولا تهتدي إليها النظرات الحائرة. رغم اتفاقنا على وجوب العناية بها.. ورغم أنها من وسائلنا الضرورية إلى الحياة.. خصوصاً إذا راعينا ما يبدو من الخوف والمسابقة إلى الادخار في ظروف الحرب وطوارئ الأزمات التي تمثل مآسيها في القارات البعيدة..
سادتي.. وإخواني:
لقد غلبني الاستطراد وكاد يتجاوز بي ما أردت وإني أرجو العفو عن ذلك وأن تسمحوا لهذا الوجدان الصاخب أن ينفث بعض ما تغلغل في حواشيه، أما العرق فقد رأيت في بعض الكتب القديمة أن الأطباء من قدماء المصريين كانوا يعدونه من وسائل إطالة العمر وكانوا يدعون إلى التعريق ويحثون عليه حتى بلغ من تعلقهم به واغتباطهم باستهلاله أن أحدهم كان إذا لقي صديقه حياه بقوله (كيف تعرق) فأرجو أن لا تتضجروا منه - ولأعد بعد هذه الهجرة الطويلة إلى ما كنت فيه...
الثالث عشر: الإعراض عن الأدب الماجن والروايات السخيفة والمؤلفات الملحدة التي تقذف بها المطابع التجارية والبيئات الموبوءة في عناوين خلابة ..والاستعاضة عنها بتذوق الأدب العربي في صميم أسفاره ودواوينه الجامعة المنزهة عن اللهو والعبث والجون، والترفع بالنقد عن السفسطة والإسفاف والنيل من الأشخاص، وإيثار التعاون الأدبي والثقافي، وتحبيذ كل ما يفتح أمامنا السبيل للحاق بمن سبقنا من الأقطار العربية المجاورة في أساليب البيان والتضلع بروائع لغة الضاد، ومراعاة ما لا يجب اصطناعه من الأجواء الخيالية التي تنقطع معها الصلة بين ما يقع تحت
أبصارنا وتختلج به صدورنا فيما يعالجه الأدباء والشعراء من أعراض ومواضيع قد لا يكون لها تجاوب ولا أثراً لا في نفوسهم ومخيلاتهم ..
الرابع عشر: الإقبال على الأدب العربي المحض وتنمية ثروته وتوسيع آفاقه واستيحاء الصورة والأخيلة والأحاسيس من كل عرق نابض وقلب خافق في حدود ما يعنينا من شؤوننا الخاصة والعامة من هذه السماء الصافية والشموس المشرقة والنجوم الزاهرة والبدور الساطعة، والروابي الوادعة، والسهول المنبسطة والجبال الشامخة، يجب أن نتأثر بما يحيط بنا من مجالي القدسية ومواطن الفروسية، ومسارح الآرام وعرائن الآساد وأن نمازج الشعب في هواجسه، وهمساته، وأن نشيد بالماضي المجيد والأمثلة العليا من تاريخ الإسلام ودين الإسلام وحماة الإسلام.
إننا أحوج ما نكون إلى أدب عربي رصين يحن إلى الذكريات ويدعو إلى المكرمات ويصعد مع الأملاك في أخيلته العليا وأطيافه الروحية ويهبط مع البشر في حياتهم المادية ويلمس جوانب القوة والضعف في كياننا الاجتماعي فيبشر بالخير وينفر عن الشر ويدعو إلى الفضائل ويزجر عن الرذائل.
وقد قال أحد أركان الأدب الحديث في مصر: (أعيد ما قلته غير مرة أن في الشعر العربي لهذا العصر كنوزاً خليقة أن تستكشف وأن تدرس على وجهها ولكن كثيراً من الناس لا يعلمون).
أيها السادة
إننا نريد أدباً عربياً إسلامياً يهيب بملايين الموحدين في مختلف البقاع والأصقاع إلى التوجه نحو قبلتهم والتمسك بشريعتهم والاحتفاظ بوحدتهم والرجوع إلى ما كان عليه الصدر الأول من أبطالنا الخالدين.
إني لا أنكر أنّ بين الأدباء والشعراء الأفذاذ من أبلى بلاءً حسناً في هذه الناحية الخطيرة بقدر ما أتاحت له الظروف ومكنته الفرص وأمدته العبقرية ولكن السواد الأعظم والكثرة الغالبة لم تبرح مكانها مشغوفة بجني الثمار وقطف الأزهار في تضاعيف ما يبهرها من نتائج القرائح في الشرق والغرب . ولا أرى من بأس أن يسوح الإنسان في مختلف الأرضين وأن يستنشق أعبق الرياحين، وأن يصغي إلى كل صادح، أن ينعم بكل سانح وبارح، وأن ينمي الأدب معلوماته من حيث تطيب له الاستزادة ويشرق أمامه الأفق ويبصبص له النور.. وإنما يقع العتب - والعتاب على قدر المحبة كما يقولون إذا عشت لنفسي قط .. أو إذا صرفني الثراء أو الترف العقلي - كما يطلق عليه الفنانون - أو المعاصرون، عما يجب أن أهتم به وأنكب عليه وأفكر فيه وأصمد له وأنشط إليه من مصالح أمتي وشؤون وطني. وطني الذي هو أول أرض مس جلدي ترابها، والذي أقلتني بطاحه وغذتني مياهه ورياحه.. فإن من أقل حقوقه على بنيه أن يتغنوا بأمجاده ويتفانوا في تقدمه على السنن القويم والنهج الصحيح الذي لا أمت فيه ولا عوج..
فلنعلن إذن - بما هو ألصق بحياتنا وأقرب لأذهاننا وأعلق بحاضرنا ومستقبلنا مباشرة قبل وبعد كل ما عداه فنحن منه وإليه.. (غثك خير من سمين غيرك).
ومن حسن الحظ وغرائب الصدف أن الأستاذ عبد العزيز البشري قد تناول هذا الموضوع في عدد الهلال الممتاز وعقد له مقالاً طويلاً تحت هذا العنوان - (مع الأديب في الشرق - أن يكون أديباً شرقياً - جاء فيها ما يصح الاستشهاد به).
قال: (إن مهم الأديب في الشرق جليل الخطر بعيد الأثر مهم الأول أن يوجه حسه إلى الشرق وأن يحرر عاطفته كلها للشرق فقد استدرج الغرب إليه حس أدباء الشرق وعواطفهم جميعاً) (أستغفر الله بل لقد سطا عليها سطواً وانتزعها من بيئتها انتزاعاً) (اللَّهم أن أعظم أدبائنا الشرقيين قدراً وأجلهم خطراً لا يكادون يطرحون النظر إلاّ على الغرب ولا يكادون يتصورون الأشياء إلا بذهن الغرب ولا يكادون يصورون ما يجدون إلا على أسلوب الغرب بل لا تكاد أعراقهم تلين وتنفتح إلا لما يقبل عليهم من ناحية الغرب، لقد استهوتهم حضارة الغرب وفتنهم جمال الغرب، وملك فكر الغرب عليهم كل مذهب فلم تبق فيهم فضلة لتقليب النظر في هذا الشرق ولا لتصفح وجهه والتدسس لما تحت السطوح مما كنزت القرارات وأجنت الأطواء).. إلى أن قال: (إنّ مهمة الأديب في الشرق أن يفطن نفسه إلى بيئته أولاً ويشعرها بأنه إنما يعيش في بلاده فيها يدور الفكر ويجول التصوير ومنها يشتق التخيل ويستنزل الإلهام وكذلك يكون لنا نحن المصريين أدب مصري وأدباء مصريون وكذلك يكون لجارتنا سورية أدب سوري وأدباء سوريون وكذلك يكون للعراق أدب عراقي وأدباء عراقيون وهكذا..).
(فإذا فرقت بين هذه الآداب بعض العوامل المحلية المختلفة من طبيعة البلاد ومناظرها وتاريخها وعرفها ونحو ذلك بهذا، فسيجمعها ذلك الطابع العربي العظيم، أما الآن فلا شك أن هذا الأدب غريب فينا أو نحن في هذا الأدب غرباء).
وأخيراً:
الخامس عشر: لابد لنا من معرفة تامة فإننا لم نزل نشعر بالنقص في معلوماتنا عما يتعلق بأحوالها الجغرافية وما برحنا نجهل حقائق كثيرة عما احتوت عليه مدن وقرى ومزارع وأودية وجبـال وطـرق وسكك وعادات وأخلاق، ولا تزال نتلقف ذلك عنها تلقفاً مبتوراً مشوهاً مما تيسر لبعض الرواة والرحالين الوقوف عليه أو الكتابة عنه فيما ينشرون أو يتحدثون حاشا بعض المؤلفات القيمة الحديثة التي دبجتها أقلام ذوي الخبرة والاطلاع من الجهابذة والإعلام العرب منذ زمن قريب..
وما أحد منا إلا وهو مضطر إلى الرجوع إلى النزر القليل الذي أشرنا إليه وهو لا يروي ظمأ ولا يشفي غلة.. وليس من المستحيل أو الصعب تدارك هذا الفراغ إذا تأكدت العزيمة وصحّت الرغبة في تنظيم رحلات علمية وكشفية تتولى إزالة كل إبهام في هذه الجهة الغامضة.. وأنه لمن المفيد جداً أن نضع لنا كتباً مدرسية جديدة خاصة بنا في تقويم البلدان نستند إلى معلومات صحيحة وإحصاءات متقاربة نملأ بها أذهان الطلبة بدلاً من الوقوف عند هذا الحد الضئيل الذي يتدارسونه في هذا الفن حتى اليوم..
وعلى ذكر هذه الرحلات التي نرجو تحقيقها أرانا مدينين بالشكر لكل مَنْ أتاحت لهم الفرص الاتصال بالأرياف القريبة والبعيدة والامتزاج بأهلها فوصفوا لنا من جمالها الفاتن وجوها الساحر وحياتها الساذجة وفطرتها السليمة ما يضاعف أشواقنا إليها ويحببها إلى قلوبنا كما فعل ذلك شاعر الأطباء وطبيب الشعراء الدكتور حسني الطاهر والأستاذ عبد القدوس الأنصاري صاحب مجلة المنهل وغيرهما من السابقين واللاحقين ويسرني بهذه المناسبة - أن أبشر حضرات المستمعين بمحاضرة شيقة طلية وعد بإلقائها سعادة مدير الأوقاف - السيد عبد الوهاب نائب الحرم (4) - عن مشاهداته الطريفة وملاحظاته الدقيقة في الرحلة التي قام بها خلال السنة الفائتة في أنحاء (تهامة - عسير) وأنه لمنجز وعده إن شاء الله بما عهد في ارتجاله القوى من الطلاقة والرشاقة والتأثير..
سادتي إخواني:
هذا كل ما استطعت أن أحاضركم به وتمثلت أننا أحوج ما نكون إليه في الوقت الحاضر على وجه الإجمال، أما حاجاتنا الأخرى المتممة - وما أكون قد غفلت عنه سهواً أو تقصيراً رغم أنه في الصف الأول من الاعتبار أو الأهمية فلي العذر في عدم استقصائه لأن وقت المحاضرة لا يتسع لأكثر مما أجملت، ولأنني لم أزعم الإحاطة بالكل.. ولأن ما أشرت إليه على وجه الإيجاز لا يمكن تفصيله إلا في محاضرات كثيرة أطمع أن يعنى بها خطباؤنا ورجالنا الناصحون وأن تجد لها مكاناً رحباً في صدور جرائدنا ومجلاتنا التي لم يأل جهداً
في تنوير الأذهان وشحذ الهمم وإيقاظ العزائم.. ولقد داخلتني الخشية من أن تملوا وأن الرائد لا يكذب أهله، وأن الفرص السانحة، وأن الكلام لا يجدي فتيلاً ما لم يقترن بالتعميم والعمل والتباشر، وإننا لفي عهد ذهبي يحفزنا إلى السعي ويأخذ بأيدينا إلى الأمام، ولنا الخيار بعد ذلك في إحدى اثنتين فإما أن نرتاح لنتعب.. أو أن نتعب لنرتاح..
ومن الله نستمد العون والهداية والتوفيق ونضرع إليه جل شأنه أن يطيل في عمر جلالة الملك المصلح الأكبر (مليكنا المعظم) وأنجاله الهداة المحبوبين وأن يمده بنصره وتأييده حتى تبلغ أمته وبلاده في ظل عرشه المفدى ما يتوخاه لها من رقي وقوة وهناء أنه سميع مجيب.. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :620  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 598 من 1070
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج