أبصرتُها "درةً" خضراءَ طائرةً |
بين السماءِ وبين الأرضِ تَرتفِقُ |
رشيقةٌ ذاتَ إِدلالِ لها مرحٌ |
يكادُ يرقُصُ من تسبيحِهَا الأُفقُ |
لها (جناحانِ) في (ذيلِ) تزيدُ بهِ |
حُسناً ومنقارُها يزهو به العُنُقُ |
تنقضُّ هائمةً في الجوِ جائعةً |
وقد تلاقي بها الإملاقٌ والمَلَقُ |
راحتْ تَزفُّ مع الأَسفارِ واهنةً |
على الرفارفِ تدنو ثم تَلتصقُ |
فما يقرِّبها إلا على غرر |
إشفاقُها ورؤاها الخوفُ والقَلقُ |
* * * |
وخادعتها يدُ الصيادِ في (قفصٍ) |
هو (الضيافةُ) إلا أنَّه الطَبقُ |
فيه من الكرمِ التفاحُ فاكهةً |
شهيةً وبهِ من مَكرِهِ عَلَقُ |
* * * |
فأقبلتْ ثم ولَّتْ في تَوجُّسِها |
حيرى يلجُّ بها التَّحذيرُ والفَرَقُ |
وكنتُ أشهدُها طوراً مُحلِقةً |
تطوى الأَسارَ وطوراً وهي تختفِقُ |
حتى قضى اللَّهُ أن يُضطرَّها رَغماً |
إلى (الحبالةِ) مَشدوداً بها الرَّمقُ |
فما استظلتْ بهِ إلا وعاجلَها |
(ظلمُ الحبيبِ) لها واستحكمَ الغَلقُ |
فاعجب لها وهي طيرٌ في تقلِبَها |
يسومُها القيدَ (إنسانٌ) ويَنطلقُ |
يغتالُها أنها جاعتْ وقد ظمِئتْ |
وكلُّ ما حولَها من شجوِهَا غَسَقُ |
فما له يشتكي (حُريَّةً) فُقدتْ |
منه ويسلِبُها مِنها ويَغتبِقُ |
* * * |
ما كان أجدرُ تُسقى بلا ثمنِ |
بخسٍ وتُطعمُ (بُراً) ثم تَنطلقُ |
أإن أسفتُ بها ضَراً حَشاشتُها |
تُدهى وتُحبس إيذاءً وتسترقٌ |
ويحَ ابنِ آدمَ يخشى من يُراغِمَهُ |
ويستبدُّ على (الأدنى) ويَرتَزِقُ |
ينشقُّ غيظاً ويَرمي باللظى لهباً |
إذا تخبطهُ في سَبحِهِ (الوَهَقُ) |
ولو تدبَّرَ لم يفرطُ به سَفهٌ |
ولا تَردَّى به طيشٌ ولا خَرقُ |
لكنه يتناسى ما تُبصرهُ |
حتى لتَّبلسَ منه (الوَرِقُ) والوَرَقُ |
* * * |
هي الحياةُ أفانينٌ عجائبُها |
وكلُّها (عِبَرٌ) للناسِ تَتَّسِقُ |
يسطو (القويُّ) بها متأسداً شرِساً |
على (الضعيفِ) ومن يعميهِ يمَّحِقُ |
فكُن (قوياً) بك الدنيا مُدوية |
أو لا فإنَّك مَحرومٌ ومُحترقُ |
رحماكَ يا ربِ هبنا منك مغفرةً |
فقد تمادى الهوى واستفحلَ النَّزَقُ |
وما البقاءُ سوى كدحٌ نُدان بِهِ |
و (رحمةُ اللّهِ) تغشى كُلَّ من سَبقوا |
فاستبقِ نفسَكَ بالأعمالِ صَالحةً |
وباليقينِ ولا تحنثْ بِمن تَثِقُ |