| بين الغَداةِ وقبلَ الظُّهرِ واحربي |
| أقصُّ ما شهِدتْ عينايَ من كَثَبِ |
| أقبلتُ أذرعُ خطوي جدُّ متئد |
| والغيمُ ضافٍ ورأدُ الشمسِ في الحُجُبِ |
| * * * |
| وأعرضتْ سَخلةٌ في الدَّربِ ساربةً |
| تمشي وتقفِزُ من لهوٍ ومن لَعِبِ |
| تحبو (الطفولةُ) منها في قوائمِها |
| خشف (أمها) ولها حادٍ من الخَببِ |
| ففاجأتْها ولم تشعرْ مُدمدمةً |
| (سيارةٌ) من ذواتِ البَطشِ والغَضَبِ |
| ألوتْ بها وهي نَشوى من رشاقَتِهَا |
| (دَبابةٌ) ورَماها الجَمعُ بالعَطَبِ |
| فألصقتْها ببطنِ الأرضِ هامدةً |
| وطارَ من (كرشِها) البرسيمُ والعُشْبِ |
| ولم يُغِثْها من (الإِنسانِ) محتسبٌ |
| ولا (الحديدُ) المُدوِّي أي مضطربِ |
| رأيتُها وهي أشلاءً مُمزقةً |
| ورأسُها يَنطوي منها على الذَّنبِ |
| في طَرفةٍ لمْ تكن إلا (كلا) ومضتْ |
| إلى الفَناءِ وباءتْ شرَّ مُنقَلبِ |
| وأقبلَ الناسُ شتى يَنظرونَ بها |
| (ضَحِيةٌ) سَقطتْ في غَيرِ ما سَببِ |
| وطارَ (بالموترِ) الجاني ليطتِهِ |
| ولم يَرُعهُ امتزاجُ الدمِ بالتُرْبِ |
| * * * |
| وزادني ألماً في (أُمِّها) حزنٌ |
| يكادُ في صمتِهِ يعلو على الصَّخبِ |
| تأوهتْ (ثاكلاً) حسى مُفطرةً |
| (مجنونةً) كبدُها تُشوى من اللهبِ |
| أصابها (الرَّعنُ) القاسي بفلذتِهَا |
| من دونِ ذَنْبٍ ولم يَعبأُ بمنتحِبِ |
| * * * |
| ورحتُ من دُونها أشكو مَواجِعَهَا |
| في (نِقمةٍ) و (حَنانٍ) جدُّ مُكتئبِ |
| فليسَ من ذنبِهَا (عَجماءَ) مرسلةً |
| أن تستجيبَ إلى (الترفيهِ) في الرحبِ |
| وإنما الذنبُ كلُّ مُجتمعاً |
| في (المُهْمِلينَ) ذوي الألبابِ والحَدَبِ |
| * * * |
| فما لَهم يُوقُّوها الحُتوفَ بما |
| (يَقضي النِظامُ) وما يَخشونَ من أَدبِ |
| تعودوه (أهازيجاً) فما لبثوا |
| أنْ (جانفوه) ولا زجرٌ لا رَهَبِ |
| وكان من أمرِهِمْ أنْ لا ينفذه |
| إلا (البهيمةُ) تهوى بالدمِ السَّرِبِ |
| فأين من (حفظِها) المسؤولُ وهَولها |
| (راعٍ) ويعصِرُها بالدَّرِ والحَلبِ |
| وأين منه (الجَزاءُ) الحَقُّ يُدركُهُ |
| بالأمرِ والنَّهي في الإِهمالِ والهَرَبِ |
| وكيف تنطلِقُ (الأغنامُ) سَائِبةً |
| غَبرَ الشَّوارعِ بين القِشرِ والقَصَبِ |
| وحولَها دائماً أو فَوقَها أبداً |
| ينقضُّ كُلُّ صليدٍ حَاطمٍ صَلِبِ |
| * * * |
| لا بأسَ ما فَاتَ يمضى في مَرارتِهِ |
| فهل لنا عبرةٌ من ذلك العَجبِ |
| خيرُ المَواعِظ ما تُهدى القلوبُ بِهِ |
| حَقاً وصِدقاً وشرُّ القولِ في الكَذِبِ |