(أسرةٌ) في جُحورِها تتوارى |
وهي ما شئتَ طِيبةً وافترارا |
ليس منها على سِواها اعتداءٌ |
حَسبُها (قُوتَها) رضًى واختيارا |
نالتِ العطفَ والحنانَ وتخشى |
نبأةَ الصوتِ أن تصدى غرارا |
جُبلتْ في (مَحبةٍ) وصفاءٍ |
وكَساها (حياؤها) استبشارا |
ألفتْها الأرانبُ البيضُ تأوي |
(بيتَها) المطمئنَ (كوخاً) و (غارا) |
سخَّرَ اللَّهُ غيرَها لتُوقى |
وتُوافي برزقِها مِدرارا |
لم تُدنِسْ قلوبَها بنفاقٍ |
أو شقاقٍ ولم تحاول شجارا |
قَنعتْ بالحياةِ في غيرِ بَغيٍ |
أو عُتوٍّ وبُوركتْ أعمارا |
(عشها) قيدُ خُطوةٍ فإذا ما |
هي رِيعتْ تلمستْهُ فِرارا |
برئتْ من نوازعِ الشَّرِ لولا |
أنَّه لاحقٌ بِهن اضطرارا |
تارةً بالأذى مُلحاً وأخرى |
(بالمُدي) تسبقُ الضِعافَ اجترارا |
لا ترى بينها اغتياباً ونمٍّا |
أو خِصاماً ونِقمةً وازوِرارا |
بل هي (الفِطرةُ السليمةُ) حقاً |
لا كمنْ يُؤثِرُ الهوى استكبارا |
كم توقفتُ حولَها في اغتباطٍ |
مُشفقاً أنْ أروعَها استشعارا |
إذ يلوذُ الصِغارُ منها ببعضٍ |
واجفاتِ القلوبِ ولْهى حَيَارى |
(مشهدٌ) تُبهَرُ الأمومةُ فيه |
وبه يهطعُ القُساةُ اعتبارا |
ليتَ شِعري لو أنَّها ذاتُ نابِ |
هل ينالُ الحُلقومُ فيها اجترارا |
أين منها (الحِملانُ) حِساً ومعنًى |
و (الحمامُ) الأنيسُ مَهما تبارا |
تلك تنقضُّ بالنِطاحِ انتصاراً |
بينما هذه انقضتْ مِنقارا |
وإذ ما القرودُ أغرينَ ضحكاً |
بعضَ حين فقد يرُغنَ حِجارا |
ولها حياةٌ وغدرٌ ومكرٌ |
كَبني آدمَ إذ هو ثَارا |
(أرنبٌ واحدٌ على الأرضِ خيرٌ |
من مئات الذِّئابِ صُلنَ اقتسارا) |
صبغةُ اللَّهِ والخَلائقُ شتى |
تتجلى في كونِهِ أطوارا |
يشربُ الماءَ طيبٌ وخبيثٌ |
ثم يَغني جميعُهم مُختارا |
إنما يُؤخذُ البَقاءُ غِلاباً |
واغتصاباً ومن تَوانى تَوارى |
* * * |