| دعوتُ "القوافي" باستجابتْ بُحورُها |
| (وصائفُ) تستهوي الدَّرارى نحورُها!! |
| على (الشَّاطىء الغربي) والمَوجُ هَادىءٌ |
| وأنسامُه الولْهى، يَفُوحُ عَبِيرُها |
| بأُمسِيَةٍ (للصيَّفِ) فيها حُظوظُهُ |
| يَروعُ العذارى من حَصَاها نثيرُها |
| تهادى بها بدرُ السماءِ بأُفقِهِ |
| وماستْ بها أغصانُها - وجذورُها |
| كأني أرى الدّنيا تلاقتْ "بجدة" |
| و (زينتُها) – منها ومنها سرورُها؟ |
| ترى حولَها "الفُلكَ" المواخرَ سُوِّيتْ |
| صفوفاً!! وكالأسماطِ شُعْثٌ صدورُها |
| تفاديكَ منها "غَادةٌ" في "زِفافِهَا" |
| (عروسٌ) تحدَّى كل عينٍ سُفورُها! |
| تألَّقُ بالأضواءِ من كلِّ جانبٍ |
| وتصدحُ بالألحانِ شدْوَاً ثغورُها |
| وكمْ قدْ تَداعى (ألفَ عامٍ) - نضوبُها |
| وأمعنَ فيها - ويلُها، وثُبورُها؟ |
| تَطَلَّعُ حَسرى، والموانىءُ دونَها |
| تثنَّى بها أعطافُها - وخصُورُها |
| وقد خَويَتْ إلا من الجَدْبِ أرضُها |
| وأمنَّهَا إلاّ من الخَوفِ (سورُها)!! |
| فظلتْ تُناجي خَافِقاتٍ قلوبُها |
| وراحتْ تَهاوي مُثْقلاتٍ ظُهورُها |
| بها انْحَجَزَتْ في كلِّ ركنٍ بروجُها |
| كما استوحشَتْ آصالُها - وبُكُورُها |
| إذا انطلقتْ كانت على قِيدِ خطوةٍ |
| من (البَابِ) مَحجوراً عليها مَسيرُها |
| تكادُ بها الأرواحُ تُزهَقُ من ضَنًى |
| ويستنزفُ الأجسامَ منها صهيرُها |
| و "ميناؤها" ضَحْلٌ، وآمالُها شجًى |
| وأرجاؤها مَحلٌ، وقَرْحٌ سَعيرُها |
| وتنتضِحُ الأجسادُ فيها "برمدِهَا" |
| وأشطاؤها من (عَدْوَتَيْهَا) مصيرُها |
| فلا الماءُ مبذولٌ، ولا المُزنُ وابِلٌ |
| ولا الليلُ إلا بَثُّها – وسعيرُها! |
| تنفسُ من "سَمِّ الخِياطِ" وطالما |
| تصعَّدَ من أقصى النِّياطِ زفيرُها! |
| فما هي إلا "ومضةٌ" – وكأنَّما |
| هي الكاعبُ الحسناءُ – ضافَ ضفيرها |
| فما شئتَ من (وَشْي) وما شئت من حُليٍ |
| توائمُ، من نسجِ الجِّنانِ حريرُها |
| ومن سُندس خُضرٍ بها – و (خَمائلُ) |
| حدائقُها – ريَّانةٌ – وزُهورُها |
| ومن سلسبيلٍ دافقٍ – مُترقرقٍ |
| كأنّ به السَّاحاتِ غادي مطيرُها |
| ومن (كُهرباءٍ) سراها متحجِّبٌ |
| جوانِحُها نارٌ، ونورٌ "أثيرُها" |
| ومن طرقٍ ممهودةٍ، وشوارعٍ |
| (مخططةٍ) بهدي الحَيارى (مرورُها) |
| ومِنْ "عمرانٍ" لم يرْ الناسُ مثلَهُ |
| سوى أنَّه الأطيافُ يَقْظى نزُورُها! |
| ومِنْ كُلِّ صَفٍ لِّلعبادةِ (جَامعٌ) |
| به كُلُّ روحٍ قد تصفَّتْ كُدُورُها |
| وتَبهَرُكَ (الأحياءُ) فيها تألّقاً |
| وتفترُّ إشراقاً، وتشدو طيورُها |
| كأنّ بها شَتى الحضَاراتِ تلتقى |
| مواكبَ، يَستدعي المزيد نفيرُها!؟ |
| يقومُ عليها "الاتحافُ" كأنَّمَا |
| تحوَّطَهُ من كُلِّ عينٍ (بصيرُها) |
| وما هو إلا (للرِّياضةِ) مِعقلٌ |
| ولكنَّه من عزمِهِ يستثيرُها |
| ويا حبذا فيها العَشيَّ (ملاعبٌ) |
| كأنَّ (الصَّبَا) من جانبيهَا (ظهيرُها)؟! |
| (شبابٌ) و (أشياخٌ) همو الدَّوحُ سامقاً |
| على أنَّهم – أحبارُها – وحُبُورُها!! |
| تُباهي بهم في كُلِّ (فَنٍّ) – و (مَجْمَع) |
| وحيثُ همو افتنُّوا تَمثَّلَ (خِيرُها) |
| وما "النثرُ" إلا -عِقدُها – وهو عسجدٌ |
| ولا "الشِّعرُ" إلا دُرُّها – وبُحورُها |
| ومنهَا وفِيهَا "العَبقريةُ" أنجبتْ |
| فلائِذَ أكبادٍ، عديمٌ نَظِيرُها |
| بنفسي منهم كّلُّ طَلْقِ – كأنَّه |
| من البِشر، مُزنٌ لا يكُفُ مَطيرُها |
| إذا قال أصغى دونَه الحفلُ مطرقاً |
| وإن هو يُملِلْ، فالرُّقَى وسطورُها!! |
| وللَّهِ فيها (رَبْعثها) و (يَراعُها) |
| وجنَّاتُها تجري بهِ – ونُهورُها |
| وحسبُك منها في النِّضالِ "خواطرٌ" |
| "مُصَرَّحةٌ" كالبعثِ، يُنفخُ صورُها |
| أطلَّ بها "العَوَّادُ" إذ هو صَاعِدٌ |
| وأطلالَها – يحنُو عليها – فُطُورُها!! |
| و (ذو مِرةٍ) ذوبُ اللُّجينِ (بيانُه) |
| تُباهي به (الفُصحى) – ويزهو غيورُها |
| وهل هوَ إِلاَّ "حَمزةٌ" ابن حمزةٍ |
| سقتْه الغَوادي – ما استهلَّ غزيرُها |
| كأنَّ الضنيَّ بلْه المنايا (لَهَاتُه) |
| فما يملكُ الألبابَ إلا هديرُها!! |
| وما هوَ إلاَّ وعيُ شَعبٍ وأُمةٍ |
| بترنيمِهِ تَرقى، وتحيا عُصُورُها |
| هو (الرُّوحُ) لا جثمانُنا الرَّخصُ مدركٌ |
| مَداها – ولا فِيهِ أطمَأنَّ هجيرُها |
| توقَّدَ – مِن فَرِط الطُّموحِ – ورُبَّما |
| تشكَّى الوَنَى منها طَويلاً ضميرُها |
| وهل "عارفٌ" إلا بما هو راعِفٌ |
| (فَتَاهَا) وهل إلآّ شذاهُ عُطورُها! |
| وإخوتُهُ من كلِّ غادٍ – ورائحٍ |
| طلائِعُها عزَّتْ بهم – وسُبُورُهَا |
| و "إلياذةٌ" فيها (الرِّسالةُ) دُوِّنت |
| "فُصولاً" كَضوءِ الفَرقَدينِ سُطورُها |
| تُذكِّرُ بالمَاضِي – المَجيدِ وقدْ ثَوى |
| وتنشُدُ أَهدافاً – (وصياً) نُشورُها!! |
| وما "الرَّائدُ" الفَنَّانُ إلا خبيرُها |
| ولا روضُهُ الفَينانُ إلاّ حَبِيرُها |
| "أبو مدينِ" مشِكاتُه، وهو (أُمةٌ) |
| بهِ كُلُّ ما تهوى، ويَهوى شُعورُها |
| كأني بِهِ – شَاكِّي اليَراعِ – مُدَرَّعاً |
| وقدْ ملأَ الأسماعَ مِنهُ (صَريرُها) |
| يَقُودُ مِن (الرَأي الصَّحيحِ) – كَتائباً |
| تَعادَى إلى الأهدافِ زاهٍ مصيرُها |
| و (أعوانُه) شُمُّ الأُنوفِ – أعِزَّةٌ |
| أُباةٌ – كما زانَ "المَواضي" شَفِيرُها |
| فَلا عَدِمَ "المِيدانُ" فيهم فَوارساً |
| يُناطِحُ أجواءَ السَّماءِ مُغيرُها |
| ولا برحَ التَّوفيقُ صِرْفاً حليفَهم |
| إذا ما تَوارتْ بالزيُّوفِ جُحُورُها |
| وإنَّ (غداً) مِنَّا "قريبٌ" ومُشرقٌ |
| وأيامُنا تَتْرى به وشهورُها |